الدكتور: السيد عبد المنعم حجازي

Lecturer of commercial science in ministry of higher education, HICSC. Elaresh. Egypt

دور الأساليب الكمية في صنع واتخاذ القرارات

د ـ السيد عبد المنعم على متولي حجازي

مدرس العلوم الإدارية

المعهد العالي للعلوم التجارية والحاسب الآلي ـ العريش

جمهورية مصر العربية

[email protected]

الملخص:

نظراً للتطورات الحادثة في مجال الاتصالات ونظم المعلوماتية وإدارة المعرفة في القرن الحالي، وما طرأ على منظمة الأعمال من التزامات وأعباء لمواكبة هذه التطورات، لم تعد الأساليب التقليدية في اتخاذ القرارات الإدارية مجدية إذ ظهرت توجهات حديثة في الإدارة تركز على ضرورة الاعتماد على الأساليب الكمية كبحوث العمليات، وهذه الأخيرة تعتبر من نتائج الحرب العالمية الثانية التي ظهرت لأول مرة في بريطانيا لإدارة العمليات الحربية، وأول الأساليب التي استخدمت في هذا المجال هو أسلوب البرمجة الخطية، وقد تطور استخدام بحوث العمليات في السنوات الماضية بشكل كبير وأصبحت أساليب التحليل في بحوث العمليات أدوات لمعالجة الكثير من المشاكل كتعظيم الأرباح، وتخفيض التكاليف، ومشاكل النقل،...إلخ، وتقدم الدراسة الحالية أحد أساليب "بحوث العمليات"، لمعالجة عملية اتخاذ القرار، متبعة آلية يتم تطبيقها على حالة عملية بإحدى مؤسسات الأعمال، حتى يتسنى لمتخذ القرار الاعتماد على مثل هذه البدائل المعاصرة، فى عملية اتخاذ القرار فى عصر يحتوى على كم هائل من التطورات المتسارعة، بما يقتضى التوصل إلى بدائل جديدة أكثر عصرنة وأكثر تناسباً مع التطورات الحادثة فى عالم اليوم.

مقــدمــة:

تؤكد التطورات المتسارعة في مجال الاتصالات، ونظم المعلومات، وإدارة المعرفة، في القرن الحادي والعشرين، وما طرأ على منظمة الأعمال من التزامات وأعباء، لمواكبة هذه التطورات، أنه لم تعد الأساليب المتبعة في اتخاذ القرارات الإدارية ذات جدوى، إذ ظهرت توجهات حديثة في الإدارة تركز على ضرورة الاعتماد على الأساليب الكمية ومنها "بحوث العمليات"، والتى تعتبر نتيجة من نتائج الحرب العالمية الثانية، وتعد بريطانيا المهد الأول لهذا المصطلح الذى استخدم أثناء إدارة العمليات الحربية، وأول الأساليب التي استخدمت في هذا المجال هو أسلوب البرمجة الخطية، وقد استخدم مصطلح "بحوث العمليات" لأول مرة إبّان الحرب العالمية الثانية، حيث إنه كان يعطى وصفاً مناسباً وقتئذ للموضوعات التى يتناولها.

وتبدو عملية البحث عن مصطلح جديد يتناسب مع التطبيقات الحالية، عملية - خيالية، أو تكاد ـ تكون خالية من المنطق، حيث إن الجمعيات المهنية والعلمية التى تحمل هذا المصطلح، باعتباره اسم دائم لها، قد انتشرت انتشاراً سريعاً عبر بلدان العالم، كما أن هناك عدداً كبيراً من المؤسسات الصناعية أسهمت بدورها فى نشره، من خلال قيامها بتخصيص أقسام تحمل اسم "بحوث العمليات"، ولكن الأمر الذى دعّم هذا المصطلح فى الآونة الأخيرة، ما قامت به الجامعات الرائدة من إنشاء أقسام علمية تمنح الدرجات العلمية التى تقوم على تكريس استخدام مصطلح "بحوث العمليات.

ويتضح من التطبيقات الحالية لـ "بحوث العمليات" أنه مصطلح غير محدد الميدان، وذلك نظراً لاختلاف الموضوعات التى يتناولها فى الفترة الراهنة، اختلافاً كلياً عن تلك التى أدت لاستخدامه عند نشأته وقد تطور استخدام "بحوث العمليات" في العقود الأخيرة من القرن العشرين بشكل كبير، وأصبحت أساليب التحليل في "بحوث العمليات" أدوات لمعالجة كثير من المشاكل كتعظيم الأرباح، وتقليل التكاليف، ومشاكل النقل والتعيين.

