أغلب سلعنا مستوردة ولا نحقق اكتفاءً ذاتياً في أية سلعة

البحرين بعيدة جداً عن ا لمفهوم النسبي للأمن الغذائي في الوضع الحالي

الوسط - جميل المحاري

أكد مختصون أنه لا يمكن لأية في دولة في العالم في الوقت الحاضر أن يكون لديها أمن غذائي مطلق بمعزل عن باقي الدول الأخرى، في حين يمكن لمجموعة من الدول توفير جزء معين أو نسبة كبيرة من السلع الغذائية لأفراد المجتمع لتحقيق ما يعرف بالأمن الغذائي النسبي وقالوا: «عند الحديث عن الأمن الغذائي المطلق الذي يشمل جميع السلع فإن تحقيق ذلك من الصعب جداً على أية دولة في العالم».

وذكروا أن الأمن الغذائي للبحرين يمكن أن يتحقق عن طريق التنسيق مع باقي الدول وخصوصاً الدول العربية وذلك من أجل تحقيق نسبة كبيرة من السلع الغذائية, وقالوا: «نحن بعيدون جداً عن المفهوم النسبي للأمن الغذائي في الوضع الجاري».

وذكروا خلال الندوة التي نظمتها «الوسط» عن الأمن الغذائي في البحرين «إن الثروة السمكية كانت في يوم من الأيام محققة للأمن الغذائي في البحرين وكانت معظم الكميات التي تستهلك في البحرين منتجة محلياً, ولذلك كان هناك أمن غذائي في البحرين فيما يخص الأسماك, ولكن في الفترة الأخيرة ومع ازدياد عدد السكان بنسبة كبيرة بالإضافة إلى انخفاض الإنتاج من المصائد فإن الدور الذي كانت تحققه تراجع عن السابق وأصبح الإنتاج السمكي البحريني لا يزيد على 55 في المئة من مجمل الاستهلاك».

وعن الثروة الزراعية ومدى مساهمتها في الاستهلاك المحلي من الخضراوات واللحوم ذكروا أن البحرين تنتج ما يقارب من الـ 20 في المئة من الاستهلاك المحلي من الخضراوات و60 في المئة من التمور و60 في المئة من الأعلاف الخضراء التي تستخدم لتغذية الثروة الحيوانية كما تنتج 10 في المئة من اللحوم الحمراء و17 في المئة من الاستهلاك الإجمالي من الدواجن و55 في المئة من بيض المائدة الذي كنا ننتج منه في السابق ما يعادل 100 في المئة.

وفيما يلي نص الندوة:

لقد أصبحت مسألة الأمن الغذائي من أهم المسائل التي تسعى جميع الدول في الوقت الجاري لتأمينها وخصوصاً بعد أزمة الغذاء العالمية، هل يمكن الحديث عن أمن غذائي في البحرين أو الدول الخليجية مع العلم بأن أغلب احتياجاتنا الغذائية مستوردة من الخارج؟

- خليل الدرازي: بداية لابد من التطرق إلى مفهوم الأمن الغذائي، فهناك مستويان للأمن الغذائي، المستوى الأول هو المطلق في حين أن المستوى الثاني هو نسبي، والمستوى المطلق هو إنتاج الغذاء في الدولة الواحدة بما يعادل أو يفوق الطلب المحلي ويعرف ذلك أيضاً بالأمن الغذائي الداخلي، أما في حالة الأمن الغذائي النسبي فهو قدرة الدولة أو مجموعة من الدول على توفير المواد الغذائية كلياً أو جزئياً وضمان توفير الحد الأدنى من تلك الاحتياجات بانتظام. وهذا المفهوم يمكن أن ينطبق علينا في البحرين إذ إننا دولة غير منتجة للسلع، ويؤسس الأمن الغذائي على ثلاثة مرتكزات أساسية، هي وفرة السلع الغذائية ووجود السلع الغذائية بشكل دائم في السوق وأن تكون أسعار السلع في تناول المواطنين.

