في إطار احتفال جامعة القاهرة بمئويتها، نظمت كلية الإعلام مؤتمرها الدولي الثالث عشر، في الفترة من (8 مايو حتى 10 مايو 2007) برعاية السيد عمرو موسى أمين عام جامعة الدول العربية، والدكتور علي عبد الرحمن يوسف رئيس جامعة القاهرة، وبرئاسة الدكتورة ماجي الحلواني عميدة الكلية، وانعقد المؤتمر تحت عنوان "الإعلام والبناء الثقافي والاجتماعي للمواطن العربي"، وحضره وشارك فيه عشرات الباحثين والأكاديميين من عدد من الدول العربية.

الإعلام.. ضرورة

"الإعلام لم يعد ترفا أو شيئا كماليا بل أصبح واقعا وضرورة لا يمكن للناس أن تستغنى عنه".. بهذه الكلمات أكد الدكتور "حامد طاهر" نائب رئيس جامعة القاهرة على أهمية الإعلام في وقتنا الحاضر، وذلك في جلسة "الإعلام وبناء العقل العربي"، وتساءل: هل استفادت المجتمعات العربية من الإعلام المعاصر؟ وأشار إلى أنه غلب على إعلام الإعلام العربي إستراتيجية الترف والتسلية، ولم يتطور بنفس تطور الإعلام الغربي.

ورأى أنه لكي يسهم الإعلام العربي في بناء وحماية العقل العربي فلا بد من الجمع بين الأصالة والمعاصرة، معتبرا أن حدوث التوازن بينهما سيحرس العقل العربي ويحميه.

ودعا "طاهر" إلى ضرورة أن يكون الإعلام باللغة العربية وأن يجتنب العامية لأنها صعبة الكتابة والنطق، كما دعا إلى تسجيل الانكسارات والهزائم وتقديمها من خلال الإعلام حتى يتعلم النشء الخبرات والتجارب.

أما الدكتور أحمد يوسف -عميد معهد الدراسات العربية والسياسية- فأكد على تراجع دور الأسرة والمدرسة والجامعة وتقدم الدور الإعلامي؛ وبخاصة المرئي، في ظل نسبة أمية عالية عربيا، وهو ما يشكل خطورة على الهوية العربية والإسلامية في وقت يتم فيه تطويع الهويات تبعًا للهوية الغربية.

وأشار -أيضا- إلى أن هناك تقدما للإعلام وتراجعا المؤسسات التي من شأنها العمل على حماية العقل العربي. وتساءل: هل يستطيع الإعلام أن يضطلع بهذه المسؤولية فائقة الأهمية؟

وانطلق من التساؤل ليعدد بعض العوائق أمام تحمل الإعلام لمسؤولياته، ومنها:

- القيود السياسية التي يعاني منها الإعلام الرسمي.

- تركيز الإعلام الخاص على الربح، وهو ما أفسد الذوق والعقل.

- معضلة الإنترنت، حيث ظهرت بعض المواقع التي تروج للاحتقان الديني، والهجوم على الأديان.

-  الاختراق الأجنبي، والمتمثل في بعض الفضائيات الناطقة بالعربية، والتي باتت تلعب دورًا سلبيًا في بناء العقل العربي.

ورأى "أحمد يوسف" أن الحل يكمن في بلورة إعلام صحي يؤكد على الهوية والجدية. لأن أي عمل إعلامي جاد يقبل عليه الجمهور العادي وليس المثقف، داعيا الإعلام لأن يلعب دورًا فعالاً في إعطاء القدوة، مؤكدا أن بناء إعلام سليم لن يوجد في ظل غياب الديمقراطية.

الدكتور مسعد عويس -نقيب المهن الرياضية- تحدث عن دور الإعلام الرياضي الذي يأخذ مساحة كبيرة في الإعلام المقروء والمسموع، مطالبًا بنشر الثقافة الرياضية وغرس المعلومات لتترجم إلى سلوكيات يومية، موضحًا أنه ضد مقولة "العقل السليم في الجسم السليم"، لأن ذلك يخرج فئات المعاقين من العقل السليم!.

الدكتور علي عجوة -عميد كلية الإعلام السابق- تحدث في ورقته حول "الإعلام خريطة العقل العربي" مستعرضا كيفية تعامل الإعلام مع تشكيلات الجماهير العربية السياسية والثقافية، مشيرا إلى أن بعض وسائل الإعلام تلعب دورا تشويهيا للعقل العربي.

الإعلام أزمته مركبة

وجاءت كلمة الدكتورة عواطف عبد الرحمن -الأستاذة بكلية الإعلام- أكثر جرأة وكشفًا عن الجراح، فتساءلت: هل يقوم الإعلام فعلا بدور في تشكيل الفكر العربي؟ وهل هذا الدور إيجابي أم سلبي؟ وأشارت إلى أن الإعلام في ذيل المؤسسات التي تؤثر في العقل والفكر العربي، بعد الأسرة والتعليم والنادي والمسجد والسياسة، فيأتي الإعلام تتويجًا لجميع الأدوار السابقة.

