بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى
فَبَشِّرْ عِبَادِ ، الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ ، فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ )
( الزمر )
كتاب
نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية
من ومتى وكيف
دراسة تحليلية في القران والسنة والتوراة والإنجيل
حقوق النشر متاحة للجميع
خالد عبد الواحد
الجزء الأول
الفصل الأول :
البداية
الفصل الثاني :
زوال إسرائيل قبل ظهور المهدي
الفصل الثالث :
مختصر لمجمل أقوال المفسرين
الفصل الرابع :
وكل شيء فصّلناه تفصيلا
الفصل الخامس :
تاريخ وجغرافيا بني إسرائيل في القران
الفصل السادس :
تاريخ اليهود في التوراة والتلمود
الفصل السابع :
فلسطين عبر التاريخ
البداية
قبل عدة سنوات ، كنت قد قرأت كتاب ( أحجار على رقعة الشطرنج ) للأدميرال الكندي ( وليام كار ) ، حيث يؤكد المؤلف في هذا الكتاب بالشواهد والأدلة ، سيطرة اليهود على واقعنا المعاصر . بعد قراءتي لهذا الكتاب ، وبالنظر لما يجري على أرض الواقع ، تملكتني حالة من اليأس والقنوط . فأحلامنا وأمانينا ، إذا ما سار الناس من حولنا ، على هدي ما يُخطّطه وينفذه اليهود – وهم سائرون وما زالوا – أصبحت هباءً منثورا ، وستسير الأمور إلى الأسوأ يوما بعد يوم ، حتى يرث الله الأرض ومن عليها .
لم أكن أعلم آنذاك ، أن بعد كل هذا الكفر والظلم والفساد ، الذي استفحل في الأرض ، وأخذ ينتشر في أرض الإسلام والعروبة ، انتشار النار في الهشيم ، بعد أن مُحيت آثار العيب والحرام ، من مفردات قاموس أهلها ، ستظهر في آخر الزمان ، خلافة راشدة على منهاج النبوة ، تُعيد هذه الأمة للحياة من جديد ، فأحاديث الفتن وما يكون بين يديّ الساعة ، لم تكن معروفة للعامة قبل سنوات قليلة ، ولم تلق أي اهتمام كون الساعة بعيدة عنا – حسبما نحب أن تكون – كل البعد . ومؤخرا بدأ كثير من الدارسين والباحثين ، يخوضون غمار ما جاء فيها من أحاديث ، منبّهين لظهور الكثير من أشراطها الصغرى ، ومحذّرين من قرب أشراطها الكبرى .
معرفتي بوجود تلك الخلافة ، التي ستقطع الطريق ، على أصحاب المؤامرة اليهودية العالمية ، وتلغي أحلامهم بسيادة العالم ، من القدس ، كانت لي بمثابة الضوء في آخر النفق ، تلك المعرفة الجديدة أعادت لي الأمل ، بعدما تملكني الكثير من اليأس والقنوط ، من أحوال أمتي العجيبة . اعترتني حالة من الفضول ، أردت معرفة المزيد ، حيث ساعدني حبي القديم للمطالعة ، فعدّت لمطالعة كل ما يقع بين يديّ ، من كتب على مختلف مواضيعها ، من عقيدة وفقه وسيرة وتاريخ ، فضلا عن القرآن العظيم وتفسيره ، فتبين لي أن العلم والمعرفة ، يهتكان الكثير من أستار الجهل بأمور الحياة الأخرى ، ويزداد المرء بهما إيمانا ويقينا وصلة بربه ، وثباتا على دينه ، فازددت حبا للمعرفة والمتابعة .
شملت مطالعاتي في تلك الأثناء ، بعض الكتب التي تناولت سيرة المهدي ، وأكثر ما حاز على اهتمامي من هذه الأحاديث ، ما يتعلق بالمهدي وظهوره ، والمعارك التي سيخوضها . وبعد تحليلي لتلك الأحاديث ، ومحاولة الربط فيما بينها ، تبين لي بأن دولة إسرائيل الحالية ، لن تكون موجودة عند ظهور أمره ، وأن المهدي سيدخل القدس ، وبلاد الشام ككل بلا حرب ، فتبادر إلى ذهني بعض التساؤلات ، التي كان لا بد لي من الإجابة عليها ، بدافع الفضول في البداية ، وأهمها كيف اختفت إسرائيل قبل ظهور المهدي ؟ ومن الذي كان سببا في اختفائها ؟
كنت سابقا أعتقد – كما كان وما زال – يعتقد عامة المسلمين اليوم ، أن الطريق إلى تحرير القدس ، ستكون بالوحدة العربية ، وهذا بلا شك ضرب من الخيال . أو بالعودة إلى الإسلام وقيام الخلافة الإسلامية ، وهذا أيضا أمر بعيد المنال ، والواقع لا ينبئ بذلك ، واليهود الآن يسيطرون على مجريات الأمور ، أكثر مما نسيطر على زوجاتنا وأولادنا ، فهم يراقبون ويُحاربون ، أي جسم مسلم أو عربي ، تحول من حالة السكون إلى الحركة ، وكل المحاولات الإسلامية والقومية العربية النهضوية ، وُئدت واشتُريت وبيعت في سوق النخاسة ، فلا أمل في المنظور القريب ، حسب ما نراه على أرض الواقع .
وأما إسرائيل فعلى ما يبدو ، أنها ستبقى جاثمة فوق صدورنا ، تمتص دماءنا ، وتعدّ علينا أنفاسنا ونبضات قلوبنا ، لتثبت للعالم أننا ما زلنا أحياء ؟! والعالم يأتي وينظر ويهزّ رأسه موافقا ، ويمضي مطمئنا ، نعم إنهم ما زالوا أحياء . وكأن العالم ، ينتظر منا أن نموت أو نفنى ، فيستيقظ يوما ما ، فلا فلسطين ولا فلسطينيون ، ليرتاح من تلك المهمة الثقيلة والمضنية ، التي رُميت على كاهله – وكأنه بلا خطيئة اقترفتها يداه – كي يرتاح من مراقبة طويلة ، لعملية احتضار شعب أُدخل إلى قسم العناية الحثيثة ، منذ أكثر من50 عاما ، وما زال حيا .