السلع الرئيسية

السؤال هل فكرت الدولة بشكل مسبق بموضوع الأمن الغذائي؟

إن جميع المؤتمرات الدولية والإقليمية أصبحت تتحدث الآن عن الأمن الغذائي ونحن في مملكة البحرين يمكن أن نقول إننا نساهم في توفير جزء من الاحتياجات المحلية من السلع الغذائية في حين أن السلع الرئيسة تؤمن عن طريق الاستيراد، إذ لابد من التوفير الدائم لهذه السلع كالقمح والرز واللحوم بأنواعها الحمراء والبيضاء وهذه تعتبر السلع الأساسية للمواطنين.

عند الحديث عن المؤشرات الزراعية لدينا في البحرين فيمكن القول إننا بلد فقير زراعياً فنحن نعاني من شح في المياه وقلة الأراضي الزراعية.

سندخل في موضوع الزراعة في البحرين لاحقاً ولكن سنتعرف أولاً على رأي جعفر الصائغ في موضوع الأمن الغذائي وهل يمكن الحديث عن إيجاد أمن غذائي في منطقة الخليج؟

- جعفر الصائغ: عندما نرجع للمفهوم العام للأمن الغذائي فإننا نرى أنه لا يمكن في الوقت الحاضر أن يكون هناك أمن غذائي لأية دولة في العالم بمعزل عن باقي الدول الأخرى، وذلك عندما نقصد المفهوم المطلق للأمن الغذائي، ولكن في حالة المفهوم النسبي وهو إمكان مجموعة من الدول توفير جزء معين أو نسبة كبيرة من السلع الغذائية لأفراد المجتمع، ما هو موجود لدينا في البحرين فإن الأمن الغذائي يمكن أن يوجد عن طريق التنسيق مع باقي الدول وخصوصاً الدول العربية وذلك من أجل تحقيق نسبة كبيرة من السلع الغذائية، نحن في الوضع الحالي بعيدون جداً عن المفهوم النسبي للأمن الغذائي.

- إبراهيم عبدالقادر: عند الحديث عن الأمن الغذائي المطلق الذي يشمل جميع السلع فإن تحقيق ذلك من الصعب جداً على أية دولة في العالم ولكن إذا نظرنا إلى سلع معينة كالثروة السمكية مثلاً، فإن هذه الثروة كانت في يوم من الأيام محققة للأمن الغذائي في البحرين وكانت معظم الكميات التي تستهلك في البحرين منتجة محلياً، ولذلك كان هناك أمن غذائي في البحرين فيما يخص الأسماك، ولكن في الفترة الأخيرة ومع ازدياد عدد السكان بنسبة كبيرة بالإضافة إلى انخفاض الإنتاج من المصائد فإن الدور الذي كانت تحققه الثروة السمكية تراجع عن السابق إذ أصبح الإنتاج السمكي البحريني لا يزيد على 55 في المئة من مجمل الاستهلاك.

ولكن هل يوجد تصدير للأسماك البحرينية؟

- عبد القادر: نعم يوجد تصدير لبعض أنواع الأسماك التي تصدر للخارج ولكن ما هو مهم هنا هو ارتفاع الأسعار محلياًَ بالإضافة إلى توفر بعض الأنواع من الأسماك المرغوبة.

عند الحديث عن هل يمكن للثروة السمكية أن تحقق الأمن الغذائي في هذه السلعة على الأقل؟ أرى أنه من الممكن ذلك بشرط أن تحصل هذه الثروة السمكية على العناية المطلوبة، وأن تكون هناك عناية بالمصائد السمكية وأن يصبح الصيد بشكل رشيد وكذلك المحافظة على البيئة وإيقاف التجاوزات الحاصلة على البيئة البحرية، إن تحقق كل ذلك فإن هناك احتمالاً كبيراً أن تعود الثروة السمكية على ما كانت عليه في السابق.

