الإخوة والأخوات أحبابي في الله.. أحمد إليكم الله تبارك وتعالى الذي بنعمته تتم الصالحات، وأصلي وأسلم على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وبعد.. وجب علينا بعد كل حدث أن نتوقف ونتدبر الدروس والعبر.. ونرجو من كل أخ أو أخت أن يستفيد من الأحداث وأن يحفظ دروسها حفظ الأمانات، وليس الحفظ عن ظهر قلب، وأن يضيف إليها ما يرى أنه درس خاص رآه أو سمعه أو مر به من رعاية الله له شخصيًّا أو لمصر أو للجماعة أو لفريق من الفرق السياسية أو الاتجاهات الفكرية، فهو ربنا ورب البشرية ورب كل شيء، والأحداث التي يجريها تربينا جميعًا.
وكمثال بعد انتهاء الجولة الأولى للانتخابات التشريعية المليئة بالأحداث لاحظنا ما يلي:
أولاً: نحمد الله عز وجل على هذه النعمة ويحتاج الحمد والثناء على الله بما هو أهل له أن نترجمه إلى أمرين اثنين:
1- ترجمة الشكر إلى عمل ومزيد من البذل والعطاء {.. لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ..} [إبراهيم7] والعمل على صيانة النعمة وحمايتها من لصوص النعم، وهم كثيرون ومتخصصون في سرقة كل نعمة وهم شياطين الجن والإنس.
2- الله غايتنا تعني أن نيتنا هي إرضاء الله، وهذا يقع بمجرد النية حتى ولو أدركنا الموت، بعدها مباشرة فكيف إذا بذلنا الجهد في بعض الدوائر ولم نحقق نتيجة، فنحن لم نكلف النتائج ونحن على يقين أن الأخوة الذين لم يوفقوا لا يقل أجرهم بأي حال من الأحوال عن بقية إخوانهم، ولعله أكثر ومجالات المساهمة والمشاركة واسعة وكثيرة لخدمة وطننا الحبيب.
ثانيًا: التواضع لله عز وجل حيث إن الإنسان عند نزول النعمة أو الفضل الإلهي عليه إما أن يرى نفسه ولا يرى المنعم {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي .. } [78: القصص] أو يتعالى بالنعمة على خلق الله كبرًا وبطرًا وأشرًا ورياءً وسمعةً، أو يستعملها في معصية الله فيحبط العمل وتزول النعمة والعياذ بالله. (وقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مثقال الذرة من الكبر يحرم من دخول الجنة).
ثالثًا: من لا يشكر الناس لا يشكر الله والاعتراف بالجميل لشعب مصر يحتاج الحفاظ على حقوقه وحقوق ثورته، وعدم التفريط في شيء منها مهما كانت التضحيات فلنحافظ على حرية شعبنا الغالية، والتي دفع فيها أبناؤه وأبناؤنا وإخواننا الأعزاء حياتهم أقساطًا مقدمًا من ثمن سلعة الحرية الغالية.
رابعًا: ليس الذي حدث انتصارًا لأي فصيل سياسي، ولكنه اختيار لكل حزب وكل فصيل أولاه الشعب ثقته بنسبة من النسب مهما قلت فهي جزء من الشعب صاحب القرار والاختيار ونحترم كل ذلك.
خامسًا: التأكيد على القيم والأخلاقيات والمبادئ التى تربينا عليها جميعًا والتي أكد عليها مؤسس الجماعة المرشد حسن البنا رحمه الله (فالله غايتنا)، وكذلك وسائلنا شريفة فلا نغش ولا نغدر ولا نخون ولا نتحايل ولا نزور ولا ندلس فالغاية الشريفة وسائلها شريفة، وإلا فالحساب بين يدي الله عسير على النقير والقطمير، وهذه النسب التي حصل عليها حزب الحرية والعدالة الذي أنشأته جماعتنا المباركة تعني ثقة غالية من شعبنا العزيز تطوق أعناقنا بدين، وأمانات نسأل الله أن يعنينا على الوفاء بحقه علينا.
