أطفالنا ليسوا لنا، كما قال جبران، هذا صحيح، ولكنهم لن يحصلوا على أجنحة خاصة بهم يطيرون بها ما لم نساعدهم على إنباتها. والمساعدة على إنباتها تمر عبر التربية وممارسة السلطة الرشيدة والواعية. هذا دور الأهل، أمّا دور الأطفال فهو الاستدارة على هذه السلطة ومحاولة إفشالها بكل السبل، من دموع وعويل وصراخ وابتزاز ووقاحة، كل شيء مباح حتى نمل ونقول للطفل: "افعل ما تشاء".
وإذا نظرنا من حولنا، نلاحظ أن ثمة سيناريوهات ثلاثة هي الأكثر رواجاً بين الاستراتيجيات التي يتبعها الأطفال. فما الطريقة للرد عليها؟
أوّل سيناريو يقضي بأن يتظاهر الطفل بأنّه لم يفهم طلبكم. لكن، ألم تلاحظوا أنّه يفهم ما يشاء ومتى يشاء؟ فحين تقترحون عليه الخروج مثلاً، ترونه يسارع إلى الفهم ولكن حين تطلبون منه القيام بواجب من الواجبات، يتحول فجأة إلى إنسان فاقد لقدراته العقلية. أليس هذا بالأمر الغريب؟ والأغرب أنكم أحياناً تصدقونه في حين ينبغي أن تطلبوا منه التفكير في الأمر في غرفته إلى أن يفهمه!
ثاني سيناريو هو أن ينفجر الطفل باكياً ومؤكداً تأكيداً تاماً أنّه لم يعد يحبكم. وهذا من رابع المستحيلات. فالمسألة إذاً هي مجرد ابتزاز، والمبتز الصغير لا يلجأ إليها إلا لأنّه يشعر بأنّها وسيلة مكتوب لها النجاح. والسؤال هنا لماذا ينتابه هذا الظن؟ ألأنكم تعتقدون حقاً أنّه قد يأتي يوم يكرهكم فيه؟ وفي هذه الحالة، عليكم أن تذكروا المحتال الصغير أن وظيفتكم كأهل تحتم عليكم أن تعلموا طفلكم الخطأ من الصواب، سواء أحبكم أم لم يحبكم، ولا تخافوا، سيظل يحبكم.أمّا ثالث السيناريوهات فهو المطالبة بمكافأة مقابل الطاعة. وهذا أمر أقرب إلى الترويض منه إلى التربية، حين نعطي الحصان حبة سكر كلما قام بما نريده منه.
كما أنّه سلوك من شأنه أن يجعل الطفل غير مدرك بالمرة لأهمية احترام القواعد والقوانين. فلنتخيل مثلاً أننا في كل مرة نقف فيها عند إشارة الضوء الأحمر، نتوقع من الشرطي أن يقدم لنا هدية! يجب أن نحترم القاعدة لأنّها مفيدة ولأنّها تجنبنا وتجنب الآخرين الإصابة بالضرر ولا نحترمها لأننا نتوقع مكافأة.ولا ننسى أننا نربي أطفالنا الآن حتى يتمكنوا يوماً من أن يعيشوا سعداء من دوننا.
ساحة النقاش