إنني لا أرى عندما نتحدث عن الأمن الغذائي في البحرين أن هناك قطاعات أخرى يمكن أن تساهم في توفير الأمن الغذائي غير قطاع الثروة السمكية.

تجدد الثروة السمكية

ولكن أكثر الصيادين يقولون إن المياه الإقليمية للبحرين أصبحت خالية من الأسماك؟

- عبدالقادر: لقد ذكرت سابقاً أن الثروة السمكية في البحرين تعاني من عدد من المشكلات ولذلك فهي عاجزة حالياً عن توفير الأمن الغذائي بشكل كامل للسكان في البحرين ولكنها كانت في السابق محققة ويمكن تحقيقها في المستقبل، إذ إن الثروة السمكية هي ثروة متجددة تلقائياً وليست ثروة ناضبة كالنفط التي تستهلك ولا يمكن تجديدها، فالثروة السمكية يمكن تجديدها إذا ما وجدت الرعاية المناسبة.

ما هي نسبة مساهمة القطاع الزراعي البحريني في توفير الخضار واللحوم من مجمل الاستهلاك المحلي من هذه السلع؟

- الدرازي: كما أشرت سابقاً إلى أن البحرين تعتبر فقيرة زراعياً ولذلك فإن نسبة توفير المنتجات الزراعية محدودة جداً، إن كل ذلك يعود بالطبع لمحدودية الأراضي الزراعية وتدهور المياه الجوفية كما أن هناك عوامل مناخية أيضاً تحد من القدرة الإنتاجية.

نحن ننتج محلياً ما يقارب الـ 20 في المئة من الاستهلاك المحلي للخضراوات و60 في المئة من التمور و60 في المئة من الأعلاف الخضراء التي تستخدم لتغذية الثروة الحيوانية كما ننتج 10 في المئة من اللحوم الحمراء و17 في المئة من الاستهلاك الإجمالي من الدواجن و55 في المئة من بيض المائدة الذي كنا ننتج منه في السابق ما يعادل 100 في المئة. إن الزحف العمراني على المناطق الزراعية أدى إلى تقلص المساحة الزراعية وبالتالي أدى إلى ضعف الإنتاج، إلا أن هناك اليوم وسائل حديثة يمكن استخدامها في الزراعة كمحفزات لزيادة الإنتاج، وهذا الدور قد قامت به وزارة شئون البلديات والزراعة من خلال إدخال الزراعة المحمية واتباع طرق وأساليب الري الحديث كالتنقيط من أجل زيادة كثافة النبات في وحدة المساحة بالإضافة إلى تجربة زراعة الأصناف عالية الإنتاج في البيوت البلاستيكية من أجل تحقيق عائد إنتاجي أعلى للمزارعين، بالإضافة إلى الدعم الذي توفره الدولة لزيادة الإنتاج الزراعي للمزارعين، وعلى رغم أن هذا الدعم يعتبر محدوداً في الوقت الجاري ويتضمن توافر مواد الري والأغطية البلاستيكية للزراعة المحمية فإنه هناك توجه لزيادة الدعم من خلال زيادة المدخلات الأخرى كالبدور المحسنة والأسمدة من أجل مساعدة المزارعين على زيادة الإنتاج.

هناك عامل سلبي هام في قضية الزراعة في البحرين وهو أن غالبية المزارعين غير ملاك للأراضي التي يزرعونها وأن معظمهم مستأجرون لهذه الأراضي كما أن فترة «الضمان» محدودة ولذلك فإنه من الصعب أن يقوم المزارع بتقبل وإدخال أية تقنية حديثة في الزراعة لأن ذلك يكلفه الكثير. هناك تفكير الآن في استخدام تقنية الزراعة من دون تربة ولكن هذه التقنية مكلفة جداً وتحتاج إلى وقت طويل في حين أن فترة ضمان المزارع تمتد من 3 إلى 5 سنوات ولذلك فإن عدم تملك المزارعين للأراضي الزراعية يعتبر عاملاً محدداً لتطوير الزراعة في البحرين.

