من رويترز إلى الـmbc ، ومن مصر النهاردة إلى 90 دقيقة، فضلا على عشرات الصحف والمواقع الالكترونية .. كان يظن أن تفاصيل قصته، ومهارة يديه والتي يؤدي بها مهنة تكاد تكون مستحيلة لإنسان فقد بصره، ستكون مثار اهتمام من مختلف المسئولين، وسيحظى بمن يقدره أدبيا وماديا ليعيش حياة كريمة، لكن خاب ظنه .. وتقاضى معاشا قدره 160 جنيها!!.
سيد ريان الميكانيكي الكفيف - 26 عاما - متزوج وله ابن يدعى ريان، يستحق التسجيل في موسوعة جينيس للأرقام القياسية، نظرا لقدرته الفائقة على تصليح مختلف موديلات السيارات، فضلا عن أنواعها -الملاكي والنقل والميكروباص-، يرتدي نظارة سوداء تخفي الكثير، دون أن يعرف العديد من زبائنه أن من يصلح سياراتهم كفيفا.
12 ساعة يوميا
يعمل بإتقان أكثر من المبصرين- بحسب تأكيدات صاحب الورشة- ويواصل العمل قرابة الـ 12 ساعة يوميا من أجل توفير حياة كريمة لنجله ريان، الذي كان يتمنى أن يراه، لكن الإهمال الذي ضرب مستشفيات الصحة حال دون ذلك، إذ ظل سيد الذي فقد الإبصار في حادث مأساوي قبل ثماني سنوات إثر سقوط "مسمار" في عينه"، ينزف لساعات داخل مستشفى قصر العيني، دون أن يحظى بتدخل جراحي عاجل، مما فاقم من إصابته حتى تضررت عينه الأخرى وتلاشت قدرتها على الإبصار.
بحسب حديثه لـ"بوابة الوفد" فقد سعد بنجاح الثورة، وأنصت باهتمام لخطاب التنحي وهو يصلح إحدى السيارات، فقد عانى كثيرا لكي يحصل على تذكرة سفر للعلاج في الخارج على نفقة الدولة، كما عانى أكثر لكي يحصل على ترخيص بكشك من محافظة الجيزة، أو معاش كريم من وزارة التضامن، لكنه كما يقول "لست أحمد زكي أو طلعت زكريا أو فنان أو لاعب مشهور حتى يتم علاجي في الخارج".
يتابع: "تعرضت لظلم كبير وإهمال عندما أصيبت عيني وذهبت لمستشفى قصر العيني ومكثت من 12 ظهرا حتى 4 فجرا دون أي رعاية أو تدخل جراحي مما فاقم من حالتي، وحاولت السفر للعلاج لكن لم أجد من يتبرع لي، كما حاولت تلقي العلاج في الخارج على نفقة الدولة فرفضوا وعرضوا تحمل ثلث تكاليف العملية فقط، وعانيت كثيرا لكي أحصل على أوراق الإعفاء من التجنيد رغم فقداني البصر".
بنبرة أسى واستنكار يضيف: " أحمد زكي أتعالج على أحسن مستوى وسافر للخارج وصرفوا عليه الملايين علشان كان هيعملهم فيلم .. هو بني آدم وأنا بني آدم".
تفتيش كفيف
لم يسلم هو الآخر رغم فقدانه البصر من ممارسات أجهزة الأمن، حيث أوقفته قوة من الشرطة ذات مرة لتفتيشه، فرد عليهم بشكل جريء استفزهم، فقال له أحدهم "إحنا حكومة"، فرد عليه "هو أنا شايفك".
ويفسر ريان أسباب الثورة بالقول: "أوضاع البلد مكنتش عجباني ..كانوا كاتمين على نفسنا، ومكنش حد يقدر يتكلم".
لم يخف سيد ريان -الذي يعمل بورشة محمد بتللو لإصلاح السيارات في شارع المجزر الآلي بمنطقة المنيب التابعة للجيزة- رغبته في الهجرة للخارج، فهو يشعر أن أصابعه قد تربحه الكثير، وأنه قد يجد من يقدر مهارته وهو فاقد للبصر، قائلا"مش حاسس إني خدت حقي أدبيا أو ماديا، ولذلك فكرت في الهجرة والعمل بالخارج لكني لم أجد من يساعدني .. في الخارج عندما يجدوا موهبة أو مهارة نادرة يهتمون بها أما عندنا فهذا لا يحدث".
سيد بعد ان فقد بصره لم يجد عونا إلا من صديقه " بتللو" الذي رحب به للعمل بورشته رغم إصابته وأعاد إليه ثقته بنفسه، وخلال أيام قليلة كان الميكانيكي الكفيف قد استعاد مهارته واكتسب ثقة جميع زبائن الورشة.
تحدث عن كواليس برامج التوك شو التي استضافته أكثر من مرة، وكان يظن معها أن طاقة النور ستفتح له، مؤكدا أنه لم يطلب شيئا من أحد، ولن يطلب سوى من الله، لكنه سمع أن مساعدات جاءته بالفعل عبر اتصالات بهذه البرامج والقنوات دون أن يصله شيئا!!!.
يضيف: "مليش طلب عند الحكومة.. نفسي اتسدت منها.. حاولت كثيرا مع محافظة الجيزة لكي أحصل على كشك لكنهم رفضوا وأعطوني معاش 160 جنيها".
وعن مطالبه من رئيس مصر القادم يقول "مش عايز ظلم .. أو حد يضرب مواطن ويلبسه قضية وياكل شقاه.. عايز رئيس ميظلمش الناس، وميسبش البلد لشوية حرامية وطبالين زى أحمد عز".