قد لا يبدو ان هذه السطور ستناقش موضوع العصف الذهني و انتاج الافكار ، لكنها كذلك ،
،،،
حين تعزف الفرق الموسيقية بالالاتية والمطبلاتية أسوأ ألحانها ، بأعلى صوت ، مع صواريخ ، وطلقات تصم الاذان، و شماريخ تنطلق ، مع إطلاق مكثف لغازات الفرح الضبابية المستمرة ، فإن الزفّة تفسد على اصحاب الفرح والمعازيم والجيران وحتى العوازل ، الذين كان يكيدهم نجاح الزفّة ، ونجاح الاغاني والطبلة و الرّق والبوق وكل الاَلات ، مع وجود فواصل متنوعة لتناول الطعام ، او التقاط الصور التذكارية ، او رقصة هادئة، او جلسات تعارف بين المدعوين ،
،،
كانت للاَلات الموسيقية والطبول منذ القدم هيبتها ، حتى ان دقها كان يشير الى السمو و احداث جسام ، و في كثير من الحضارات القديمة وكذلك في أغلب مناطق أفريقيا نجد أن الطبل يشكل الأداة الموسيقية الأكثر أهمية وانتشاراً ويستخدم في كافة الطقوس ، ، الآن وهنا ، مع مرور الزمن ، فقدت الهيبة ولم يبق الا الصوت الصادر وفق المعنى ، ثم صارت الدلالة في أسوأ معانيها مع تطور الممارسات السياسية ،، بلا فواصل تلك التي كانت تمنح الناس بعض الوقت ، لممارسات اخرى مهمة جدا في نفس المشهد ، وذات الليلة ،
،،،
نحتاج احيانا لبعض الهدوء لطرح المزيد من الافكار ، وان لم ننتج سلعا ، فلا تحجروا على الفكر والابداع ،
هل سمعتم عن ال brain storming ،، ؟ هي طريقة لمناقشة الافكار لاتخاذ قرارات وطرح بدائل لرؤية حلول للمشكلات ، هذه الطريقة تسمى عصف الذهن ، وقد استوحاها رجال الإعلانات والدعاية ثم الادارة من طريقة هندية تعتمد على طرح أسئلة عديدة ، وتطورت في منتصف القرن الماضي ،
من اهم مبادئ وقوانين العصف الذهني ، طرح الافكار بحرية دون البحث عن توثيق لها ، ولا مرجعية ، ولا نقد ، مع احترام كل الافكار مهما بلغت بساطتها، اعتمادا على ان كمية الافكار المطروحة ستؤدي الى جودة في محصلة الافكار النهائية ، وبالتالي تتيح مجموعة من الرؤى الابتكارية او القرارات المدروسة من اتجاهات متعددة ،، وفق هذه الطريقة انت تستمع للمؤيد والمعارض ، بنفس الاهتمام ، وتدون اراء وافكار الجميع
و حتى لو لم يكن لديك المعارض الرافض للفكرة او القرار محل النقاش ، فإنك تطلب من احد المؤيدين تقمص دور المعارضة لان الرفض من شأنه ان يطور الافكار محل النقاش ،،
اوقفوا الطبول ، او تعاقدوا مع فرق تجيد العزف ، و اختيار توقيت عزف الموسيقى والأغاني ، والفواصل ، والصخب والهدوء ، فقد أفسدت هذه الفرقة زفات سابقات بجدارة .
(نشرت في صحيفة المشهد اكتوبر ٢٠١٥ )