هل تقتصر المساعدات التي تقدمها الدولة للمزارعين على النواحي الفنية فقط وتوفير بعض الأدوات أم أن هناك تسهيلات مالية أيضاً كتقديم قروض ميسرة؟

- الدرازي: الدولة توفر أيضاً المبيدات الحشرية والمصحات البيطرية بسعر مدعوم للمزارعين بما يعادل 40 في المئة، كما أنها تقدم قروضاً ميسرة للمزارعين عن طريق بنك البحرين للتنمية وهي قروض طويلة وقصيرة الأجل وغالباً ما يحصل عليها المزارعون الذين لديهم فترة ضمان كافية.

الزراعة والإنتاج الصناعي

على رغم الأزمة العالمية في الغذاء وخصوصاً في منطقة الخليج التي ارتفعت فيها أسعار المواد الغذائية بشكل كبير جداً فإن غالبية المستثمرين مبتعدون عن الاستثمار في القطاعات الإنتاجية وخصوصاً إنتاج الأغذية؟ هل ترى أن ذلك يعد مقبولاً؟

- الصائغ: من الطبيعي أن ما يسير المستثمر هو الأرباح التي تعود عليه بالإضافة إلى الثقة في القطاع أو المجال الذي سيستثمر فيه والنظرة المستقبلية لهذا القطاع، فيمكن الاستثمار في قطاع يدر أرباحاً متواضعة في الوقت الحاضر ولكنه في المستقبل سيدر أرباحاً عالية جداً، إن هذه العوامل هي التي تحدد اتجاه المستثمرين أو اتجاه الاستثمار عموماً، عادة ما تحاول الحكومات التأثير على هذه العوامل لجذب واستقطاب الاستثمارات، فعلى سبيل المثال: إن كانت الحكومة تريد استقطاب الاستثمار في مجال الخدمات فإنها تقوم بتحسين المناخ الاستثماري في هذا القطاع وحتى أنها يمكن أن تذهب إلى مساعدة المستثمرين من ناحية توفير المواد الخام إن كان هذا القطاع حيوياً ومهماً للدولة. ولو رجعنا إلى الإنتاج الغذائي فمن الملاحظ أنه لا توجد رؤية واضحة للقطاع الزراعي من قبل الدولة ويفتقر إلى سياسة واضحة لغرض استقطاب الاستثمار في هذا القطاع، بسبب الاعتقاد بأن استيراد المواد الغذائية يكفي وأن البحرين مهما استثمرت في هذا القطاع فإنها لن تستطيع الوصول إلى الاكتفاء الذاتي.

بسبب زيادة إيرادات النفط وتوفر السيولة فإن الدولة توجهت لتحسين البنية التحتية التي تتعلق بالقطاع العقاري مما أدى إلى زيادة الاستثمارات في هذا القطاع، هناك دور مؤثر جداً على حدة وحجم الاستثمارات في أي قطاع وهو سياسة الدولة ومصروفاتها. عندما يرى المستثمر أن الدولة مهتمة بقطاع معين فإنه يعرف أن هناك تسهيلات للاستثمار في هذا القطاع، وعلى رغم أن الدولة مهتمة بالقطاع الزراعي فإنه لا يوجد ما يوحي بأن هذا القطاع هو قطاع استراتيجي.

أما بالنسبة إلى القطاع الصناعي فإن الدولة وفرت البنية التحتية والمناطق الصناعية ولكن يبقى أن الاهتمام منصب في الوقت الحالي على قطاعي الخدمات والعقارات. كما أن لدينا مشكلة في الخليج هي أن غالبية الاستثمارات تتوجه إلى القطاعات التقليدية وذلك منذ القدم وهي القطاع التجاري والقطاع العقاري ونوعاً ما قطاع الخدمات وذلك بسبب أن الأرباح مضمونة في هذه القطاعات والمخاطرة أما أن تكون منخفضة أو معدومة كما أن فلسفة المستثمرين لدينا هي الأرباح السريعة التي تضمن له العائد السريع في حين أن الاستثمار في القطاع الصناعي يحتاج إلى من يتحمل المخاطرة وهذا هو الفرق بين المستثمر الخليجي والمستثمرين الأجانب فلو نظرنا إلى الخليج مثلاً والجالية الهندية فإننا نلاحظ أن المستثمرين الهنود يتحملون المخاطرة أكثر من المستثمرين الخليجيين.

