دكتور/ أحمد المزين

دكتوراة الفلسفة في العلوم الزراعية

المحيطــــــــــات

ظل كثير من حقيقة الامتداد الفعلي للمسطحات المائية، مجهولاً، حتى بداية الكشوف الجغرافية، في القرن الخامس عشر. فقبل هذا العهد، كان يُعتقد أن البحر الأبيض المتوسط Mediterranean، هو قلب العالم المائي.
كما كان يُظن، أن الهوامش الشرقية للمحيط الأطلسي، هي البحر المحيط (أي الذي يحيط باليابس). ولكن الاكتشافات الجغرافية، وخاصة رحلات كريستوفر كولومبس إلى أمريكا الوسطى، وجزر الهند الغربية، عام 1492م؛ ورحلات بالبوا Balboa، عام 1513م؛ وماجلان Magellan، عام 1519م؛ وجيمس كوك (1769ـ1780م) ـ أظهرت عِظم اتساع المسطحات المائية، والامتداد الفعلي للمحيطَين: الهادي والأطلسي.
وتقدَّر المساحة الإجمالية لكوكب الأرض بنحو 510 ملايين كم2. يشغل اليابس منها 148.9 مليون كم2، في حين يشغل الماء 361.1 مليون كم2. بمعنى أن اليابس يشغل نحو 29.2% من إجمالي مساحة الكرة الأرضية، والماء 70.8%؛ أي الثلث لليابس، والثلثان للماء، 
وارتبطت نشأة الأحواض المحيطية ارتباطاً كبيراً، بنشأة القارات؛ فهما يمثلان تضاريس سطح الأرض: الأولى، هي التضاريس السالبة Negative Relief، وهي التي تنخفض تحت مستوى سطح البحر؛ والثانية، هي الموجبة Positive Relief، وهي التي ترتفع فوق مستوى سطح البحر بصفة عامة.
فمنذ تجمدت قشرة الأرض، منذ أكثر من 4 بلايين سنة مضت، والماء يتسلل من باطن الأرض، من خلال الفجوات والفتحات البركانية، ليتجمع في الأحواض المحيطية. وتغطي المياه المحيطية ما يقارب 71% من سطح الأرض، بمعدل عمق، يقارب 3730 متراً.
ونسبة ضئيلة فقط من ماء الأرض، تكون محمولة في الغلاف الغازي، أو تحتويها البحيرات، أو محجوزة في الثلاجات والغطاءات الثلجية. ويمكن القول، إذاً، إن معظم ماء الكرة الأرضية، يبقى في المحيطات، حيث يؤثر تأثيراً كبيراً في الحياة فوق سطح الأرض. فمعظم الناس يعيشون قرب السواحل، ويتخذونها مكاناً للاستجمام، ومصدراً للغذاء، ومكاناً للتخلص من الفضلات ونفايات المدن، وطريقاً مفتوحاً للملاحة؛ بل إن تأثير المحيطات عظيم حتى في أولئك، الذين يعيشون بعيداً، في أعماق القارات؛ فهي مصدر الماء الضروري للحياة. وهذا الغطاء المائي الكبير، يخزِّن ثم يشِّع معظم الطاقة الشمسية، التي تمد دورات الغلاف الغازي بالطاقة اللازمة، مسببة الظواهر الجوية. وبمقارنة المدى اليومي لدرجة الحرارة في الصحراء، بنظيره في المناطق الساحلية، تتضح أهمية دور المحيطات في امتصاص حدة التقلبات المناخية.
باختصار، الحياة قائمة على الماء، وبدراسة المحيطات، يمكن الوقوف على ظاهرة مؤثرة فيها. وبفهم أفضل لطبيعة الكتل المائية، قد يمكن، يوماً، التنبؤ بتغيرات الدورات المائية في المحيطات، وما يتبعها من تغيرات في المناخ. وعلى قدر مساوٍ من الأهمية كذلك، قد يمكن استخدام المحيطات، على الوجه الأكمل، في أغراض النقل، والتخلص من النفايات، من دون التدمير أو الإضرار باستخداماتها الأخرى، كمصدر للغذاء، أو مكان للاستجمام.
أصل المحيطات
المحيطات من الظاهرات القديمة على سطح الأرض. وقد اندثرت، عبر الزمن، شواهد نشأتها. فنتيجة للتسرب التدريجي للماء في الطبقات الصخرية إلى سطح الأرض من خلال الأنشطة البركانية، تجمع الماء، الذي كان محصوراً بين الصخور، على سطح الأرض.
