المحيط الهادي
أكبر الأحواض المحيطية الثلاثة، بل إن حجمه يكاد يساوي حجم المحيطَين، الأطلسي والهندي، معاً. يقع على جانبه الشرقي قارتا أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية. ويصل جنوباًحتىحدودالقارةالقطبيةالجنوبية،أنتاركتيكاAntarctica. وتقع على جانبه الغربي قارتا آسيا وأستراليا. ويتصل بالمحيط الأطلسي، بين رأسي هورن، في أقصى جنوب أمريكا الجنوبية وقارة أنتاركتيكا؛ أو عبر ما يسمى ممر دريك Drake، وعرضه 800 كم. وقد اصطلح على خط وهمي، يفصل بين المحيطَين، يمتد بين الموقعَين، على طول خط الطول 60ْ غرباً تقريباً . وبينهما اتصال محدود جداً، عبر قناة بنما، المحفورة صناعياً.
ويتصل بالمحيط الهندي، في مياه الأرخبيل الجزري، بين أستراليا وآسيا، وتلتقي مياههما مباشرة، إلى الجنوب من قارة أستراليا، فيما بينها وبين أنتاركتيكا. ويفصل بينهما خط وهمي، يمتد من الشمال الغربي من شبه جزيرة الملايو، حتى جزيرة سومطرة، فيما يعرف بمضيق ملقا Malacca. وهذا الخط يمتد مع سواحل جزيرة سومطرة الجنوبية الغربية، والسواحل الجنوبية لجزيرة جاوه، عبر الجزر الواقعة بين جاوه وغينيا الجديدة، حتى السواحل الشرقية لقارة أستراليا. ثم يمتد من جنوب أستراليا، بمحاذاة السواحل الشرقية لجزيرة تسمانيا، حتى القارة القطبية الجنوبية، على امتداد خط الطول 150ْ شرقاً. وفي الشمال، يفصل بينه وبين البحر المتجمد الشمالي (من المحيط الأطلسي) مضيق (Beringبهرنج ) الضحل، الذي لا يتجاوز عرضه 90 كم.
يغطي المحيط الهادي قرابة 35% من سطح الكرة الأرضية، ونحو 50% من سطح المحيط العالمي؛ إذ تبلغ مساحة سطحه 179.7 مليون كم2. ويحتوي حوضه على ما يزيد على نصف المياه المحيطية في العالم، بل إن مساحته تفوق مساحة سطح اليابس كله أجمع؛ فلو جمعت القارات، ووضعت فيه، لاتسع لها وزيادة. وهو أعمق المحيطات، إذ يبلغ متوسط عمقه 3940م ومما يساعد على زيادة متوسط عمقه، أنه لا يضم إلا القليل من البحار الهامشية، على جوانبه. وكذلك، وجود الكثير من الأخاديد العميقة في قاعه؛ بل إنه انتشرت فرضية، في وقت من الأوقات، تقول إن القمر انفصل عن الأرض، وإن مكان انقلاعه منها في قاع المحيط الهادي. إلاّ أن تحليلات الصخور، بعد وصول الإنسان إلى سطح القمر، أثبتت اختلافاً في التركيب المعدني، بين صخور قاع المحيط الهادي وصخور القمر.
يصل المحيط الهادي إلى أقصى اتساع له، عند دائرة العرض 5ْ، شمال خط الاستواء؛ إذ يبلغ عرضه هناك 19800 كيلومتر، ما بين سواحل كولومبيا في الشرق، وإندونيسيا في الغرب. ويمتد من مضيق بهرنج في الشمال، حتى بحر روس على تخوم أنتاركتيكا في الجنوب، مسافة 15500 كيلومتر تقريباً. ويبرز فوق سطحه أكثر من 25 ألف جزيرة، معظمها، في جزئه الجنوبي، جنوب خط الاستواء، وخاصة في القسم الغربي منه. ويمكن تمييز نوعَين من الجزر، في المحيط الهادي:
(أ) الأقواس الجزرية:
وهذه تقع على هوامش القارات؛ ولا يفصلها عنها سوى بحار هامشية ضيقة نسبياً، وضحلة؛ بل إن بناءها الجيولوجي، وتركيبها الصخري، منها. وهي تمتد على شكل أقواس، محاذية لخط الساحل؛ وتتكون نتيجة للحركات البنائية في القشرة، وتكثر فيها البراكين والزلازل. منها جزر الألوشيان Aleutian، في أقصى شمال المحيط؛ وجزر كوريل Kurill؛ وجزر اليابان؛ وجزر الفيليبين؛ والجزر الإندونيسية؛ ونيوزيلندا.
