أنا فتاة أبلغ من العمر 19 لدي هوايات عديدة كأي فتاة أخرى لكن ممارستي لها محدودة بسبب الدراسة.
أقضي يومي روتيني جداً. أحب أن أجلس مع أهلي وأتسامر معهم وأمد لهم يد العون قدر المستطاع.
وأغلب يومي أقضيه في النوم تهرباً من مشاغلي ومن أمنياتي التي لاتتحقق فأنا أطمح إلى تكوين أسرة وأديرها لا طالبة هاوية في مدرسة ثانوية.. قلقي بأن أبقى هكذا من دون أسرة خاصة بي يسلبني الشعور بالأمان.
أرشدوني وفقكم الله.
****** **** **** **** *** **** ** **** *** ***** ***
الأخت العزيزة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من حق كل إنسان أن يتطلّع إلى مستقبل أفضل وأن يعيش في الأحلام ويتشوّق إلى تغيير واقعه نحو صورة مثالية يرجوها، وكل ذلك يجعل الحياة حلوة ويعطى للعيش أملاً وسعة، وإلا لمزق الإنسان اليأس والقنوط.
ولكن ذلك لا يجب أن يكون مدعاة للخمول والإستسلام وإنتظار القدر من دون سعي وإجتهاد، فلقد وهب الله للإنسان العقل وسخّر له ما في السماوات والأرض وأعطاه ملكة الإرادة والتغيير ليصوغ الحياة من حوله بالإتّجاه الذي يتكامل ويسعد فيه، في طاعة الله ورحمته ورضوانه، حتى يلقاه راضياً مرضياً.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ) (الإنشقاق/ 6)، وإذا وضح ذلك علمنا أنّ سعادة الإنسان في ذاته وتكامل شخصيته وانسجامه مع فطرته ونفسه وقربه من ربّه... وإذا أصبح ذلك الهدف من الحياة، أصبحت الحياة ربيعاً للنشاط ومرتعاً للعمل بكل جوانبها.
فإذا إزداد الإنسان علماً وفهماً وطاعة وتقوى وعمل ما يستطيع من أجل سلامة نفسه وسعادتها ونفع الناس وخدمة المجتمع واجتهد بقدر إمكانه لعبادة ربّه واتباع سبيله... إذا سعى الإنسان في هذا الإتّجاه، كانت تغذيته ودراسته واستراحته ونشاطه طاعة ونعمة ورحمة وسعادة، لا يحس المرء معها بالكسل أو الملل لأنّه يزداد خيراً يوماً بعد يوم فيزداد قرباً من ربّه المحبوب إلى قلبه.
وعوداً إلى حالك، فأن ترغبي في تكوين أسرة فهو دليل على نضجك ورشدك ولكن لا يعني ذلك أن تستسلمي للأيّام وتعطلي حياتك بانتظار المستقبل.
عيشي حياتك كإنسانة لها شأنها الخاص وتريد أن تتعلّم وتسعد وتعمل وتجهد في حياتها لتنمو وتتكامل وترتِّب أمور مستقبلها - بعد التوكل على الله - بيديها... وإذا ما جاء الزواج كان خطوة على الطريق الصحيح ولكن دون أن يعني أنّ حياتك بدون الزواج لا معنى لها ولا هدف، وأن دراستك لا فائدة منها... فربّما كانت الدراسة عوناً لك لبلوغ السعادة وخطوة تقربك من تكوين أسرة ناجحة، لأنّ العلم والمعرفة ضروريان للحياة كضرورة الماء والغذاء، سواء في الحياة الفردية أو الأسرية.
وبعد، فأنتِ تعانين من ضغوط بيتية تدفعك للبحث عن مهرب منها، ولك الحق في ذلك، ولكن حتى ذلك الحين عليك أن تنظمي حياتك بالشكل الذي يريحك ويخفف عنك الأعباء.
إسعِ إلى أن تكون لك حياتك الخاصة، إضافة إلى الحياة مع العائلة، بأن تكون لك أوقات خاصة للراحة والإستحمام، في البيت وخارجه بصنوف أنواع التسلية السالمة والمفيدة كالرياضة وأقلها المشي، والمطالعة، والتسوق، وزيارة الأقارب، ومشاهدة البرامج السينمائية والتلفزيونية المسلية، وكذلك الهوايات فهي خير تسلية كالرسم والخياطة والحياكة وغيرها.
وأخيراً، لتكن لديك أوقات للأنس مع الله تعالى والتقرُّب إليه بالصلاة والدعاء وقراءة القرآن والعمل الصالح النافع للمجتمع، ومن المفيد جدّاً الصلاة في المسجد لأنّه يهيئ أجواءً هادئة ومريحة للروح والنفس ويعرفك إلى بعض الناس الطيبين.
وتذكري دوماً نعم الله عليك وذكّري العائلة بها، قال تعالى: (وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا) (إبراهيم/ 34).
وقال جلّ شأنه: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) (الضحى/ 11). فإن ذلك يشيع في البيت روح الرضا والسعادة ويبعد اليأس والقنوط والضجر والملل.. ومن الله التوفيق.
ساحة النقاش