غويانا الفرنسية (بالفرنسية: Guyane française)، المعروفة رسميًا باسم غويان (بالفرنسية: Guyane) هي أحد أقاليم ما وراء البحار الفرنسية، تقع على الساحل الشمالي لأمريكا الجنوبية[ ولها حدود مع دولتي البرازيل وسورينام. تعتبر غويانا الفرنسية، كما باقي أقاليم ما وراء البحار، إحدىأقاليم فرنسا المئة، وعملتها اليورو.
تبلغ مساحة غويانا الفرنسية حوالي 83,534 كيلومترًا مربعًا، وهي قليلة السكان، حيث يعيش أقل من 3 أشخاص في كل كيلومتر مربع. يقطن حوالي نصف السكان، الذين وصل عددهم لحوالي 229,000 نسمة في سنة 2009، يقطنون الضواحي المحيطة بمنطقة المدينة الرئيسية، كايين.
تمت إضافة صفة الفرنسية لهذه المنطقة خلال العصر الاستعماري، أي في الفترة حيث كانت توجد ثلاث مستعمرات تحمل ذات الاسم: غويانا البريطانية (الآن غويانا)، وغويانا الهولندية (الآن سورينام) وغويانا الفرنسية. وما زال يشار إلى ثلاثتها بوصفها غويانا في الكثير من الأحيان.
يعود تاريخ غويانا الفرنسية المكتوب إلى القرن الخامس عشر عندما راد كريستوفر كولومبوس شواطئها للمرة الأولى، وقد توالى على حكم المنطقة والسيطرة عليها 4 إمبراطوريات أوروبية كبرى هي البرتغال وفرنسا وبريطانيا وهولندا، إلا أن الغلبة في نهاية المطاف كانت لفرنسا التي جعلت من غويانا إقليمًا تابعًا لها فيما بعد.
تتميز غويانا الفرنسية بتنوعها البشري والطبيعي، فقد سكنت المنطقة عبر العصور شعوب مختلفة واختلطت مع بعضها البعض لتُشكل أصل الشعب الغوياني الحالي، فأول من سكنها كان الأمريكيون الأصليون، ثم تلاهم الأوروبيون الذين أحضروا بدورهم الزنوج الأفارقة ليعملوا كعبيد في مزارعهم، وبعد أن حرّمت فرنسا العبودية، تم تحرير هؤلاء ليسكنوا الأدغال الفاصلة بين مناطق السكان الأصليين والأوروبيين، فاختلطوا مع كلاً منهما مع مر السنين. وفي وقت لاحق قدمت غويانا الفرنسية أعداد من الآسيويين من صينيين وهمونغ وهنود شرقيين واستقرت بالعاصمة كايين حيث عمل أغلب أفرادها بالتجارة.
ومما يميز غويانا الفرنسية أيضًا، تنوعها الأحيائي، إذ يُقدر عدد أنواع الثدييات والطيور والحشرات والأسماك فيها بأكثر من ذلك الخاص بفرنسا ذاتها، بل بفرنسا وباقي أقاليم ما وراء البحار التابعة لها، أما الأشجار فهي تفوق كذلك جميع تلك الأقاليم بثرائها، على الرغم من أن تربة غويانا فقيرة بالمغذيات الضرورية لنمو أي غابة، ويُرجح بعض العلماء نمو الأشجار والنباتات بهذه الكثافة إلى بعض الأنشطة الإنسانية الزراعية التي قام بها السكان الأصليين في القدم وأدّت إلى تخصيب مساحات شاسعة من الأراضي.
يعتبر النظام البيئي الغوياني نظامًا هشًا ضعيفًا، ذلك أن الغابات تتعرض لضغط واستهلاك مستمر عن طريق المعدنين والحطابين، ولكن على الرغم من ذلك يقول الخبراء أن الضرر الذي لحق بهذه الأمكنة لا يزال أقل من ذلك الذي لحق بمثيلاتها في البرازيل والدول المجاورة.
الموقع والتضاريس
مناظر طبيعية لغابات ريمير-مونتجولي.
خريطة جغرافية لغويانا الفرنسية.
على الرغم من الصلات الثقافية مع الأقاليم الناطقة بالفرنسية في منطقة الكاريبي، فإن غويانا الفرنسية لا تعتبر جزءًا من هذه المنطقة الجغرافية، لأن البحر الكاريبي يقع في واقع الأمر على بعد عدة مئات من الكيلومترات غربًا إلى ما بعد قوس جزر الأنتيل الصغرى.
تتكون غويانا من منطقتين جغرافيتين رئيسيتين: الشريط الساحلي حيث تعيش غالبية السكان، والغابات المطيرة صعبة الاختراق التي ترتفع شيءًا فشيئًا لتغطي قمم جبال توماك-هوماك المتواضعة الممتدة على طول الحدود البرازيلية.
