تشمل القضايا البيئية الحالية الحاجة الى الموازنة بين مكاسب ومخاطر مكافحة التلوث والآثار المترتبة على انتشار التلوث.
أولا - الحاجة الموازنة بين المكاسب والمخاطر :
ادى الاهتمام المتزايد بالبيئة الى الاحتجاج على كثير من المنتجات والممارسات. ولكن بعض المنتجات والعمليات موضع النزاع تقدم فوائد للمجتمعات. فمثلاً تجادل الناس حول الحفاظات ذات الاستعمال الواحد لانها تحتل حيزًا في حفر الردم وتتحلل ببطء غير ان الحفاظات القماشية تتطلب غسيلاً والغسيل يلوث الماء ويستهلك الطاقة. وتولد محطات القدرة النووية الطاقة دون ان تسبب تلوثًا للهواء ولكن هذه المحطات تنتج مخلفات اشعاعية يصعب التخلص منها.
وتعمل المؤسسات وجماعات البيئة والعلماء على تحديد : اي المنتجات والمواد والعمليات ينتج معظم التلوث. ولكن الخيارات المتاحة قليلة ويصعب في الغالب تحديد المكاسب والمخاطر التي تعود على البيئة من المنتجات والممارسات المختلفة.
وعند اصدار القوانين الخاصة بالتلوث ينبغي على المسؤولين الحكوميين ان ياخذوا بعين الاعتبار المخاطر الناجمة عن الملوث والآثار المالية المترتبة على اختيار نظام معين. وتقتضي بعض الانظمة ان تحصل الصناعات على اجهزة لمكافحة التلوث عالية التكلفة او تحدث تغييرات انتاجية مكلفة او تتوقف عن تصنيع بعض المنتجات. وقد تسبب مثل هذه التكاليف الفجائية خروج بعض الصناعات عن مجال العمل مما يخلق البطالة. وقد ينتج عن ذلك ان تشكل الآثار المترتبة على بعض قوانين التلوث المقترحة ضررًا على الناس اكبر من الضرر المترتب على الملوِّث نفسه.
ثانيا - آثار النمو السكاني :
على الرغم من التقدم المطرد في حماية البيئة الاّ ان مسالة التلوث قد اتسع نطاقها وازداد خطرها الكامن. ويعود السبب الرئيسي في ازدياد التلوث الى النمو الكبير في عدد سكان الارض يوميًا. ويعني المزيد من الناس وجود المزيد من المخلفات من كل صنف. وبناء عليه فان الحد من النمو السكاني يعد من اهم الطرق التي يمكن ان تستهل بها عملية مكافحة التلوث البيئي حيث يتوقع ان يخفف الحد من النمو السكاني حدة التلف ويعطي الناس مزيدًا من الوقت لتطوير انظمة فعالة لمكافحة التلوث.
ويحدث معظم النمو السكاني العالمي في الاجزاء الفقيرة من العالم بما في ذلك دول معينة في آسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية حيث يستغل الناس في هذه المناطق ما يتاح لهم من موارد قليلة لسد الكفاف. وتكافح حكومات الدول النامية من اجل بناء الصناعات الحديثة والنظم الزراعية الكفيلة بتوفير متطلبات الحياة الاساسية لمواطنيها. ولكن العديد من الدول النامية تستخدم تقنيات قديمة تؤدي الى التلوث وذلك لعدم قدرة هذه الدول على تحمل تكاليف الميكنة الحديثة والفعالة. وحتى لو استطاعت توفير تكاليف مكافحة التلوث فسيستمر التلوث في العالم النامي في الارتفاع وذلك ببساطة لان هذه الدول ماضية في طريق التصنيع ويعني المزيد من الصناعة المزيد من التلوث.
ثالثا - الاسراف في العالم الصناعي :
اعتاد كثير من الناس في اليابان والدول الغنية في امريكا الشمالية واوروبا على انماط حياتية مريحة حيث تستهلك كميات كبيرة من الطاقة والمواد الخام وينتج عن ذلك الكثير من المخلفات. فالشخص الذي يعيش في الدول الصناعية يستهلك حوالي عشرة اضعاف ما يستهلكه الشخص في الدول النامية من الوقود الاحفوري والكهرباء وينتج ما يتراوح بين ضعفي وثلاثة اضعاف ما ينتجه الشخص في الدول النامية من المخلفات البلدية. وربما كان على الناس في العالم الصناعي ان يقبلوا بمستويات من الراحة والرفاهية اقل مما هي عليه اذا ما اريد للتلوث ان يصل الى حده المعقول. ويتطلب حل مشاكل التلوث البيئي العالمية تعاون الحكومات والصناعات في كل الدول غنيها وفقيرها كما يتطلب تضافر جهود الافراد في كل انحاء العالم.