بسم الله الرحمن الرحيم

 

( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ ،

وَعَمِلَ صَالِحًا ،

وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )

سورة فصلت الآية 33

 

 

 

   

الدعوة الفردية

 

 

                                              الجماعة الاسلامية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

آداب الدعــــــــــــوة الفردية

 

 

الدعوة الفردية بالحوار والمناقشة هي أنجح طريقة للدعوة الفردية وأعظمها أثرا في القلوب وأكثرها شيوعا واسماها حدوثا ,وللحوار والمناقشة في الدعوة الفردية آداب كثيرة نسرد أهمها فيما يلي:-

 

أولا أن يستحضر الداعي في نفسه الإخلاص لله عز وجل ويعتقد اعتقادا كاملا أن الله تعالي بيده قلوب العباد يقلبها كيف يشاء وانه عز وجل الهادي إلي سواء السبيل,وإذا ما استقر ذلك في نفسه لجأ إلي الله واستجاره ودعاه سبحانه وتعالي أن يهدي علي يديه هذا المدعو الذي سوف يحدثه ويناقشه وإذا ما علم ذلك وتيقنه علم افتقاره إلي توفيق ربه في دعوته .

 

ثانيا أن يتواضع الداعي للمدعو فلا يتكبر أو يترفع عليه أو يظهر الاستعلاء بعلمه أو طاعته وعليه ألا يتحدث عن نفسه وعلمه وفضله بغير ضرورة شرعية تحمله علي ذلك ,وعليه ألا يقول انه قرأ كذا وكذا وفعل كذا وكذا أو عنده من العلم كذا وكذا وذلك لأن فهم الداعية أن يبلغ الحق للمدعوين لا أن يعرفهم بنفسه وفي ذلك يقول الدكتور عبد الكريم زيد ( علي الداعي أن يكلمه كمبلغ له رسالة الله لا أن يكلمه كمبلغ له فضله وعلمه).

وعلي الداعي أن يظهر للمدعو انه به شفيق وعليه رحيم وانه يريد الخير ويخشي عليه العنت في الدنيا والآخرة ويرجو له السعادة في الدارين وسكن الفردوس الأعلى

 

ثالثا أن يتلطف مع المدعو في الكلام .فيخاطبه ويكلمه بأدب جم ويناديه بأحب الأسماء إليه وليختار ارق الكلمات وأعذبها في مخاطبته دون مداهنة في الدين  أو نكوص عن الحق .ألا تري يوسف عليه السلام قال للسجينين "يا صاحبي السجن" وكذلك إبراهيم عليه السلام قال لأبيه "يا أبت" وقال رسول الله  صلي الله عليه وسلم لعتبة بن ربيعة وكان كافرا "يا أبا الوليد" .                                                                                          وعلي الداعية رقيقا هاشا وليحذر الجفاف في الأسلوب والغلظة في الطباع وليحذر احتقار المدعو ووصفه بالجهل أو  الحمق أو الفسق أو النفاق لان ذلك قد يؤدي إلي نتيجة عكسية . وعلي ذلك (علي سبيل المثال) لو وصف الداعية المدعو بالجهل فالمدعو جاهدا أن يثبت عكس ذلك فيجادل الداعية ويحاوره بغير حق بعد أن كان مصغيا مطيعا له فعلي الداعية البصير ألا يضع نفسه مع المدعو موضع الخصم في الجدال ,أضف إلي ذلك أن هذه الأوصاف سوف تجعل المدعو تأخذه العزة بالإثم فيصير علي باطله.

 