الصيد الجائر للأسماك

لقد ذكرت عدداً من الشروط الواجب توافرها لإحياء الثروة السمكية في البحرين، هل ترى هناك توجهاً رسمياً لتحقيق هذه الشروط؟

- عبدالقادر: عندما تكون الثروة السمكية في وضع متدهور فلابد أن يشارك الجميع في تصحيح الظروف الحالية، ولكن بسبب تقاطع المصالح، فالصيادون للأسف يسعون للحفاظ على مصلحتهم الخاصة في حين أن الأمر يحتاج إلى صبر من الصيادين، كما أن الأمر يحتاج إلى تفهم من الإدارة المعنية بالثروة السمكية إذ إن هاتين الجهتين يجب أن تعملا في خط واحد ولا يجب أن يكون بينهما نوع من عدم التفاهم فالجميع هدفه ارتفاع حجم الثروة السمكية.

يمكن أن نشير هنا إلى العدد الكبير من سفن صيد الروبيان وقد طرح في وقت سابق حل لهذه المشكلة بأن تقوم الحكومة بشراء نصف عدد الرخص الممنوحة لصيد الروبيان وهي خطوة مهمة جداً إذ يمكن من خلالها تخفيض الصيد الجائر للروبيان كما يمكن خفض كمية الصيد الجانبي وهي الأسماك التي يتم صيدها بجانب الروبيان وهي أسماك لم يحن موسمها بعد كأسماك الكنعد الصغيرة. كذلك نجد أن عدداً كبيراً من سفن صيد الروبيان هي سفن صغيرة تصطاد في المناطق الضحلة التي يوجد فيها الروبيان الصغير.

في حين أن الثروة السمكية ثروة متجددة فإن الثروة الزراعية وفي ظل شح المياه وارتفاع أسعار الأراضي فإن أحداً لن يفكر في زراعة الأراضي الكبيرة في الوقت يمكنه بيعها بأعلى الأسعار، إذ إن الأمر لن يكون مجدياً من الناحية الاقتصادية، كيف يمكن التغلب على هذه المشكلة؟

- الدرازي: طبعاً، إن مشكلة الارتفاع والمضاربات في أسعار الأراضي من المفترض أن تؤثر بشكل سلبي على مساحة الأراضي الزراعية، وهذه ظاهرة خطيرة جداً أدت إلى تصحر مناطق شاسعة، إذ إن الزحف العمراني والطلبات المتزايدة على السكن جعلت ملاك الأراضي يتجهون إلى الاستغناء عن الزراعة ولكن السؤال هو: هل ستبقى البحرين من دون إنتاج زراعي في المستقبل؟، هناك مقومات للإنتاج، فمثلاً أن البحرين حتى الآن صرفت ما يقارب من 45 مليون دينار لتوفير بدائل للمياه الجوفية عن طريق معالجة مياه الصرف الصحي واستخدامها في الري الزراعي بهدف إعادة الوضع على ما كان عليه في السابق، ولكن مع تدهور نوعية المياه وارتفاع نسبة الملوحة فيها إلى الحد التي وصلت فيه إلى 10 الآلاف مليمتر في المليون وهي نسبة تعتبر غير مجدية للإنتاج الزراعي ولكن في ظل هذه الظروف فإن هناك من 2000 إلى 5000 منتج محلي ولو نظرنا إلى موسم الإنتاج الزراعي في البحرين لوجدنا أن هناك منتجاً زراعياً جيداً من محاصيل معينة كالطماطم والخضراوات الثمرية كالخيار والشمام والخضراوات الورقية كالخس والملفوف كلها محاصيل مهمة، إن مساهمتنا اليوم من هذه المحاصيل يوازي 20 في المئة وإدخال التقنية الحديثة والزراعة بدون تربة كلها من العوامل التي ستساهم في زيادة المحصول الزراعي، لقد شرعت الوزارة في الوقت الحالي لوضع استراتيجية للتنمية الزراعية تهدف إلى تطوير الإنتاج الزراعي لتحقيق قدر معقول من الاكتفاء لتوفير الاحتياجات المحلية بالإضافة للمحافظة على البيئة، فالتقديرات العالمية تؤكد أهمية وجود 10 في المئة من المساحة مكسوة بالغطاء النباتي.