أعلى قمة في غويانا الفرنسية هي بالفي دولينيني (851 م)،كما توجد قمم أخرى تضم: جبل ماشالو (782 م)، قمة كودرو (711 م)، جبل القديس مارسيل (635 م)، جبل فافارد (200 م)، وجبل ماهوري (156م). تقع جزر الخلاص الثلاثة قبالة سواحل الإقليم، وهي تضم: جزيرة الشيطان وجزر القائد العام المعزولة الممتدة على طول الساحل البرازيلي، والتي تشكل ملجًأ مفضلاً للطيور.
في غويانا عدد من الأنهر الصغيرة، وقد بني على أحدها في شمال البلاد سدًا يُعرف باسم سد الشلال الصغير (بالفرنسية: Barrage de Petit-Saut) فتشكلت بحيرة اصطناعية توفر الطاقة الكهرمائية.
أصبحت غابات الأمازون الواقعة في الجزء النائي من غويانا، إحدى حدائق فرنسا الوطنية التسع اعتبارًا من عام 2007، وتبلغ مساحة حديقة غويانا الأمازونية 33,900 كيلومتر مربع (13,090 ميل مربع) وتقع ضمن بلديات كاموبي، ماريباسولا، بابايشطون، سان إلي وساول
المناخ
مناخ غويانا الفرنسية استوائي مع درجة حرارة ثابتة تقريبًا، يبلغ حدها الأدنى 22 درجة مئوية وحدها الأقصى 36 درجة مئوية. أما الميزة الأساسية فهي الرطوبة النسبية بمعدل نادرًا ما يقل عن 80%. تتراوح نسبة الامطار بين 2500 و 4000 ميليمتر في السنة، ويُلاحظ شحها شيءًا فشيئًا عند الاتجاه غربًا وعلى وجه الخصوص نحو الداخل.
الديانة
يعتنق أغلب سكان غويانا الفرنسية المسيحية دينًا على المذهب الروماني الكاثوليكي، وهناك أقلية من السكان مثل المارون وبعض قبائل السكان الأصليين، الذين حافضوا على دياناتهم الأصلية. أما شعب الهمونغ فهم مسيحيون كاثوليك بأغلبيتهم، نظرًا لتأثير المبشرين عليهم الذين أحضروهم لغويانا الفرنسية
اللغات
اللغة الرسمية في غويانا الفرنسية هي الفرنسية، ولكن هناك العديد من اللغات الأخرى المستعملة، فاللغات الرسمية الإقليمية تشمل: كريول غويانا الفرنسية، ست لغات أمريكية (أراواك، باليكور، اللغة الكاريبية، وايانا، وايامبي، اميريللون)، أربعة لهجات مارونية (ساراماكا، باراماكا، بوني، ندويوكا)، إضافة إلى المونغ.[54] كما يتحدث السكان باستخدام بضعة لغات أخرى تشمل: البرتغالية، الهاكا، الإسبانية والإنكليزية.
البيئة، الحياة البرية، والغابات
نبتة متعرشة فوق غصن نخلة قرب بحيرة في كوروا.
تعتبر هذه المنطقة من بين أكثر مناطق العالم غنى بالالتنوع الأحيائي الحيواني والنباتي.
الوضع القانوني
تعد غابة غويانا إحدى أغنى غابات العالم، وهي غابةً ابتدائية ذات تنوع أحيائي كبير، وتشكل جزءًا من حديقة غويانا الأمازونية والمحميات الطبيعية الست الأخرى، كذلك فقد أوصى كل من الإتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة (IUCN) والاتحاد الأوروبي ببذل جهود خاصة لحماية هذه المنطقة.
أقدمت منظمة بيئة غرونيل على اقتراح مشروع قانون غرونيل II (في المادة 49، لعام 2009) بهدف إنشاء كيان مسؤول عن غويانا لتنفيذ سياسات التعرف والمحافظة على التراث الطبيعي للأمازون في مجالات: الحياة البرية والنباتية، الموائل الأرضية الطبيعية وشبه الطبيعية، النهرية والساحلية وسير النظم البيئية، والمساعدة على تنفيذ السياسات البيئية التي قامت بها الدولة والسلطات المحلية والمؤسسات الخاصة بهما. تنص المادة 64 من مشروع القانون على مخطط جهوي لتوجيه التعدين في غويانا، يعزز التعدين بما يتفق مع متطلبات حماية البيئة.
المبوق رمادي الجناحين: نوع من الطيور يوجد في غويانا الفرنسية.
