الوراثة والمناعة فى الدواجن

إعداد و ترجمة:

أ.د/ احمد جلال السيد

 زراعة عين شمس

يعتير التطور البيولوجى او الانتخاب الطبيعى عملية بطيئة لانتخاب الطيور للتاقلم تحت الظروف البيئية الخاصة. وقد قام علماء التربية باجراء العديد من التجارب مثل الانتخاب الوراثى للقطعان وذلك لمواجهة احتياجات الانسان المتزايدة من البروتين الحيوانى (لحم-بيض). وتعتبر تربية الحيوان والدواجن من العلوم القديمة التى لها تاريخ طويل قد يرجع الى الف سنة. وفى الحقيقة فان العالم داروين Darwin فى عام 1859 فى كتابة اصل الانواع The Origin of Species فى الباب تحت عنوان التباين تحت الا ستئناس Variation Under Domestication قد اشار الى امكانية انتخاب الافراد على اساس الشكل الظاهرى. ويعتبر الهدف الاساسى للمربى هو تربية عشائر ذات كفاءة انتاجية واقتصادية عالية مثل تحقيق معدلات انتاج عالية من اقل كمية علف ممكنة (كفاءة التحويل الغذائى)، وقد تحقق ذلك عن طريق التغير فى التكرار الجينى gene frequencies من خلال اجراء التزاوجات المختلفة والانتخاب.

استخدمت نظرية وراثة العشائر population genetic theory والتقنيات البيولوجية فى تحسين الكفاءة الانتاجية والتناسلية للقطعان. ومن خلال التجارب المختلفة توصل العلماء الى ان العوامل الوراثية المتحكمة فى انتاج اللحم تختلف عن الاخرى المتحكمة فى انتاج البيض، وبناء علية تم انتاج قطعان متخصصة فى انتاج اللحم broiler واخرى فى انتاج البيض laying من الاصول الداجنة. وفى احدى الدراسات شاهد Havenstein واخرون فى 1994 ومن خلال التجارب التى اجريت لمدة 30 سنة، ان القطعان الحديثة لسلالات انتاج اللحم والفاقسة فى 1991 حققت معدلات اوزان اعلى بمقدار 3.9 مرة عند عمر 56 يوم مقارنة بخط الكنترول المربى بصورة عشوائية. وخلال الفترة من 1976 الى 1991 انخفض العمر التسويقى لدجاج التسمين بمقدار يوم/سنة. وتشير التقنيات الحديثة مثل التغذية والرعاية الجيدة الى ان الانتخاب الوراثى قد حقق 85-90% من الزيادة الوزنية فى دجاجات التسمين. كما شوهد وجود تحسن معنوى فى الوزن الحى عند الذبح، معدل التحويل الغذائى، معدل الزيادة الوزنية خلال الفترة من 1960 وحتى 1996 فى دجاج التسمين والرومى (Rauw واخرون 1998). فى احدى الدراسات (Lamont واخرون 1987) شوهد ان major histocompatibility B complex هو المسئول عن المقاومة ضد مرض كوليرا الدواجن fowl cholera وذلك عقب التعرض للأصابه Pasteurella multocida  كما شوهد قى دراسه أخرى (Lakshman واخرون 1997) أن MHC II يرتبط مع الصفات الانتاجية وكذلك المقاومة ضد مرض الماريك.

اشارت العديد من الدراسات ان معدلات التحسين العاليه فى الصفات الكمية للقطعان التجارية أدى الى حدوث مشاكل عديدة منها على سبيل المثال أنخفاض المقدرة المناعية لتلك القطعان، فمن المعروف ان اللانتخاب الطبيعى يحافظ على التوازن الوراثى genetic homeostasis داخل القطعان، وعلى العكس من ذلك فأن الانتخاب الصناعى يؤدى الى حدوث خلل فى هذا التوازن. فى احدى الدراسات التى تناولت كمية العلف المتبقى RFC وهو المحتوى الكلى للمصادر الغذائية المتاحة للوظائف الحيوية مثل الحفظ body maintenance والنمو growth والتناسل بالأضافة الى رد الفعل للأمراض reaction to pathogens ورد الفعل للاجهاد reaction to stress فى الاعمار والبيئات المختلفة، أشارت هذه الدراسة ان الانتخاب الصناعى لصفة معينة يؤدى الى حدوث استنزاف للمصادر الغذائية الموجهه للجهاز المناعى مما يؤدى الى زيادة الحساسية  ضد الا مراض والاجهاد وفشل فى التناسل (انخفاض الخصوبة) وكذلك التاثير على رفاهية الحيوانات animal welfare.

