authentication required

عندما تتعرض المرآة لسهم الخيانة، تظل كرامتها تنزف دوماً وعيناها تبكي وتبادر لإنقاذ كرامتها بالإصرار على الطلاق، وبعد أن يحدث الانفصال وتشعر بالثأر لكرامتها تشعر بالندم، فحسب الأقوال المأثورة إن المرأة قد تصفح عن الخيانة، ولكنها لا تنساها، ولأن كل خائن يوجد لنفسه ألف عذر وعذر، ليقنع نفسه بأنه فعل الصواب، الخيانة إحساس صعب وهو ما جعلني أسأل النساء ماذا أنت فاعلة؟، وهل ستعلنين الحرب وتطلبين الطلاق أم ستتعايشين مع الموقف حرصاً على بيتك وأولادك؟

في البداية تقول: سميرة 50 سنة: كثير من النساء إن لم يكن كلهن يتعرضن للخيانة بشكل أو بآخر بداية من الإعجاب العابر بامرأة ما، أو السعي لإقامة علاقة معها،وأنا واحدة من هؤلاء، فبعد عشر سنوات من الحياة الزوجية اكتشفت أن زوجي على علاقة بامرأة أخرى، ثرت وحاولت في البداية إعاقة هذه العلاقة، لكن محاولاتي لم تنجح، خاصة مع كذبه المستمر ومراوغته. وشعرت بأن كرامتي مهانة فلم احتمل وطالبته بالطلاق، ورفضت تماماً كل محاولاته لاستبقائي وبالفعل تم الطلاق، وانتهت حياتنا معاً، شعرت في بداية الأمر بأنني انتقمت لكرامتي وأجبرت زوجي على دفع ثمن خيانته التي لم أغفرها.  لكنني بعد مرور السنوات اكتشفت أنني بالغت في رد فعلي، وأن الأمر كان يمكن أن ينتهي بطريقة أخرى، فالخيانة قد تكون مجرد أمر عابر في حياة الرجل، إذا أجادت المرأة التعامل معها ونحت جانباً ألمها وغضبها، لكنني أدركت ذلك بعد فوات الأوان.

متعددة الخيانات

أما هبة 48 عاماً، فتقول: اكتشفت منذ أيام زواجي الأولى أن زوجي رجل متعدد العلاقات لا يخرج من علاقة حتى يدخل في أخرى غير مبال بمشاعري، وفي البداية شعرت بالألم نتيجة أول خيانة اكتشفتها لكنني قررت أن أكون إيجابية وأحافظ على زوجي، لم أخبره وغفرت له الأمر، بيني وبين نفسي، لكن الخيانة تكررت مرات ومرات وأصبح لا يجدي الغفران معها، فمع كل علاقة ينهيها يبدأ في خيانة أخرى.

وبعد فترة لم يعد للغفران معنى وإنما أصبحت أسرتي وأطفالي هم أساس المشكلة، فمن أجل الحفاظ على ترابط أسرتي ووجود الأب في حياة أبنائي دفنت كل مشاعري وآلامي، حتى نسيت معنى الخيانة، ولا أعرف إن كنت أغفر له أم لا لكن هناك على الجانب الآخر من ترفض هذا السلوك وتنكر ما يسمى بـ صك غفران تهبه الزوجة المغلوبة على أمرها للزوج الخائن، ومع ذلك تتركه يفعل ما يشاء.

لا للتسامح

زينب 37 سنة تسخر من فكرة الغفـران برمتها، وتقول: لا شيء اسمه غفران الخيـانة أو نسـيانها، هنـاك أسـرة وبيت يجب الحفاظ عليهما ،ومهما كان الأمر، فأنا مثلا أعلم أن زوجي يخونني لكنني اتظاهر بأنني لا أعرف شيئا عن ذلك ،وكلما يخبرني أحد الأقارب بأنه شاهد زوجي مع امرأة غريبة ألفق الأكاذيب والحجج لإنقاذ ماء وجهي وتبرير سلوك زوجي، وهذا لا ينفي أنني على الجانب الآخر اتخذ الحيطة والحذر طالما الأمر لا يمس بيتي وطالما هو زوجي ويلبي لي طلباتي ولا يفكر في هدم البيـت لأن الخيـانة شيء والزواج من أخـرى شيء آخر.

وعلي الجانب الآخر نجد نساء لا يقبلن بالخيانة ولا يغفرنها مهما كانت الأسباب وتحت أي ذرائع ومن هؤلاء هيام صبحي 33 سنة تقول الخيانة هي الخيانة مهما كانت ولا أجد مبرراً لخيانة أي رجل، والخيانة مرة تعني أن هذا الرجل يمكن أن يخون زوجته مرات ومرات، ولا اعتقد أن الحفاظ على الأسرة حجة مقنـعة لتجـاهل الخيانة ،بل هو دليل على ضعف المرأة وقلة حيلتها، فالبيت الذي يعيش فيه رجل خائن هو بيئة غير صحية لأطفاله ويمثل تحطيماً لأعصاب زوجته، فأي زوجة أو أم تلك التي تمارس واجـباتها في هذا الجو المـلوث.

ويقول د. أحمد البحيري؛ استشاري الطب النفسي معلقا على سيكولوجية الرجل الخائن: لا يوجد في علم النفس مصطلح اسمه شخص خائن ولكن هناك الشخصية السيكوباتية وهي شخصـية مضـادة لقيم المجتمع، أي مجتمع، وهي التي تتسبب دوماً في إيذاء الآخرىن بالقول أو الفـعل، وتقدم تلك الشخصية على الإقبال على ارتكاب الجرائم مروراً بالكثير من الأفعال، ككسر إشارة المرور مثلا والخيانة، كفعل مؤذ يندرج تحـت مفهوم الشخصية السيكوباتية، والتي تتميز بعدم الشـعور بالذنب وكذلك عـدم مراعاة شـعور الأخرىن.