وبالنظر إلى الواقع – قبل ثلاث سنوات – ولغاية هذه اللحظة ، فإنك تراه يقول بأن إسرائيل ستبقى . ولكن الأحاديث النبوية الشريفة ، ترفض ما يقوله الواقع وتؤكد زوالها ، قبل ظهور المهدي والخلافة الإسلامية ، ولكن كيف ؟ ومن ؟ ومتى ؟ ، وللإجابة على هذه الأسئلة كان لا بد من البحث . ومن هناك ، وقبل ثلاث سنوات تقريبا ، كانت البداية .
ما يملكه عامّة المسلمين في بلادنا من معتقدات ، فيما يتعلّق بتحرير فلسطين ، يتمحور حول ثلاثة عبارات تقريبا ، هي : أولا ؛ عبارة " شرقي النهر وهم غربيه " المشهورة لدينا ، بين فلسطينيي الشتات ، وثانيا ؛ عبارة " عبادا لنا " ، وثالثا ؛ عبارة " وليدخلوا المسجد " . والتفسيرات المعاصرة لهذه العبارات في مجملها ، حصرت التحرير بقيام الخلافة الإسلامية ، حتى أصبحت من الأمور العقائدية ، ويؤمن بصحتها الكثير من الناس ، إن لم يكن الأغلبية العظمى .
أما حديث لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود ، ويا مسلم يا عبد الله ، الذي غالبا ما نتدواله ، فهو يتحدث عن مسلمين حقيقيين ، لن يتوفروا في ظل هذه الأجواء على المدى القريب ، أو يتحدّث عن خلافة ، لن تكون إلا بظهور المهدي ، وخلاف ذلك لم أجد في السنة النبوية ، من الأحاديث ما يشير إلى هذه الفترة ، فهي مغيبة تقريبا ، إلا من حديث هنا ، أو هناك .
في النصف الثاني من عام 1998م ، ومن خلال البحث الأولي في العديد من المصادر ، أمسكت ببعض الخيوط ، التي قادتني بدورها إلى الإسلامية ، ومما أعلمه أن الخلافة الإسلامية آيات ، التي تحكي قصة العلو والإفساد اليهودي في سورة الإسراء ، فطفقت أسبر معاني ألفاظها وعباراتها وتركيباتها اللغوية ، فتحصلّت على فهم جديد لآيات هذه السورة ، يختلف تماما عن معظم ما تم طرحه سابقا ، ومن خلال هذا الفهم استطعت الإجابة على معظم تساؤلاتي ، وتساؤلات أخرى كانت ترد في ذهني ، بين حين وآخر ، أثناء كتابتي لهذا البحث .
عادة ما كنت أطرح ما توصلت إليه ، شفاها أمام الآخرين ، وغالبا ما كانت أفكاري ، تُجابه بالمعارضة أحيانا بعلم ، وأحيانا من غير علم ، وغالبا ما كان النقاش يأخذ وقتا طويلا ، وكان هناك الكثير ممن يرغبون بالمعرفة ، كل حسب دوافعه وأسبابه الخاصة ، أطرحه من أفكار ، فالقناعات الراسوكانت الأغلبية تفاجأ بما خة لدى الأغلبية ، مما سمعوه من الناس أو وجدوه في الكتب ، والواقع الذي يرونه بأم أعينهم ، يخالف بصريح العبارة ما أذهب إليه .
والمشكلة أن الأمر جدّ خطير ، فالواقع الجديد والمفاجئ ، الذي سيفرض نفسه بعد عدة شهور ، عندما يأتي أمر الله ، ولا ينطق الحجر والشجر بشيء ! كما كانوا يعتقدون ، سيوقع الناس في الحيرة والارتباك . وتتلاطم الأفكار والتساؤلات في الأذهان تلاطم الموج في يوم عاصف ؛ ما الذي جرى ؟ وما الذي يجري ؟ وما الذي سيجري ؟
لذلك وجدت نفسي ملزما بإطلاع الناس ، على ما تحصّلت عليه ، وعلى نطاق أوسع من دائرة الزملاء والأقارب . وبالرغم من محدودية قدراتي وتواضعها ، إلا أني حاولت جاهدا ، أن أصهر كل ما توصلت إليه ، مما علّمني ربي ، في بوتقة واحدة . تمثّلت في هذا الكتاب ، الذي بين أيديكم ، في أول محاولة لي للكتابة ، كمساهمة متواضعة ، في الدعوة إلى الله ، ونصرة لكتابه الكريم ، قبل أن يوضع على المحك ، عندما يتحقّق أحد أعظم الأنباء المستقبلية ، بشكل مخالف ، لما اعتادوا أن يسمعوه ويقرءوه ، من آراء وتفسيرات ، كثرت في الآونة الأخيرة ، تتناول ما تُخبر عنه سورة الإسراء ، من إفساديّ بني إسرائيل .
كما وحاولت جاهدا أن أقدم هذا الكتاب ، في أسرع وقت ممكن ، بعد أن تأخرت سنتين وأكثر ، شغلتني فيها مشاكل الحياة الدنيا ومصائبها ، عن إخراج هذا الكتاب إلى حيّز الوجود ، ومن ثم لأسعى لإيصاله ، إلى أكبر عدد من أمة الإسلام ، لعله يجد فيهم من يلق السمع وهو شهيد ، فإن أصبت فمن الله ، وإن أخطأت فمن نفسي ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
هذا الكتاب سيكون بإذن الله ، متوافرا باستمرار ، ضمن موقع خاص به ، على شبكة الإنترنت ، وإن تعذّر الدخول إليه ، لسبب أو لأخر ، فبالإمكان الوصول إليه ، عن طريق محرك بحث جوجل ( www.google.com ) بكتابة عنوان الكتاب كاملا ، أو أحد العبارات الموجودة على صفحة الغلاف ، حيث تستطيع من خلال هذا الموقع :
1. الحصول على أحدث نسخة من الكتاب .
