شخصية الرسول (صلى الله عليه وسلم) في التصوف السني:
إن نظرة أصحاب التصوف السني لشخصية الرسول (صلى الله عليه وسلم) نابعة عن نظرة القرآن والسلف الصالح، فالرسول عندهم بشر يوحى إليه، مجتبى من الله لهذه الرسالة الخاتمة ومبلغ عن ربه.
فهم كانوا حريصين على أن يكون طريقهم مقيدًا بالكتاب والسنة، حيث الميزان الحق فلا إفراط ولا تفريط.
ومستند القوم في علاقتهم بالرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) أمران:
1-حديث القرآن والسنة عن أخلاقه (صلى الله عليه وسلم).
2-القدوة والاتباع كأمر إلهي، فلقد كان القرآن الكريم هو مصدر اعتقادهم في الرسول ورسالته، فهو رسول الله إلى الناس كافة: " قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً"(<!--).
وهو أيضًا الذي يهدى الناس جميعًا إلى الصراط المستقيم: " وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ "([2]).
كما هو المثال والقدوة: " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ "([3]).
وهو كذلك طريق الوصول إلى الله سبحانه: " قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ "([4])([5]).
ومن أهم مظاهر علاقة الصوفية السنيين بشخصية الرسول (صلى الله عليه وسلم):
1- ربطهم الطريق الصوفي باتباع الكتاب والسنة أساسًا وأصولاً لهذا الطريق.
2-أخذهم مستند سلوكهم (المقامات والأحوال) من حياته الشريفة.
3- اختزان القلب لحبهم للرسول وتنفيذ أوامره.
<!--[endif]-->
(5) ينظر السراج الطوسي: اللمع ، ص 130- 140.
((2))
4- ضبط النظرة إلى الشيخ ومهمته في التربية.
ومن خلال ما تقدم في تصور التصوف السني لشخصية الرسول (صلى الله عليه وسلم) نلحظ ما يلي:
أولاً : أنهم لم يُكونوا تصورهم وعلاقتهم بالرسول من أي مصدر سوى القرآن والسنة، ولذا جاء تصورهم في نطاق الشرع.
ثانيًا : ترتب على ما سبق أن علاقة الصوفية الصالحين به (صلى الله عليه وسلم) كانت علاقة حب واتباع، وفي هذه الحدود أفادوا، وعند حدود الشرع وقفوا، فلم يقولوا فيه بقول النصارى ولا بقول اليهود، ولم يغالوا في مقام النبوة التي حباه الله بها.
ثالثًا : أن علاقتهم بالرسول (صلى الله عليه وسلم) قد انعكس أثرها على واقع حياتهم، فهم في مقاماتهم وأحوالهم محاكون لأفعال وأحوال الرسول من جهة، وهم في علاقتهم ببعضهم بعضًا وبالناس متأثرون بأخلاق الرسول من جهة أخرى.
رابعًا : حين أنزلوا هذه العلاقة إلى حيث أهمية الشيخ ومهمته كانوا ملتزمين بما أفادوه من علاقتهم بالرسول (صلى الله عليه وسلم) فلم يقدسوا شيخًا، ولم يدعوا أنه متصرف في الكون([1]).
كانت هذه هي شخصية الرسول (صلى الله عليه وسلم) كما يصورها أصحاب التصوف السني، وهي لا تخرج عن تصور الكتاب الكريم والسنة الشريفة .
<!--[endif]-->
(1) ينظر السراج الطوسي: اللمع، ص 130-144، وقارن د/ حسن الشافعي : في التصوف الإسلامي، ص183-185.
ساحة النقاش