جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
تحايل الأجانب
لإنهاك خزانة مصر في عهد سعيد
أ.د. السيد محمد الدقن
بمجرد وفاة عباس- الذي خلف محمد علي- بدأ تغلغل النفوذ الأجنبي والقنصلي في مصر؛ وذلك بسبب ضعف الحكومة المصرية في عهد سعيد واسماعيل خلال فترة 18540-1979 ، وأتباع هذين الحاكمين سياسة مكنت للأجانب في البلاد وشجعتهم على التدفق إلى مصر بشكل لم يسق له مثيل، فعندما تولى سعيد تدفق على البلاد عدد كبير من الأجانب من بين صفوفهم عدد غير قليل من المخاطرين والأفاقين الذين أحاطوا بسعيد باشا، يبحثون عن الأرباح الضخمة بأيسر الوسائل المشروعة وغير المشروعة.
وقد أثار هذا التدفق للأجانب على مصر انتباه "ساباتيه" قنصل فرنسا العام في مصر، الذي كتب في تقريره بتاريخ 2 أكتوبر1854، بعد مضي حوالي ثلاثة أشهر فحسب من بداية الحكم الجديد: "أنه لم يكد يذاع نبأ وفاة عباس باشا حتى هطلت على مصر من كافة أنحاء أوربا جموع غزيرة العدد من المغامرين والباحثين عن الذهب، التقوا بالوالي أناء الليل والنهار، وكأن مصر غدت كاليقورنيا جديدة تزخر بمناجم الذهب، وقدمو إليه مشروعات خيالية لا تستقيم مع منطق أو عقل، ثم أبدى القنصل أسفه لأن الوالي ينفق وقته في دراستها مع أولئك الأفاقين"
وفي الحقيقة أن هذه المشروعات الإصلاحية المزعومة لم يوى وسيلة للتحايل على الحكومة ومطالبتها بتعويضات مالية؛ بدعوى أن الحكومة بعد قبولها هذه المشروعات قد تعمدت تعطيلها أو أخطأت في تنفيذها إلى غير ذلك من الدعاوي والتلفيقات، التي كان يساعد هؤلاء المغامرين عليها قناصل دولهم الذين كانوا يتجرون لحسابهم الخاص والذين شاركوهم في هذه التعويضات.
وقد ترتب على تفشي "وباء التعويضات" في محيط الأجانب الذي اعتصر الخزانة المصرية؛ بحيث لم يمض وقت طويل حتى وجد سعيد باشا سيلا من الضايا -التي نظرتها المحاكم القنصلية وأصدرت حكمها فيها لمصلحة الأجانب والقناصل أنفسهم ضد الحكومة المصرية- والتزمت الحكومة بدفع مبالغ باهظة بطريق التهديد خشية القناصل وحكوماتها.
المصدر: أ.د. السيد محمد الدقن، دراسات في تاريخ مصر الحديث والمعاصر(القاهرة: المؤلف،د.ت)
ربي اغفر وارحم عبدك السيد محمد الدقن وزوجته - نسألكم الفاتحة والدعاء وجزاكم الله خيرا ولكم بمثل ما دعوتم
ساحة النقاش