2. إبداء أي ملاحظة أو استفسار .
3. متابعة أطروحات جديدة ،4. قد تصدر للمؤلف مستقبلا .
20 / 7 / 2001م _ 29 / 4 / 1422هـ
المؤلف
تعقيب
من خلال ردود الأفعال الأولية لبعض الأخوة ، سواء من قرأ أو من لم يقرأ الكتاب ، وجدنا أن الكثير من الناس ، تخلط ما بين أمرين ؛ الأمر الأول : هو كشف الغيب الذي لا يعلمه إلا الله ، وهو ما لا ندعيه في كتابنا هذا ، ونعوذ بالله من أن ندعيه ؛ والأمر الثاني : هو قراءة وبيان وتفصيل ، ما هو مكشوف أصلا في القرآن والسنة ، من علم الغيب ، مما أوحى سبحانه وتعالى لرسوله عليه الصلاة والسلام .
يقول سبحانه وتعالى ( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ، ... ( 59 الأنعام ) ، ويقول ( قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65 النمل ) ، وقد جاء أسلوب النفي ومن ثم الإثبات في هذين الموضعين ليفيد الحصر ، أي حصر علم الغيب بالله دون غيره ممن في السموات والأرض ، وهذا ما يعلمه عامة الناس ويرددونه عن ظهر قلب ، وهذا مما لا خلاف فيه ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ، هل هذا الحصر مطلق ؟
فإن كانت الإجابة بنعم ، فما القول في الاستثناء الذي جاء في قوله تعالى ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ ( 179 آل عمران ) ، وفي قوله ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ، … (27 الجن ) ، حيث استثنى سبحانه وتعالى الرسل عليهم السلام من تلك القاعدة ، إذ يقول ( تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ ، مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا ، فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (49 هود ) ، ويقول ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا ، مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ ، وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ، وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52 الشورى ) . ليتبين لنا ، أن الله سبحانه وتعالى أطلع على غيبه من شاء من رسله ، وبذلك لم يحجب علم الغيب بالكلية عن البشر ، والإتيان بالحصر ثم الاستثناء ، يفيد بأن مرد العلم بالغيب أولا وأخيرا هو علام الغيوب ، وكذب وخاب من استقى علمه بالغيب من غيره .
أما ما كُشف للرسل فهو بعض من علم الله ، بما كان وما هو كائن وما سيكون ، مما اقتضت الحكمة الإلهية كشفه للناس عن طريق الوحي ، وكثير من هذا الغيب ، مخطوط فيما ورثته البشرية من كتب الأنبياء ، وفضلا عما جاء في القرآن من أنباء الغيب ، فقد أخبر عليه الصلاة والسلام بالكثير من أنباء الغيب ماضيا وحاضرا ومستقبلا ، وأفاضت الأحاديث النبوية في ذكر ما سيقع في مستقبل الأمة من فتوحات وفتن وابتلاءات ومحن وأشراط وأمارات للساعة .
وأما قوله سبحانه وتعالى لرسوله الكريم ( قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ ، وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ، وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ ، إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ ، قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ (50 الأنعام ) ، وقوله : ( قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا ، إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ، وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ ، لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ ، وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ، إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188 الأعراف ) ، لا ينفي علمه عليه الصلاة والسلام لبعض الغيب ، وما قيل له ذلك إلا ليجيب من يسأله عما لم يعلم من أنباء الغيب ، أو ما لا حكمة في الإخبار عنه مما علم .
تميزت النصوص النبوية التي تتحدث عن أحداث المستقبل ، سواء في القرآن والسنة أو في التوراة والإنجيل ، بالتلميح لا بالتصريح ، فهي غالبا ما تصف الشخوص والأزمان والأماكن والظروف والنتائج ، باستخدام عدة أساليب لغوية ، كالاستعارة والتشبيه والالتفات والاعتراض وما إلى ذلك ، مما هو غير مألوف لأناس هذا الزمان ، وخير مثال على ذلك هو ذكر اسم رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام في التوراة والإنجيل ، ( أحمد ) بالمعنى لا باللفظ ، وأحمد لغة هي اسم التفضيل من ( حمد ) ، ومعناها أحمد الناس أو أكثر الناس حمدا ، مع أن اسمه - محمد - في الواقع جاء بنفس المعنى مع اختلاف اللفظ .
والحكمة التي قد لا يدركها الكثير من الناس ، من عدم وضوح النصوص النبوية ، هو بقاء نسبة ضئيلة من الشك ، لحرمان الناس ذوي العلاقة من الدافع لتعطيل مجريات الأمور ، إذ لا بد للأسباب والمسببات أن تأخذ مجراها ، من حيث الزمان والمكان والشخوص ، حتى تتحقق النبوءات كما تم الإخبار عنها .
ولنا في قصة فرعون مع موسى عليه السلام خير مثال على ما قد يفعله المجرمون لتعطيل أمر الله ، عندما أمر بذبح مواليد بني إسرائيل كافة ، لمجرد رؤيا منام علم من تأويلها ، بأن واحدا منهم سيكون سببا في تقويض أركان ملكه ، ورغم ما اتخذه من إجراءات وتدبيرات احترازية لحرمان هذا الطفل من الحياة ، إلا أن مكر الله كان أعظم وأكبر ، وبالرغم من قدرته سبحانه على منع فرعون من إيذائه دون تدخل بشري ، إلا أنه أوحى لأم موسى بأن تتخذ من الأسباب ، ما هو كفيل بتحقيق المراد الإلهي .