تلخيص لنتائج بعض الابحاث التى تتعلق بتاثير التحسين الوراثى للصفات الكمية على القدرة المناعية للطيور:

·        يوجد ارتباط سالب بين معدلات النمو العالية والمقاومة ضد الامراض.

·        سجلت الدجاجات المنتخبة لمعدلات نمو عالية معدلات اصابة بمرض الماريك اعلى من الدجاجات ذات معدلات الاوزان المنخفضة.

·        حققت دجاجات اللجهورن المنتخبة للاستجابة المنخفضة delayed type hypersensitivity wattle reaction عند الحقن بمادة clamett-guerin bacillus معدلات اوزان اعلى من نظيرتها المنتخبة للاستجابة العالية DWR. كما سجلت الخطوط الاعلى معدلات نفوق عالية عند الاصابة بمرض الماريك. حيث تشير النتائج ان DWR لا ترتبط بالاستجابة المناعية الخلوية ضد فيروس الماريك.

·        تظهر دجاجات اللجهورن الابيض كفاءة وراثية عالية فى انتاج المكروفاج وذلك مقارنة بدجاجات التسمين.

·        تؤثر الخلفية الوراثية genetic background للقطعان على الاستجابة للاصابة بمرض كوليرا الدواجن وكذلك erysipelas. حيث سجلت الخطوط المنتخبة لانتاج بيض عالى معدلات نفوق عالية من مرض الكوليرا مقارنة بخط الكنترول المربى تربية عشوائية. وعلى الجانب الاخر سجلت الخطوط المنتخبة لوزن جسم عالى معدلات نفوق من erysipelas عند مقارنتها مع الخطوط المنتخبة لانتاج البيض والكنترول.

·        سجلت سلالة الرومى المنتخبة لمعدلات نمو عالية استجابة مناعية خلوية (حقن PHA-P فى اغشية القدم) وعدد الخلايا الليمفاوية، وزن نسبى للطحال اقل معنويا مقارنة بالكنترول (الخط المربى تربية عشوائية). كما سجلت سلالة الرومى المنتخبة لانتاج بيض عالى وزن نسبى للطحال وغدة البرسا اقل معنويا من الكنترول.

·        تقل استجابة خط الرومى المنتخب لوزن الجسم العالى للمقاومة ضد مرض النيوكاسل وكذلك pastuerella multocida مقارنة بخط الكنترول. كما كانت معدلات النفوق المصاحبة للاصابة بمرض النيوكاسل فى خط الرومى المنتخب لزيادة وزن الجسم عند 16 اسبوع اعلى من الخطوط المنتخبة لانتاج البيض وكذلك الكنترول.

تسبب الاصابة بالامراض خسائر اقتصادية كبيرة فى مشاريع انتاج الدواجن التجارية، من هذا المنطلق اصبح الانتخاب للاستجابة المناعية من الاهداف الرئيسية فى برامج تربية الدواجن وذلك لرفع المناعة الطبيعية للقطعان الداجنة. ومن المعروف ان الحهاز المناعى immune system فى الدواجن يتكون من ثلاثة اذرع هى: الاجسام المناعية humoral immune response (antibody production) والمناعة الخلوية cellular immunity بالاضافة الى المكروفاج macrophages. وقد اوضحت العديد من الدراسات ان هذه المكونات يتم التحكم فيها وراثيا genetic control وبالتالى من الممكن الانتخاب لهذه المكونات، بالاضافة الى ذلك فقد تبين ان التحكم الوراثى لكل مكون مستقل عن الاخر independent genetic control. ومن جهة اخرى فان التكامل بين هذه المكونات يؤدى الى رفع المناعة الطبيعية للطيور، وبالتالى زيادة مقاومتها ضد الاصابة بالامراض. وقد نجحت العديد من الدراسات والتجارب فى الانتخاب لمكونات الجهاز المناعى، على سبيل المثال تم الانتخاب للاجسام المناعة المتكونة ضد كرات دم الغنم الحمراء SRBCs، كما اجريت تجارب للانتخاب ضد مرض السالمونيلا و E.coli والنيوكاسل. كما اوضحت العديد من الدراسات ان المناعة الخلوية cellular immunity يتم التحكم فيها وراثيا وبالتالى من الممكن ادخالها فى برامج الانتخاب. تبدأ الوظائف المناعية للخلايا الملتهمة فى الحال بعد دخول اى مواد غريبة الى الجسم ويلى ذلك دور المناعة الخلوية، وتتاثر خلايا المكروفاج بمجاميع الدم B group. يصاحب الانتخاب لزيادة معدلات الاوزان فى الدجاج بانخفاض مستوى الاجسام المناعية antibody level وعلى العكس من ذلك شوهد تحسن فى المناعة الخلوية.