- فوجئت باتصال الوزير وكنت متوقعة الترتيب
- ثورة 25 يناير غيرت طموحاتي وأعطتني أملاً
بعد أن وضعت حرب الثانوية العامة رحاها، حصد من جدوا واجتهدوا النجاح والتفوق الذي ثابروا من أجل الوصول إليه لمدة عامين، وفي النهاية توج الله عز وجل هذا المجهود وسهر الليالي بتفوق واحتلال مكانة متقدمة في قائمة شرف الثانوية العامة على مستوى الجمهورية.
في منطقة "حلمية الزيتون" وتحديدًا شارع عين شمس، تقطن إحدى أوائل الثانوية العامة الحاصلة على ترتيب الخامس مكرر "علمي رياضة"، التي لم تتوقع أن يكون وزير التربية والتعليم هو من يبشرها بتفوقها.
مريم صالح عبد الرحيم تعيش في وسط أسرة صغيرة مكونة 5 أفراد ترعى التفوق وتترك الحرية الكاملة لأبنائها؛ لكي يختاروا مستقبلهم بأنفسهم، والد مريم المهندس صالح عبد الرحيم "مهندس وخبير طاقة"، والدتها سهام صبري مهندسة كمبيوتر.
(إخوان أون لاين) زار منزل مريم ليشاركها فرحتها بالتفوق وأجرى معها الحوار التالي: وسط هذه الفرحة اقتربنا من مريم لنتعرف عن قصة نجاحها وسألناها عن شعورها بعد اتصال وزير التربية والتعليم بها مبشرًا بالنتيجة فقالت: "بالرغم من أني كنت متوقعة أن أحصل على ترتيب على مستوى الجمهورية، نظرًا لتفوقي في المرحلة الأولى ومرور الامتحانات هذا العام بسلام؛ إلا أنني فوجئت باتصال الوزير، لأنني لم أكن أصدق أن الوزير سيهتم بأوائل الثانوية العامة ويتصل يبشرهم بالنتيجة بنفسه، وفي نفس الوقت فرحت فرحًا شديد بالاتصال".
حب التفوق
وتروي قصة نجاحها قائلة: "منذ طفولتي وأنا أحب النجاح والتفوق، وحرصت أن أكون الأولى دائمًا على مدرستي من بداية المرحلة الابتدائية وحصلت على المركز الثاني محافظة في الشهادة الإعدادية، أما المرحلة الثانوية لم تختلف كثيرًا على المراحل السابقة التي حرصت فيها على التفوق؛ ولكن الفرق أنها هي التي تحدد المستقبل، وبالتالي تحتاج لتعب وجهد وصبر في نفس الوقت على طول مدة الفصل الدراسي.
وتؤكد أن الثانوية العامة ليست "بعبع" كما يقول البعض، المسألة كلها تحتاج لتنظيم جيد للوقت، وتحديد الأهداف والإمكانيات، بالإضافة إلى وضع جدول يومي للمذاكرة، وبذل كل الجهد من أجل تحصيله كله في هذا اليوم، وفي الشهور الأخيرة قللت من ساعات النوم، وكان متوسط نومي من 3 ساعات إلى 4 ساعات في اليوم وباقي اليوم مقسم بين المذاكرة والدروس الخصوصية، وكان والدي ووالدتي يعملان معسكرات مناوبة ينام أحدهما ويستيقظ الآخر، ليوقظاني في الموعد المحدد.
عوامل التفوق
وحول العوامل المساعدة على التفوق تقول إن المدرسة أكبر عامل على التفوق؛ لكن المشكلة في طلاب الثانوية العامة، أنهم يريدون الحصول كل شيء في نفس الوقت، وبالتالي نلجأ للدروس الخصوصية كوسائل مساعدة للمدرسة؛ لأن بعض المواد العلمية لا يمكن الاعتماد على المدرسة فقط لتحصيلها، مثل الفيزياء والرياضة.
وتؤكد رفضها سهولة الامتحانات هذا العام قائلة: "أعتقد أنه لا يوجد طالب بذل مجهودًا كبيرًا طول العام كله، ويفرح عندما يجد أسئلة امتحان الرياضة أو الفيزياء سهلة وفي مستوى الطالب العادي؛ لأنه من المفترض أن يكون هناك بعض الأسئلة التي تميز الطالب المتفوق".
وترى أنه لا بد من إعادة النظر في طريقة تدريس المناهج التعليمية وخاصة المواد الأدبية؛ لأن طريقة تدريسها تعتمد على الحفظ أكثر من الفهم وخاصة اللغة العربية والإنجليزية التي تفتقد القصة فيها جماليات الكاتب والتذوق باللغة.
وتضيف: "طول فترة العامين وضعت حلمي الكبير وهو أن أحصل على منحة تفوق والتحق بكلية الهندسة بالجامعة الألمانية أمام عيني، لأني أعلم أن التعليم في هذه الجامعة الألمانية تعليم متميز ويعطوا الطلاب أفضل ما لديهم، وسأكمل إن شاء الله درب التفوق والحصول على المراكز في الجامعة".
نجاح الثورة
وحول أحداث ثورة 25 يناير تقول إنها لم تستطع المشاركة في الثورة، بسبب المذاكرة، وخوف والدها عليها؛ ولكنها كانت متابعة جيدة لأحداثها خاصة في الأسبوع الأول، مؤكدةً أنه لو حدث اعتصام جديد ستشارك فيه، لأن الفرد لا بد أن يكون له دور سياسي، خاصة بعدما أصبح ميدان التحرير رمزًا وله مكانته الخاصة، ومن حق أي فرد أن يدافع عن حقه، ولا يصمت عندما يرى خطأً.