رابعا علي الداعية أن يكون رقيقا في معالجة أخطاء المدعو فلا يحمله أخطاؤه علي المخالطة عليه أو التنكيل به خاصة إذا كان هذا الخطأ نتيجة لجهل المدعو بحكم الشرع والدين فان الله عز وجل قد عذر الجاهل أفلا نرفق نحن ونعذره ونعلمه ألا تري أن رسول الله صلي الله عليه وسلم منع أصحابه  من التعدي علي الرجل الذي بال في المسجد وأي مسجد ! انه مسجد رسول الله صلي الله عليه وسلم بل أمرهم رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يتركوه ليتم بولته فقال "لا تقطعوا عليه بولته" "لا تقطعوا علي الرجل بولته  " وقال أيضا رسول الله صلي اله عليه وسلم "دعوه وأريقوا علي بوله سجلا من ماء أو دلو من ماء فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين" وتصور معي أخي الداعية لو أن الصحابة هيجوا هذا الرجل وهو يتبول ماذا كان سيحدث له ؟وللمسجد كله ؟وللصحابة ؟ بل الم تقرأ أخي الداعية ما رواه أبو امامه رضي الله عنه أن غلاما شابا أتي النبي صلي الله عليه وسلم فقال يا نبي الله : أتأذن لي بالزنا؟ فصاح الناس فيه فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم قربوه ,ادن فدنا حتى جلس بين يديه فقال النبي صلي الله عليه وسلم "أتحبه لامك ؟قال لا جعلني الله فدائك قال كذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم .أتحبه لابنتك؟ قال لا جعلني الله فدائك فقال كذلك الناس لا يحبونه لبناتهم .أتحبه لأختك ؟ذكر العمة والخالة وهو يقول في كل واحدة لا جعلني الله فدائك فوضع رسول الله صلي الله عليه وسلم يده علي صدره وقال "اللهم طهر قلبه واغفر ذنبه وحصن فرجه " فلم يكن شيئا أبغض إليه منه يعني الزنا  "

لعل هذه الحادثة تبين لك بجلاء رفق النبي صلي الله عليه وسلم بمن يعلمه ويؤدبه ويدعوه ومدي صبره عليه ولم يقل رسول الله صلي الله عليه وسلم لهذا الرجل كما يقول دعاة اليوم "هل أنت حمار لا تفهم " ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل يا جاهل أو يا أحمق أو يا فاسق وإنما علمه ما يجهله وأدبه بأدب الإسلام ثم دعا الله فأصبح من ابغض الأشياء إلي قلبه   .

فتأمل أخي الداعية اثر الرفق واللين والحكمة في دعوة الناس فإذا علمت ذلك فأنصف من قلبك معي "صلاة وسلاما عليك يا رسول الله ما أحلمك وما أصبرك وما أحكمك وأشففك وأرحمك بالخلائق " بل إذا أردت أخي  أن تعلم مدي عظمة هذا الموقف وهذا الرفق النبوي في معاملة الدعويين وتأديبهم وتربيتهم فاقرأ معي ما رواه مسلم في صححيه عن معاوية بن الحكم رضي الله عنه قال بينما أنا أصلي مع رسول الله صلي الله عليه وسلم أن عطس رجل من القوم فقلت يرحمك الله ,فرماني القوم بإبصارهم فقلت وا ثكل أماه ما شانكم تنظرون إلي ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم علي أفخاذهم فلما رايتهم يصمتونني لكن سكت فما صلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فبابي وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه فوالله ما نهرني ولا شتمني ثم قال "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القران "فاقتدوا اخوانى الدعاة برسولكم صلي الله عليه وسلم فليس قبله ولا بعده أحسن تعليما وتأديبا دعوة منه كما قال الصحابي الجليل معاوية بن الحكم رضي الله عنه وتقف معي أخي الداعية وانظر بعين الإكبار والإجلال لحبيبك ونبيك صلي الله عليه وسلم الذي لم يقهر ولم يخوف ولم يشتم ذلك الرجل الذي تكلم في الصلاة بل نصحه في كلمات قلائل شرح له فيها كل ما يريد دون إسهاب ممل أو تقصير مخل فلنقتفي اثر نبينا صلي الله عليه وسلم ولنرفق بالمدعو إشفاقا عليه ورحمة به .

 

خامسا :- أن يختار أنسب الأوقات التي يكون فيه المدعو مهيئا للاستجابة ومستعدا للقبول وذلك من جميع النواحي البدنية والنفسية والمكانية والزمنية فلا تحسن دعوته في وقت قيلولة أو بعد منتصف الليل أو في مكان شديد الحرارة أو البرودة أو وهو يغالبه النعاس أو وهو جاءه أو وهو ثائر مغضب ,أو مصابا بهم أو غم يجعله ليس علي استعداد لقبول دعوته ومن الحكم المأثورة (من لم ينشط لكلامك ارفع عنه مئونة الاستماع منك ) ولعلنا قد أوضحنا شيئا من ذلك عن الحديث من دعوة السجينين وعلى الداعية أن ينتهز أحسن الفرص وأفضل الأوقات التي يستشعر فيها استجابة المدعو وقبوله للدعوة وعلي هذا الأمر فالأمر متروك لبصيرة الداعية وفطنته وعلي هذا الداعية البصير في الكلام والإيجاز فيه وان يكون كلامه علي قدر الحاجة ولأن كثير الكلام ينسي بعضه بعضا وقد يوقع في الخطأ والزلل ويدعو إلي السآمة والملل من قبل المدعو وقال جعفر بن يحيي إذا كان هذا الإيجاز كافيا كان الإكثار عيبا وان كان الإكثار واجبا كان التقصير عجزا .