هناك جانب آخر في القطاع الزراعي وهو المختص بالثروة الحيوانية وهي أحد مكونات الغذاء وتوفير البروتينات الحيوانية، والمشروعات في هذا الجانب يمكن أن تكون ناجحة لكنها تعتمد على توفير العلف في حين أن أسعار العلف الخام في ارتفاع مستمر ولا يمكن لنا زراعة الذرة أو الشعير لأنها تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه ومساحات من الأراضي، والتفكير الآن هو كيفية فتح آفاق الاستثمار سواء كانت داخلياً أو خارجياً.

العمق العربي للأمن الغذائي

كان هناك حديث عن شراء أو استثمار أراضٍ زراعية في الخارج وخصوصاً في السودان التي تعتبر سلة الغذاء العربية غير المستغلة، هل ترى أن هذا الحديث يجري بشكل جدي أو أنه مجرد تفريغ لشحنة في ظل أزمة ارتفاع الأسعار؟

- الصائغ: إن ذلك يجب أن يكون وسيلة لتوفير الأمن الغذائي في المنطقة سواء كان ذلك في السودان أو دول أخرى، التوجه العالمي الآن حتى في الدول الكبيرة نحو هذا الأسلوب، تملك مناطق زراعية شاسعة في دول أخرى لتوفير السلع الغذائية لمجتمعاتها، إنني أدعوا دول الخليج للاستثمار في السودان التي تتمتع بإمكانيات هائلة في القطاع الزراعي وهي بسبب الفقر وعدم توفر العامل المادي فإن المناطق الزراعية في السودان غير مستغلة تماماً وهي تسع إلى استقطاب الاستثمارات من الدول الخليجية، إن لم تكن هناك نية واضحة فيجب أن تخلق هذه النية ويجب أن تكون هناك جهود من دول المنطقة للاستثمار في هذه الدولة لأنها ستوفر لنا نسبة كبيرة من السلع الغذائية لا يمكن لنا إنتاجها بسبب عدم توفر المناطق الزراعية لدينا. مشكلتنا أننا نتحدث عن الموضوع عندما تبرز المشكلة ويمكن للشخص أن يتشاءم من طرح هذا الموضوع مجدداً في ظل الارتفاع الحاد في الأسعار إذ يمكن أن يكون هذا الحديث لمجرد التهدئة.

الاستزراع السمكي

هناك سؤال يتبادر في ذهن الكثيرين وهو لماذا لا تكون لدينا مزارع للأسماك فإن كنا لا نملك التربة المناسبة والمياه الصالحة للزراعة فإننا نملك البحر والكثير من الفشوت والجزر التي يمكن أن تقام عليها مزارع للأسماك تمد البحرين وبشكل دائم بحاجتها من هذه السلعة على الأقل؟