هذا ما كان من أحد المجرمين والعتاة لمجرد رؤيا منام ، فماذا لو أتاه نص صريح بأن الذي سيقوض أركان ملكه ، هو ذلك الطفل الذي سيأتي به اليم إلى قصره ، فهل كان فرعون سيتخذه ربيبا ، أم ماذا سيفعل به ؟
وللناس من أمر النبوءات الواردة في القرآن والسنة مواقف شتى ، فمنهم من لا يرغب بالفهم ، ومنهم من ليس لديه القدرة على الفهم ، ومنهم من يعتقد بأن لا جدوى من البحث في أمرها ، ومنهم من يحاكمها بناء على أهواءه وأحلامه ، فيأخذ ما اتفق وينكر ما اختلف . ولذلك تجد بعض الناس ، عند الحديث عن المستقبل ، يقول مستنكرا لا يعلم الغيب إلا الله .
ونحن كمسلمين مطلوب منا أن نؤمن بالغيب المخبر عنه في القرآن والسنة ، لقوله تعالى ( الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3 البقرة ) ، وأعظم الغيب هو وجود الله ، ونحن وآباؤنا لم نعلم بوجود الله ولم نعرفه حق المعرفة ، ولم نعلم باليوم الآخر وما سيجري فيه من بعث وحساب وثواب وعقاب ، إلا من خلال القرآن الموحى به من عند الله جل وعلا إلى محمد عليه الصلاة والسلام ، وما دمنا آمنا بالله وباليوم الآخر من خلال كتابه ، فما لنا لا نؤمن بما سواها من أخبار الغيب مما حواه هذا القرآن العظيم بين جنباته .
يقول سبحانه وتعالى ( كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ ءَايَاتِنَا ، وَيُزَكِّيكُمْ ، وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ، وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151 البقرة ) ، لم يُبعث عليه الصلاة والسلام فقط ليتلو علينا القرآن ، بل بُعث أيضا ليُزكينا وليعلمنا الكتاب والحكمة ، وليعلمنا ما لم نكن نعلم من قبل ، لنخلص من هذه الآية وغيرها من الآيات التي جاءت بنفس النص ، أن هناك شيء اسمه الحكمة ، يراد لنا أن نتعلمه من القرآن والسنة ، لكل ما ورد فيها من تشريعات وحدود وأوامر ونواهي وأخبار الماضي والمستقبل ، قررها سبحانه في أواخر الآيات وفي نهاية القصص ، كل حسب موضوعه .
ومن مجمل الآيات التي ورد فيها نبوءات مستقبلية ، تبين لنا وحسب ما تقرره تلك الآيات أن هناك حِكما إلهية من الإخبار عنها ، وقد حُصرت هذه الحِكم الإلهية عموما في أمرين :
أولا : أن معرفة الخبر قبل تحققه من القرآن أو السنة ، هي بمثابة زف البشرى للذين آمنوا ، ونذير للذين كفروا ، من الذين يعايشون ظروف الحدث المخبر عنه . وهذا مما يملأ نفوس المؤمنين بالأمل ، ويعطيهم الدافع للعمل ، دون كلل أو ملل ، ويلهمهم الصبر على ما أصابهم من الأسقام والعلل ، ويملأ نفوس الكفرة والمنكرين الخوف والترقب والحذر ، ويزيدهم تحديا وطغيانا وكفرا ، لدرجة أن يتحدّوا الله لينزل بهم ما يعدهم من العذاب ، كما هي عادة الجبابرة والظلمة والمفسدين في الأرض .
ثانيا : أن معاينة الحدث عند تحققه على أرض الواقع تماما كما ورد في القرآن أو السنة ، سيكون بالضرورة سبب لزيادة إيمان المؤمنين بربهم وكتبه ، وزيادة في اجتهادهم بعبادته ، وأما للذين كفروا فهو زيادة في قهرهم وإذلالهم ، رغم كل ما أخذوه من إجراءات احترازية درءا ومنعا لأمر الله .
أما من يدّعي بأن لا حكمة ولا فائدة من الإخبار عنها ، وأن معرفتها على حقيقتها يبعث في النفس اليأس والقنوط والتواكل ، فأولئك يقولون على الله ما لا يعلمون ، لمخالفتهم لما اقتضته الحكمة الإلهية من الإخبار عنها ، ويدّعون بأنهم أكثر حكمة وعلما من أحكم الحاكمين وأعلم العالمين .
وخلاصة القول : أننا لم نكشف شيئا من الغيب ، وما قمنا به لم يتعدى حدود القراءة والتفكر والتدبر ، فيما أنزل رب العزة على رسله وأنبيائه من أخبار الغيب ، وبذلنا ما وفقنا الله إلى بذله ، من جهد في فهمها واستيعابها وتفصيلها وتبسيطها وتقديمها للناس بلغة يفهمونا ، وما لنا في ذلك من فضل ، إن الفضل إلا لله .
وفي نهاية الأمر ، وبعد مخاض عسير ، كان هذا الكتاب ، الذي نعرضه مجانا ، ونحاول جهدنا إيصاله للناس في شتى بقاع الأرض ، ونشكر كل من ساهم في نشره ، وغايتنا سواء أصبنا أو أخطانا ، هي نفع الناس في دينهم ودنياهم ، وإنما الأعمال بالنيّات ولكل امرئ ما نوى .
وبضاعتنا في هذا الكتاب مستقاة ، من كتاب الله وسنة رسوله ، والناس أحرار في شرائها أو الإعراض ، فصانعها بشري متهم ، حيث لا وحي يوحى ، بعد وفاة المصطفى عليه الصلاة والسلام ، ولا نفرضها على أحد ، ولكن لا عليك إن اطلعت عليها ، فهي إن لم تنفعك ، فلن تضرك في شيء ، مع يقيننا الشخصي ، بأنها لا تخلو من الفائدة ، بل فيها الكثير ، كما أجمع معظم من حظي بقراءة هذا الكتاب ، وتذكر أنك حر فيما اعتقدت بشأن هذه البضاعة .
