أمي ،، تدريبي الاول في الاعلام ،،، نعم ،،
أمي حاصرتني بوسائل الاعلام ،، وحين لاحظت اهتمامي به ،، كثفت الحصار ،، ،، كنت اقضي وقتا اعد نفسي لما ساقوله مع زملائي في طابور الصباح ،،وحين ذاع صيتي في الاذاعة المدرسية عاملتني امي كاعلامية محترفة ،،
أمي كانت تغني بصوتها العذب،، حين أخبرتها بسري الصغير اني ساشتري ميكروفونا فقط اذا عرفت اين يباع ،، ابلغت ابي ،،فاشتراه ،، كانت فرحتها بالميكروفون في بيتنا السبب الرئيسي في اني الان مذيعة ( مذيعة بجد )
ثم كانت تعد العدة ،، مجلات وجرائد ، وميكروفونات واجهزة تسجيل يشتريها والدي في كل اجازة بعد شهور من مشقة العمل بالخليج ،، وهكذا بدأ التدريب الاعلامي ،،
ثم الى هدف محدد جدا طرت الى كلية الاعلام جامعة القاهرة ،، ومع اول يوم بالكلية بدأ تدريبي العملي ،، حتى كانت السنة الثالثة في الكلية وهي سنة التخصص ،، كتبت ( اذاعة ) نعم ارغب في ان ادرس الراديو ،، بعد اختبار شفاهي شديد التعقيد ، رأت اللجنة ان التحق بقسم الصحافة ،، بكيت ،، أراني دائماً مذيعة تمارس الصحافة على الهواء في إذاعات مصر ،، لكن السيد الدكتور رئيس اللجنة رئيس قسم الصحافة قال مبتسما بفتور شديد أراكِ صحفية ينتظرك قسم الصحافة ،، صحيح اني أحبهما معاً ، لكني اخترت الراديو ،،
ذهبت للبيت ابكي وحدي ، نعم ابكي ،، حتى كشفتني ،، سألتني امي ما المطلوب ؟؟!! ،، قلت لا ادري ،، المطلوب اجتياز اختبار اللجنة وقد اجتزته بأفضل مما كنت أتوقع ( هذا رأي اللجنة ) ،، لكن رئيس قسم لا يوافق ،، ويصر ان ادرس الصحافة ،،
كانت لنا جارة خالها صحفي كبير بالأخبار ،، وكان لنا معارف صحفيون ،، استشارتهم امي لتعرف ماذا يمكن ان تفعله لأجلي ،، نعم كان هذا همها الكبير ،،،ماذا يمكنها ان تفعل ،،
بعد يومين كانت التوصيات (والكوسة )لها فعل السحر ،،فالسيد الاستاذ الدكتور رئيس القسم يطلبني ليسألني ،، ماذا أريد ،، فقلت بتحد كبير،، سأدرس الصحافة ،،نظر لي باندهاش اكبر ولسان حاله ينطقها ( إديني امارة للي انتِ فيه )،،
درست الصحافة بحب طوال سنوات الكلية حتى التخرج ،، اثناء تدريبي في جريدة الاهرام ، كنت اعمل بجريدة الاتحاد الإماراتية والحياة اللندنية ،، وفي مقابلة مع الشاعر الشاعر سيد حجاب ،، اوقف أسئلتي قائلا ،، اراكِ مذيعة تجري حوارا صحفيا على الهواء ، ،، سألته كيف استشعر ذلك ؟؟!! ،هو إحساسي الحقيقي انا صحفية على الهواء ،، نصحني بالإذاعة والإصرار ،، فكان الإصرار ،، وقدم لي العون والنصح ،، قابلت الإعلامي الاستاذ وجدي الحكيم مسئول التدريب بالاذاعة وقتها ،، تحمس لي حماسا دافعا محفزا ،، ثم اخيراً ،،المذيعة التي بداخلي انطلقت ،، الميكروفون ،، الاستوديو ،،جدران العزل ،، الحاجز الزجاجي ،، فريق العمل ،، الشرائط ،، السيديهات ،، اجهزة الريل ،، اجهزة الدات ،، يا امي ،، انا أقولها ،، نشرة الأخبار اقرأها على حضراتكم نادية النشار ،، هل اصدق ،،وتصدقين ،، ثم كانت بيننا شفرات عجيبة وسر ،، لأسهّل لها استشعاري عن بعد ولم تكن تحتاج ،، لكنني كنت دائماً افعل وأخصها بتحية وابتسامة،،.
درست الراديو في الماجستير ،، ثم درست الراديو والصحافة والاعلام الموجه للشباب في مرحلة الدكتوراه ،، درست مهارات التنمية الذاتية والتطوير ،، درست طرق الاستفادة من الاعلام في تنمية المجتمع ،، وهي دائماً الدافع والدفء ،،
اذكر امي حين تلقت اتصالا تليفونيا من الإعلامية الأستاذة أمال فهمي تسأل عني ،، نسيت أمي انها كانت تستعد وتجدد الرغبة أسبوعيا اذا قابلتها مرة صدفة السيدة أمال على الناصية لتسألها ( تحبي تسمعي ايه )،، نسيت أمي كل شيء ،، ضحكت وارتبكت وتهللت ونادتني لأرد ،، وبعدما أنهيت مكالمتي مع الإعلامية اللامعة ،، ظلت أمي تتحدث بعد ان تأكدت إنني مذيعة مهمة جدا ،، لكن في نهاية الكلام قالت ( بس ما كنتش عايزة اسمع حاجة بعد صوتها في التليفون ،)، أدركت ان رباطا قويا يربط المستمع بالمذيع ،، وأنها مسئولية كبرى قد تحملتها ،،، وتحملتها بحب مهما كانت المواقف صعبة ،،
مشاهد امي في قلبي لا تٌحصى ،، لكنني لأول مرة اكتب عنها ،، كمريض يتألم ويتحاشى الضغط على موضع الألم ،، لا أحب الحديث عن أحزاني ،، الحزن عجيب ،، بليغ ،، فكيف يحضر وسيرتها الفرح ،،،،؟؟!!!