 

سادسا :- أن يصدع بالحق كاملا دون مداهنة في دين الله أو كتمان لحق اوجب الشرع بيانه وحرص علي إظهاره وليحذر الداعية أن يجامل المدعو علي حساب الدين أو يرضي بشئ من الباطل أو يتنازل عن شئ من الحق رغبتا في ضم المدعو إلي ركب دعوته قال تعالي "وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ " وقال أيضا سبحانه وتعالي  "فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ"فان الداعي لو فعل ذلك لخسر دعوته بما ادخله عليها من تحريف أو تبعيض أو مداهنة ولخسر دعوته "المدعو إذ أن هذا المدعو أضحى بذلك غير أهل للسير في طريق الحق .

علاوة على ازدرائه للداعي وعدم ثقته فيه بعد ذلك .ولا تناقض بين الصدع بالحق والتلطف بالقول. فالداعية البصير هو الذي يوصل الدعوة إلى المدعو بأرقى عبارة والين الطريق دون ادني تفريط في مضمونها وإحكامها ولهذا ورد في الأثر "من أمر بمعروف فليكن أمره بمعروف"

 

سابعا:- أن تكون الدعوة بأسلوب سهل ميسور لا يشق على المدعو فهمه وإدراكه وهذا الأسلوب لا يختلف من داع إلي داع بل يختلف من مدعو  إلي مدعو فما كان سهل ميسورا علي بعض المدعوين قد يكون صعبا شاقا علي البعض الآخر .لذا كان علي الداعي أن يخاطب المدعو علي قدر عقله وفهمه وإدراكه  أو علي الداعي أن يجعل كلامه واضحا بينا لا لبس فه ولا غموض . وهكذا كان رسول الله  صلي الله عليه وسلم فعن عائشة رضي الله عنها قالت كان كلام رسول الله صلي اله عليه وسلم كلاما فصلا يفهمه كل من يسمعه رواه أبو داوود وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم كان أذا تكلم بكلمه أعادها ثلاث حتى تفهم منه رواه البخاري ومقياس  الوضوح هو إدراك المدعو وفهمه له وليس وضوح القول عند الداعي فقد يكون القول واضح بذاته عند الناس لكن غير واضح عند المدعو ولعل هذا هو ما أشارت إليه الآية الكريمة  "وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ " فالبيان لهم أي للناس المدعوين لا للرسول صلي الله عليه وسلم

 

ثامنا:- أن تكون الدعوة باللغة العربية قدر الإمكان ولكن في تبسط ودون تقعر في القول أو تنطع أو تكلف لان ذلك يفسد الدعوة ويضيع أثرها وليكن الداعية مقتديا برسول الله صلي الله عليه وسلم  الذي قال عنه القران "وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ " وليحذر الداعية أن يقع تحت قوله صلي الله عليه وسلم أن الله يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تخلل البقرة  قال ابن الأثير "يلف كما تلف البقرة الكلأ بلسانها لفا" أو يكون ممن قال فيهم رسول الله  صلي الله عليه وسلم وان أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلسا يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون " رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح ويقول الإمام النووي رحمه الله (الثرثار  كثير الكلام تكلفا )

(المتشدقون المتطاولون علي الناس بالكلام ويتكلم بملء فيه تفاصحا وتعظيما لكلامه ) (المتفيهقون  أصل من الفهق وهو الامتلاء وهو الذي يملئ فمه بالكلام ويتوسع فيه ويغرب به تكبرا  وارتفاعا إظهارا للفضيلة علي غيره .)

 

تاسعا :- أن يتمسك الداعية في دعوته بالألفاظ والمصطلحات الشرعية ولا يستخدم الألفاظ المستوردة مثل كلمة (ايدولوجية كلاسيكية رومانسية بروليتاريا) إلا لضرورة شرعية وذلك لان هذه الكلمات لا تحمل معني محدد أضف إلي ذلك استخدام هذه الكلمات وبكثرة أو بغير ضرورة يؤدي إلي استقرار معانيها الباطلة في النفوس وإحلالها محل المعاني الشرعية .