أما بالنسبة لمسألة تحديد موعد من خلال العد ، فهو نتيجة لعملية عدّ في كلام الله ومن كتاب الله ، وما هو بقراءة في فنجان ، أو نظر في النجوم ، وما طرحنا الفصل الخاص بهذه المسألة ، والتي قد تصيب وقد تخطئ ، إلا بعد أن تولدت لدينا قناعة ، بصرف النظر عن المواعيد المطروحة في ذلك الفصل ، تقول بأن نهاية كل من إسرائيل وأمريكا ، قريبة جدا جدا ، ومجريات الأمور سـتأخذ منحى مغايرا لما عليه الحال الآن ، وسيكون التغير سريعا ومفاجئا ومضطردا ، بحيث تأخذ الناس حالة مستمرة من الخوف والترقب ربما تدوم لعدة سنين .
أما ما نود قوله لقرّاء هذا الكتاب ، هو أن يأخذوا بأحسن ما في هذا الكتاب ، وأن يتركوا ما هو دونه ، تماشيا مع ما أخبر به أتباع رسله الكرام ، في حق ما أنزله عليهم من الهدي ، قال تعالى ( فَبَشِّرْ عِبَادِ ، الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ ، فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ، أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ ، وأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ (18 الزمر ) .
هذا ما قاله رب العزة في حق كتبه ، وما أنزل فيها من الهدي على رسله ، فما بالك بقولنا في حق كتاب ، أنجزه عبد من عباد الله ، لا ولن يصل إلى حد الكمال ، مهما بذل من جهد ، والعقل البشري له حدود وطاقات ، مهما بلغ من إبداع ، فإن أصاب في شيء أخطأ في أشياء ، وكل إنسان في نهاية المطاف لدية قدر من الحكمة ، ليميز الغث من السمين فيما قرأ أو سمع .
ونسأل الله أن يهدينا وإياكم سواء السبيل
أُضيف هذا التعقيب بتاريخ
15 / 3 / 2002م – 1 / 1 / 1423هـ
المؤلف
زوال إسرائيل قبل ظهور المهدي
استفاضت كثير من المؤلفات لكبار العلماء والأئمة ، في ذكر المهدي وسيرته ، وأكدت على حتمية خروجه آخر الزمان ، ومن هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر ، ابن حجر والشوكاني والسيوطي والصابوني وغيرهم ، وهناك من أفرد له بابا ، أو كان له مقالا في كتاب ، كالذهبي وابن تيميه وابن القيم والقرطبي والبرزنجي وغيرهم . وهناك الكثير من الكتب المتخصصة الحديثة ، جمعت أقوال أولئك العلماء والأئمة في المهدي وأحداث آخر الزمان ، فمن رغب بالاستزادة فليرجع إليها ، فهي متوافرة بكثرة في المكتبات هذه الأيام ، والإلمام المسبق بالأحاديث الواردة في المهدي ، سيساعد كثيرا في فهم ما استخلصته من أفكار في هذا الفصل .
وأما من ينكر أحاديث المهدي ، فلا التفات لقوله ، فالأحاديث الصريحة وغير الصريحة ، التي أتت على ذكر أخبار المهدي ، بلغت حد التواتر المعنوي ، وقد ورد فيها ما يُقارب الأربعين حديثا . وما سنتناوله منها ، هو ما يخص موضوع هذا الكتاب فقط . وأود أن أشير إلى أن ذكر المهدي قد جاء في التوراة ، حيث أن الترجمة العربية للنص التوراتي ، تُسمّيه ( بالقدّوس ) في موضع ( وبالغصن ) في موضع آخر ، وهذا النص موجود مع التعليق ، في فصل النبوءات التوراتية . وقد تنبأ بظهوره ( نوستراداموس ) مفسّر النبوءات التوراتية ، وأشار إليه بألفاظ صريحة ، سنوردها في فصل لاحق .
وللحقيقة ، ومن خلال اطلاعي على الكثير ، من دراسات وأبحاث الغربيين ، التي تتناول النبوءات التوراتية والإنجيلية ، الخاصة بأحداث النهاية ، تبيّن لي بأن اليهود والنصارى ، أكثر إيمانا ويقينا ، من عامة المسلمين ، بحتمية ظهور المهدي ، وانتصاره في كافة حروبه ، واتخاذه للقدس عاصمة لملكه ، وامتداده لمساحات شاسعة من الأراضي . ولأنهم يعلمون بأن النهاية قد اقتربت ، ويعتقدون بأنه سيقود تحالفا عسكريا ضد الغرب ، ينجم عنه دمار الحضارة الغربية برمتها ، فهم يتوقعون ظهوره في أي لحظة ، ويخشون أن يظهر وأن تقوى شوكته ، وهم في غفلة من أمرهم ، فلذلك تجدهم يُحاولون تجنيد العالم بأسره ، ضد ما يُسمّونه بالإرهاب الإسلامي ، خوفا من ذلك المصير المشؤوم الذي ينتظرهم ، عند ظهور أمره .
غربة الإسلام :
عَنْ ثَوْبَانَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ ، كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا ، فَقَالَ قَائِلٌ : وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ ، قَالَ : بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ ، فَقَالَ قَائِلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ ؟ قَالَ : حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ ) رواه أبو داود وأخرجه أحمد ، وصحّحه الألباني .
عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا ، وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ ، وَهُوَ يَأْرِزُ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ فِي جُحْرِهَا ) رواه مسلم ، وأخرجه الترمذي وابن ماجه وأحمد والدارمي ، وصححه الألباني .
قبل ظهور المهدي ستشهد الأمة الإسلامية ، عصرا حالك السواد ، من كثرة الظلم والجور والفساد ، يتميز بوجود قلة مؤمنة صابرة متمسكة بدينها ، لا حول لها ولا قوة ، تنتظر حتى يأتي الله بأمر من عنده ، وكثرة طاغية فاسدة ومفسدة متمسكة بدنياها ، هم غثاء كغثاء السيل .
جيش يغزو الكعبة بداية ظهور أمر المهدي :
عَنْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، ( قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ ، فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنْ الْأَرْضِ ، يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ ، : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ ، وَفِيهِمْ أَسْوَاقُهُمْ ، وَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ ، قَالَ : يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ ، ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ ) رواه البخاري ، وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد وصححه الألباني .