ومن هنا يمكن النظر لـ "بحوث العمليات" على أنها منهج متكامل لحل المشكلات المرتبطة بالإدارة من خلال تطبيقات تكوين النماذج الرياضية، والاقتصادية، والإحصائية الخاصة بالقرارات، ومشاكل التخطيط، والرقابة، لمعالجة المواقف التى تتسم بالتعقيد وعدم التأكد، إضافة إلى تكوين العلاقات التى تحدد النتائج المستقبلية للاختيارات المحتملة لبدائل القرار، وتحديد مقاييس الفعالية الملائمة التى تهدف إلى تقييم وتعيين الميزة النسبية لكل بدائل القرار.

وثمة اختلاف فى دلالة هذا المصطلح عند استخدامه منذ نشأته، فإذا كان البريطانيون هم أصحاب المهد الأول ـ كما سبق ـ يفضلون استخدام مصطلح"Operational Research"  فإن الأمريكيين يفضلون استخدام مصطلح "Management science" والذى انتشر استخدامه بعد إنشاء معهد علوم الإدارة "Institute of Management Sciences".

وإذا كانت مؤسسات الأعمال - فى وضعنا الراهن- تعمل داخل بيئة تتسم بالتغير والحراك الدؤب، والتى تخضع لعدد ضخم ومربك من التغيرات المتشابكة أحياناً والمتنافرة أحياناً أخرى، مثل التقدم التكنولوجى المتسارع فى نموه ودورة المنتج القصيرة نسبياً، إضافة للتغير الأضخم والمتمثل فى عدد كبير من التأثيرات الاجتماعية التى يحدثها السعى المستمر من هذه المؤسسات وراء تحقيق الأرباح، الأمر الذى أدى لظهور العجز لشديد لدى مديرى هذه المؤسسات عند استخدامهم الوسائل التقليدية لتحقيق ذلك، فضلاً عن العجز الشديد عند التعامل مع هذه المتغيرات، مما دعى إلى ضرورة الاعتماد على الأساليب الكمية والاستفادة بإمكانيات الحاسبات الإلكترونية فى تطوير وتوسيع نطاق طبيعة ومجال هذه الأساليب للتعامل مع مختلف المشكلات الإدارية، خاصة اتخاذ القرارات الإدارية.

وترتيباً على ما سبق نخلص إلى أهمية تقييم وتعيين الميزة النسبية لكل بدائل القرار وسنتناول فى دراستنا تلك "تحليل القرار" باستخدام آلية "بحوث العمليات" وصولاً لاتخاذ القرار الذى يعد البيئة الحقيقية لتناول ومعالجة كل تطبيقات بحوث العمليات، وذلك لتقديم بديل للإدارة حتى تتمكن عند التعامل مع متغيراتها فى مؤسسات الأعمال - بالتحليل والتفسير- من التغلب على تأثيرات هذه المتغيرات باستخدام المنهج العلمي المتبع فى "بحوث العمليات" الذى هو لب العمل فى متن هذه الدراسة، وسوف نستعرض هنا عدداً من المحاور التى تغطى مشكلتها، مستخدمين فى سبيل الوصول لمعالجة هذه المحاور منهجاً علمياً يتسق مع الهدف من القيام بهذه الدراسة، عبر عدد من الخطوات العلمية التى تتضح فيما يلى:

مشكلة الدراسة:

تؤكد الدراسات السابقة أن المنظمات الإدارية أنجزت كثيراً من أهدافها من خلال أعضائها، إلا أن هناك العديد من الانتقادات التى وجهت إليه، ويمثل اتخاذ القرارات لب العملية الإدارية، لأنه يمثل إحدى وظائفها المهمة في داخل المؤسسة، وتنبع أهمية عملية اتخاذ القرارات الإدارية من ضرورة تحقيق الأهداف الرئيسة التي نشأت من أجلها تلك المؤسسة مع تحقيق الأهداف الفرعية المستجدة والتي تتكامل لتحقيق الأهداف الرئيسة(<!--)، وتخضع عملية اتخاذ القرارات لمنطق البحث العلمي، ومنها تطبيق الأساليب والنظريات والنماذج الإحصائية والرياضية مثل بحوث العمليات.

