عبد الرحيم البرعي اليماني
قلْ للمطيِّ اللواتـي طـالَ مسراهـا
منْ بعـدِ تقبيـلِ يمناهـا ويسراهـا
ما ضرها يومَ جدَّ البينُ لـوْ وقفـتْ
تقصُّ في الحيِّ شكوانـا وشكواهـا
لو حملتْ بعضَ ماحملتُ منْ حـرقٍٍ
ما استعذبتْ ماءها الصافي ومرعاها
لكنهـا علمـتْ وجـدي فأوجـدهـا
شوقٌ إلى الشـام أبكانـي وأبكاهـا
ما هبّ َمنْ جبلي نجد ٍ نسيـمُ صبـا
للغـورِ إلا وأشجانـي وأشجـاهـا
و لا سرى البارق ُالمكـي مبتسمـا ً
إلا وأشهرنـي وهـنـا وأسـراهـا
تبـادرتْ مـنْ ربـا نابتـي بــرعٍ
كـأنَّ صـوتَ رسـولِ اللهِ نـاداهـا
حتى إذا مـا رأتْ نـورُ النبـيِّ رأتْ
للشمـسِ والبـدرِ أمثـالاً وأشباهـا
حطتْ بسوحِ رسولِ اللهِ و اطرحـت
أثقالهـا ولديـهِ طــابَ مثـواهـا
حيا الغمامُ الرحابَ الخضرَ منسجمـاً
فالقبرَ فالروضة َ الخضـراءَ حياهـا
حيثُ النبـوة ُ مضـروبٌ سرادقهـا
و ذروة ُ الدينِ فوقَ النجـمِ علياهـا
هنالكَ المصطفى المختارُ منْ مضـرٍ
=خيـرُ البريـة ِ أقصاهـا وأدنـاهـا
أتى بهِ اللهُ مبعوثاً وأمتهُ على شفـا
جـــرفٍ هـــارٍ فـأنـجـاهـا
و أبدلَ الخلقَ رشداً مـنْ ضلالتهـمْ
وفـلَّ بالسيـفِ لمـا عـزَّ عزاهـا
كمْ حكمَ السيفَ والبيضَ القواضبَ في
معاشـرَ الـلاتِ والعـزى فأفناهـا
و ساقَ جردَ جيادِ الخيـلِ خائضـة ً
مجرى الكماة ِ بمجراهـا ومرساهـا
ذاكَ البشيرُ النذيـر المستغـاثُ بـهِ
سرُّ النبـوة ِ فـي الدنيـا ومعناهـا
شمسُ الوجودِ الـذي أنـوارُ مولـدهَ
ملآنُ مـا بيـنَ كنعـانٍ و بصراهـا
و انشقّ َديوانُ كسرى مـنْ مهابتـهِ
و نارُ فـارسَ ذاكَ الطفـلُ أطفاهـا
و كمْ لهُ منْ كرامـاتٍ يخـصُّ بهـا
و معجـزاتٌ كثـيـراتٌ عرفنـاهـا
الـثـديُ درَّ لــهُ والغـيـمُ ظللهُ
وانشقَّ في الأفقِ بدرٌ شـقَّ ظلماهـا
و الجذعُ حنَّ وأجرى الماءَ منْ يـدهِ
=عشرُ المئينَ ونصفُ العشرِ أرواهـا
و العنكبوتُ بنتْ بيتـاً عليـهِ لكـى
تـردَّ قافـة َ كفـرٍ ضـلَّ مسعاهـا
و الفحلُ ذلَّ وأومـا بالسجـودِ لـهُ
و الظبية ُ اشتكتْ البلـوى فأشكاهـا
بشرى ظرافِ القوافي أنهـا ظفـرتْ
بسيـدِ العـربِ والعربـاءِ بشراهـا
فالحمـدُ للهِ نحـنُ الفائـزونَ بــهِ
في ملة ٍ نعمَ عقبـى الـدارِ عقباهـا
هـذا محمـدٌ المحـمـودُ سيـرتـهُ
هـذا أبـرُّ بنـى الدنيـا وأوفـاهـا
هذا الذي حينَ جانا بالرسالـة ِ فـي
بطحاءَ مكة َ عـمَّ النـورُ بطحاهـا
لمْ يبقَ من شجـرٍ فيهـا ولا حجـرٍ
=إلا تحييـه نطقـا حيـن يلقـاهـا
وكلمتـهُ جمـاداتُ الوجـودِ علـى
علـمٍ كـأنَّ لهـا حسـأً وأفـواهـا
والطيرُ والوحشُ والأملاكُ ما برحـتْ
مني السلامُ على النورِ الذي ابتهجت
بـه السمـواتُ لمـا جـازَ أعلاهـا
واستبشرَ العرشُ والكرسيُّ وامتـلأتْ
حجبُ الجلالة ِ نـوراً حيـنَ وافاهـا
يا مـن الكوثـر الفيـاض مكرمـة ً
يا خاتم الرسل يـا يـس يـا طّـه
ماللنبيينَ منْ وصـفٍ وليـسَ لـهُ
أنتَ الذي مالهُ فـي الكـونِ شبـه ٍ
هيهـاتَ أيـنَ ثراهـا مـنْ ثرياهـا
مانالَ فضلـكَ ذو فضـلٍ سـواكَ ولا
سامى فخاركَ ذو فخـر ٍولا ضاهـى
فردُ الجلالة ِ مقبولُ الشفاعـة ِ فـي
يومِ القيامة ِأعلـى الأنبيـاء جاهـا
صلَّى عليكَ إلهـي يـا محمـدُ مـا
دامتْ إليكَ الورى تحـدوا مطاياهـا
تحيـة ًينثنـي فـي الآلِ طالعـهـا
سعداً و يفضحُ ريحُ المسـكِ رياها