الدراما و تأثيراتها في مراحل الطفولة المبكرة ( اعتماد التحقق من الطرف الآخر)

 تؤثر الدراما في افكار الناس و احاديثهم و سلوكياتهم، يتعلم الناس من خلالها  اساليب الحياة، مهارات الكلام و صيحات الموضات و  الديكورات ، 

و كذلك يرى الإنسان نفسه و المجتمع المحيط، من خلالها، 

و تزداد التأثيرات في مواسم سيطرة  الدراما  ( رمضان، المناسبات،  تريندات  السوشيال ميديا) لانها تحفل بمتابعة جماهيرية كبيرة، 

و يعجب الناس على اختلاف مراحلهم العمرية و مستوياتهم الاجتماعية  بشخصيات الابطال،  و يتعجبون من نماذج الأذى و الشخصيات غير السوية، 

و ينخرط الناس في مقارنة انفسهم بالدراما التي تظهر الدوافع التي ادت لإظهار الشر و الاهداف التي يسعى اليها الأشرار، ثم يتابعون العقاب و رد الحقوق و يبدأون في الغضب على واقع تتأخر فيه الحقوق، 

و يراقبون المؤذي الذي  لديه الاحساس بعدم الاستحقاق، نتيجة َعيوبه و مشاكل عاشها في طفولته، 

و يسعى هذا المؤذي الشرير إلى التحقق الذاتي عن طريق ترتيب وضعه في حياة الآخرين، محاولا التخفي وراء قناع الحب و المسئولية و التعاطف ليثبت  وجوده باللطف و التفاعل فيكسب الاستحقاق و الاندماج مع المجتمع، 

و كما يتعلم الكبار من الدراما يتعلم الأطفال، فمن خلالها يستطيع الطفل فهم نفسه و يحاول فهم المجتمع، و اكتساب القدرة على التعبير عن انفعالاته، و قد تكون الدراما ملهمة بشحذ بعض القدرات و المهارات و قد تكون سببا في تبني العادات الايجابية او السلبية وفقا لاساليب الرضا و الدعم من البيئة المحيطة بالطفل ، 

حتى اننا نجد في مراحل الطفولة المبكرة اللعب  الدرامي، و هذه النوعية من الالعاب تنمو داخل الطفل بالملاحظة و المشاهدة للحياة الواقعية او للدراما المنقولة عبر الشاشات، فنجده يقوم بالاداء الدرامي مع نفسه يحدث الحائط او المرآة، او حتى نلاحظ تحريك الشفاه و ايكاءات الوجه دون النطق بكلام واضح ، حيث يبدأ الطفل في اداء بعض الأدوار بينه و بين نفسه،  سرا او جهرا، حتى ينتقل إلى مرحلة اللعب الدرامي مع الآخرين،

و يمكن توظيف هذا اللعب المحبب للاطفال في اتجاهات جيدة بابداع المواقف و اداء الأدوار، حيث يتعلم الطفل التعاطف و تقمص الادوار و يبني  احلامه المهنية و الاجتماعية من خلال تقمص شخصيات الالعاب الدرامية الجماعية، و أحيانا تستثمر المؤسسات التعليمية هذه الوسيلة للتعلم و غرس القيم، و التدريب على تنمية الخيال و حل المشكلات بل انها تستخدم كوسيلة للتشافي من خلال تفريغ الانفعالات و التعبير و الوصول للعقدة و الحل، 

و هذا العام رأينا  اثر الدراما على الاطفال ، و مع تغلغل شبكات التواصل الاجتماعي وانعكاسها على حياتنا وجدنا  جلسات التصوير للأطفال متقمصين ادوار بعض الشخصيات الدرامية، 

الامر الذي يمكن ان يشكل فرصة لتوعية الآباء و مقدمي الرعاية لتحسين اساليب الاتصال في مراحل الطفولة المبكرة  للتخلص من اضطرابات الاتصال في حياة الإنسان و مستقبله ، 

حيث لاحظنا جميعا ان  معظم الشخصيات المؤذية تعرضت لطفولة غير متزنة، سواء بالدلال او القسوة ، 

مما أدى السعي إلى الرغبة في التحقق الذاتي من خلال دعم الطرف الاخر male validation او ال  female validation سببا في العديد من مشاكل العلاقات، مع افراد الأسرة او الأصدقاء، خاصة حين تختلط المشاعر بين الحاجة إلى التحقق و الحاجة إلى الحب،. 

