كلمة بغيضة إلى النفس تنتشر في مجتمعنا فتقف حجر عثرة أمام التقدم والإخلاص في العمل؛ ففي أوساط العمال والموظفين نجد هذه الكلمة تتردد فتحيل الهمم الفائرة والعزائم المتوثبة إلى همم خائرة وعزائم متهالكة.
وقد يرى أحدنا أنه يعمل في مكان لا يحصل منه على ما يكافئ علمه الغزير وإمكانياته الفذة، ويعتقد أن أصحاب العمل أو مديريه لايقدرونه حق قدره؛ فيوسوس له شيطانه أنه لابد أن يقتص منهم فيحرمهم من مواهبه الفائقة، فيتخاذل في عمله بحجة أنه يعمل "على قد فلوسهم"؛ فيحرم نفسه بذلك من مزية لا تضاهيها مزية، وهي حسن الاستفادة بعمره وعلمه، ويحرم نفسه من تحقيق ذاته بعمله وعرقه.
إن العمل هو في المقام الأول تحقيق للذات وبناء للمجتمع؛ بالإضافة إلى أنه وسيلة توفير سبل شريفة للعيش الكريم.
وكلامنا هذا ليس دعوة إلى تضييع حقوق العمال أو تخديرًا لأعصابهم وتثبيطًا لهممهم حتى لا تتعالى أصواتهم مطالبة بالعدالة والعمل على نيل حقوقهم المشروعة، وإنما هدفنا هو دعوة كل عامل إلى أن يجتهد ويتقن عمله قدر استطاعته، ولا يدع المشاكل المحيطة به تنال من عزيمته.
إننا اليوم في حاجة إلى العمل وكثرة الإنتاج لنلحق بركب الحضارة الذي فاتنا وخطا خطوات عملاقة، بينما مازلنا نلهث لنجاري دول العالم المتقدم؛ الذين أحسنوا الاستفادة مما أنجزه أجدادنا من علماء العرب والمسلمين في القرون الوسطى؛ هؤلاء الأجداد الذين لم يتوانوا في الاجتهاد والعمل؛ فأبدعوا وابتكروا وأنجزوا الكثير، وأرهف الغرب - في عصور ظلامه - السمع إلى حديثهم فاستفاد منه خير استفادة، وانطلق إلى نهضته العملاقة.
كان أجدادنا يعملون ويبدعون وشعارهم: سأعمل على قدر جهدي. ولم نسمع واحدًا منهم يقول : "سأعمل على قد فلوسهم".
إننا في حاجة ماسة إلى إلغاء هذه الكلمة من قاموسنا، وإلى رفع شعار الأجداد: سأعمل على قدر جهدي!
المصدر: أشرف عبد الرءوف قدح - مقال كتبته في أغسطس 1997 لجريدة "العرب اليوم"
نشرت فى 1 يونيو 2014
بواسطة AshrafQadah
أشرف قدح
كاتب أرجو أن أنفع الناس وأن أرى مصر في طليعة الأمم. »
أقسام الموقع
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
216,973
ساحة النقاش