للمرة الثانية يمارس الكيان الصهيوني غطرسته ويسفر عن حقيقته العدوانية التي لا تتغير؛ فبعد جريمته البشعة إزاء أسطول الحرية (1) وقتله تسعة أتراكٍ على السفينة (مرمرة) واقتيادها عنوةً إلى ميناء أسدود؛ الأمر الذي أثار عليه سخطًا شعبيًّا عالميًّا كبيرًا.. إلا أن هذا الكيان المغتصب لم يعبأ بهذا السخط؛ لأنه يضمن التأييد الحكومي الأمريكي والأوروبي الأعمى، بغض النظر عن القانون الدولي وميثاق هيئة الأمم المتحدة والقانون الإنساني، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
واليوم عاد هذا الكيان الظالم إلى عدوان جديد على أسطول الحرية (2)؛ فحرَّض بعض دول أوروبا على عدم السماح له بالإبحار، وللأسف استجاب معظمها له، ودفع عملاءه إلى تخريب بعض السفن وهي راسية في ميناء اليونان، وعندما أفلحت باخرة واحدة (الكرامة) من عشر بواخر في الإفلات من مؤامرة التخريب والحصار، وسارت من فرنسا إلى غزة لكسر الطوق عن الشعب المحاصر منذ خمسة أعوام، مارس الجيش الصهيوني ضدَّها أسلوب القرصنة في المياه الدولية واعتدى عليها وسحبها إلى ميناء أسدود، واعتقل من فيها من الأحرار المتضامنين مع أهل غزة المحاصرين، ثم رحَّلهم بالطائرات إلى خارج البلاد.
وعلى الرغم من بشاعة الجرائم: جريمة القرصنة، وجريمة الحصار، وجريمة انتهاك القانون والحقوق.. فإن الحكومات التزمت الصمت، ولم تكلف نفسها مجرد الاستنكار الإعلامي؛ الأمر الذي يمثل جريمةً كبرى من هذه الحكومات التي كان يجب عليها الانحياز للحق والعدل والسلام، حتى فرنسا التي تحمل الباخرة (الكرامة) علمها، وتضم على سطحها عددًا من مواطنيها لم تغضب هي لكرامتها ولم تعاتب- فقط- صديقتها المدللة الدولة العبرية.
لذلك نطالب فرنسا وكل دول الغرب بأن تعيد حساباتها، وأن تغير سياستها إزاء المنطقة، وخصوصًا أنها تتشكَّل تشكُّلاً جديدًا حرصًا على مصالحها، ومن أجل علاقات عادلة مع أهلها.
وعمومًا فعلينا كعرب ومسلمين أن نلوم أنفسنا قبل أن نلوم الآخرين، فماذا فعلنا لهذه القضية الإسلامية العربية التي تمسُّ الأمن القومي لكل دولة على حدتها.. إنَّ علينا أن ننفض عن أنفسنا سياسة الذل والتبعية التي كان يتبعها النظام البائد، وأن نحمل مسئوليتنا، وأن نتجمع ونتعاون؛ من أجل استعادة الحق، ونصرة المظلوم، وتطهير المقدسات، ونعني بذلك مصر بالدرجة الأولى.
كما يجب علينا أن نسعى لجمع شمل الفلسطينيين وتوحيد كلمتهم وتحقيق المصالحة بينهم، وفتح معبر رفح على الدوام للناس والسلع على السواء، لكسر الحصار وإنقاذ حياة إخواننا في غزة.
كما يجب مخاطبة شعوب العالم وإطلاعها على جرائم الصهاينة؛ حتى يفقدوا التأييد الأعمى الذي يحظون به.
كما يجب الاعتصام بحبل الله واللجوء إليه استمدادًا للتأييد والنصر (إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (محمد: من الآية 7).
الإخوان المسلمون
القاهرة في: 19 من شعبان 1432هـ= الموافق 20 من يوليو 2011م.
ساحة النقاش