وقد كان الاتجاه السائد حتي وقت قريب، يرتكز علي الاعتقاد بأن اتخاذ القرارات يعتمد علي القدرات الشخصية للفرد مع إغفال الأسلوب العلمي في ذلك، حيث كان الاعتماد الكلي في اتخاذ القرارات منصباً علي حكمة المدير وفطنته، ولكن الحال تغير بعد الحرب العالمية الثانية، فقد أدخلت وسائل جديدة وأخذت كثير من الدول المتقدمة في استعمالها، خاصة في مستويات الإدارة العليا والوسطي، وتعرف هذه الوسائل حديثاً ببحوث العمليات، وهي أسلوب علمي مكون من مجموعة من الوسائل والمهارات العلمية لحل المشكلات، وقد ازداد استعمال هذه الوسائل مع انتشار استعمال الحاسبات اﻵلية، والتي ساهمت بدورها في حل المعادلات والمشاكل الرياضية المعقدة.

ومع ما وصلت إليه بحوث العمليات واستخداماتها من تقدم وتطور، فإن الدراسات تشير إلي أن معظم الدول النامية لا تزال تستخدم الأساليب التقليدية في اتخاذ القرارات(<!--)، لذلك نري أن مشكلة البحث تتمثل في أن استخدام أساليب بحوث العمليات في المؤسسات الإدارية لم يحظ بعد بالاهتمام الكافي، مما ترتب عليه الابتعاد عن المنهجية العلمية الحديثة في مواجهة عملية اتخاذ القرارات، وبالتالي انخفاض مستوي كفاءة القرارات الإدارية المتخذة في هذه المؤسسات.

المنهج المستخدم:

فى ضوء هدف البحث وطبيعته فإنه يستخدم المنهج الوصفى التحليلى، بهدف القيام بمجموعة الإجراءات التى تتكامل لوصف الظاهرة، اعتماداً على جمع الحقائق والبيانات وتقنينها وتحليلها تحليلاً كافياً دقيقاً لاستخلاص دلالتها والوصول إلى نتائج من الظاهرة محل البحث(<!--)، حيث إنه أحد الأساليب العلمية القليلة التى تستطيع أن تظهر من خلال دراسة متعمقة لصنع واتخاذ القرارات الإدارية، معلومات شاملة ووافية عنه، باعتباره دوراً إدارياً، عبر تصور ديناميكى كلى، وتحليل كيفى وكمى متكامل، وتناول متعمق لدقائق سياق القرارات الإدارية.

ويتعدى هذا إلى تنظيم البيانات وتصنيفها بصورة دقيقة، وتحليلها بعمق فى محاولة لاستخلاص الدلالات التى توضح الاتجاهات الكامنة فيها أو ارتباط متغير بمتغيرات أخرى، ثم الوصول إلى تعميمات بشأن الظاهرة موضوع الدراسة (<!--)، بما يتطلب القيام بتحديد الظروف والعلاقات التى توجد بين الوقائع والحقائق، وتحديد الممارسات الشائعة أو السائدة، ومعتقدات واتجاهات الأفراد والجماعات وطرائقها فى النمو والتطور(<!--).

ومن ثمّ يقوم الباحث بوصف دقيق لدور بحوث العمليات فى صنع القرارات من خلال الفكر الإدارى المعاصر، ثم بيان إمكانية الاستفادة من ذلك فى تقديم رؤية تسهم فى التغلب على المعوقات والتحديات التى تواجه متخذى القرارات الإدارية، وتفعيل هذه المهارة لديهم، بما يؤدى لتقليل الوقت وتخفيض التكلفة ويؤدى فى النهاية لتحقيق أهداف المنظمات.

أهمية الدراسة:

يتزايد نشاط منظمات الأعمال الإدارية بشكل مطرد، بما يؤدى لتزايد تعقيدات الإجراءات الإدارية، الأمر الذى يقود لحتمية إدراك الإدارة لمدى أهمية القرارات الإدارية فضلاً عن تطوير صنعه باستخدام أساليب رياضية فى مجالات الإدارة، تساعد متخذ القرارات الإدارية، خاصة، التى تعتمد على الحقائق والمتغيرات المعقدة، والمتداخلة، لأن صياغة المفاهيم فى شكل معادلات رياضية لتوضيح العلاقات بين المتغيرات المختلفة تمثل طريقة للتعبير عن مفهوم صعب، واتباع الأساليب الرياضية يعطى حلولاً أفضل من الأساليب الأخرى التى تتطلب وضع فروض تقوم على استنتاجات صحيحة تضع المتغيرات فى علاقات رياضية مناسبة باستخدام أحد أساليب البرمجة الخطية بما يمكن الإدارة من استخدام أدوات لحل مشكلات يصعب التغلب عليها وتمكنها من تقييم السياسات البديلة للتشغيل والاستثمار، وتساعدها فى تحديد احتياجات المنظمة على المدى البعيد.

أهداف الدراسة:

يتحدد الهدف من هذه الدراسة فيما يلي:

<!--بيان مدى استخدام الأساليب والطرق الكمية في اتخاذ القرارات الإدارية في منظمات الأعمال.