- عبدالقادر: إذا نظرنا إلى الاستزراع السمكي، ليس في البحرين فقط وإنما على مستوى العالم فسنجد أن الاستزراع السمكي يساهم في الإنتاج السمكي الكلي حتى بلغ في العام 2004 إلى نحو 45 في المئة من إنتاج الأسماك، وهناك بعض الدول التي تعتمد على إنتاج الاستزراع السمكي ولا تعتمد على الصيد، إما بالنسبة إلى البحرين فإن لدينا مشكلات تتعلق بطبيعة المنطقة ومن هذه المشكلات الحرارة المرتفعة والمنخفضة فهناك فترتان هما شهري يوليو/ تموز وأغسطس/ آب وكذلك يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط فخلال هاتين الفترتين ترتفع الحرارة بشكل كبير وتنخفض أيضاً بشكل كبير ولذلك فإن الفترة المتبقية من العام منفصلة بين أربعة شهور وأربعة شهور أخرى وهي فترة غير كافية للحصول على محصول جيد أي أن ما يربى من الأسماك خلال الأربعة الأشهر يكون في حجم جيد، هذه إحدى الأسباب التي لا تشجع على أن يكون في البحرين استزراع سمكي، ولكن الاستزراع السمكي يساهم بعدة طرق في زيادة الإنتاج السمكي، فهناك الاستزراع المباشر وهي تربية الأسماك من اليرقة أو البيضة حتى تصل إلى الحجم المطلوب لتباع في السوق أما الطريقة الأخرى فهي حرث البحر وإنزال «الزريعات» أي الأسماك الصغيرة في مناطق الحضانة وبعدها تبدأ هذه «الزريعات» في الدخول في المصائد الطبيعية ويكون هناك نوع من الإثراء لهذه المصائد. ولكن على رغم أنه لا يمكن إنشاء مزارع للأسماك في البحرين بسبب الظروف المناخية ولكن يمكن اللجوء إلى الأقفاص السمكية العائمة والتي يمكن التحكم فيها على مستوى العمق أي يمكن أن ترفع أو أن تنزل في أعماق البحر بحسب درجة الحرارة كما يمكن نقلها من مكان لآخر، وقد قمنا في مركز البحرين للدراسات والبحوث بدراسة الجدوى الاقتصادية من مثل هذه المشروعات وخصوصاً على سمك السبيطي وكان حجم الاستثمار المطلوب هو 1.1 مليون دينار ووجدنا أن هناك مخاطر كبيرة في هذا المشروع، كما وجدنا أن هناك مشكلات قانونية تتصل بتملك الأراضي البحرية التي سيقام عليها المشروع وكيفية انتقال المشروع من منطقة لأخرى مما يسبب نوعاً من الإرباك، كما وجدنا صعوبات تتصل بالأمن والتلوث.

أما بالنسبة إلى النوع الثاني من الاستزراع وهو حرث البحر عن طريق إطلاق «الزريعات» فإن المركز الوطني للأحياء البحرية قام بإطلاق عدد من «الزريعات» ولكن العدد كان صغيراً ولذلك لم يكن تأثيره واضحاً على مصائد الأسماك.

في فترة السبعينيات كانت هناك تجربة كبيرة لدى مركز الكويت ل لأبحاث العلمية الذي كان يطلق لسنوات طويلة عدة ملايين من «زريعات» الروبيان على أمل أن يكون هناك إثراء للمصائد الطبيعية ولكن بعد هذه السنوات لم يجدوا أن هناك دليلاً يثبت أن ما يطلق من «زريعات» ينعش المصائد الوطنية.

هل يعني ذلك استبعاد خيار الاستزراع السمكي أم أن هناك تقنيات يمكن التغلب من خلالها على المصاعب المناخية والفنية؟

- عبدالقادر: من الممكن الأخذ بخيار الاستزراع كخيار ينمي المصائد الطبيعية إذا تم تخصيص مناطق لا تمس وتوجد عليها حماية سواء من العوامل الإنسانية أو البيئية ويتم إطلاق «زريعات» فيها ويمكن أن تعمل هذه الطريقة.

ولكن لدينا الكثير من الجزر والفشوت التي يمكن إقامة مثل هذه المشروعات عليها؟

- عبدالقادر: ولكن المشكلة هي كيفية حماية هذه المناطق.

إعداد/ أمانى إسماعيل

ArabianGulf

أمانى إسماعيل

ساحة النقاش

ArabianGulf
موقع خاص لأمانى إسماعيل »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

777,150