العواطف هي جزءٌ من الأجهزة التنظيمية الحيوية الضرورية لبقائنا. ولهذا السبب، نجد أنّ العواطف، في أجزاء مختلفة من العالم وعبر ثقافات مختلفة، تُميَّز بمنتهى السهولة. من المؤكّد أنّ هناك تعابير مختلفة وهناك اختلافات في الشكل الدقيق للمنبّهات التي يمكنها أن تستحثّ عاطفة عبر الثقافات وبين الأفراد. ولكنّ الشيء الذي يثير العجب هو التشابه وليس الإختلاف. هذا التشابه هو الذي يجعل العلاقات بين الثقافات المختلفة ممكنة، وهو الذي يتيح للفنّ والأدب، والموسيقى والأفلام، أن تعبر الحدود. تمّ دعم وجهة النظر هذه بشكلٍ غير محدود بعمل باول إكمان.
إنّ الوظيفة البيولوجية للعواطف ثنائية. الوظيفة الأولى هي إنتاج ردّ فعل خاص للحالة المُستحِثّة. على سبيل المثال، قد يكون ردّ الفعل لدى حيوانٍ ما هو الهروب أو الجمود أو مهاجمة العدوّ أو الانهماك في سلوك ممتع. أما لدى البشر، فردود الفعل هي نفسها أساساً، ولكنّها تُضبَط، كما نأمل، باستدلالٍ وحكمة أعلى. الوظيفة البيولوجية الثانية للعاطفة هي تنظيم الحالة الداخلية للكائن الحي بحيث يمكن أن يتهيّأ لردّ الفعل الخاص، على سبيل المثال تُزوَّد شرايين الأرجل، في حالة الهروب، بتدفّق زائد من الدم كي تحصل العضلات على المزيد من الأكسجين والغلوكوز، وفي حالة الجمود في المكان، يتمّ تغيير إيقاعَي نبض القلب والتنفس. في كلتا الحالتين، وفي حالات أخرى، فإنّ الخطة رائعة والتنفيذ موثوق للغاية. باختصار، بالنسبة إلى فئات معيّنة من المنبّهات ولهذا السبب، نحن نجد أنّه بالرغم من الاختلافات اللامحدودة الموجودة عبر الثقافات، وبين الأفراد، وخلال كامل الحياة، إلا أنّنا نستطيع أن نتوقّع بشيء من النجاح أنّ منبّهات معيّنة ستنتج عواطف معيّنة (لهذا يمكنك أن تقول لزميلٍ لك، "اذهب وأخبرها بذلك، ستكون سعيدة لأن تسمعه").
بتعبير آخر، باستطاعتنا القول إنّ "الهدف" البيولوجي للعواطف واضح، وإنّ العواطف ليست ترفاً يمكن الاستغناء عنه. العواطف هي تكيُّفات مثيرة للإهتمام تُعتبَر جزءاً لا يتجزّأ من الآلية التي تُنظِّم بها الكائنات الحية بقاءها. وهي – أي العواطف – بمثابة مكوِّن أساسي عالي المستوى لآليات تنظيم الحياة. يجب أن تتخيّل هذا المكوِّن كما لو كان محشوراً بين عُدّة البقاء الأساسية (أي تنظيم الأيض، المنعكسات البسيطة، البواعث النفسية، بيولوجيا الألم واللذة) وأجهزة الاستدلال العالي، ولكنّه لا يزال جزءاً من التسلسل الهرمي لأجهزة تنظيم الحياة. عند الأنواع الأقلّ تعقيداً من البشر، وعند البشر شاردي الذهن أيضاً، فإنّ العواطف تُنتج فعلياً سلوكاً معقولاً إلى حدٍّ كبير من وجهة نظر البقاء.
تُعتبَر العواطف، في أساسها، جزءاً من التنظيم متجانس الاستقرار (المستتبّ) وهي على استعداد لتجنّب فقدان السلامة الذي هو منذرٌ بالموت أو هو الموت نفسه، وعلى استعدادٍ أيضاً لدعم مصدر الطاقة، أو المأوى، أو الجنس. وكنتيجة لآليات التعلُّم القوية مثل التكيّف، فإنّ جميع أنواع العواطف تساعد في نهاية على ربط التنظيم متجانس الاستقرار و"قِيَم" البقاء بأحداث وأشياء عديدة في تجربتنا السيرية الذاتية. لا يمكن فصل العواطف عن فكرة المكافأة أو العقاب، اللذة أو الألم، الدنوّ أو التراجع، الفائدة أو الخسارة الشخصية. حتماً، لا يمكن فصل العواطف عن فكرة الخير والشرّ.
قد يتساءل المرء بشأن فائدة مناقشة الدور البيولوجي للعواطف في نصٍّ مكرَّس لموضوع الوعي. يجب أن تصبح الفائدة واضحة الآن. تزوّد العواطف الكائنات الحيّة أوتوماتيكياً بسلوكٍ موجّه للبقاء.
وفي الكائنات الحية المجهّزة للإحساس بالعواطف، أي لإمتلاك المشاعر، يكون للعواطف أيضاً تأثيرٌ على العقل، بينما تحدث في المكان والزمان الحاليين. ولكن في الكائنات الحية المجهّزة بالوعي، أي تلك القادرة على معرفة أنّها تمتلك مشاعر، فإنّ مستوى آخر من التنظيم يتمّ بلوغه. يتيح الوعي للمشاعر أن تُعرَف، وبالتالي هو يعزّز تأثير العاطفة داخلياً، ويجيز للعاطفة أن تخترق عملية التفكير من خلال وكالة الشعور.
في النهاية، يتيح الوعي لأي شيء أن يُعرَف – عاطفة "الشيء" وأي شيء آخر – وبفعله لذلك، هو يعزّز قدرة الكائن الحي على الاستجابة تكيُّفياً، متنبّهاً لإحتياجات الكائن الحي الذي نحن في صدده. العاطفة مكرّسة لبقاء الكائن الحي، وكذلك هو الوعي.
ساحة النقاش