<!--الكشف عن الدور الذي تلعبه الأساليب الكمية - خاصة - أساليب بحوث العمليات، في اتخاذ القرارات فى منظمات الأعمال.

<!--تحديد المشكلات والصعوبات التي تحد من استخدام الأساليب الكمية، فى اتخاذ القرارات الإدارية فى منظمات الأعمال، واقتراح الحلول المناسبة لها.

<!--إبراز المزايا والفوائد التي تمكن المديرين من استخدام وتطبيق الأساليب والطرق الكمية.

الدراسات السابقة:

نعرض فى هذا الجزء للدراسات السابقة، ذات الصلة المباشرة بموضوعنا الحالى، وذلك من خلال تحليل هذه الدراسات، والتعرف على المشكلة التى تناولتها وأبرز النتائج التى توصلت إليها بهدف تحديد أوجه الاستفادة منها، وليس معنى أننا نتناول الدراسات السابقة أننا نأتى عليها كلها، فهناك دراسات كثيرة مرتبطة بموضوع دراستنا لم نتناولها فى هذا الموضع من الدراسة وإنما ستأتى فى متن دراستنا الحالية، ومن بين أهم الدراسات السابقة ما يلى:

أشارت بعض الدراسات(<!--) إلى ندرة وحداثة الدراسات التي تناولت استخدام الأساليب الكمية في الممارسات الإدارية على مستوى الوطن العربي، وإلى انتشارها على مستوى الدول المتقدمة مثل أمريكا وكندا وبريطانيا، بما يؤكد مدى حاجتنا إلى مثل هذه الدراسات فى البيئة العربية، ومنها مصر، لذا فإن الحاجة الماسة تدعو إلى المزيد من هذه الدراسات من حيث الكم والنوع.

وهناك دراسة شملت عينة من ( 106 ) مؤسسات صناعية وخدمية في الإمارات العربية المتحدة توصلت(<!--) إلى أن ( 30% ) من هذه المؤسسات تطبق أساليب بحوث العمليات كوسائل مساعدة للإداريين في اتخاذ القرارات الرشيدة، وأن ( 81% ) من المؤسسات التي تستخدم هذه الأساليب تطبق عدداً محدوداً منها (من 1 إلى 5 أساليب )، وتمثلت الأسباب التي حالت دون التطبيق الواسع لهذه الأساليب فى: عدم المعرفة بهذه الأساليب، وعدم جدوى استخدامها مادامت المؤسسة ناجحة في عملها، وعدم توفر الأفراد المتخصصين، وكان السبب الجوهري لقلة التطبيق من وجهة نظر تلك الدراسة: عدم توفر ودقة البيانات اللازمة للقيام بالتحليل.

وفي دراسة ثالثة عن واقع استخدام الأساليب الكمية في تحليل المشكلات واتخاذ القرارات والتي شملت خمسة عشر وزارة في الإمارات العربية المتحدة تمثلت نتائجها (<!--) فى إن الأساليب الكمية غير معروفة بشكل كبير لدى معظم متخذي القرارات في القطاع الحكومي وأن نسبة الذين ليس لديهم معرفة على الإطلاق أو لديهم معرفة قليلة بالأساليب الكمية كانت ( 65.3% )، وبلغت نسبة الذين يطبقون الأساليب الكمية (12.3%) من الذين لديهم معرفة بهذه الأساليب، وأكدت على أن المحددات الرئيسة لتطبيق الأساليب الكمية تمثلت فى: عدم توفر الأفراد المتخصصين في مجال الأساليب الكمية، وعدم وجود تشجيع من الرؤساء في العمل وقلة توافر الحاسب الآلى، وندرة توافر الاعتمادات المالية اللازمة وأخيراً ضعف توافر البيانات الدقيقة واللازمة للتحليل، وكانت أساليب اتخاذ القرارات المستخدمة بشكل كبير في هذا القطاع تتمثل في الأساليب التقليدية، إضافة إلى الضعف فى استخدام أساليب التقنية الحديثة مثل الحاسب في القطاع الحكومي بشكل كبير، وفي حالة استخدامها فإنها تستخدم في المجالات التقليدية كالطباعة والسكرتارية، وحفظ البيانات عن الموظفين.