وأوضحت "عواطف" أن الأسرة تهاونت في وظائفها وسلمت أفرادها إلى التليفزيون والإنترنت، بينما تعاني المؤسسةُ التعليمية الاختراقَ على كل المستويات، ولا تزال قائمة على نظام التلقين، وأما عن المؤسسة السياسية فتخضع لوضع استبدادي مع تعددية شكلية، أما المؤسسة الثقافية فالتحقت بالسلطة السياسية، في حين أن المؤسسة الدينية أصبحت رسمية وتابعة للسلطة السياسية.

أما المؤسسة الإعلامية فهي تعاني أزمة مركبة على ثلاثة مستويات: أكاديمي ومهني وعلى مستوى الجمهور؛ فالمؤسسة الأكاديمية قائمة على التلقين والنقل والاقتباس والمحاكاة للدراسات الغربية، ولا تقوم بأية دراسات جادة تجيب عن الأسئلة الجوهرية التي يطرحها الواقع العربي، وفيها تهميش وغياب للرؤية النقدية، وتهميش للأفراد الجادين.

وعلى المستوى المهني فالإعلام العربي يعاني ضغوط الحكومات، وهناك عداء تاريخي بين الحكومات وبين الصحفيين والإعلاميين.

وأشارت إلى أن المؤسسات الإعلامية كل قياداتها معينة وتغيب فيها الديمقراطية، والحكومة تحتكر مصادر المعلومات، وتحتكر تراخيص الإصدار، وتحتكر التشريعات والقوانين السالبة للحريات، وهنا تبرز مشكلة الإعلاميين العرب، فهم يعانون ضغوط الحكومات، وابتزاز وإغراء أصحاب المال والثروة. والنقابة التي يجب أن تحمي الصحفيين تم تقليص دورها بإنشاء المجلس الأعلى للصحافة، وعن طريق وجود وزارة للإعلام.

أما الجمهور العربي فهو مهمش، إذْ لا تجد مؤسسة إعلامية عربية واحدة تخصص جزءًا في المليون لدراسة احتياجات الجمهور، بل تنظر إليه بنظرة استعلائية.

وتعجبت من أن الحكومة تخلت عن وظائفها وأدوارها في التعليم والصحة لكنها لم ترفع قبضتها عن الإعلام والصحافة!!.

وختمت كلمتها بسؤال حاد هو: هل الإعلام -الملحق بالسلطة وأباطرة السوق والتابع للإعلام الغربي- قادر بالفعل على بناء وتشكيل العقل العربي؟!.

أما المذيع محمود سلطان، فتناول في كلمته عدة نقاط أبرزها:
أن الضعف المشاهَد في الإعلام العربي هو جزء من الضعف العام الشامل.
أن النضال من أجل بناء عقل عربي سليم لا يمكن أن يُلقى على عاتق الإعلام وحده، بل لا بد من النضال من أجل بناء أسرة قوية، ومدرسة نموذجية، ومجتمع حُرّ متماسك، في ظل دولة ديمقراطية.

الإعلام والحوار

تناولت الدكتورة ثريا البدوي -مدرسة العلاقات العامة والإعلان- موضوع "الإعلام وحوار الثقافات في مصر"، وخرجت من دراستها إلى أن الأداء الإعلامي المرتبط بالأحداث التي تمس الحوار مع الآخر -الداخلي أو الإقليمي أو الدولي- لا يفعل الحوار بين الثقافات في المجتمع المصري، إذ يرتبط بالتوجهات الأيديولوجية للمفكرين والمثقفين، وكذلك بالصورة المختزنة لديهم عن الآخر.

وعرضت "ثريا" تجربة تعامل الإعلام الحكومي المصري مع جماعة الإخوان المسلمين في أحداث "طلبة الأزهر" وبعض القضايا الإقليمية والدولية مثل الصراع السياسي في لبنان بين حكومة السنيورة وحزب الله، وقضية إعدام الرئيس العراقي صدام حسين، وقارنت أداء الإعلام الحكومي بالإعلام الخاص الذي دعا إلى الحوار المحلي والإقليمي، وإلى التفاهم والتقارب الخارجي، بعيدًا عن فكرة الحوار أو الصدام، أما الإعلام الحزبي فوقف في منطقة وسط بين الإعلام الحكومي والخاص.

الدكتور حسين أبو شنب -من كلية الإعلام جامعة فلسطين- تحدث عن دور الإعلام في تعزيز السلم الأهلي في المجتمع الفلسطيني، من خلال دراسة ميدانية على عينة من مجتمع النخبة الفلسطينية في المجالات المختلفة حول أهم معوقات السلم الأهلي.

