أنا إمرأة مطلقة أبلغ من العمر 40 سنة، مشكلتي أني تزوجت من رجل متزوج وطلقت بسبب مشاكل لديه مع زوجته الأولى، ليس هذه المشكلة ولكن المشكلة ما بعد الطلاق كلما تقدم لي شخص متزوج يرفضون الاهل، وأنا أعيش الآن في ضغط نفسي وأحياناً أصرخ كلما أكون لحالي في المنزل وفي وحدة لا أحد يفكر بي لدرجة إني أصبحت أدعوا على نفسي بالموت، وبسبب الطلاق إبتعدت عن صديقاتي وأصبحت منعزلة عن العالم.
**** ** *** ** *** ** *** ** *** ****
الأخت الفاضلة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
للأسف الشديد، فإنّ مجتمعاتنا تظلم المرأة سواء على مستوى عدم إعطائها الحرِّية والإرادة في إنتخاب طريق حياتها أو على مستوى التعامل الخاص مع العازبات والمطلقات.
فحياة المرأة تخصها بالدرجة الأولى وإن كان الأهل حريصين عليها، ولكن عليهم المشورة والنصيحة والتسديد والتعاون ولكن يبقى القرار النهائي بيدها إن كانت بالغة رشيدة، وخصوصاً غير البكر.
ويمكن للمرأة أن تبذل جهداً في إقناع الأهل، فبدلاً من الإنكماش بداعي الخجل والحياء والإستسلام للضغوط النفسية، يجب أن تعمل المرأة على تحصيل إستقلالها وإفهام رأيها للآخرين بالحوار الصريح والهادئ ومناقشة الأمر بشكل واضح وبيان الوضع الذي يمكن أن لا يحس بها الآخرون ولكنهم إذا أفهموا وتفهّموا أبدوا تعاوناً أفضل.
الأمر الآخر الذي ينبغي للمرأة غير المتزوجة أن تعمل له هو أن تبني حياتها بشكل مستقل وبناء بالشكل الذي تستثمر به وقتها وطاقتها لما ينفعها وينفع مجتمعها، فلا تحس بالملل والضجر ولا الضعف ولا الوحدة.
فالمرأة إنسان له كيانه وله وضعه الخاص وحاجاته وشؤونه، وللمرأة حياتها التي تعيشها لنفسها وتسعد بها، سواء كانت متزوجة أو غير متزوجة، فليست السعادة منحصرة بالزواج، ولا المرأة ناقصة لا تكتمل إلا بغيرها، إذ يمكن للمرأة أن تتعلَّم وتعمل، وتدرس وتتثقّف، وتزاول الأعمال الإجتماعية والسياسية، وتساهم في العمل الخيري، وتجتمع مع غيرها من المجتمع لدراسة شؤونه وإصلاح حاله وتقديم المساعدة للمحتاجين مالياً أو معنوياً، كتعليم الأُميين ومساعدة المرضى والعجزة واليتامى، وأيّة أعمال بر أخرى كالتي تقوم بها المساجد والمؤسسات الخيرية والجمعيات الإنسانية.
وللمرأة أيضاً أن تهتم بنفسها، بصحتها الجسدية والنفسية، وراحتها وعبادتها، ورفاهها وتقدمها، وعلاقاتها الإجتماعية مع الأهل والأقارب والجيران.
والخلاصة أن يكون للمرأة، كما لأي إنسان، عالمها الخاص فضلاً عن عالمها الأسري (الإجتماعي) حتى تكون أوّلاً قوية ومتقومة بنفسها، وثانياً متكاملة ومتفاهمة مع أهلها.
قال تعالى: (.. وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ...) (البقرة/ 228).
وقال تعالى: (وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) (النساء/ 32).
ومن الله التوفيق.
ساحة النقاش