 والخيانة كمفهوم في مجتمعاتنا العربية ليست مجرد خيانة للطرف الآخر أو للعلاقة الزوجية، بل هي التعدي على قيم كبرى مثل خيانة الله وخيانة الذات، ولهذا فصدمة الخيانة تكون كبيرة، إذا كان هناك أشخاص قادرون على تكرار الخيانة باعتبارهم ينتمـون لنمـط الشخصية السيكوباتية في أحد أشـكالها، وبالمناسبـة علمياً لا يوجد في علم النفس شخص يمكن خيانته أو امرأة تستحق الخـيانة، فهذه المفاهيم هي في حقيقتها مبرر اجتماعي اخترعه الناس للتغطية على خطأ الطرف الآخر وغالباً ما يكون رجلاًَ، لكن من ناحية أخرى هناك أشخاص أو نساء يخترن الرجل الخاطئ أو غير المناسب، الذي قد يسبب لهن ألماً بسبب قلة خبرتهن أو عدم نضجهن بشكل كاف.

ويضيف د. البحيري لا يوجد رجل مهما بلغت حنكته ومهارته يمكن أن يخدع زوجته طوال الوقت، ويخفي عنها تفاصيل حياته الأخرى، وتكرار الخيانة يتسبب في تغيير سلوكيات الزوج مثل التأخير دون مبرر منطقي وتلقي المكالمات الهاتفية الغامضة، فضلاً عن فتور في المقابل قد يأخذ الأمر بعداً مختلفاً، مثل الاهتمام المفاجئ بالزوجة والهدايا غير المبررة كنوع من التغطية على الأمر.

والحقيقة أن بعض الرجال تصبح الخيانة لديهم نوعاً من الإدمان، ليس للعلاقة مع الطرف الآخر في حد ذاتها، بل هو إدمان معنوي وليس جسدياً، فالإحساس بالقلق والمغامرة وسرقة لحظات الآخرىن والانتصار على التابوهـات أو المحـرمات، كلها مشـاعر تشـعر البعض بالتفوق وتعوض البعض عن إخفاقهم في جوانب أخرى.

خيانة الرجل

أما د. عزة كريم استاذة علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية فتفسر الخيانة على أنها خروج عن العهد والميثاق المتـفق عليه بين الزوجين، وغالباً ما يكون الخائن رجلا وذلك ليس بسبب خلل نفسي في شخصية الرجل، ولكن بفضل الامتيازات المتاحة للرجل عن المرأة خاصة في مجتمعاتنا الشرقية، فالرجل قد يتعرض للتأنيب والمساءلة نظير الخيانة لكنه لا يتعرض للنبذ والرفض كما هو الحال عند خيانة المرأة.

 بل ويجد المجتمع مبررات تضفي الشرعية على خيانة الرجل مثل فحولة الرجل أو إهمال الزوجة، بل إن بعض النساء يقبلن على الارتباط برجل صاحب ماض ولا يتورع عن الخيانة، لأنه يرضي غرورهن، وعلي الجانب الآخر ترضى غالباً المرأة بخيانة الرجل وتجد لها المبررات، بل إن كثيرا من المفاهيم الأنثوية الشعبية المتوارثة حول الرجل تؤكد أنه كائن خائن بطبيعته.

ويؤكد د. فكري عبد العزيز استشاري الطب النفسي، أن من شب على شيء شاب عليه، فكل ما نتعرض له في سنوات التكوين يؤثر على أفعالنا في الكبر، فالشخص الذي اعتاد أن يحاسب على أفعاله يفكر جيداً قبل الإتيان بأي فعل لإدراكه لفكرة الثواب والعقاب، ولهذا فإن الزوج الخائن قد يكون شاباً اعتاد إقامة علاقات خارج إطار مؤسسة الزواج، دون أن يتعرض للتوبيخ وبالتالي غاب مفهوم الخـيانة.

 وأصـبح يمارس ما يريد وقت ما يريد دون اعتبار لمشاعر الطرف الآخر، وقد يكون الزوج الخائن ضحية قدوة سيئة مثل الأب الذي يحـترف إقامة علاقات نسائية كأفعال تعزز مفهوم الرجولة أو الشطارة، وبالتالي فإن الشاب يتزوج ويعيد تمـثيل سيرة أبيه.

المصدر: مقالات الرسالة
Al-Resalah

الرسالة للتدريب والاستشارات.. ((عملاؤنا هم مصدر قوتنا، لذلك نسعى دائماً إلى إبداع ما هو جديد لأن جودة العمل من أهم مصادر تميزنا المهني)). www.alresalah.co

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 2373 مشاهدة

ساحة النقاش

الرسـالة للتدريب والاستشارات

Al-Resalah
مؤسسة مهنية متخصصة في مجالات التدريب والإستشارات والبحوث والدراسات، وتُعتبر أحد بيوت الخبرة متعددة التخصصات في العالم العربي.. ومقر الرسالة بالقاهرة.. إن الرسالة بمراكزها المتخصصة يُسعدها التعاون مع الجميع.. فأهلاً ومرحبا بكم.. www.alresalah.co - للتواصل والإستفسارات: 00201022958171 »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,026,928