وقد بدأت هذه العملية منذ 4 بلايين سنة مضت. بعض الصخور القديمة، التي يقدر عمرها بنحو 3.8 بلايين سنة، تحتوي على آثار فقاعات مائية، وظواهر أخرى، تدل على أنها أرسبت في ماء. ويحتوي بعض هذه الصخور، التي يعود عمرها إلى 3.4 بلايين سنة، على كائنات عضوية، شبه بكتيرية، بدائية جداّ، لا يمكن رؤيتها إلا من خلال مِجْهر إلكتروني. وقد بدأت عمليات التمثيل الضوئي Photosynthesis للنبات المائي البدائي، وأنتجت الأكسجين، منذ قرابة ثلاثة بلايين سنة مضت، ذلك الغاز الحيوي لبقاء الأحياء على الأرض.
إن ما يُعْرف عن تغير تركيب مياه البحر، عبر الزمن، قليل جداً. ولكن يبدو أن تركيب الأملاح فيها، قد تغير قليلاً. وربما أصبح الأكسجين أكثر انتشاراً في الغلاف الغازي؛ واستطراداً، في المحيطات؛ وذلك نتيجة لعمليات التمثيل الضوئي، وهي تكوين مواد عضوية جديدة، باستخدام الطاقة الشمسية، وثاني أكسيد الكربون، زائداً الماء.
التغير في الأحواض المحيطية
مع أن المحيطات من الظواهر القديمة على سطح الأرض، إلا أن خطوط الساحل، أي الحدود بين اليابس والماء، في تغير مستمر، وإن بطيئاً جداً. ويمكن أن يتغير موقع خطوط الساحل، في إحدى حالتَين: الأولى، كلما ارتفعت أو انخفضت كتل القارات؛ والثانية، كلما ارتفع أو انخفض مستوى سطح الماء في البحر، بالنسبة إلى قارة ثابتة. وقد حدثت حركات بطيئة للقارات، مرات متكررة، في تاريخ الأرض؛ وما زالت تحدث إلى اليوم. تشهد بذلك الشواطئ القديمة المرتفعة، على طول ساحل كاليفورنيا، والقلاع الإغريقية والرومانية المغمورة، حول البحر الأبيض المتوسط. وتعطي هذه الشواهد صورة لتأثير هذه التغيرات في خطوط الساحل.
ويتغير مستوى سطح البحر، إذا حدثت تغيرات في كمية المياه في المحيطات. فتواكب، مثلاً، التغيرات الكبيرة، والمفاجئة نسبياً، في مستوى سطح البحر، نمو أو اختفاء الغطاءات الثلجية الكبيرة على سطح الأرض، والمسماة بالثلاجات؛ إذ يأتي الماء المخزن في هذه الثلاجات، المقدَّرة بحجم القارات، من المحيطات. ونتيجة لذلك، فإن مستوى سطح البحر، ينخفض عند تكوُّن الثلاجات، ويرتفع عندما تذوب.
خلال الثلاثة ملايين سنة الماضية، مرت على الأرض عدة عصور جليدية. قبل نحو 20 ألف سنة، غطت الثلوج مناطق واسعة من العروض، الوسطى والعليا
في ذلك الوقت، كان سطح البحر دون مستواه الحالي بنحو 130 متراً . ومعظم أطراف القارات، المغمورة بمياه ضحلة، كانت أرضاً يابسة في ذلك الوقت. فكان هناك، مثلاً، اتصال يابس بين آسيا وأمريكا الشمالية. وتلك المنطقة، يغمرها، الآن، بحر ضحل. ويرجح أن الإنسان، هاجر عبر تلك المنطقة، ليقطن في الأمريكتَين، الشمالية والجنوبية. وتوجد آثار حيوانات ثديية منقرضة، تشبه الفيلة، رعت في المناطق الهامشية المغمورة، في أمريكا الشمالية، على المحيط الأطلسي. كما توجد آثار مجارٍ لأودية كبيرة، تغمرها المياه، الآن، في تلك المناطق.
وقد أدى ارتفاع مستوى سطح البحر، نتيجة لذوبان الغطاءات الثلجية على القارات، غمر الماء لأودية الأنهار. وتشكلت على السواحل الجبلية، التي تعرضت لنحت الثلاجات، ظاهرة تستحق التصوير، وهي تلك الخلجان شديدة انحدار الجوانب، التي تسمى الفيوردات.
لو أن كل الماء المحجوز في الغطاءات الثلجية، على القارة القطبية الجنوبية وجرينلاند، عاد إلى المحيطات، لارتفع مستوى سطح البحر قرابة 50 متراً (160 قدماً). وذلك سيؤدي، بالطبع، فيضان مياه البحر على أجزاء كبيرة من المناطق الساحلية المنخفضة، وعدد كبير من المدن الساحلية؛ لتصل المياه، مثلاً، إلى الدور العشرين في مباني وسط مدينة نيويورك.
وتحدث تغيرات بطيئة في خطوط الساحل، كذلك، مع الحركة البطيئة لكتل القارات والأحواض المحيطية، التي تدفعها قوى باطنية؛ وتلك العملية، تدعى تكتونية الصفائح الطافية