وشملت دراسة رابعة ( 77 ) مصنعاً في القطاع الصناعي الخاص بالمملكة العربية السعودية توصلت(<!--) إلى أن (62.3%) من المصانع المشاركة في البحث تستخدم طرق التنبؤ النوعية، وأن ( 27.3%) منها تقوم باستخدام طرق التنبؤ الكمية، في حين وجد فقط (10.4%) من هذه المصانع تستخدم مزيجا من طرق التنبؤ النوعية والكمية، أما من حيث طرق التنبؤ الكمية الأكثر استخداما فهي: طريقة إدخال أثر الموسمية بالإضافة إلى أثر الاتجاه والمتوسط، وطريقة المعدل البسيط، وأخيراً طريقة الوسط المتحرك البسيط.

وركزت دراسة خامسة ضمت (115) مؤسسة صناعية وخدمية في المملكة الأردنية الهاشمية، على عدد من النتائج (<!--) تمثلت فى: (32.2%) من المؤسسات عينة الدراسة تطبق الأساليب الكمية في اتخاذ القرارات، وبلغت نسبة الذين ليس لديهم معرفة على الإطلاق، أو لديهم معرفة قليلة بالأساليب الكمية(60%)، في حين بلغت نسبة الذين لديهم معرفة متوسطة إلى درجة كبيرة جداً (40%)، وأن غالبية المستخدمين للأساليب الكمية (83.8%) من المؤسسات تستخدم عدداً محدوداً من هذه الأساليب(1-5 أساليب)، وقد يعزى سبب ذلك إلى قلة المعرفة بالأساليب الكمية المختلفة، وقد اقتصر تطبيق الأساليب الكمية على مجالات محدودة، وقد يعزى ذلك إلى عدم المعرفة بمجالات تطبيق هذه الأساليب، كما تمثل المعوق الرئيس لاستخدام الأساليب الكمية في المؤسسات الصناعية والخدمية في الأردن هو عدم توفر المعرفة بهذه الأساليب، وأخيراً كشفت الدراسة أن بعض المتغيرات ذات تأثير معنوي على استخدام الأساليب الكمية ومن هذه المتغيرات: حجم المؤسسة، وتوفر الحاسب، ووظيفة التعامل معه، ومؤهله العلمي.

خطوت الدراسة:

تسير الدراسة وفقاً لمحورين أساسيين يندرج تحت كل واحد منهما عدد من النقاط الفرعية التى تعالج موضوعها وذلك كما يلى:

<!--الأساليب الكمية وعلاقتها باتخاذ القرارات الإدارية.

<!--صنع واتخاذ القرارات الإدارية فى منظمات الأعمال.

                                 المحور الأول

(الأساليب الكمية وعلاقتها باتخاذ القرارات الإدارية).

تعالج الأساليب الكمية، باعتبارها أسلوباً رياضياً يتم من خلاله معالجة المشاكل الاقتصادية والإدارية والتسويقية فى ظل توافر الموارد المتاحة من البيانات والأدوات والطرق التي تستخدم من قبل متخذي القرار لمعالجة المشاكل.(<!--) ويمكن تعريف الأساليب الكمية بعدة تعريفات من بينها أهما أنها "مجموعة الطرق والصيغ والمعدات والنماذج التي تساعد في حل المشكلات على أساس عقلاني" (<!--) ويؤكد هذا التعريف على أنه بإمكاننا إدراج مختلف هذه الأساليب تحت عنوان أشمل وهو "بحوث العمليات".

كما أن هناك عدة تعريفات أخرى ترى الأساليب الكمية من منظور آخر ومن أبرزها:

التعريف الذي اعتمدته جمعية بحوث العمليات البريطانية بأنها "استخدام الأساليب العلمية لحل المشكلات المعقدة في إدارة أنظمة كبيرة من القوى العاملة، والمعدات، والمواد الأولية، والأموال في المصانع والمؤسسات الحكومية وفي القوات المسلحة" (<!--).

أما جمعية بحوث العمليات الأمريكية فقد اعتمدت التعريف الذى يرى أن ميدانها الأساس هو بيئة القرارات  حيث "ترتبط بحوث العمليات باتخاذ القرارات العلمية حول كيفية تصميم عمل الأنظمة، والقوى العاملة وفقا للشروط التى يتطلب تخصيصها في الموارد النادرة" (<!--).

كما يمكن تعريفها بأنها "تطبيق الطريقة العلمية في حل المشاكل"(<!--).

التطور التاريخي لعلم "بحوث العمليات".

يعتبر تاريخ علم "بحوث العمليات" حديثاً فقد أسهمت أثناء الحرب العالمية الثانية (1936) في انتصار القوات البرية والجوية وكانت الفكرة السائدة آنذاك أن تحسين استخدام الأسلحة والمهمات الموجودة يعطي نتائج أفضل في المدى القصير، مما لو تم التركيز على استخدام الموارد المتاحة(<!--).

