تتسبب نشاطات الإنسان اليومية، بتلوث الهواء الجوي، حيث ينجم عن هذه النشاطات انطلاق غازات الاحتباس الحراري وتدمير لطبقة الأوزون، ويعرف التلوث الهوائي على انه كل تغيير في خصائص ومواصفات الهواء الطبيعي يترتب عليه خطر على صحة الإنسان والبيئة، سواء كان هذا التلوث ناتجاً عن عوامل طبيعية أو نشاط إنساني. ويعد من المشاكل الخطيرة التي تواجه الإنسان والكائنات الحية وعندما يصل الى مرحلة خطيرة يكون من الصعب السيطرة عليه وإيقاف أخطاره المتعددة والمدمرة.
يؤكد الكثير من الباحثين والعلماء البيئـيين ان التلوث البيئي والعوامل المؤدية اليه قد تزايدت نتيجة التطور العلمي الذي حصل في علوم الكيمياء والأحياء وكذلك ايضاً للتطور الصناعي الهائل وحاجات الإنسان المتزايدة للمواد الاولية والمصنعة. تمكن الإنسان في القرنين الماضيين من إكتشاف وتصنيع الكثير من المواد الكيميائية التي لم تكن معروفة من قبل مثل المواد البلاستيكية وغازات مثل غاز كلورو فلوروكاربون وثلاثي فلوريد النيتروجين (NF3) وغيرها من المواد.
غزت المواد الكيميائية الصناعة وخصوصاً الصناعات الكيميائية والبلاستيكية والبيتروكيمياويات وباتت بعض المواد كالاحماض مثل حامض النتريك HNO3 وحامض الكبريتيك H2SO4 وحامض الهايدروكلوريك HCl مواد تدخل في الكثير من الصناعات العضوية وغير العضوية وهي بالتالي مواد تتحول من شكل الى آخر نتيجة تفاعلها مع غيرها من المواد الكيميائية وتؤدي ايضاً الى تحرير ابخرة وغازات تتصاعد الى الغلاف الجوي وتسبب تلوثاً خطيراً للهواء والمياه والتربة. ويسمى هذا النوع من التلوث بالتلوث المستحدث لانه ناتج عن مواد كيميائية مصنعة من قبل الإنسان لم تكن معروفة او مستخدمة قبل الثورة الصناعية والتكنولوجية التي بدأت في القرن الثامن عشر الميلادي.
ان عدد سكان كوكب الأرض يبلغ حالياً أكثر من 6 مليار نسمة وإن هذا العدد قابل للزيادة بسبب زيادة معدلات النمو السكاني العالمي. يؤدي النمو السكاني المتزايد الى زيادة الطلب على المواد الأولية الداخلة بالصناعة وكذلك على الوقود الإحفوري بكافة أنواعه من اجل توفير الطاقة اللازمة لتلبية حاجيات الانسان المتزايدة في نشاطاته المنزلية والصناعية. يحصل التلوث الهوائي نتيجة للعوامل الطبيعية المتمثلة بالبراكين وحرائق الغابات التي تحصل بفعل إرتفاع درجة حرارة المواد العضوية مثل اوراق الأشجار المتساقطة او الحشائش الجافة في فصل الصيف او نتيجة للعوامل البشرية والصناعية الناتجة عن عوادم وسائط النقل أو الإنبعاثات الغازية الناتجة عن عمليات التصنيع المختلفة وعمليات حرق الوقود الإحفوري. تعد وسائط النقل المختلفة عاملاً اساسياً في تزايد تلوث الهواء، إذ تستخدم عادةً البنزين والديزل (المازوت) والغاز كمصدر للطاقة. ويعد الديزل من اكثر انواع الوقود ضرراً بالبيئة والصحة العامة ويحتوي على نسبة 4 % من عنصر الكبريت الذي يؤدي احتراقه الى اطلاق غازات مضرة بالبيئة مثل أكاسيد الكبريت. اما نسبة الرصاص بالديزل فتقدر بحواي 3.9 ملغم/كغم ويؤدي احتراقه الى تكوين اكاسيد الرصاص المضرة ، حيث تتحد بعض الأكاسيد مثل أكاسيد الكبريت والكربون والنيتروجين والناتجة عن النشاطات البشرية والصناعية مع الماء والرطوبة وترفع من حمضية الأمطار الساقطة على الأرض
( المطر الحامضي) التي تؤدي الى تلوث المياه والتربة والى موت النباتات.
SO3 + H2O → H2SO4
CO2 + H2O → H2CO3
تقسم المواد الملوثة الى مواد ملوثة قابلة للتحلل عضوياً بفعل نشاط البكتريا واخرى غير قابلة للتحلل عضوياً. وتتصف المواد غير القابلة للتحلل عضوياً بكونها مواد خطرة بيئياً تتحول بالتفاعل مع غيرها من المواد الكيميائية الى مركبات جديدة يصعب التخلص منها ويبقى تاثيرها وخطورتها لمدد زمنية طويلة جداً ومن هذه المواد غاز كلورو فلوروكربون وغاز ثلاثي فلوريد النيتروجين.
يعد غاز ثلاثي فلوريد النيتروجين (NF3) من الغازات المسببة لظاهرة الإحتباس الحراري وان فعاليته تفوق فعالية غاز ثنائي أوكسيد الكربون بحوالي 17 الف مرة كما وان فترة بقاءه تقدر بحوالي 740 سنة. وتظهر التقنيات الحديثة إنه يوجد حوالي 5400 طن متري من هذا الغاز في الغلاف الجوي وان الكميات تزداد بمعدال 11 % كل عام بسبب إستغناء الشركات والمصانع عن الغازات المسببة لتاكل طبقة الأوزون وإستبدالها بغاز ثلاثي فلوريد النتروجين. يلعب هذا الغاز دوراً متزايداً في تفاقم ظاهرة الاحترار الكوني ويجب اضافته الى الغازات المسببة للتغير المناخي. وتشير التقديرات السابقة ان مستويات هذا الغاز كانت أقل من 1200 طن متري في عام 2006