بالرغم من أننا نعيش في مجتمع لا يزال يأنف الاعتراف بمحدودية التجارب وضعف الخبرات.
إلا أنه من الملاحظ تنامي ظاهرة التنبيه على ضعف دراية سائقي السيارات من الوافدين .
مع الحرص على الإشارة لتدني قدراتهم في مهارات القيادة الصحيحة من خلال رسالة مكتوبة ركيكة المبنى واضحة المعنى تعلق في الغالب على الزجاج الخلفي للسيارة .
وإذا ما أحسنا الظن في تفسيرنا لانتشار مثل هذه الممارسة الجيدة على أنها مؤشر لنمو وعي المجتمع ونضجه.
إلا أنه في المقابل يمكن أن تفهم على أنها تهرب غير مبرر من مسؤولية توظيف غير الأكفاء والزج بهم في لجة الازدحام وسعي حثيث من المنوهين لتخفيف المخاطر المحتملة وتقليل الخسائر المتوقعة مع إمكانية توظيف الرسالة كحجة ضد الطرف الآخر في حالات الحوادث .
متناسين أن التدريب له مراكزه المتخصصة وأن الشوارع العامة والطرق الرئيسة ليست ميداناً للتدريب ولا مضماراً للتعليم.
الغريب في الأمر أننا لا نكاد نجد من يعلق مثل هذه العبارة على سيارة يقودها مواطن مطلقاً أو على الأقل سيارة يقودها فتى مراهق مبتدئ في القيادة من أبناء البلد .
وهذا ما يجعلنا نعيد النظر في حسن الظن السابق لتفسير الظاهرة ولست أدري هل هي ضرب من ضروب الأنفة من الاعتراف بالتعلم أم أننا شعب يولد أفراده عالمين محترفين متقنين للقيادة بالفطرة ولا نؤمن بحاجتنا الماسة للتعليم والتدريب والتأهيل بصفة مستمرة وتلكم هي المتلازمة الخطيرة التي نعانيها ليس في مسألة تعلم قيادة السيارة فقط بل في فنون تعلم مهارات قيادة الذات وقيادة الأسرة وقيادة الوظيفة وصناعة الحياة.
الحقيقة أن هؤلاء السائقين الوافدين البسطاء المعنيين في العبارة التوجيهية ليسوا فقط هم الذين يعملون ( تحت التدريب).
بل إن جل من يفد إلى بلادنا يعدون من هذا النوع حتى وإن لم نجد من يعترف بذلك .
وذلكم هو حالهم في الشركات ومراكز الصيانة المصانع والمستشفيات ناهيكم عن حال العاملين الذين يجوبون الشوارع ويغدون خماصاً ويروحون بطاناً .
فإذا كانت الصين العظيمة بسورها العظيم وشعبها العظيم قد استقطبت مصانع الدنيا واستحوذت عليها وتحولت إلى أكبر مصنع بالعالم فإن بلادنا الكريمة بنظامها الكريم وشعبها الكريم أصبحت أكبر مركز تدريب مفتوح بالعالم بل إن الذين تتاح لهم فرصة التدريب في بلادنا من أبناء الدول النامية محظوظون جداً لكونهم يتلقون التدريب المجاني على تقنيات متقدمة في مستشفياتنا ومصانعنا ومنشآتنا ربما تحتاج دولهم لعقود حتى تقتنيها.
وإذا كان الجهل مصيبة فإن المصيبة الأعظم تكمن في الأنفة من الاعتراف به والأخطر من ذلك هو الاستكبار عن التعلم والتعاطي مع الأمور بتعالم أما الحل وطريق التقدم يبدأ من الاعتراف بجوانب القصور لدينا والإيمان بحاجتنا الملحة لديمومة التعليم والتأهيل والتدريب والتطوير ..
انتشرت في شوارعنا في الفترة الأخيرة لافتات (انتبه السائق تحت التدريب)! على كثير من سيارات الأُسر، لتحذير أو تنبيه السائقين الآخرين من هذا السائق الأسيوي الذي قدم إلى المملكة بتأشيرة سائق خاص ليتعلم القيادة في شوارعنا وعلى حسابنا ويضايق المارة وقد يتسبب في الكثير من الزحام والحوادث،حيث لايجيد الكثير منهم أبسط مهام وتعليمات القيادة.