ويرجع الفضل للعالم  G. Dent icing الذي اكتشف طريقة الـ "Simplex" ذات الإمكانيات المتقدمة في حل مشاكل البرمجة الخطية، هذا بالنسبة لاستخدام علم "بحوث العمليات الحربية" في بريطانيا، أما في أمريكا فقد كان كل من (<!--) B . James رئيس لجنة بحوث الدفاع القومي و B .rannivar  رئيس لجنة الأسلحة والمعدات الجديدة وراء استخدام "بحوث العمليات" من خلال إجراء دراسات مماثلة للدراسات البريطانية، وذلك بتكوين فريق خاص لمعالجة بعض المشاكل المعقدة، كمشكلة نقل المعدات والمواد المختلفة وتوزيعها على مختلف الوحدات العسكرية المنتشرة في مناطق مختلقة من العالم.

وفي أكتوبر 1942 بعث الجنرال spaatz  القائد العام للقوات الجوية برسالة إلى القادة العموميين للقوات الجوية يوصي فيها بوجوب ضم مجموعات من العلماء لتحليل العمليات في وحداتهم، ومن خلال ذلك شكل أول فريق لهذا الغرض في بريطانيا ثم تبعها السلاح البحري الأمريكي فشكل بدوره فريقين في مشروعين كبيرين هما: معمل المعدات البحرية، والأسطول العاشر برئاسة كل من:  M. Philip وJ. Ellisa، ونظراً للنجاح الذي تحقق واصل القادة العسكريون اهتمامهم بهذا العلم من خلال "وكالة بحوث العمليات" والتي تحولت فيما بعد إلى "مؤسسة بحوث العمليات"، وهذا ما شجع على استخدام هذا العلم في العديد من الدول الأخرى وعلى رأسها كندا التي شكلت فريقا مهمته إنتاج المعدات العسكرية من خلال الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة.

ويجب أن نؤكد هنا على أن أحد أهم مظاهر التقدم فى مراحل تطور علم "بحوث العمليات"، هو "التوصل إلى أسلوب الـ "سمبلكس Simplex"(<!--) الذى تم تطويره عام 1947 بفضل الرياضى الأمريكى "B.B.D. George، حيث أدى هذا التطوير إلى استخدام تقنيات كثيرة من خلال التعاون بين المتخصصين فى الدراسات الأكاديمية، ورجال الصناعة، إضافة إلى التسهيلات التى توفرت بعد استخدام الحاسبات الآلية، وما قدمته من قدرات تحليلية وتجريبية كثيرة، عملت على تخفيض التكلفة وتقليل الوقت"(<!--)، وهذان هما لب دراستنا الحالية.

وبعد الحرب العالمية الثانية تشجع رجال الأعمال الذين كانوا يبحثون عن حلول لمشاكلهم على إدخال هذا العلم في إدارة المشاريع الاقتصادية، ففي بريطانيا قام فريق من المهتمين بتكوين نادي "بحوث العمليات" والذي اصطلح على تسميته فيها بعد "جمعية بحوث العمليات للمملكة المتحدة" عام 1948، والتي أشرفت على إصدار مجلة علمية ربع سنوية، ابتداء من سنة 1950 والتي تعتبر الأولى من نوعها، بينما في الولايات المتحدة الأمريكية تم تكوين "جمعية بحوث العمليات الأمريكية، ومعهد الإدارة العلمية في سنة 1950" وقد أصدرت بدورها "مجلة بحوث العمليات" سنة 1952.(<!--)، بعد أن تخطى بريطانيا وأمريكا إلى كثير من دول العالم، فقد تطور استعمال هذا العلم تطوراً ملحوظاً خاصةً في ظل تزامنه مع التطور العلمي الكبير الذي تم إحرازه في مجال الحاسبات الآلية، فضلاً عن تعدد الدوريات التى تهتم ببحوث العمليات، والتنوع فى المجالات التى يغطيها هذا العلم.

أهمية علم "بحوث العمليات":

يتزايد نشاط منظمات الأعمال الإدارية المختلفة بشكل مطرد، بما يؤدى لتزايد تعقيدات الإجراءات الإدارية، الأمر الذى يحتم إدراك الإدارة لمدى أهمية القرار الإدارى الصحيح الذى يعتمد على البحث عن آليات جديدة لتطوير عملية صنعه باستخدام أساليب رياضية فى مجالات الإدارة، تساعد أولئك الذين يواجهون مشكلة اتخاذ القرارات، خاصة، تلك التى تعتمد على عدد من الحقائق والمتغيرات المعقدة، والمتداخلة مع بعضها، لأن صياغة المفاهيم المختلفة وكتابتها فى شكل معادلات رياضية لتوضيح العلاقات بين المتغيرات المختلفة تمثل – فى الحقيقة – طريقة للتعبير عن مفهوم قد يحتاج لشروح ممتدة تغنى عن تلك المعادلات.