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ، قَالَتْ : عَبَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنَامِهِ ، ( فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ صَنَعْتَ شَيْئًا فِي مَنَامِكَ لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ ، فَقَالَ : الْعَجَبُ إِنَّ نَاسًا مِنْ أُمَّتِي يَؤُمُّونَ الْبَيْتِ ، بِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ لَجَأَ بِالْبَيْتِ ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ خُسِفَ بِهِمْ ، فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الطَّرِيقَ قَدْ يَجْمَعُ النَّاسَ ، قَالَ : نَعَمْ فِيهِمْ الْمُسْتَبْصِرُ وَالْمَجْبُورُ وَابْنُ السَّبِيلِ ، يَهْلِكُونَ مَهْلَكًا وَاحِدًا ، وَيَصْدُرُونَ مَصَادِرَ شَتَّى ، يَبْعَثُهُمْ اللَّهُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ ) ، رواه مسلم ، وأخرجه البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد ، وصححه الألباني .
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( جَيْشٌ مِنْ أُمَّتِي يَجِيئُونَ مِنْ قِبَلِ الشَّامِ ، يَؤُمُّونَ الْبَيْتَ لِرَجُلٍ يَمْنَعُهُ اللَّهُ مِنْهُمْ ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ خُسِفَ بِهِمْ ، وَمَصَادِرُهُمْ شَتَّى ، فَقُلتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يُخْسَفُ بِهِمْ جَمِيعًا وَمَصَادِرُهُمْ شَتَّى ، فَقَالَ : إِنَّ مِنْهُمْ مَنْ جُبِرَ إِنَّ مِنْهُمْ مَنْ جُبِرَ ثَلَاثًا ) رواه أحمد بهذا النص ، ورواته ثقات ، إلا واحدا وثقه البعض وضعفه آخرون .
بداية ظهور المهدي ستكون في مكة بإذن الله ، وفور معرفته تسارع قلة من تلك القلة ، لمبايعته على الإمارة ، فيلجأ إلى الحرم تهرّبا ويعتصم به . ويظهر أمره شيئا فشيئا ، فيُبعث إليه بجيش يغزو الكعبة ، فيخسف به في الصحراء ما بين المدينة ومكة .
هذه الأحاديث الثلاثة متوافقة من حيث النص والمضمون ، غير أن الحديث الثالث ، أضاف عبارة توضّح مخرج ذلك الجيش . ومع أن أحد الرواة ضعفه ، إلا أن تلك الإضافة ( من قبل الشام ) تتفق والتفسير المنطقي ، للأحداث الموصوفة في جملة أحاديث هذا الفصل .
لنخلص إلى ما يلي :
1. أن جيشا سيغزو مكة .
2. وهذا الجيش من أمة محمد عليه الصلاة والسلام ،3. ويعجب رسول الله ويحق له العجب ،4. فما آل إليه أمر أمة الإسلام هذه الأيام ،5. يثير ما هو أكثر من العجب والشفقة ،6. حتى في نفوس أعدائنا .
7. ومقصد هذا الجيش رجل من قريش يلجأ إلى الحرم ،8. وغايته وأد بؤرة الخلافة الإسلامية في مهدها ،9. خوفا من أن تزلزل أركان عبدة الحياة الدنيا .
10. يُخسف بهذا الجيش في الصحراء قبل وصوله إلى مكة .
11. ومخرج هذا الجيش من قبل الشام ؟!
عمران بيت المقدس يعقبه خراب المدينة المنورة :
عَنْ مُعَاذٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عُمْرَانُ بَيْتِ المَقْدِسِ خَرَابُ يَثْرِبَ ، وَخَرَابُ يَثْرِبَ خُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ ، وَخُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ فَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ ، وَفَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ خُرُوجُ الدَّجَّالِ ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى فَخِذِ الَّذِي حَدَّثَهُ أَوْ مَنْكِبِهِ ، ثُمَّ قَالَ إِنَّ هَذَا لَحَقٌّ كَمَا أَنَّكَ هَاهُنَا ، أَوْ كَمَا أَنَّكَ قَاعِدٌ يَعْنِي مُعَاذًا ) . رواه أبو داود ، وأخرجه أحمد ، وصححه الألباني .
تعمر بيت المقدس في آخر الزمان ، برجوعها إلى الحكم العربي ، واتخاذها عاصمة للحكم ، فيرسل حاكمها جيش إلى الكعبة ، عند ظهور أمر المهدي ، فيخرب المدينة المنوّرة في طريقه إلى مكة ، ومن ثم يُخسف بجيشه ، قبل أن يصلها بالقرب من ذي الحليفة ، وهي ميقات إحرام أهل المدينة ، بينها وبين المدينة ستة أميال أو سبعة ، وبينها وبين مكة مسيرة عشرة أيام .
المهدي لا يغزو العراق وبلاد الشام :
عَنْ نَافِعِ بْنِ عُتْبَةَ ، قال : قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَغْزُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ، ثُمَّ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ، ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ، ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللَّهُ ، قَالَ : فَقَالَ نَافِعٌ : يَا جَابِرُ لَا نَرَى الدَّجَّالَ يَخْرُجُ حَتَّى تُفْتَحَ الرُّومُ ) رواه مسلم وابن ماجه وأحمد ، وصححه الألباني .
وتجمع جزيرة العرب لقتال المهدي وصحبه ، فيغزونها فيفتحها الله فتدين لهم ، ومن ثم يخرجون إلى إيران فيفتحها الله فتدين لهم ، ومن ثم يغزون الروم فيفتحها الله ، ومن ثم يخرج الدجال ، فيغزونه بمعية عيسى عليه السلام ، فيفتحه الله .
