يقيني يزداد بدور الاعلام والتنمية البشرية  في تشخيص امراض المجتمع وقياس اسباب ارتفاع الضغط وانخفاضه بقياس ردود افعال الجمهور تجاه ما يحدث وعلاج العديد من الامراض الاجتماعية بالكشف والمصارحة وطرح الحقائق بشفافية ومصداقية عالية تلائم المرحلة, بل في مرحلة متقدمة من الممارسة الاعلامية تقوم بوقاية المجتمع من المشكلات قبل وقوعها.

لكن هل يفعل اعلامنا ذلك؟؟؟

  هل من المفيد ان نجد اعلامنا هو اعلام الثورة ام ان نجد ثورة فى الاعلام ؟ و الفارق كبير.

اعلام الثورة كما رأيناه خرج فقط من حالة خدمة النظام السابق بالطنطنة والخوف الى خدمة ثورة بالكلام الرنان والمزين بطموحات واحلام تجر الشعب الى حالة من الترقب لنتيجة الثورة كما كان يترقب نتائج مباريات المنتخب المصري لكرة القدم,اعلام يسير وفق نفس التربية التى تربى عليها فهو يستجدي الرضا من الثورة والشعب,  مما دفع الجمهور لاعداد صياغات كوميدية انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي متهمة المع الاسماء على الساحة الاعلامية بالتحول والنفاق, اما باقي الجمهور فاصابه الاحباط من الاعلان المبكر لنتيجة المباراة من وجهة النظر الاقتصادية والامنية  التي تمس كل مواطن  فالحال كما كان عليه واسوأ, هذا هو اعلام الثورة الشائع مع استثناءات مهنية معدوده اعدت نفسها بجهود ذاتية لمواجهة الحدث الجلل.

ان ما يحتاجه الاعلام الان هو ثورة الاعلام لنتجه نحو التغيير الحقيقي واعادة تعريف للقيم الاعلامية في كل المؤسسات الاعلامية الفضائية والارضية العامة والخاصة المسموعة والمقروءة والمرئية نحتاج ثورة تدفع الاعلام نحو المهنية الحقيقية والاحتراف لمواجهة قضايا ومشاكل بل دعونا نقول امراض المجتمع التي ورثناها منذ عقود وتغلغلت داخل كل المؤسسات بما فيها المؤسسة الاعلامية التي في نفس لحظة علاجها ومحاولات اصلاحها مطلوب منها  ان تعالج وتناقش مايمر به المجتمع الان . هي مؤسسات في لحظة حرجة وفارقة , اثناء الافاقة مطلوب ان تكون في كامل وعيها ؟ كيف؟

تشير المراجع الاساسية في سلوك المؤسسات الى احتياج المؤسسات في مراحل التغيير واعادة الصياغة الى :

-         تكسير الوضع الراهن ولابد  هنا من الاحساس بشيئ هام ودافع لهذا التكسير لعدم ملائمة الثوابت لما صار عليه الوضع الجديد, واستبعاد العناصر التي لا تتوافق  معه.

-         التحرك في اتجاه الاهداف الجديدة بوضع معايير جديدة واهداف تلائم الاوضاع الحالية.

-         اعادة التجميد لابقاء الوضع الجديد  والحفاظ عليه واحترام القوانين الجديدة والحسم في هذا الاتجاه .

نحن نحتاج الان في الاعلام بمؤسساته كلها الى قرارت حاسمة وادارات واعية بالاهداف الجديدة وتنفذها بقناعات وظيفية ومهنية تدفع المجتمع للبناء لا للهدم, خاصة في هذا العصر الذي اصبح الاعلام مهنة كل مواطن يمتلك حسابا على شبكات التواصل الاجتماعي او فلنقل شبكات الاعلام الاجتماعي

ثم تتطلب ثورة الاعلام ثورة توازيها في مؤسسات الدولة التي ينبغي ان تتيح للاعلام المعلومات التي كانت محظورة سابقا فتفتح الباب للشائعات فيصبح المجتمع عرضة للتعامل مع الشائعة الملفقة باستسلام لاسباب تتعلق  بطبيعة دراما الشائعات التي تصاغ بما يلائم الاحتياجات النفسية للمجتمع, يحتاج الاعلام لتدفق في المعلومات من كافة الاتجاهات ليتم التعامل مع المعلومات اكثر من التعامل مع الاراء , فعرض المعلومات يبني الاراء لدى الجمهور , اما الاكتفاء بعرض الاراء فهو امر يستعدي المجتمع على بعضه بين مؤيد ومعارض مع وضع في الاعتبار اننا لم نتهيأ بعد لاستقبال المعلومة على انها معلومة واستقبال الرأي على انه رأي . نحن نستقبل الاعلام بنظام الشروة فنقول سمعنا وقرينا وشوفنا ولا نصنف ما نتعرض له .

لايملك الاعلام العصا السحرية لصناعة التغيير لكنه يملك ان يرتب الاولويات ويحدد الاهداف ويشحذ المجتمع باتجاهات رئيسية ,

الاعلام طلقات رصاص وقنابل مولوتوف , الاعلام مسكنات ومهدئات يتعاطاها الجمهور , الاعلام ايضا عمليات جراحية حاسمة نلجأ اليها لنبقى على قيد الحياة. 

                

المصدر: د. نادية النشار
DrNadiaElnashar

المحتوى العربي على الانترنت مسئوليتنا جميعاً د/ نادية النشار

  • Currently 101/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
23 تصويتات / 532 مشاهدة
نشرت فى 24 أكتوبر 2011 بواسطة DrNadiaElnashar

د.نادية النشار

DrNadiaElnashar
مذيعة و كاتبة ،دكتوراة في علوم الاتصال و الاعلام والتنمية .استاذ الاعلام و علوم الاتصال ، مستويات الاتصال و أهدافه، الوعي بالاتصال، انتاج محتوى الراديو والكتابة الاعلامية ، والكتابة، و الكتابة لوسائل الاعلام الالكترونية ، متخصصة في علوم الاتصال و الاعلام و التنمية، وتدريبات التطوير وتنمية المهارات الذاتية والاعلامية، انتاج »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

644,227