 

يحتاج الإنسان ان يظهر و ان يراه الاخرون، و يسعد بان المحيطين به تفاعلوا معه و رأوه، و يظهر هذا في مزاحل الطفولة المبكرة، فيستخدم مهارات الاتصال و يطورها وفقا لبيئة الاتصال و دعمها لسلوكياته الاتصالية اللفظية و غير اللفظية،

يسعى الإنسان لاشباع هذه الرغبة، و اذا لم تشبع فانه يواجه سلسلة من الاضطرابات،

و غالبا تؤثر الأسرة على الابناء و ينمو هذا التأثير مع الوقت، حتى ان كثيرا من فرط الحاجة إلى الاتصال و الظهور و الرغبة في التفاعل و مشاكل التفاعل تحدث في حالة عدم الاحساس بالتحقق و الظهور و التفاعل المبكر، من خلال دعم الاب و الام للأبناء و بناء علاقة الامان و الحب، و اشعارهم بانهم مرئيين، 

تتجلى هذه المشكلة بأساليب عديدة حال اختفاء احد الابوين، سواء برحيله او انشغاله،

فاختفاء الاب له تأثيرات، و اختفاء الام له تأثيرات، و من المهم الانتباه المبكر لمعالجة هذه التأثيرات،

اما اذا حدث و لم تتم المعالجة في وقتها، فهنا ينبغي على الإنسان ان يراقب نفسه بوعي و يعيد التعامل مع ذكريات الطفولة المبكرة، للتشافي و تجربة نماذج اتصال افضل مع ذاته و مع العالم المحيط و مع الناس بتنوع درجات القرب و التفاعل، 

و عدم تكرار نموذج و اسلوب الاتصال مع ابنائه، 

لان الملاحظة  ان كثيرا من النساء و الفتيات يظهرن سلوكيات اتصالية مبالغ فيها و  ملفتة حال وجود الطرف الاخر، لدعم التحقق الانثوي عن طريق لفت الانتباه و الاحساس بالرضا و الاعجاب من الطرف الاخر،

و هكذا يحدث عند بعض الرجال و الشباب، 

حيث يعتبر رضا الطرف الآخر و رؤيته اعتراف بالوجود و التحقق، و يكون هو الداعم الاساسي لوجود هذا الإنسان، 

هم او هن يواجهون مشاعر عدم الاستحقاق الداخلي لانهم لم يحصلوا عليه في توقيته المناسب،

أحيانًا نجد ارتفاع صوت الضحكات، او كثرة الكلام، او المبالغة في التزين و استخدام العطور،. الملابس، و هكذا عند الفتيات و النساء ، و عند الرجال تجد محاولات لفت انتباه الطرف الاخر باظهار القوة او الانتصار في صراعات مهلكة او  المبالغة في الاناقة و غير ذلك، و قد لا يكتفون بشريك واحد و انما يسعون للتعدد من اجل الدعم و المساندة، و يخسرون كثيرا من الأصدقاء في سبيل ذلك، فاحيانا يكون اغراء الحصول على التحقق الذاتي من خلال دعم الطرف الاخر male validation او ال  female validation سببا في العديد من مشاكل العلاقات، مع افراد الأسرة او الأصدقاء، خاصة حين تختلط المشاعر بين الحاجة إلى التحقق و الحاجة إلى الحب،

و يفقد الإنسان في هذه الحالة الكثير من مهارات الاتصال، فقد يتجاهل الآخرين، و يبدي اتصالا غير متوازن مع المحيطين حتى يلفت نظر الشخص المستهدف ضاربا عرض الحائط بالقيم الاجتماعية و التقاليد المتبعة، و تظهر منه اشارات سواء لفظية او غير لفظية قد تسبب له و لمن حوله العديد من المشكلات و الانتقادات و الاحكام المسيئة له، اما اذا راقب الإنسان نفسه بوعي استطاع ان يحقق اتصالا افضل بتوازنات و قيم و يعالج النموذج الذي اعتاد عليه باتخاذ قرار حاسم بالتعديل و الصبر على التعديل حتى يدعم ذاته بمهارات اتصال افضل تحفظ له قيمته و انسانيته، ( يمكن مراجعة  موضوعات الاتصال الذاتي على موقعي ) 

هنا هل نساندهم ام نتصارح معهم ام نتصارع؟

الحقيقة انه يمكنك ان تساند في حالة واحدة فقط هي حين تكون  المسئول المباشر عنهم، مثل  الاب، الام، او احد الاخوة او الاصدقاء من اهل الثقة و الخبرة،. اما اذا كنت في اي علاقة أخرى فلا يمكنك المساندة و اذا لم يلاحظ الإنسان  ذلك في نفسه و يطلب المساعدة فلا تعرض عليه لانه غالبا سينكر او يغضب او يعادي،

المصدر: د نادية النشار
DrNadiaElnashar

المحتوى العربي على الانترنت مسئوليتنا جميعاً د/ نادية النشار

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 47 مشاهدة
نشرت فى 1 مايو 2023 بواسطة DrNadiaElnashar

د.نادية النشار

DrNadiaElnashar
مذيعة و كاتبة ،دكتوراة في علوم الاتصال و الاعلام والتنمية .استاذ الاعلام و علوم الاتصال ، مستويات الاتصال و أهدافه، الوعي بالاتصال، انتاج محتوى الراديو والكتابة الاعلامية ، والكتابة، و الكتابة لوسائل الاعلام الالكترونية ، متخصصة في علوم الاتصال و الاعلام و التنمية، وتدريبات التطوير وتنمية المهارات الذاتية والاعلامية، انتاج »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

593,244