ولو تدبرت هذا الحديث ، ستجد أن البلدان التي سيغزوها المهدي ، عندما يمسك بزمام الأمور ، هي بالترتيب ؛ أولا : جَزِيرَةَ الْعَرَبِ ثانيا : فَارِسَ أي إيران ، ثالثا : الرُّومَ أي روسيا وأوروبا الشرقية ، رابعا : الدَّجَّالَ ، والملاحظ في هذا الحديث ، عدم ورود ذكر فتح بلاد الشام والعراق ، التي لا بد للمهدي من المرور بها ، عند خروجه لفتح فارس ، ولفتح الروم الذين سيُلاقونه بالقرب من مدينة دمشق .
فلو كانت دولة إسرائيل قائمة في فلسطين ، أليس من الأحرى بالمهدي ومن معه تحريرها ، فور خروجه من جزيرة العرب ؟!
يظهر بوضوح في هذا الحديث ، أن كل واحد من هذه الأمور ، أمارة لوقوع ما بعده ، كما هو الحال في الحديث السابق ، وكل منهما يتقاطع مع الآخر في نقطتين ، هما ؛ أولا : غزو الروم ويقابلها خروج الملحمة ، وثانيا : غزو الدجال ويقابلها خروج الدجال ، ويضيف الحديث الأول ثلاثة أحداث ، هي عمران بيت المقدس ، وخراب يثرب ، وفتح القسطنطينية .
حتمية نزول الخلافة في بيت المقدس :
عن ابْنُ حَوَالَةَ عن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَا ابْنَ حَوَالَةَ إِذَا رَأَيْتَ الْخِلَافَةَ قَدْ نَزَلَتْ الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ ، فَقَدْ دَنَتْ الزَّلَازِلُ وَالْبَلَايَا وَالْأُمُورُ الْعِظَامُ ، وَالسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ إِلَى النَّاسِ ، مِنْ يَدَيَّ هَذِهِ مِنْ رَأْسِكَ ) رواه أحمد ، وأخرجه أبو داود والحاكم ، وصححه الألباني .
عند خروج المهدي إلى بلاد الشام ، سيتخذ القدس عاصمة لخلافته ، تنعم الأمة الإسلامية خلال سنوات حكمه ، بإقامة الحق والعدل ورفع الظلم والجور عن أمة الإسلام .
نستخلص من هذا الحديث ما يلي :
1. لا بد للخلافة من النزول في بيت المقدس آخر الزمان .
2. ونزولها هناك يعني بدء ظهور الفتن والكوارث الطبيعية ،3. ومن ثم علامات الساعة الكبرى ،4. بداية بظهور الدجال ،5. ونزول عيسى عليه السلام ،6. في نهاية حكم المهدي .
7. وهنا لا بد لنا من أن نشير ،8. إلى أن عبارة ( نزول الخلافة ) ،9. ربما تشمل الحكم العربي للقدس ،10. الذي تكثر فيه الفتن والحروب والاقتتال ،11. والموصوف بالظلم والجور ،12. قبل ظهور المهدي .
نطق الحجر والشجر :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ ، فَيَقْتُلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ ، حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوْ الشَّجَرُ : يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ ، هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ ، إِلَّا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ ) . رواه مسلم وأحمد بنفس النص ، وصححه الألباني ، وأخرجه البخاري والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجه ، بنصوص أخرى .
هذا الحديث روي بعدة نصوص ، وهذا النص أشهرها وأكثرها تداولا بين العامة ، أما نطق الحجر والشجر ، فهو أمر خارج عن المألوف والعادة ، ولا يُعقل أن تحصل تلك المعجزة في آخر الزمان ، قبل بدء ظهور أشراط الساعة الكبرى على الأقل ، حتى بظهور المهدي . فنطق الحجر والشجر ، أكثر إعجازا من نطق عيسى عليه السلام في المهد صبيا . فمن المنطقي ألا يحدث هذا الأمر ، قبل ظهور الأحداث غير المألوفة للناس ، كأشراط الساعة الكبرى . ومن الأرجح أن يتزامن هذا الحدث ، مع وجود عيسى عليه السلام ، لكي يستقيم الأمر ، فالمعجزات غالبا ما تأتي على أيدي الرسل ، وهذا ما تؤيده سورة الإسراء .
أما عبارة ( شرقيّ النهر وهم غربيه ) فلا أساس لها من الصحة ، إذ لم أجد لها أصلا ، في أي من كتب الحديث على اختلافها وكثرتها ، لا في صحيحها ولا في ضعيفها . ولا تعدو أكثر من كونها ، عبارة أضيفت إلى الحديث من قبل العامة ، بعد قيام دولة إسرائيل المعاصرة غربيّ النهر . وبالرغم من ذلك ، يُصرّ البعض على أنها موجودة في الأحاديث الضعيفة . أما الزمن الفعلي المتوقع لتحقق هذه النبوءة ، هو وقت نزول عيسى عليه السلام ، وهرب الدجال ومن معه من اليهود إلى فلسطين ، حيث يُقتل على أبواب القدس .
خلاصة القول :
وبناءا على ما تقدم ، نقول أن زوال دولة إسرائيل أمر حتمي ، يتبعه زوال حلفائها من الغرب بالضرورة ، قبل ظهور خلافة المهدي ، وأن من سيقوم بتحريرها هو جيش عربي ، وأن صاحب هذا الجيش سيتخذ مدينة القدس عاصمة لملكه ، ومن ثم تدين له بلاد الشام والعراق ، وأن فترة حكمه أو حكم من يخلفه ، ستكون حافلة بالظلم والجور ، وعند ظهور أمر المهدي في مكة ، يبعث حاكم مدينة القدس جيشا إلى الجزيرة ، لا قبل للمهدي وجماعته به ، فيُخرب المدينة المنورة ، لدى مروره بها متجها إلى مكة ، فيخسف الله بهم الأرض .
وآنذاك يظهر أمر المهدي ، فيهب إلى قتاله من رضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها ، من أمة محمد عليه الصلاة والسلام ، خوفا من عودة دين أكل الزمان عليه وشرب ، يدعوا إلى إخراجهم من غيّهم وضلالهم ، وحرمانهم مما يتلذّذون به من الشهوات والحرمات ، التي استحلّوها واستباحوها في هذا العصر ، فاستعبدتهم فلا فكاك لهم منها ، ولا يرضون عنها بديلا .
