لماذا ينافق الناس بعضهم البعض ؟ لِماذا لا يعيشون في عالمٍ من الصراحة الجميلة والمشاعر الحلوة التي تدحر النفاق ؟ لِماذا النفاق أصبح سمة العصر ؟ لماذا النفاق للوصول إلى مراكز ومراتب عالية أصبح من المهارات التي يتمتع بها معظم الناس ؟ لماذا ...لماذا ؟

مَن هو المنافق ؟

المنافق هو المرائي والمخادع والكاذب والماكر والمتظاهر بخلاف ما في باطنه، وهو الذي يخلف بالوعد ويخون الأمانة ، وفي حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلّم يقول :" آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا إؤتمن خان ..."

لذلك نرى في مجتمعاتنا أنّ المنافق يستطيع العيش في كل مكان وزمان كالبرمائيات التي تستطيع أن تعيش بالماء وعلى اليابسة وكالحرباء التي تتلوّن لتخلّص وتحمي نفسها ، وأكثر من ذلك إنه كالسوسة التي تنخر في المجتمعات لتحيلها خراباً ودماراً وفساداً ...

يقابلك المنافق بابتسامته العريضة اللزجة ، ويبدأ بمعسول الكلام مع إطراءات كثيرة ممزوجة بأجمل الصفات والتعابير التي لا تراها أنت في ذاتك وشخصيتك ، ولكنه يغمرك بلطفه الزائد لينال ثقتك وتقديرك ، وليصل إلى مبتغاه كيفما كان !..

النفاق يشتعل من شرارة صغيرة وتكبر رويداً رويداً لتصبح ناراً أكولاً تحرق الأخضر واليابس وبعد ذلك لا تستثني أحداً ... فالمرؤوس ينافق رئيسه، والصديق ينافق صديقه، والأخ أخاه، والزوجة تنافق زوجها والعكس صحيح إلخ ...

النفاق والصراحة لا يمكن أن يلتقيا أبداً ، فالنفاق يسير في خطٍ متعرجٍ ملتوٍ، والصراحة في خطٍ مستقيم .أمّا إذا بحثنا في ميزان الربح والخسارة للنفاق والصراحة نجد أنّ الغالب أو الرابح في معظم الأحيان هو النفاق، لماذا ؟ لأنّ المنافق كالثعبان في لفّه ودورانه كما أنّه يجيد اللعب والضحك على الناس ويتمكّن من تسيير أموره بدهائه واحتياله .

بينما الشخص المستقيم الصريح فتجده الخاسر دائماً في مجتمع ٍ يعدّ الإستقامة نوعاً من الغباء، إلاّ أنّ هذا الغباء هو الذي يريحه ويشرّفه في عالم النفاق ... واعجبي !؟

لماذا يفضّل بعض الناس الظهور بوجهين أو حتى بوجوه متعدّدة ويجيدون وضع الأقنعة على وجوههم؟ لماذا ؟

إنّ النفاق إذا استشرى تخرب النفوس وتموت الضمائر ويتحوّل المجتمع إلى غابة تعبث فيه مجموعة من الذئاب، ويصبح يدين بمبدأ "إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب"، وتموت كلّ القيم النبيلة والشريفة ويصبح الشخص المستقيم كالمغنّي الذي لا يسمعه أحد سوى نفسه .

نحن نعيش في زمن رديء.. زمن إنقلب فيه كلّ شيء على أعقابه.. زمن كثُر فيه الحسد والغيرة والخداع.. زمن مليء بالوحوش الضارية التي تنهش بعضها.. زمن تغيّرت فيه المسمّيات، فأصبح المنافق ذكياً وليس وصولياً ، وأصبح المستقيم غبياً لا يعرف الوصول إلى أهدافه ! والمنافق يستطيع أن يعيش في كلّ الأزمات ومع كلّ الناس يُحابي هذا على حساب ذاك ويطعنك في ظهرك بينما ابتسامته الصفراء تملأ وجهه ولا يهمّه إلا تحقيق قراره ، لا يهمّه أي طريق يسلك أو أي شخص يدوس.. فالغاية تبرّر الوسيلة .

يجب أن نقف في وجه النفاق ونحاربه حرباً لا هوادة فيها ونقضي عليه ، لأنّه في أخر المطاف مهما طال أمر المنافقين ستنكشف حقيقتهم وتنتصر الإستقامة ، والخير يعلو دائماً على الشر، فيلتفت المنافق إلى نفسه بعد استيقاظه من كبوة النفاق فلا يجدها إلاّ كمّاً مهملاً من العفن، إلى الموت أقرب..

المصدر: مقالات
Al-Resalah

الرسالة للتدريب والاستشارات.. ((عملاؤنا هم مصدر قوتنا، لذلك نسعى دائماً إلى إبداع ما هو جديد لأن جودة العمل من أهم مصادر تميزنا المهني)). www.alresalah.co

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 1576 مشاهدة
نشرت فى 9 إبريل 2011 بواسطة Al-Resalah

ساحة النقاش

الرسـالة للتدريب والاستشارات

Al-Resalah
مؤسسة مهنية متخصصة في مجالات التدريب والإستشارات والبحوث والدراسات، وتُعتبر أحد بيوت الخبرة متعددة التخصصات في العالم العربي.. ومقر الرسالة بالقاهرة.. إن الرسالة بمراكزها المتخصصة يُسعدها التعاون مع الجميع.. فأهلاً ومرحبا بكم.. www.alresalah.co - للتواصل والإستفسارات: 00201022958171 »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,950,273