فليهنأ حسن البنا في مرقده
يقول الإمام الشهيد :
" إذا قيل لكم: إلام تدعون؟ فقولوا: نحن ندعو إلى الإسلام الذي جاء به محمد والحكومة جزء منه، والحرية فريضة من فرائضه.. فإن قيل لكم: هذه سياسة، فقولوا: هذا هو الإسلام، نحن لا نعرف هذه الأقسام!)
ويقول: " بعد هذا التحديد العام لمعنى الإسلام الشامل ولمعنى السياسة المجردة عن الحزبية أستطيع أن أجهر في صراحةٍ بأن المسلم لن يتم إسلامه إلا إذا كان سياسيًّا، بعيد النظر في شئون أمته، مهتمًا بها غيورًا عليها"
ويقول " أعتقد أن أسلافنا- رضوان الله عليهم- ما فهموا للإسلام معنى غير هذا؛ فبه كانوا يحكمون، وله كانوا يجاهدون، وعلى قواعده كانوا يتعاملون، وفي حدوده كانوا يسيرون في كل شأن من شئون الحياة الدنيا العملية قبل شئون الآخرة الروحية، ورحم الله الخليفة الأول إذْ يقول: لو ضاع مني عقال بعيرٍ لوجدته في كتاب الله".
*******************
في البدء حقيق أن نهنئ السيد الدكتور / محمد مرسي بصفته أول رئيس مدني منتخب لجمهورية مصر العربية، الذي أصبح رب الأسرة المصرية جميعها وأصبح المسئول الأول عن شعبها المصري القبطي بمسلميه ومسيحييه.
ولا أعرف - منذ سماعي نتيجة الإعادة ومعايشتي لفرحة المصريين في التحرير – لماذا بدرت إلى ذهني صورة الإمام العبقري حسن البنا؟! وماذا تراه يقول لإخوانه ولنا وللعالم وهو يشاهدنا الآن ؟! لا أدري لماذا تخيلته يبتسم ابتسامته المعهودة الغامضة التي تحمل آلاف المعاني والرؤى والكلمات !
كان حسن البنا -رحمة الله عليه- رجلا متعدد المواهب والقدرات، فهو عالم وداعية، ومصلح، ومجدِّد، وقائد وزعيم، وهو كذلك مُرَبٍّ من الطراز الأول.
كان مربِّيا بحكم الموهبة، وبحكم الدراسة، وبحكم الممارسة، وكانت لديه كل الأدوات التي يفتقر إليها المربِّي الناجح، من البصيرة النَّيِّرة، والقلب الكبير، والعقل المنفتح، واللسان الفصيح، والوجه البشوش، والفِراسة النادرة، إلى جوار العلم الواسع، والخبرة الفنية والاجتماعية.
فلا غرو أن نراه يؤثر بسرعة في كل من صحبه وعايشه، بل في كل من لقيه لقاء عابرا. فتراه يذكر له كلمة معبرة، أو موقفا مؤثرا، أو حكاية لها دلالة. أو نحو ذلك مما يعرفه الكثيرون عنه.
وكان من الجوانب المهمَّة التي عنى بها الإمام الشهيد حسن البنا: الجانب السياسي. ونعني بهذا الجانب ما يتصل بشؤون الحكم، ونظام الدولة، والعلاقة بين الحكومة والشعب، والعلاقة بين الدولة وغيرها من الدول إسلامية وغير إسلامية، والعلاقة بالمستعمر الغاصب، والموقف من الأحزاب والحزبية، ومن الدستور والقانون والشورى والديمقراطية، وغير ذلك من القضايا المتعددة المتنوعة.
وقد جاهد الأستاذ حسن البنا، جهادًا كبيرًا، ليعلِّم المسلمين فكرة (شمول الإسلام)، وبعبارة أخرى: ليُعيد إليهم ما كان مقررًا وثابتًا طوال ثلاثة عشر قرنا، أي قبل دخول الاستعمار، والغزو الفكري إلى ديارهم، وهو: أن الإسلام يشمل الحياة كلها بتشريعه وتوجيهه: رأسيا منذ يولد الإنسان حتى يتوفاه الله. بل من قبل أن يولد، وبعد أن يموت، حيث هناك أحكام شرعية تتعلق بالجنين، وأحكام تتعلق بالإنسان بعد موته.
وأفقيا، حيث يوجِّه الإسلام المسلم في حياته الفردية والأسرية والاجتماعية والسياسية، من أدب الاستنجاء إلى إمامة الحكم، وعلاقات السلم والحرب. وكانت نتيجة هذا الجهاد واضحة، وهي وجود قاعدة ضخمة تؤمن بهذا الشمول وتنادي بالإسلام عقيدة وشريعة، ودينا ودولة، في كل أقطار الإسلام.
والآن - أيها الإمام الشهيد الشاهد - وقد وصل الإخوان المسلمون إلى سدة الحكم .. فلتهنئ نفسك على خلطتك السرية التي فاقت التوقعات ونجحت بنجاح ما وصل إليه أتباعك ، ولتهنئهم – بحق- على إيمانهم الشديد بما جاء في رسائلك من كلمات وعلى صبرهم الدؤوب فيما وصلوا إليه، وابعث لهم برسالة سنضيفها – بكل حب وامتنان - إلى رسائلك عظيمة الأثر تخبرهم فيها :
1- أن يكون محمد مرسي رئيسًا لكل المصريين وليس فقط لمؤيديه.
2- أن يزيلوا مخاوفنا تجاه علاقتهم بالقوات المسلحة المصرية والسلطة القضائية والشرطة المصرية، وأن يتخذوا منهم موقفا متعادلا لا موقفًا انتقاميًا.
3- أن يزيلوا المخاوف والشكوك، وأن يعملوا جاهدين على نشر العدل والمساواة وإعادة توزيع الدخول على المواطنين طبقا للكفاءات وليس على أهوائهم الشخصية.
4- أن يزيلوا مخاوفنا من تنازلهم عن أرض الفيروز ( سيناء ) لليهود والأمريكان لإقامة وطن للفلسطينيين عليها بدلا من الأراضي المقدسة بفلسطين المغتصبة.
5- أن يزيلوا مخاوفنا من إمكانية التنازل عن قناة السويس بحق الانتفاع لدولة قطر.
اللهم وفق عبدك - الذي أجلسته بإرادتك على عرش مصر - محمد مرسي إلى كل ما تحبه وترضاه يارب .. آمين آمين يارب العالمين .
<!--
ساحة النقاش