فتكون أولى مواجهات المهدي ، مع جيش آخر ، يُجمع له من جزيرة العرب ، فينتصر عليهم حربا ، وبعد أن يستتب له أمر الجزيرة يخرج إلى أهل الشام . فيتسلم مقاليد الحكم فيها تسليما عن طيب خاطر ، أو استسلاما خوفا ورهبة ، ويتخّذ مدينة القدس عاصمة لخلافته ، ومن ثم يخرج إلى إيران فيفتحها ، ويعود إلى بلاد الشام .
ومن ثم تكون الروم ( نصارى الشرق ) قد جمعت جيشا عرمرما ، قوامه قرابة المليون نفر ، فيخرج لملاقاتهها ، فتقع الملحمة الكبرى الفاصلة بين الحق والباطل ، بالقرب من دمشق ، فيكون النصر في النهاية ، حليف المهدي ومن معه من المسلمين . ومن ثم يخرج إلى القسطنطينية ( استنبول ) ، فيفتحها بالتهليل والتكبير من غير قتال ، وقريبا من نهاية حكمه يخرج الدجال ، فيعيث في الأرض فتنة وفسادا ، ويُحصر المهدي وصحبه في الشام ، فينزل عيسى عليه السلام ، فيهرب الدجال ومن تبعه من اليهود إلى القدس ، وهناك يلحقون به فيقتله عليه السلام ، ويتولى المسلمون أمر البقية الباقية من اليهود ، فينطق الحجر والشجر ، فيبيدوهم عن بكرة أبيهم ، بإذن الله ، ولله الأمر من قبل ومن بعد ، والله أعلم .
هذا ما سيكون من أمر المهدي ، بإذن الله ، قدّمناه بشكل مختصر وموجز ، تناولنا فيه بعضا من سيرة المهدي ، التي تعرضت لفتوحاته آخر الزمان ، مستندين إلى ما أوردناه من أحاديث صحيحة ، آخذين بعين الاعتبار ، أحاديث صحيحة أخرى ، لم يتسع المقام لإيرادها .
أما موضوع هذا الكتاب ، فهو يبحث إجمالا ، في حدثين عظيمين مفاجئين ، قبل ظهور المهدي ، وفي وقت قريب جدا جدا ، وهما ؛ أولا : نهاية الدولة اليهودية واختفائها إلى الأبد ، ثانيا : انهيار الحضارة الغربية العملاقة ومظاهرها المختلفة واختفائها إلى الأبد .
ما ستجده في ثنايا هذا الكتاب :
ـ الإجابة على التساؤلات المطروحة على صفحة الغلاف ، فيما يتعلق بالدولة اليهودية ، ومصيرها ومصير اليهود .
ـ الإجابة على كثير من التساؤلات التي تدور في أذهان الناس ، وتوضيح كثير من القضايا الخلافية التاريخية ، فيما يخص تاريخ وجغرافيا بني إسرائيل ، منذ نشأتهم الأولى حتى قيام الساعة ، وخاصة فيما يتعلق بتواجدهم في فلسطين .
ـ استقراء وتحليل ما جرى ويجري على أرض الواقع ، في منطقتنا والعالم من حولنا .
ـ فهم حقيقة الصراع الدائر بين الغرب والشرق ، وحقيقة العداء الغربي للأمة العربية والإسلامية ، والذي بلغ أشدّه في العقود الأخيرة .
ـ تفسيرات منطقية للأحداث المستقبلية ، مدعّمة بالشواهد والأدلة من القرآن والسنة والتوراة والإنجيل والواقع ، ووضعها ضمن سياق زمني منطقي .
مختصر لمجمل أقوال المفسرين
قبل أن نبدأ في الإبحار ، في معاني ومقاصد آيات سورة الإسراء ، سنتجول قليلا ، في بعض كتب قدماء المفسّرين ، لنستعرض مجمل تفسيراتهم ، لهذه الآيات ، ومجمل ما أوروده من روايات وآثار ، عن الإفساد والعلو في الأرض ، ووعديّ الأولى والآخرة ، ومن هؤلاء المفسرين : القرطبي وابن كثير والطبري والبيضاوي ، والبغوي والنحاس والثعالبي ، وأبي السعود والشوكاني وابن الجوزي ، والسيوطي والنسفي والألوسي .
تعريف بسورة الإسراء :
قال الألوسي في تفسيره : " سورة بني إسرائيل ، ( وهو الإسم التوقيفي لها ) وتسمى الإسراء وسبحان أيضا ، وهي كما أخرج ابن مردويه عن ابن عباس وابن الزبير ، رضي الله تعالى عنهم مكية ، وكونها كذلك بتمامها قول الجمهور . وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ، أنه قال : (( إن التوراة كلها في خمس عشرة آية ، من سورة بني إسرائيل ، وذكر تعالى فيها عصيانهم وإفسادهم ، وتخريب مسجدهم واستفزازهم النبي ، وإرادتهم إخراجه من المدينة ، وسؤالهم إياه عن الروح ، ثم ختمها جل شأنه ، بآيات موسى عليه السلام التسع ، وخطابه مع فرعون ، وأخبر تعالى أن فرعون أراد أن يستفزهم من الأرض ، فأهلك وورث بنو إسرائيل من بعده ، وفي ذلك تعريض بهم ، أنهم سينالهم ما نال فرعون ، حيث أرادوا بالنبي ، ما أراد فرعون بموسى عليه السلام وأصحابه ، ولما كانت هذه السورة ، مصدرة بقصة تخريب المسجد الأقصى ، افتتحت بذكر إسراء المصطفى تشريفا له – أي المسجد الأقصى - بحلول ركابه الشريف فيه ، جبرا لما وقع من تخريبه )) " .
الآيات :
قال تعالى ( وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَــابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمْ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْ�
ساحة النقاش