التربة
من المفارقات أن غابة غويانا المطيرة تزدهر فوق أفقر أنواع التربة في العالم، التي تفتقر لعدد من المغذيات مثل النيتروجين، البوتاسيوم، الفوسفور، والمواد العضوية، ولهذا السبب ولأن هذه المنطقة شكلت مأوى لأنواع مختلفة من الحيوانات خلال فترات الجفاف والعصور الجليدية التي تعرضت لها الأرض، يمكن القول أن هذه الغابة تأوي نظمًا بيئية فريدة تعد من بين الأكثر ثراءً وهشاشةً في العالم: غابات مطيرة ابتدائية طاعنة في القدم، أيكة ساحلية، سافانا، جزر جبلية (جبال جزيرية أو التلال المنعزلة) والعديد من أنواع الأراضي الرطبة.
تعد الحموضة أحد أسباب تواضع تربة غويانا، فهي تجبر المزارعين على إضافة الجير للحقول وممارسة الزراعة التقليدية باستخدام الرماد. تجدر الإشارة إلى أن مواقع للأرض السوداء (تربة صنعية أو ذات منشئ بشري) قد تم اكتشافها في الإقليم خاصة قرب الحدود مع البرازيل مما أطلق عدّة بحوث لاختصاصيين متعددين بهدف معرفة نمط نشوء هذه التربة الأغنى على وجه الكوكب، ومن النظريات التي قيل بها تلك التي تقول بأن وجود الغابات المطيرة ذاتها يرجع إلى أنشطة قام بها البشر في الماضي، ذلك أن تفحيمهم الأراضي أدى إلى تخصيبها وسمح بنمو أنواع مختلفة من الأشجار.
الأنواع النباتية والحيوانية
التابير البرازيلي، أكبر أنواع الثدييات في غويانا الفرنسية.
تم تصنيف 5500 نوع نباتي من بينها أكثر من ألف نوع من الأشجار، بالإضافة إلى 700 نوع من الطيور، 177 نوع من الثدييات، وأكثر من 500 نوع من الأسماك من بينها 45% مستوطنة (أسماك البرك وأسماك الجداول) و 109 نوع من البرمائيات. أما الكائنات الحية الدقيقة فهي أكثر عددًا حتى لا سيما في الشمال، وهي تنافس بتنوعها تنوع منطقة الامازون البرازيلية، وجزر بورنيو وسومطرة. يضم هذا الإقليم الفرنسي وحده ما لا يقل عن 98% من الفقاريات و 96% من النباتات الوعائية في فرنسا.
التهديدات والحماية
تشمل التهديدات التي يتعرض لها النظام البيئي الغوياني: تجزئة المناظر الطبيعية بشبكات الطرق، التي لا تزال منخفضة بالمقارنة مع نظيراتها في غابات دول أمريكا الجنوبية الأخرى؛ تأثيرات سد الشلال الصغير وعمليات استخراج الذهب التقليدي على مستوى مياه الأنهر ودرجة نقاوتها؛ الصيد غير القانوني الميسر بسبب إنشاء العديد من المسارات واستخدام الدراجات الرباعية.
لا يزال استغلال الغابات الغويانية معتدلاً بسبب عدم وجود الطرق من جهة وصعوبة المناخ والتضاريس من جهة أخرى. صدرت لائحة 28 يوليو لسنة 2005 تمديدًا لقانون الغابات الفرنسي بغويانا ولكن مع إدخال تعديلات واستثناءات مهمة عليه في نهج يُراد منه تحقيق التنمية المستدامة، حيث نص على منح امتيازات أو منح من قبل السلطات المحلية للأشخاص الذين كانوا يستمدون رزقهم من الغابة مقابل توقفهم عن القيام بأي نشاط من شأنه الاضرار بها، ذلك أن قطع الأشجار والصيد قد يكون له نتائج خطيرة على النظام البيئي الغوياني الضعيف أساسًا، لأن الوسائل المستخدمة في ذلك تطورت وتفاقم خطرها.
في غويانا الفرنسية حديقة وطنية وست محميات طبيعية تهدف لحماية الموائل والأنواع الفريدة، التي تُشكل نصف التنوع الحيوي الفرنسي، ففي هذا الإقليم وحده الذي تصل مساحته إلى 86504 كيلومتر مربع، يمكن العثور على: 29% من النباتات، 55% من الفقاريات العليا (الثدييات، الطيور، الأسماك...) و 92% من الحشرات الخاصة بفرنسا.
ومن أهم المحميات في غويانا الفرنسية محمية أمانا الطبيعيالواقعة في بلدية أوالا-ياليمابو غربي البلاد، والتي تشكل شواطئها مواقع تعشيش استثنائية للجآت، وهي من بين أهم المواقع في العالم بالنسبة للجأة جلدية الظهر
ساحة النقاش