جريدة بصمة أمل ..... رئيس مجلس الإدارة / خالد البري

أخذ المسلمون باقتراح سيدنا سلمان الفارسي، فلم يكونوا يعلمون تلك الاستراتيجية من قبل، حفر الخندق، وكانت فكرة فارسية الأصل، وسيدنا سلمان فارسي، لذلك كانت فكرةً جيدة منه..

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعم المُبدعين، مهما كانوا، لذلك قال له عندما اقترح اقتراحه هذا "سلمانٌ منا أهل البيت". 

قاموا بالحفر، لم تكن أرضُ الحجاز سهلة الحفر، فهي من الصخر، لذلك عانوا في حفرهم..

وحتى يُروحوا عن نفسهم، كانوا يُنشدون في عملهم هذا.. 

روى الشيخان في صحيحهما عن البراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حفر الخندق كان ينشد ويُنشدون معه: 

والله لولا الله ما اهتدينا

ولا تصَدَّقنا ولا صلينا

فأنزلَن سكينة علينا

وثبتِ الأقدامَ إن لاقينا

والمشركون قد بغَوا علينا

إذا أرادوا فتنة أبينا

أبينا أبينا (ويرفع صوته فيها).. 

أبينا يا رسول الله أبينا..

حتى أتموا حفر الخندق..

وعندما جاءت قريش بفرسانها لم يقدروا على اقتحام الخندق لقوة تأمينه الشديدة تلك، فضربوا الحصار على المسلمين، وظل فترة ليست باليسيرة.

ولعل أحدهم قد طفح الكيل به، ولعله آخر من يأتي ذكره على بالك..

أبو جهل!، لديه ابن يُسمى عكرمة، نعم عكرمة بن أبي جهل، الذي ثبَّت أقدام المسلمين في موقف حرج في معركة اليرموك حتى استشهد فيها.

كان يريد إنهاء كل هذا، يريد أن ينتقم لأبيه الذي قُتل في بدر، ظل يحوم حول الخندق وينظر بدقة عيون الصقور، حتى وجد ثغرة في الحصن على حين غفلة من المسلمين، وأخذ رهطًا من جبابرة الكفار واخترق الخندق بالفعل. 

فذهب جزء من المسلمين على رأسهم صنديدُ الأمة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، ووقفوا ليرُّدوا زحف عكرمة ومن معه. 

والتقى الفريقان، فخرج رؤوس الكفر الثقال، عمرو بن ود، وصاح في ساحة المعركة: "هل من منافس؟ هل من مبارز؟ لا يأتيني اليوم كسلانٌ ولا عاجز"..

نعم، لن يأتيك كسلانٌ ولا عاجز يا عمرو، سيأتيكَ جبلٌ يسفك دماءك.. 

خرج سيدنا علي يستأذن رسول الله بمبارزته، فأذن له الحبيب، وتقدم علي والفريقان يترقبان، ثم قال: "يا عمر، إنك كنت عاهدت الله ألا يدعوك رجل من قريش إلى إحدى خلتين إلا أخذتها منه". 

فقال عمرو: "بلى".

فقال سيدنا علي: "فإني أدعوك إلى الله وإلى رسوله وإلى الإسلام"، دعاه للإسلام رحمةً عليه لا خوفًا منه، فأراد لو أنه لا يموت على الشرك، وأن يُعتق من النار. 

فرد عمرو بن ود وأشاح بيده: "لا حاجة لي بذلك". 

القتال إذن.. 

فقال سيدنا علي: "فإني أدعوك إلى النزال". 

فأجاب عمرو: "لمَ يا ابن أخي؟ فوالله ما أحب أن أقتلك". 

فرد عليه سيدنا علي وعيناه ثابتتان كثباتِ الجبال: "لكنني والله أحب أن أقتلك".

فغضب عمرو وارتجل من على فرسه، وأخرج سيفه من غمده، وصاح كل المسلمين والمشكرين بحماسة، ورفع قلبُ الإسلام عليّ بن أبي طالبٍ سيفه، وعم السكوت..

وانخفضت كل الأنفاس، تكادُ تُكتم من التوتر المخيم على الجميع.. 

وعلى حين غرة قعقعت السيوف بأعلى دويٍّ في مسامع الملأ، والقلوب بلغت مبلغ الحناجر من الناظرين، أيهم سينتصر؟ 

من الأقوى منهما؟ حتى رسول الله كان يخشى على عليّ من عمرو..

وجاءت تلك اللحظة، التي فضت التوتر، وقبضت قلوب المشركين، وأسكنت قلوب المؤمنين..

سالَ دمُ عمرو بن ودٍّ يلمع على سيف فارس الإسلام، علي بن أبي طالب..

وسقط غريقًا في دمه المسفوك، وهلَّل المسلمون وكبروا، الله أكبر الله أكبر..

فقد سقط أحد أشد فرسان قريش أمام صنديدِ هذه الأمة، ونظر عكرمة ومن معه بإحباط، بعد أن استطاعوا أن ينفذوا من خندق لم يستطع جيش بأكمله أن يقتحمه، فلاذوا بالفرار هاربين إلى معسكرهم..

أجل، احترسوا كلما اقتربتم من فرسان المسلمين، فهناك دومًا في مواجهتكم صنديدٌ قادم..

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 148 مشاهدة
نشرت فى 18 أغسطس 2019 بواسطة BsmetAmal
BsmetAmal
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

102,669

للإعلان على الموقع


اتصل 01270953222