authentication required


هل ستغرق الدلتا سؤال يطرح نفسه بين الحين والآخر.. ويثور الجدل بين العلماء.. خاصة مع كل حديث عن المتغيرات المناخية في العالم بشكل عام ومصر بصفة خاصة .
لقد تغير المناخ في مصر خلال العشرين عاما الماضية بارتفاع متوسط مستوي سطح البحر علي مستوي العالم من 10 إلي 20سنتيمترا منذ أواخر القرن التاسع عشر حتي نهاية القرن الماضي.. وقدرت السيناريوهات المستقبلية أنه بحلول عام 2100.. سوف يتراوح الارتفاع في مستوي سطح البحر من 18 إلي 59 سنتيمترا مما يهدد العديد من المناطق بالغرق وخاصة الأراضي المنخفضة والمدن الساحلية .
ومن المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة في مصر بحوالي 15 درجة مئوية عام 2050 وبحوالي 2.4 درجة مئوية عام 2100 طبقا لتقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.. وقد ارتفعت درجات الحرارة العظمي والصغري ارتفاعا طفيفا في جميع المناطق في مصر خلال فصلي الشتاء والصيف في الفترة (1978 - 2007).. وهناك 109.5٪ زيادة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في مصر عام 2004 لتبلغ حوالي 158.2مليون طن متري مقارنة بحوالي 75.5 مليون طن متري عام 1990
و الادلة العلمية على حدوث هذه الكارثة صور الأقمار الفضائية التى أكدت علي أن منسوب البحر الأبيض المتوسط سيرتفع من 30سم إلي 100سم بنهاية القرن، الأمر الذي يعني غمر المناطق الساحلية في دلتا مصر بمياه البحر خاصة وأن مياه البحر المتوسط ارتفعت صعودا بمعدل 0.8 بوصة سنويا خلال العقد الماضي، وأنه بحلول عام 2100 سيكون ارتفاع منسوب البحر مدمراً لكل الشواطئ الرملية في كل الشواطئ المصرية، كما سيعرض الآثار الغارقة أمام شواطئ الإسكندرية للخطر الفعلي
في هذه الحالة الخسائر ستكون شيئا لا يذكر إذا حدث السيناريو الأسوأ الذي يتوقعه العلماء، وهو ارتفاع مفاجئ لدرجات الحرارة في منطقة الجليد القطبي مما يدفع صفائح وكتل جليدية عملاقة نحو جرين لاند وغرب القطب المتجمد الجنوبي ..
و فيضان البحر يهدد مصر من منطقتين أساسيتين في دلتا النيل، هما الظهير الداخلي لمدينة الإسكندرية (بحيرة مريوط والأجزاء الغربية من محافظة البحيرة)، علما بأن هذه الأراضي تقع دون سطح البحر، ومنطقة شمال الدلتا (بحيرة المنزلة وبحيرة البرلس وتخومها الجنوبية) مما يعني أن المنطقة الساحلية في دلتا مصر بالغة الحساسية تجاه تأثيرات تغير المناخ بالشكل الذي يجعلها مهيأة لاستقبال عصر الطوفان العالمي، لا بسبب خطر ارتفاع مستوي البحر فحسب، بل أيضا بسبب العواقب علي الموارد المائية والزراعية والمستعمرات السياحية والإنسانية، فبناء علي النمط السكني الحالي، من المرجح نزوح مليوني شخص علي الأقل من مناطق الدلتا الساحلية، بسبب الفيضانات وخسارة الأرض الخصبة
أما عن باقي الساحل المصري فمن المتوقع أن يؤدي ارتفاع البحر بين 0.5 متر إلي متر خلال القرن المقبل إلي ابتلاع البحر لحوالي 30% من مدينة الاسكندرية ومدينة بورسعيد هي الأخري مهددة بأخطار مماثلة، وقد نشر البنك الدولي مؤخرا تقريرا يؤكد علي أنه في حالة هذا السيناريو الأسوء فإن منسوب البحار سيرتفع حوالي 4.9 متر مما يسبب دمارا وخرابا شاملا، خاصة وأن مصر تتميز بأنها أرض منبسطة غير مرتفعة عن سطح الأرض .
وفي حالة ارتفاع منسوب البحر علي الأقل في القرن القادم سيكون له عواقب خطيرة فارتفاع منسوب البحر بمقدار متر واحد سيعني غرق ربع الدلتا واجبار 10.5% من سكان مصر والذين من المتوقع أن يصلوا إلي 160 مليون نسمة منتصف القرن الحالي يعيشون في الدلتا فقط، وهذا بالطبع سيعني تدمير كامل لزراعات القمح والأرز وباقي الزراعات في دلتا مصر، كما سيؤدي إلي تلوث المياه الجوفية ومياه النيل بمياه البحر ويجعلها غير قابلة لا للزراعة أو للري ،والخسائر المحتملة فى حالة وقوع مثل هذا النوع من الكوارث ان المنطقة العربية وشرق آسيا سيكونوالأكثر تأثرا بين أقاليم العالم حيث ستصل خسائرها لنحو 200 بليون دولار حسب تقرير شركة ميونيخ ري العالمية لإعادة التأمين ،وبالنسبة لمصر ستنخفض الحاصلات الزراعية المصرية بصفة عامة نتيجة لزيادة درجات الحرارة، حيث يتوقع أن تصل إلي انخافض 30% من إنتاج القمح
كما أن الزيادة في درجات الحرارة بالمنطقة سوف تؤدي إلي انتشار أنواع جديدة من الأمراض والأوبئة الناتجة عن الآفات والفطريات التي تعيش في درجات الحرارة المرتفعة، مما سيتطلب استنباط وسائل جديدة لمكافحة تلك الآفات، كما ستتغير نوعية النباتات المزروعة نتيجة لعدم تحمل الأنواع القديمة لارتفاعات الحرارة، وسيتم نقل التجمعات الزراعية من مناطقها التي ستغرقها المياه نتيجة لزيادة منسوب سطح البحر.
ويبقي السؤال مطروحا.. ماذا نحن فاعلون ازاء هذه الظاهرة الخطيرة؟!

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 306 مشاهدة
نشرت فى 24 نوفمبر 2011 بواسطة DrSarhanSoliman

دكتور سرحان سليمان

DrSarhanSoliman
ناشط سياسيى،ماجستير فى "الكوميسا "،دكتوراة فى "الجافتا"،عضو هيئة البحوث الزراعية،مشارك فى المؤتمرات الدولية العديدة،ابحاث عديدة فى مجال التجارة الدولية والتكتلات العالمية وخاصة الافريقية .مستقل سياسيا لا ينتمى لاى حزب،ليبيرالى التفكير،يؤيد مدنية الدولة مع عدم التعارض مع الشريعة الاسلامية،واتاحة الحرية فى التعبير والمعتقدات .وسيادة القانون ، وتحقيق العدالة الاجتماعية . »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,438