 

عاشرا :- أن يتجنب الداعية غيبة المسلمين وتجريحهم وشتمهم أو سبهم بغير حقهم لان ذلك حرام شرعا أضف إلي ذلك إما أن يثير حفيظة المدعو فلا يقبل الدعوة أو يجعله يتولي بطريقة خاطئة ويقتدي بمن ليس أهلا للاقتداء ويحمل الداعية وزره ووزر كل من اقتدي به في ذلك.

ولقد رأينا في زماننا هذا كثيرا من اللذين أقاموا دعوتهم علي تجريح غيرهم والنيل منهم بغير حق وعلي الداعية ألا يفحش في قوله وعليه أن يقتدي برسول الله صلي الله عليه وسلم الذي لم يكن فاحشا ولا متفحشا وذلك لان  سماع الفحش داع إلي إظهاره  وذريعة إلي إنكاره من المدعو وعلي الداعية أن  يتجنب استخدام الكلمات السوقية الساقطة المستهجنة لان ذلك أصون للأذن واقرب إلي الأدب قال محمد بن علي في قوله تعالي "وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا " قال كانوا إذا ذكروا الفروج كنوا عنها وقيل كانوا يكنون في كل لفظ خاص بالجماع . عدم رفع الصوت فوق الحاجة وتجنب المراءاة والجدال

 

الحادي عشر :- تحسن الاستماع للمدعو وتظهر اهتمامك بحديثه وقوله . وإياك ومقاطعته بين الحين والآخر وعليك أن تنتظر ليتم حديثه حني تعرف ما يريد وتدرك ما عنده أحق  أم باطل وترفض الباطل وتقر الحق وحتى لا يخرج عن شعوره بهذه المقاطعة ولك يا أخي الداعية الأسوة والقدوة في رسول الله صلي الله عليه وسلم فقد أنصت لعتبة بن ربيعة يستمع إليه حتى انتهي من حديثه ثم قال له صلي الله عليه وسلم أفرغت يا أبا الوليد ؟والكنية تكريم لعتبة ,قال نعم قال صلي الله عليه وسلم فاسمع مني ثم قرأ عليه الآيات الأولي من سورة فصلت حتى وصل إلي قوله تعالي "فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ " فامسك عقبة فاه النبي وناشده والرحم  أن يكف عن القراءة وذلك خوفا مما تضمنته الآيات من تهديد ووعيد .

 

ثاني عشر :- علي الداعية أن يعرف موطن الداء عند المدعو ويعمد إلي علاجه فإذا كان علي سبيل المثال ممن غلب عليه اليأس والقنوط من رحمة الله حدثه في الرجاء وسعة رحمة الله عز وجل أما إذا كان ما جنا مستهترا يجترئ علي حرمات الله حدثه في الخوف من عذاب الله وعقابه ولم يحدثه في الرجاء .

 

ثالث عشر :- علي الداعية أن يبدأ بالأهم فالمهم يبدأ بترسيخ العقيدة  عنده وتعبيده لرب العالمين ثم منها إلي الأمر بالفرائض والواجبات والنهي عن المحرمات

 

 

رابع عشر :- أن يستثير في المدعو نخوة الرجولة والشعور بالكرامة ولا ينبغي له وحاله هكذا أن ينصرف عن دعوة الحق أولا يجيبه ويتخاذل عن نصرة دينه وحمايته من أعدائه ومن المؤسف أن يقع مثله في الرذائل ويأتي المنكرات والكبائر ويصادق أهل البغي والفساد وقد يكون لهذا الأسلوب اثر عظيم في نفس المدعو وقد يكون بابا للدخول في دعوة الحق والالتزام بها لا سيما مع من كان له أصل طيب نستخدم المثل والقصة وتخاطب العقل والقلب والتربية بالقدوة تارة والحديث تارة أخري مع حسن الاستدلال وقوة الحجة . والله الموفق وهو يهدي السبيل .أهـ

التحميلات المرفقة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 217 مشاهدة
نشرت فى 11 إبريل 2014 بواسطة ESDARATELGAMAA

إصدرات الجماعة

ESDARATELGAMAA
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

15,264