ومما تجدر الإشارة إليه أن اتباع الأساليب الرياضية يعطى حلولاً أفضل من تلك التى تنتج عن الأساليب الأخرى، والتى تتطلب وضع فروض محددة تقوم على استنتاجات صحيحة تضع المتغيرات فى علاقات رياضية مناسبة باستخدام أحد أساليب "البرمجة الخطية"، أو نظرية "صفوف الانتظار"(<!--)، أو نظرية "المخزون"، أو غيرها من النظريات..."(<!--)، بما يمكن الإدارة من استخدام أدوات لحل المشكلات التى يصعب التغلب عليها فى الإنتاج والتخزين والتمويل والنقل... إلخ، كما أنها تمكنها من تقييم السياسات البديلة للتشغيل والاستثمار، وتساعدها فى تحديد احتياجات المنظمة على المدى البعيد، وتتضح أهمية هذا العلم فيما يلى:

<!--أنها وسيلة مساعدة في اتخاذ القرارات الكمية باستخدام الطرق العلمية الحديثة.

<!--يعتبر علم "بحوث العمليات" من الوسائل العلمية المساعدة في اتخاذ القرارات بأسلوب أكثر دقة وبعيداً عن العشوائية الناتجة عن التجربة والخطأ.

<!--تعتبر "بحوث العمليات" فن وعلم في آن واحد، فهي تتعلق بالتخصيص الكفء للموارد المتاحة وكذلك قابليتها الجديدة في عكس مفهوم الكفاءة والندرة في نماذج رياضية تطبيقية أخرى.

<!--يسعى هذا العلم إلى البحث عن القواعد والأسس الجديدة للعمل الإداري، وذلك وصولاً لأفضل المستويات من حيث الجودة الشاملة، ومقاييس المواصفات العالمية "الأيزو".

<!--أنها تساعد على تناول مشاكل معقدة بالتحليل والتي يصعب تناولها في صورتها العادية.

<!--أنها تساعد على توفير تكلفة حل المشاكل المختلفة وذلك بتخفيض الوقت اللازم للحل.

<!--أنها تساعد على تركيز الاهتمام على الخصائص المهمة للمشكلة دون الخوض فى تفاصيل الخصائص التى لا تؤثر على القرار، ويساعد هذا فى تحديد العناصر الملائمة للقرار واستخدامها للوصول إلى الأفضل.(<!--)

 

منهجية بحوث العمليات:

تتعدد المتغيرات المرتبطة بمنظمات الأعمال، الأمر الذى تحتاج معه الإدارة إلى منهجية علمية صحيحة عند التعامل معها بالتفسير والتحليل، فى محاولة للتغلب على تأثيراتها، وثمة عدد من المناهج العلمية المرتبطة ببحوث العمليات ودورها فى اتخاذ القرارات، إلا أن معظم هذه المناهج ترتبط معاً، ولا توجد حدود واضحة يمكن من خلالها الفصل التام بين الحلول المستنبطة من تحليلات باحث العمليات أو القائمين بالتخطيط أو المحللين الماليين أو حتى المهندسين، ونقتصر على عرض لبعض هذه المناهج حسب طبية دراستنا الحالية وذلك كما يلى:

المنهج التقليدى: The Conventional Approach                                                           

يتسم هذا المنهج بالسكون، لأنه يعتمد على النتائج التى تمّ التوصل إليها من استعراض ودراسة تجارب الماضى، وذلك عن طريق استحضار كل العوامل والمشيرات السائدة فى الدراسات السابقة، لذا فإن هذا المنهج يسهم بشكل نسبى، وربما لا يسهم ولا يساعد على تقدم الإدارة عند القيام بعمليات اتخاذ القرارات الإدارية، حيث إن هذا المنهج والإدارة التى تتبناه يقفون فى الجانب المضاد للحراك السائد والتطور المتسارع فى عالم الأعمال.

منهج الملاحظةThe Observational Approach          يرتكز هذا المنهج على المراقبة والتعلم من تصرفات المديرين فى المواقف المشابهة، وذلك غير كاف للتعامل بكفاءة وفعالية مع المشكلات والمواقف التى لا يوجد لها حلول مشابهة، وفى محاولة للتغلب على هذه العقبة فى تلك المنهجية، فإنه يمكن استخدامه بشكل تجريبى عند استخدام أسلوب محدد سبق استخدامه فى مواقف مشابهة.