سادسًا: كل الذين حصلوا على جزء من ثقة الشعب يجب أن يتعاونوا ليكون مجموع أصوات الشعب التي حصلنا عليها هي مجموع إرادة الشعب؛ ولأننا جميعًا حتى من لم يشارك في الانتخابات وحتى من لم يختر أحدًا كلنا أبناء مصر، وهي بلدنا جميعًا والنهوض بها وحمايتها مسئوليتنا جميعًا، نسأل الله أن يعيننا عليها ويحفظ بلادنا من كل مكروه وسوء، ويحقق لنا وبنا كل ما نأمل من خير، ونكون فعلاً كما وصانا الإمام الشهيد (روح جديد يسري في جسد هذه الأمة ليحييها بالقرآن).
سابعًا: يجب على كل الإخوة والأخوات أن يتزاوروا مع الذين وفقوا والذين لم يوفقوا، فهذا أدعى للتعاون والتواصل الدائم مع كل طوائف شعبنا؛ لنزيل مخاوف إخواننا الأقباط التي زرعها النظام البائد عمدًا، وما زال فلوله يحاولونها ليفرق بيننا كي يسود هو، وكذلك الإخوة والأخوات المصريون الذين لم ينتخبونا فقط ليس لكي ينتخبوننا مستقبلاً، ولكن والأهم ما الذي يجعلهم غير راضين عنا؟ وما هو الذي قصرنا به في حقهم؟، وإن أبواب العمل الوطني واسعة والمجالات تتسع للجميع وأن ننظم عملنا بعد إخلاص النيات وتوظيف الطاقات وحسن استغلال الأوقات بمركزية غير مقيدة ولا مركزية غير منفلتة، كما وصانا الأستاذ المرشد الخامس الحاج مصطفى مشهور رحمه الله.
ثامنًا: لا بد أن يتناسب خطابنا الإعلامي والمجتمعي مع مهام المرحلة وضرورة المشاركة مع كل أبناء مصر لعلاج مشكلاتها المزمنة المتراكمة والنهوض بها إلى مكانتها اللائقة بها.
وهناك شرائح كثيرة من المجتمع حرمنا النظام البائد من الحديث معها والاتصال بها أصبح لزامًا علينا الأخذ بأيديهم وإذاقتهم حلاوة حب الوطن والمواطنين، وحب الله رب الخلق رب العالمين، والرحمة والشفقة بالخلق جميعًا؛ كي نكون كما قال لنا رب العزة في حديثه القدسي (فإن تابوا فأنا حبيبهم وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم)، فنكون بحق أحباب الطائعين وأطباء العاصين البعيدين عن الرحمن الرحيم، وكما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم {.. عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ }﴿التوبة١٢٨﴾ بل {.. رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } ﴿الأنبياء١٠٧﴾، أى رحمة لكل الكائنات من إنس وجن وحيوان ونبات بل وجماد.
تاسعًا: التأكيد على أن اللجنة التأسيسية لوضع الدستور لا بد أن تكون ممثلة لكل طوائف وشرائح الشعب المصري، ومعبرة عن كل طموحاته وآماله وكذلك التوافق على التشكيل الوزاري وبهذا يتحقق الانسجام بين مثلث متساو الأضلاع (رئاسة ووزارة وبرلمان)؛ ليتوافق ويتعاون الجميع مع الشعب المصري صاحب الحق الأصيل لخير البلاد والعباد.
عاشرًا: هيا بنا جميعًا مع كل طوائف شعبنا ندفع في عجلة الانتخابات واللجان الشعبية؛ لحمايتها وحماية مؤسسات البلد والممتلكات العامة والخاصة وفي الوقت نفسه دفع عجلة الإنتاج وسلامة وصحة البيئة التي نعيش فيها جميعًا، وعلى الإخوة والأخوات أن يكونوا في الصدارة من هذه المهام الجسيمة التي لا يستطيع أن يتحملها فصيل واحد.
جعلنا الله هداة مهديين لا ضالين ولا مضلين، وجعلنا جميعًا مفاتيح للخير مغاليق للشر، وتقبل الله منا جميعًا صالح الأعمال..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين،
أ. د. محمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين القاهرة في: 15 من المحرم 1433هـ الموافق 10 من ديسمبر 2011م
|
ساحة النقاش