ليس من شك في أنك سترتكب أخطاء في بعض الأحيان، وقد تكون جسيمة في بعض الحالات؛ كأن تبالغ في شيء أو تهين شخصا أو تتجاهل أمرا بديهيا، أو تذهب لمكان تكون غير مرغوب فيه، أو يزل لسانك، أو تقول شيئا ما كان ينبغي أن تتلفظ به... إلخ.
ولا يوجد شخص معصوم من هذه الأخطاء البشرية، ولذا فالسؤال المهم لا يتمثل في ارتكابك خطأ من عدمه، بل عن مدى سرعة خروجك من المأزق عندما ترتكبه فعلا، وبيت القصيد هنا يكمن في:
1- القدرة على مسامحة نفسك والآخرين على اعتبار كونهم بشرا ولارتكابهم أخطاء، وبمجرد أن تفهم قدرك المتمثل في الحقيقة القائلة: (الخطأ من صفات البشر، أما المغفرة فمن صفات الله).
2- تعاملك مع هذا الخطأ، والقدرة على تجاوزه، والإستفادة منه وتصويبه، وعدم تكراره. لقد وجد أنه من خلال التخلص من الأخطاء بسرعة، يتعلم المرء من الآخرين ومن أخطائه، وكنتيجة لذلك، فإن الحياة العملية تصبح أقل توترا وأكثر إيجابية وواقعية.
أن تكون إنسانا، فإن ذلك يعني أنك معرض للخطأ في بعض الأحيان على الأقل، وستفعل الكثير من الأخطاء، وسيختلط عليك الأمر من وقت لآخر، وستضل الطريق، وتنسى الأشياء، وتفقد أعصابك، وتقول أشياء ما كان ينبغي عليك قولها، ولكن عليك أن تتقن مهارة التعامل مع الأخطاء بواقعية، وكيفية تحول هذا الخطأ إلى وقود لعملية الإصلاح والخروج من هذا الخطأ بسرعة.
وعلى الرغم من عدد وجود أحد يسعد بارتكاب الأخطاء، لكننا يجب أن نتعلم كيف نتجاوز هذه الأخطاء والإستفادة منها وتحويلها إلى عمل إيجابي بناء.
منهج نبوي في التعامل مع الأخطاء
كن إيجابيا في التعامل مع أخطائك:
والإيجابية هنا: هي أن أعترف بخطئي، ثم أحاول أن أتعرف على أسباب هذا الخطأ بصورة موضوعية، بعيدا عن الإنفعالات، ثم محاولة التخلص من هذا الخطأ بسرعة، وبعد ذلك التأمل العميق لهذا الخطأ وأسبابه حتى أحوله إلى درس مفيد؛ لكي لا أقع في هذا النوع من الأخطاء ولا فيما يشبه.
لماذا نخاف من النقد؟
الطريقة السلبية التي نتعامل بها مع أخطائنا، أو مع أخطاء غيرنا، أو تعامل غيرنا مع أخطائنا، جعلتنا أكثر حساسية في التعامل مع النقد، في حين لو تعاملنا مع الأخطاء بالصورة الإيجابية، لسهل علينا تقبل النقد؛ لأن هذا النقد هو الطريق إلى الكمال؛ لأنه لا ينتقد شخص آخر، إلا ولا بد أن يكون معه بعض الحق، ومعه الدليل على بعض القصور والخلل.
المثالية:
إننا حين نرسم للناس صورة مثالية، فسوف نحاسبهم على ضوئها، فنرى أن النقص عنها يعد قصورا.
إن الواقعية في التفكير، وإدراك الطبيعة البشرية، والهدوء في الدراسة، والمراجعة والخبرة المتراكمة، كل ذلك يسهم إلى حد كبير في الإقتراب من الواقعية، والبعد عن المثالية المجنحة في الخيال.
وليس معنى ذلك، تبرير الأخطاء والدفاع عنها بحجة الواقعية، وهي نظرة تنعكس أيضا على أهداف المرء وبرامجه، فتصبغها بصبغة التخاذل، ودنو الهمة والطموح.
ليس من أهداف تصحيح الخطأ، إصدار حكم بإدانة صاحبه، وإثبات التهمة في حقه، أو السعي للتصريح بالإعتراف بالتقصير والوقوع في الخطأ، أمر لا مبرر له.
المشكلات الكبار لا تولد دفعة واحدة، والنار تنشأ من مستصغر الشرر، لذا فكثير من الصفات السيئة في البشر، تبدو بذرة صغيرة يسقيها الإهمال والتسويف فيها والتجاهل بماء الحياء، حتى تنمو وتترعرع لتتجذر في النفس فيصعب اقتلاعها وزوالها.
الحياة مليئة بالأخطاء، ويلزمك الكثير من الأشياء كي تتجنب هذه الأخطاء، ويكون كل شيء كاملا، ولكي تحتفظ بشعورك بالإتزان فيجب أن تعطي نفسك قدرا من الراحة، وأن تدرك أن عدم الكمال هو الواقع، والتركيز على الأشياء الصحيحة يزيد من متعة الحياة، ويجعلك أقل حدة، ويهون عليك الأمور، ويساعدك على الشعور بالراحة النفسية، بينما التركيز على الأخطاء يجعلك تهتم بأتفه الأمور، ويذكرك بالمشاكل والمعوقات والعقبات ويجعلك تشعر بالضيق، ويؤدي بك إلى انتقاد الآخرين، وأن تكون شديد الحساسية لكل ما هو حولك.
ساحة النقاش