قبل الفراق
ساعات قلائل ثم يؤذن مؤذن الرحيل مناديا بالفراق وإنه لعسير علينا – أيها الإخوة الأحباب - أن نفترق بعد هذا اللقاء الذي دام طويلا في طاعة الله تعالى .
فبعد قليل يلملم كل منا أوراقه ويحزم أمتعته استعدادا للرحيل منا من سيمضي ويكون هذا آخر عهده بجامعته الحبيبة ، ومنا من سيغيب عنها شهورا ثم يعود من جديد وأياً كان الحال فإن فراقنا اليوم لن يكون وداعا ولكنه عهد ، عهد على المضي على درب النبي الكريم وصحبه الطاهرين وإن أذانا أهل الباطل وحاربونا ليصرفونا عن هذا الصراط المستقيم .
فأبداً بالله لن نحيد ، وكيف نحيد والله تعالى يقول " وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ "
عهدا على أن نكون فداء لهذا الدين العظيم الذي تكالب عليه أعداؤه يريدون اطفاء نوره " يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ "
أيها الشباب :
دقت طبول الحرب ضد الإسلام منذ زمان وما زالت تدق وجيوش الظلم والطغيان ما زالت تزحف انظروا واسمعو ها هي المساجد تقتحم والمنابر تحاصر و المصاحف تدوسها أقدام العسكر والشباب يعتقل بالآلاف ، هاهي أصوات السلاسل وصرير أبواب الزنازين وفحيح الكرابيج ، هاهي أسراب طلقات الرصاص ، هاهي المحاكمات قد عقدت , أحبال المشانق قد أُعدت هذا كله جزء من معركة تدور رحاها على الإسلام وأهله وبقية المعركة يكملها التلفاز والمسرح والإعلام والصحفيون والكتاب والفنانون .
حرب خسيسة يريدون بها إغواء شباب هذه الأمة فمن لم يستجب لمخططهم القذر فى الغواية كان نصيبه الإعتقال أو الرصاص .
فماذا نحن فاعلون ؟ وهل يعقل أن نترك ديننا وأمتنا غنيمة باردة لأعدائنا ؟
أيها الشباب :
إن استرداد مجد هذه الأمة هو هدفنا الذي لا يصح منا بحال من الأحوال أن نتغافل عنه .
وإن الأجيال التي يُلقى على عتاقها مهمة بعث أمة واستعادة مجد هذه الأجيال لا يكون لديها وقت تنفقه في غير الهدف الذي تسعى إليه.
وكلنا أمل في الله أن يكون هذا الجيل من شباب هذه الأمة هو الجيل الذي اختاره الله تعالى ليجري على يديه هذا الفضل العظيم.
وهذا مرتهن - أيها الأخوة – بصدق توجهنا إلى الله وصحة عزمتنا على بلوغ غايتنا وسرعة استجابتنا لأمر ربنا وحجم التضحيات التي سنقدمها .
فليحاسب كل منا نفسه وليراجع أمره وليقبل على ربه سائلا إياه أن يجعله أهلا لنصرة دينه .
فوالله ما عاد هناك وقت نضيعه ، فقد أقبلت جحافل الباطل كالطوفان وطبول الحرب قد دقت والمعركة دائرة في كل بلد مسلم وفى كل شارع وكل دار بل وفي كل قلب .
ونداء نبينا الحبيب الذي انطلق منذ أربعة عشر قرنا من الزمان ما زال يدوي :( من ينصرني وله الجنة ) فيا أيتها القلوب المؤمنة هذا نداء نبيك الحبيب فاسمعى وأقبلي وهناك موعدنا :
تحت قبة الصخرة في المسجد الأقصى وفي الأندلس وفي أفغانستان وفي بخارى وطشقند وفي مصر والشام والعراق والمغرب وفي أرض الحجاز
فيا أيها الزمان عجل الخطى لذلك الميعاد ثم قف وليقف العالم أجمع يشهد .
البيان الختامى للجماعة الاسلامية للعام الجامعى 1990