لا يمر يوم من أيامنا إلا ونسمع هذه الكلمة تلوكها الألسنة ليل نهار، وفي كل مناسبة، أو حتى بدون مناسبة.
وكم توقفت مع نفسي أفكر في معنى هذه المقولة وأمثالها من الكلمات الشائعة في قاموسنا اليومي .. وأتأمل الأثر السلبي الذي تتركه في نفس سامعها!!
"كبر دماغك" كلمة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب؛ أحيانا كنت أجدني أردد: من منا لايحب أن يكون كبير الدماغ؛ فيكون رأسه حاويًا للعلم والمعرفة، محيطًا بأبواب الأدب وفنون الحكمة؟!!
كلنا يريد أن يكون ذلك الشخص "كبير الدماغ"، ويحب أن يكبر دماغه بالعلم والمعرفة والأدب والحكمة.
ولكن ليت الأمر اقتصر على هذا التفسير الإيجابي لهذه المقولة؛ فلقد أصبح المعنى السلبي هو أول ما يتبادر إلى الذهن حين تتردد؛ فما إن يهمس أحدهم بهذه الكلمة إلا وترى أثرها على سامعها فيتصرف وكأن باب اللامبالاة قد انفتح أمامه على مصراعيه، فتراه يفتر عن أداء ما كان قد شرع في أدائه من عمل إيجابي!!
إن هذه المقولة بمعناها السلبي تمثل دعوة سحرية لكي نخلع رداء الجدية ونرتدي ثوب الإهمال والكسل.
إننا اليوم أحوج ما نكون إلى أن نكبر أدمغتنا - بالمعنى الإيجابي للمقولة - لا سيما في هذه الفترة التي تخرج علينا فيه آلاف الاختراعات والابتكارات من الغرب والشرق بين عشية وضحاها .. بينما نقف نحن مكتوفي الأيدي.
لقد أدى موقف المتفرج الذي يسود في أمتنا إلى هجرة آلاف الكفاءات المتميزة في الطب والعلوم والتكنولوجيا إلى الغرب، الذي اتخذوه قبلتهم بعد أن أثبتنا لهم بسلبيتنا أن لا كرامة لهم في أوطانهم؛ فذهبوا إلى حيث الإمكانات المتاحة والمناخ الملائم للإبداع والابتكار.
علينا أن نمحو من قاموسنا اليومي كل ما يثبط هممنا ويشيع روح اليأس واللامبالاة في مجتمعنا، ويسري فيه سريان النار في الهشيم.
علينا أن نكبر دماغنا بالعلم ونفتح عيوننا على المستقبل، بدلا من أن ندفن رءوسنا في الرمال ونكبر دماغنا باللامبالاة!!
ساحة النقاش