بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات، عشنا فيها آمال تغيير الوطن للأفضل، وفرح كثير ممن آزر الثورة بهذا التغيير المنشود، أجد نفسي في حاجة إلى وقفة مع النفس للمراجعة وتقييم ما حدث .. خاصة ونحن نعود إلى حكم الدولة بعدما كنا نحلم بأن تحكم الثورة.
كانت هذه السنوات الثلاثة صراعًا بين حكم دولة مبارك الفاسدة وبين حكم الثورة، وانتهى هذا الصراع اليوم بعودة حكم الدولة، في صورة جديدة لم نتبين بعد ملامحها .. وإن كنت ألمح وجوه دولة مبارك تظهر من جديد ويعلو ضجيجها.
في فبراير 2011 كان الأمل أن تتحرك النخبة الفكرية والسياسية التي شاركت في الثورة لتبلور الأهداف التي ثار الشعب لتحقيقها، وتحولها إلى خطط يلتف الجميع حولها للوصول إلى مسار سلمي يؤدي إلى أن تحكم الثورة بمبادئها وأهدافها.
لقد خذلت هذه النخبة الشعب؛ فكانت ردود فعلها دون مستوى توقعات الشعب؛ فكانت أسوأ ما حدث في مصر في السنوات الثلاثة؛ فلم تستطع الاتفاق فيما بينها على تحقيق آمال الجماهير التي وقفت وراءها ودفعتها إلى الصفوف الأمامية.
لم تتفق النخبة السياسية على بلورة أهداف ومسار محدد للثورة يشبه خارطة الطريق. وتشرذمت إلى فرق وأحزاب يلتمس كل منها فوزًا يحققه ليصبح ممثل الثورة.
وخذلت هذه النخبة الشعب مرة أخرى عندما جاءت الانتخابات الرئاسية؛ فلم تتفق على مرشح واحد يمثل الثورة؛ فوجدنا أكثر من مرشح رئاسي يخرج من صفوف النخبة "الثورية": محمد مرسي، حمدين صباحي، عبد المنعم أبو الفتوح، محمد سليم العوا، خالد علي.
واستمر كل فريق يسعى لحصد أكبر نصيب من المكاسب ، وربما رأى كل منهم أنه الأجدر لتمثيل الثورة والعمل على تحقيق أهدافها.
وكانت نتيجةهذا التشرذم تفرق الثوار من حولهم وتفتت القوى الثورية.
كما أدى هذا التشتت إلى يأس عامة الشعب والجماهير الصامتة - والتي ساندت الثورة بصمتها على أمل توفير العيش والعدالة الاجتماعية - هؤلاء الذين ساءت أحوالهم المعيشية، فكان من المنطقي أن ينقلبوا على الثورة والثوار والنخبة الممثلة لها، ولجأت هذه الجماهير إلى العودة إلى أحضان حكم الدولة، حتى وإن كان مستبدًا؛ فهم معذورون وهم يسعون للبحث عن الأمان ولقمة العيش حتى ولو كان هذا على حساب حريتهم.
لقد أضاعت النخبة السياسية مسار الثورة، بل ومنهم من قفز من قارب الثورة ليلوذ بحكم الدولة أملا في وجود حاكم أقل فسادًا وأكثر عدلا وسماحة!
نعم .. أقولها وأنا حزين .. لقد فشلت الثورة .. واستعادت الدولة قوتها .. ومازلنا في انتظار القادم .. والذي سيحدد سلوكه الخطوة التالية في مسار الدولة ومسار الثورة.
ساحة النقاش