المنهج النظامىThe Systematic Approach                  يعتمد هذا المنهج على استخدام مفهوم الأنظمة النظرية "The Concept of Theoretical Systems" والتى قد تكون مختلفة بدرجة ما عن المشكلة الفعلية التى تدخل فى نطاق الدراسة، والاعتماد على التقريب النظامى يمكن أن يكون ذا فائدة فى التوصل للحل النهائى، وذلك لأنه يعتمد على عدد من الأساليب المجتمعة معاً، خاصة الأسلوب العلمى Scientific Method.

منهجية بحوث العمليات فى اتخاذ القرارات الإدارية:

تحتاج عملية اتخاذ القرارات الإدارية باستخدام "بحوث العمليات" المرور بست خطوات، ليست منفصلة، ولكنها تتسم بالتداخل، حيث يمكن أن يتم الانتقال من خطوة لأخرى سابقة أو لاحقة بشكل متكرر، حتى يتم التوصل لحل المشكلة محل الدراسة، كما أنه لا توجد قواعد أو أسس ثابتة فى تنفيذ هذه الخطوات، إذا استثنينا خطوة "حل النموذج"، حيث يتم استخدام تقنية معروفة لحل النموذج مثل "سمبلكس"، أما بقية الخطوات فإن تنفيذها يعتمد على عوامل مثل: نوع المشكلة، وطبيعتها، وأسلوب الباحث فى التحليل، والتعاون بين الباحث والمسئولين عن الأنشطة فى الحصول على المعلومات وفهم طريقة التطبيق، ومن هنا فإننا نورد خطوات هذه المنهجية كما يلى(<!--):

<!--تحديد المشكلة "تعريفها".

<!--بناء النموذج الذى يمثل المشكلة قيد الدراسة.

<!--اختبار النموذج.

<!--حل النموذج.

<!--اختبار مدى مناسبة الحلول.

<!--تطبيق الحل.

خصائص منهجية بحوث العمليات:

تحتاج منهجية بحوث العمليات أن يكون لتحليلات وحلول باحثى العمليات بعض الخصائص المميزة وفقاً للمنهج المقترح لتناول المشكلة، إذ يتعين أن يحتوى على الخصائص التالية قبل أن يتم تصنيفه واعتماده منهجاً فى بحوث العمليات، ومن بين هذه الخصائص ما يلى:

<!--اتخاذ القرارات يمثل لب الاهتمام: ويؤكد ذلك على ضرورة أن تحتوى نتائج التحليل الرئيسة على تضمينات واضحة ومباشرة يتم توجيهها للإدارة العليا فى المنظمة، حتى يتسنى لها اتخاذ القرارات.

<!--استناد التقييمات لمعيار الفعالية الإدارية: إذ تستند عملية المقارنة بين البدائل المختلفة على قيم قابلة للقياس، والتى تعكس بشكل مطلق ما الذى سوف تكون عليه مستقبلاً.

صعوبات تطبيق منجية بحوث العمليات"

يشير الوقع التطبيقى لمنهجية "بحوث العمليات"، فضلاً عن الدراسات الأكاديمية، إلى أن هناك عدداً كبيراً من المميزات لهذه المنهجية تستدعى استخدامها وتطبيقها فى شتى المجالات، خاصة، الإدارة فى منظمات الأعمال عند اتخاذ القرارات بشكل رئيس، ومع الإقرار بذلك فإن منهجية "بحوث العمليات"، تكتنفها بعض الصعوبات التى من بينها ما يلى:

<!--ارتفاع تكاليف استخدام منهجية "بحوث العمليات".

<!--حاجة بحوث العمليات لخبرات علمية عالية للتعامل معها، قد لا تتوافر فى المنظمة.

<!--لا تصلح منهجية "بحوث العمليات"، مع المشكلات التى لا يمكن معالجة متغيراتها أو غير محددة المعالم.

<!--الأساليب الرياضية لا تمثل الإجراءات الكاملة لصنع القرارات الإدارية.

<!--ليست الأساليب الرياضية الطريقة الوحيدة المفيدة فى حل المشكلات الإدارية.

المصدر: السيد عبد المنعم حجازي: دور الأساليب الكمية في صنع واتخاذ القرارات، المجلة العلمية للإدارة والعلوم المتخصصة، المجلد الأول، العدد 3 ديسمبر 2011، ص ص 681- 708
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 4616 مشاهدة
نشرت فى 22 نوفمبر 2016 بواسطة Drelsayedhegazy

د. السيد عبد المنعم علي متولي حجازي

Drelsayedhegazy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

41,787