وتؤكد أن الثورة غيرت طموحاتها وأعطتها أملاً ودفعة قوية للأمام، بأن غدًا سيكون أفضل كثيرًا من الأمس الخالي من الآمال، ولذا بذلت قصارى جهدها لتتوج نجاح الثورة بتفوقها، الذي أهدته لمصر الحرة، والثانوية العامة كانت البداية لإعطاء مصر حقها وتتعهد بالمساهمة بتخصصها في بناء مصر.
مثلي الأعلى
وبنبرة يملؤها الحنان والامتنان تقول "مثلي الأعلى أبي وأمي، تعلمت منهما الكثير والكثير، فأبي مع كونه متخصصًا في الكمبيوتر والطاقة، إلا أنه مثقف ولديه معرفة وخبرة في كل المجالات وأقسام العلوم المختلفة ودائمًا كان يساعدني في المذاكرة، ودائمًا يشجعني، وأحب في أمي تفوقها وحبها الشديد لعملها وبذلها من أجله، فضلاً عن أنها مهتمة بمذاكرتي.
وفي النهاية سألناها عن أكثر شيء أسعدها، قالت أكثر شيء أسعدني هو قدرتي أن أسعد أبي وأمي وعائلتي كلها، لأني مهما عملت لن أستطيع أن أوفيهم حقهم عليّ، بالإضافة إلى أن الله عز وجل لن يضيع أجر المجتهد، وعلى الرغم من أن كلية الهندسة تأخذ من 93 إلا أني أشعر بالتميز والفخر.
في عيون والديها
وتقول والدة مريم المهندسة سهام صبري: "أحب مريم حبًّا شديدًا، لأنها مثال للطالبة المجتهدة المتميزة المسئولة منذ طفولتها، وتشعر دائمًا بالمسئولية تجاه بيتها ووالديها وأخواتها ومدرستها، وكنت أشجعها بأسلوب خاص، دائمًا فكنت أحضر لمريم هدية عندما تنقص أحيانًا في درجاتها، لأني أعتبرها القدوة لأخوتها، ولم تحملني أي مسئولية في الثانوية العامة، لأنها بذلت ما في وسعها، ومحافظة على دروسها، والصلاة في موعدها، والحمد لله هي تستحق هذا النجاح.
وتكمل: كل فرد في الأسرة يعرف الدور الخاص به، الحمد لله البنات الثلاثة ملتزمات بدروسهن ولا يحتجن لرقيب على المذاكرة، وعندما نعود من عملنا نجد كل شيء على ما يرام.
وتستطرد قائلة: "أنا لا أشجع الدروس الخصوصية، ولكننا اضطررنا لها وخاصة بعد الثورة مع حالة الانفلات الأمني، والترهيب والتخويف من نزول الشارع وانتشار الشائعات، وسمعنا وقتها أن بعض الأتوبيسات خرج عليها بلطجية، فكان أمامنا حل من اثنين إما المدرسة وإما الدروس، فاستعضنا عن المدرسة بالدروس، ومع هذا هناك مواد لم تأخذ مريم فيها دروسًا خصوصية مثل الاقتصاد واللغة الإنجليزية، وكانت المدرسون يبذلون مجهودًا كبيرًا لإيصال المعلومة للطلبة.
وتقول إنها ليست راضية عن نتيجة مريم "أنا أعرف أن ابنتي بذلت جهدًا كبيرًا، ولم أتخيل أن هناك من بذل أكثر من مريم، وهذا بشهادة المدرسين، وكنت متوقعة إن مريم هي الأولى وكنت منتظرة النتيجة إبلاغي أنها الأولى، وأحيانًا كانت تأتي إلي وتقول لي: توقعي المركز الثالث، أقول لها: لا بل الأول.
خبيرة طاقة شمسية
ويقول المهندس صالح عبد الرحيم والد مريم: "أنا بصراحة فرحان جدًّا بالنتيجة التي وصلت إليها مريم، بالرغم من اتفاقي مع والدتها أن مريم تستحق المركز الأول، وهذه الثقة لم تأت من فراغ، إنما جاءت من عدة عوامل أولها خبرة مريم التي لمستها فيها من خلال متابعتي لها أثناء المذاكرة والمناقشة خارج المنهج، فضلاً عن أنها تربط بين ما تدرسه وبين الحياة والمستقبل، وتحب الدراسة الصغيرة.
ويضيف أن تساعده في مشروعات الطاقة، وتمارس عملية الإحداث والحكم للتمرين بشكل عملي، وهذه الأشياء نفتقدها الآن في المناهج المصرية، والشيء الآخر أنها لو جاءت الامتحانات عادلة وتقيس كل المستويات لاستطاعت مريم أن تحقق المركز الأول، لكن الامتحانات كانت سهلة وسطحية كنوع من التهدئة.
ويتابع: مريم لديها الأمل أن تصبح متخصصة بشكل عملي، وأعتقد أن مريم ستكون خبيرة طاقة متجددة، ونتمنى أن تكون هذه البداية لمستقبل باهر، فضلاً عن أنها أخذت روح الثورة، ومن الممكن أن تقدم شيئًا للبلد.
رفيدة الأخت الأصغر لمريم "أولى ثانوي" تحلم بكلية الفنون الجميلة لتنمي موهبة الرسم، بعيدًا عن مجال الأرقام والهندسة، لأنها تشعر أن الفنانين يستطيعون أن يعبروا أكثر عن حضارتهم، تقول: "أنا فخورة جدًّا بأختي، لأنها دائمًا قدوتي ومثلي الأعلى وعملت اللي عليها وأكثر، وبتعلم منها الكثير ولها أسلوب خاص ومريح في شرح المعلومة للغير وإيصالها بسهولة".
|
ساحة النقاش