  •  العروض الوسطى والعليا: قسم العلماء سطح الأرض، لتسهيل الإشارة إلى المواقع المختلفة ولمعرفة فوارق التوقيت، بواسطة خطوط الطول ودوائر العرض. ودوائر العرض، وأكبرها دائرة خط الاستواء، صفر، دوائر وهمية توقع على الخرائط ويتناقص قطرها بالاتجاه شمالاً وجنوباً من خط الاستواء. وتزداد الأرقام من خط الاستواء شمالاً وجنوباً حتى القطبين عند درجة 90 ولتسهيل الإشارة إلى الأماكن والظروف المناخية السائدة قسمت دوائر العرض إلى عدة نطاقات هي: 
  • النطاق الاستوائي ما بين دائرة عرض 10ْ شمالاً،             ودائرة عرض 10ْ جنوباً.
  • النطاقين المداريين  ما بين دوائر العرض 10ْـ25ْ شمال وجنوب خط الاستواء.
  • النطاقين تحت المداريين ما بين دوائر العرض 25ْـ35ْ شمال وجنوب خط الاستواء.
  • نطاقي العروض الوسطى ما بين دوائر العرض 35ْـ55ْ شمال وجنوب خط الاستواء.
  • النطاقين دون المتجمدين ما بين دوائر العرض 55ْـ60ْ شمال وجنوب خط الاستواء.
  • النطاقين المتجمدين الشمالي والجنوبي ما بين دوائر العرض 60ْـ70ْ شمال وجنوب خط الاستواء.
  • النطاقين القطبيين الشمالي والجنوبي ما بين دائرتي العرض 75ْ شمالاً وجنوباً والقطبين الشمالي والجنوبي.
    <!--[if !supportLineBreakNewLine]-->([2]) يقسم العلماء سطح الأرض (اليابس والماء) إلى عدد من الصفائح، منها الصفيحة الأفريقية، والصفيحة الأوراسية. تتحرك هذه الصفائح نسبة إلى بعضها، وينتج عن حركتها الظاهرات الكبرى لسطح الأرض، من توزيع اليابس والماء، والسلاسل الجبلية الضخمة على اليابس، والأخاديد والحروف الضخمة في قيعان المحيطات. ويستعان بحركة الصفائح في معرفة توزيع الظاهرات الحركية لسطح الأرض من براكين وزلازل، إذ تنشط على طول خطوط التقاء الصفائح.
    توزيع اليابس والماء
    تغطي المحيطات 361 مليون كم2، من سطح الأرض، البالغ 510 ملايين كم2. وتصل نسبة ما تغطيه المحيطات، إلى ما يقارب 70.8%. ومقارنة بنصف قطر الكرة الأرضية، فإن معدل عمق المحيطات، البالغ 3.73كم، لا يعد شيئاً. وتحوي المحيطات 97% من المياه على كوكب الأرض، باستثناء المياه الجوفية.
    أحواض المحيطات، وكتل القارات، ليست موزعة توزيعاً متوازناً، على سطح الأرض. فكل قارة، يقابلها محيط، على الجهة الأخرى من الكرة الأرضية. ومعظم اليابسة، أو بالتحديد 67% منها، تقع في النصف الشمالي للكرة الأرضية، بينما معظم النصف الجنوبي، تغطيه المياه.
    في الواقع، هناك قطاع واحد من المياه، يحيط بالكرة الأرضية، ويتصل بعضه ببعض؛ ويطلق عليه المحيط العالمي. وقد اقترح الجغرافي الهولندي، فارينوسي، عام 1650، تقسيم المحيط العالمي إلى خمسة محيطات، هي: المحيط الهادي، والمحيط الهندي، والمحيط الأطلسي، والمحيط المتجمد الشمالي والمحيط المتجمد الجنوبي. وفي عام 1845، اقترحت الجمعية الجغرافية اللندنية تقسيماً آخر:

* المحيط الهادي.
* المحيط الأطلسي، ويشمل البحر المتجمد الشمالي.
* المحيط الهندي.

<!--[endif]-->

 

المصدر: Marine siences ( علوم البحار)
DrMezayn

د ./ احمد عبد المنعم المزين دكتوراة الفلسفة في العلوم الزراعية

ساحة النقاش

د . احمد عبد المنعم المزين

DrMezayn
دكتوراة الفلسفة في العلوم الزراعية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

705,269