وتضع الكثير من الأسر (المتورطة) بهذا السائق وفي ظل حاجتها الماسة لخدماته مسؤولية ماقد يتسبب به سائقها المتدرب على اصحاب السيارات وكأنها تخلي مسؤوليتها من اي شيء قد يتسبب به بهذه اللافتة لتلافي أي حوادث وأضرار.
والواقع يشير إلى عكس ذلك تماماً ، حيث أكد عدد من مسؤولي المرور أن وضع مثل تلك اللافتات على المركبات يعد سلوكاً مخالفاً لأنظمة المرور، خاصةً أن النظام ينص على عدم وضع كتابة أو رسم أو أي بيانات أخرى على جسم المركبة، أو أي جزء من أجزائها، ما عدا مدارس تعليم قيادة السيارات المعتمدة.
ويتسبب بعض السائقين الجُدد بربكة كبيرة في الشوارع ، والتي تمتلئ بالمركبات في أغلب الأحيان، مما يزيد الطين بلّة، ويضاعف من احتمال زيادة نسبة الحوادث والإزدحام المروري.
ويعتبر نظام المرور احد الأنظمة الإدارية التي يمكن من خلالها أن نتعرف على مستوى سلوكيات وثقافة مواطنيه، فطريقة القيادة وسلوك سائقي المركبات في الشارع تُعد علامة إيجابية او سلبية، فكل التصرفات والأفعال محسوبة لا يمكن تجاهلها وغض البصر عنها، وهي دليل على مستوى ثقافة السائق واحترامه للقوانين والآخرين وقبل ذلك احترامه لنفسه.
وبعض الأسر ممن يضعون لافتة (انتبه السائق تحت التدريب) يعتقدون أنهم يعفون أنفسهم من تبعات إرباك حركة السير.
وفي حال تعرض السائق لحادث سير تكون هذه اللافتة بمثابة تصريح ضد الحوادث!، وهذا ما يساعد على تنامي المشكلة وسرعة انتشارها في شتى شوارع مدن المملكة.
وذكر مختص أن أصحاب هذه السيارات يكتبون هذه العبارة لأن السائق لا يعرف المدينة جيداً، ولا يعرف مخارج ومداخل الشوارع، كي ينتبه سائقو السيارات الذين يسيرون خلفه، بينما رجل المرور عندما يلاحظ هذه العبارة يزيلها فقط دون تسجيل مخالفة أو غرامة على السائق، مضيفاً أن معظم الحالات التي سجلها المرور كانت لسائقين يحملون رخصاً نظامية وآخرين يحملون رخصاً دولية، كما أن هذه اللافتات لا تمت للنظام بأي صلة ماعدا لافتات مدارس تعليم القيادة، مؤكداً على عدم إعفاء السائق المتدرب من تبعات أي حادث يتسبب به وتحميله مسؤولية أي أخطاء يرتكبه.
وقد كشف مدير عام المرور اللواء عبدالله بن حسن الزهراني أن عبارة (السائق تحت التدريب) تعد مخالفة مرورية.
وأكد اللواء الزهراني في تصريح لـلصحافة السعودية عن ارتكاب بعض المواطنين والمقيمين مخالفات مرورية تتمثل في وضع ملصقات على بعض المركبات بعبارة (السائق تحت التدريب) .
مبيناً أن اللوحات التي توضع على المركبات غير نظامية ولا يسمح فيها ولكن هناك بعض الناس يكون مجتهداً في وضعها ونحن حالياً ننبه بأن ذلك ممنوع ويجب عدم وضعها.
وأكد اللواء الزهراني أن الأنظمة تمنع تمكين السائقين من قيادة المركبات إلا بعد منحهم رخص قيادة من مدارس دلة المنتشرة بمناطق المملكة واختبارهم لمعرفة مدى إتقانهم لقيادة المركبات.