(ب) الجزر المبعثرة: معظمها جزر صغيرة، بعضها بركاني، ظاهر على السطح؛ وبعضها الآخر مكون من أحزمة مرجانية Atolls، تتكون فوق مخاريط بركانية مغمورة، لتظهر فوق سطح الماء. ومنها جزر كبيرة المساحة نسبياً، مثل غينيا الجديدة New Guniea. ويطلق على الجزر، المنتشرة في وسط المحيط الهادي وجنوبه، مع استراليا ونيوزلندا، اسم الأوقيانوسية Oceania. وقد ميز المستكشف الفرنسي، جوليس ديومون ديورفيل Jules Dumont d’Urville (1790ـ1842) بين ثلاث مجموعات من هذه الجزر، وأطلق عليها أسماءها، التي تعرف بها حالياً،
وهي:
- ميلانيزيا Melanesia: وتعني الجزر السود. وتشمل الجزر الواقعة شمال وشرق أستراليا، من غينيا الجديدة حتى كاليدونيا الجديدة New Caledonia؛ بما فيها هاتان أنفسهما. وتشمل جزر سولومون Solomon، وجزر نيوهبرديز New Hebrides، وجزر فيجي Fiji، وجزر بايوا Papua، وجزر فانواتو Vanuatu.
- ميكرونيزيا Micronesia: وتعني الجزر الصغيرة. وتقع هذه المجموعة إلى الشمال والشمال الشرقي من جزر ميلانيزيا. وتشمل جزر قوام Guam، وجزر كيلبرت Kiribati، وجزر ناورو Nauru، وجزر مارشال Marshal، وجزر ماريانا الشمالية Northern Mariana. وفيها جمهورية بالاو Palau، وولايات ميكرونيسيا الفيدرالية. وفي هذه المجموعة الجزرية أكثر من ألفيَ جزيرة، كلها مرجانية الأصل، وصغيرة المساحة. وبعض الجزر المأهولة، لا تتعدى مساحتها كيلو مترَين مربعَين ونصف.
- بولينيزيا Polynesia: وتعني الجزر الكثيرة. وتنتشر على سطح المياه المحيطية، في مثلث، يمتد بين جزر هاواي Hawaii وإيستر أيلاند Easter Islands وجزر نيوزيلندا. وتشمل، إلى جانب هذه الجزر، جزر ساموا Samoa، وجزر تونقا Tonga، وجزر بولنيزيا الفرنسية French Polynesia، وتاهيتي Tahitti. وهذه المجموعة الجزرية، معظم جزرها مخاريط بركانية، تعلو قممها فوق سطح المحيط؛ ومن أبرز أمثلتها جزر هاواي، التي ترتفع أكثر من 9 كيلومترات، فوق قاع المحيط، وفيها براكين ناشطة.
أما قاع المحيط الهادي، فهو سهل عميق، والانحدار من الساحل إلى الداخل شديد جداً. ويمتد في القاع سهل، يتموج بانحدارات غير شديدة؛ فضلاً عن عدد من الأخاديد العميقة؛ حيث أعمق نقطة في القشرة الأرضية، في أخدود ماريانا Mariana Trench، إلى الشرق من جزر الفيليبين؛ ويبلغ عمقه 11 ألف متر. يليه، أخدود كيرماديك ـ تونقا Kermadic- Tonga Trench،
الذي يمتد شمال شرق نيوزيلندا؛ ويبلغ عمقه 10800 متر. فأخدود كوريل كامتيشاتكا، الذي يمتد قرب الأطراف الغربية لبحر بهرنج؛ ويبلغ عمقه 10500 متر وتمتاز سواحل المحيط الهادي بارتفاعها؛ إذ تحف بها، في الغالب، سلاسل جبلية عالية، حديثة التكوين؛ ما يجعل مستوى التضرس عالياً، نظراً إلى التفاوت الكبير بين القمم الجبلية المرتفعة، على السواحل،
والأخاديد العميقة، في قاع البحر الموازي لها. وهذه الحقيقة مرتبطة بأن المحيط الهادي، تحف به أراضٍ، يكثر فيها النشاط البركاني والزلزالي، ويطلق عليها الحلقة النارية Ring of Fire، ويمتد في قاعه سلسلة مغمورة من المرتفعات، هي جزء من حروف أواسط المحيطات، التي تمتد متصلة في قاع المحيط العالمي كله.
يصل إلى المحيط الهادي كميات قليلة نسبياً، من مياه الأنهار العذبة. لذا، فتأثر مياهه باليابس المجاور محدود، مقارنة بالمحيطات الأخرى. وللمقارنة بين المحيطات في هذا الجانب، فقد حسبت نسبة سطح المياه المحيطية،
إلى مجموع مساحة أحواض الأنهار، التي تصب فيها. وقد بلغت النسبة للمحيط الهادي 10، أي أن مساحة سطحه، تبلغ عشرة أمثال مساحة الأراضي، التي تنصرف مياهها إليه. وهذه أعلى نسبة، مقارنة بالمحيطَين: الأطلسي والهندي
ساحة النقاش