واقترح "أبو شنب" عدة أدوات لتفعيل دور الإعلام في تعزيز السلم الأهلي، منها: إنشاء إدارة للتخطيط الإعلامي، وتشكيل مجلس أعلى للإعلام.

الإعلام والصحة

أما الدكتور عثمان العربي -المدرس بقسم الإعلام بكلية الآداب، جامعة الملك سعود- فكانت ورقته بعنوان "استخدام الشباب السعودي لوسائل الإعلام، والوعي الصحي عن البدانة والتغذية والرياضة- دراسة مسحية في مدينة الرياض".

وتوصلت الدراسة إلى أن أهم الوسائل الإعلامية التي يستخدمها الشباب السعودي مصدرًا للثقافة والمعلومات الصحية هو التليفزيون ثم الصحف اليومية ثم الإنترنت.

وأوضحت الدارسة أن الإناث يستخدمون البرامج الصحية التلفزيونية والإذاعية أكثر من الذكور، وأن المستويات التعليمية العليا تستخدم البرامج والصفحات الصحية أكثر من المستويات الأدنى، وفيما يتعلق بأنواع البرامج التي يتابعها الشباب للحصول على المعلومات الصحية توصلت الدراسة إلى أنهم يتابعون أولا برامج الشباب والرياضة ثم المنوعات ثم الإخبارية ثم الحوارية.

أما الدكتور عبد الرحمن محمد الشامي -أستاذ مساعد الاتصال بكلية الإعلام جامعة صنعاء- فعرض بحثه حول "الإعلانات الصحية في التليفزيون اليمني- دراسة تحليلية" فأكد على أهمية دور التليفزيون التنموي بعامة، ورسالته في معالجة المشكلات الصحية التي تعانيها البيئة اليمنية.

الإنترنت

كانت الإنترنت حاضرة بقوة في المؤتمر وتم تخصيص أكثر من ورقة لمناقشة قضاياها ومن ذلك ورقة "استخدامات المراهقين للإنترنت وعلاقتها بالتفاعل الاجتماعي" للدكتور حنفي حيدر -كلية التربية النوعية جامعة المنيا- وورقة "المتغيرات المؤثرة في مستويات التفاعلية في الصحف العربية على الإنترنت.. دراسة تحليلية" للدكتور رفعت البدري -قسم الإعلام بجامعة المنوفية- وورقة "العلاقة بين التعرض لشبكة الإنترنت والاغتراب الثقافي لدى الشباب الجامعي الليبي" للدكتور عبد الهادي النجار  -قسم الإعلام بجامعة المنصورة- وورقة "استخدامات الشباب الجامعي لشبكة الإنترنت وتأثيراتها على الترابط الأسري في المجتمع الليبي" للدكتور طارق الصعيدي والدكتور جمال القويري -جامعة 7 أكتوبر بليبيا- وورقة "الاستخدامات التعليمية للإنترنت وعلاقتها بالإبداع لدى أعضاء هيئة التدريس بالجامعات الليبية" للدكتورة نادية حارث والدكتورة علياء عبد الفتاح -جامعة 7 أكتوبر بليبيا- وورقة "استخدامات الأطفال لمواقع القنوات الفضائية الكارتونية وعلاقتها بشكل مجلاتهم الإلكترونية المفضلة" للدكتورة إيناس محمود.

وأكدت مداخلات بعض الحاضرين من الأساتذة والباحثين أن الأمر الذي لفت أنظارهم في هذا المؤتمر هو سطحية معظم الأبحاث التي تم عرضها، فمعظم النتائج مبنية على نظريات لم تعد قابلة للتطبيق في المجتمعات العربية التي تغيرت بدرجة كبيرة، فضلا عن أنها نظريات غربية أنتجت في مجتمعات معينة بخصوصيات معينة، وتطبيقها في العالم العربي أصبح غير ممكن.

المصدر: www.islamonline.net
Arabmedia

ان تعثرت فلا تقعد... بل قم وانطلق نحو القمه

  • Currently 95/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
27 تصويتات / 916 مشاهدة
نشرت فى 3 ديسمبر 2010 بواسطة Arabmedia

صفاء السيد

Arabmedia
صفاء السيد باحثة ماجستير قسم الإعلام - كلية التربية النوعية - جامعة المنصورة , اهتم بكل ما هو جديد ومثير فى مجال الاعلام عموما والصحافه على وجه الخصوص تم انشاء الموقع 2010/2/11 »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

548,641

لا حياة مع اليأس

عندما تيأس، وتقرر الاستسلام والتوقف، فاعرف أنك على بعد خطوات من هدفك. استرح، فكر في شيء آخر، ثم عاود المحاولة من جديد
د. ابراهيم الفقى