<!--<!--<!--
الدور الإعلامى التنموى
لمشروع التنمية الريفية بمحافظة البحيرة
أ.د. حمدى السيد أنور رافع* د. طه محمد على الفيشاوى**
د. محمد فاروق الجمل***
معهد بحوث الإرشاد الزراعى والتنمية الريفية
المستخلص
استهدف البحث التعرف على آراء المبحوثين من الزراع وشباب الخريجين والمرأة الريفية -كمستفيدين بخدمات مشروع التنمية الريفية بالبحيرة- فى درجة أدائه لدوره الإعلامى التنموى، وتحديد درجة التباين بين آراء المبحوثين بفئاتهم الثلاث فى درجة أداء هذا الدور، والتعرف على مصادر المعلومات التى تعرض لها المبحوثين، وكذا تحديد درجة التباين لهذا التعرض. هذا فضلاً عن تحديد العلاقة بين آراء المبحوثين فى درجة أداء الدور الإعلامى التنموى للمشروع والمتغيرات المستقلة لهم. وتحديد المعوقات التى تحد من الاستفادة من خدمات المشروع فى المجال الإعلامى التنموى.
وقد تم اختيار قرية من كل مركز من المراكز الأربعة التى تم فيها تطبيق المشروع فى مرحلته الثانية اعتباراً من عام 1998، وهى رشيد، وادكو، وأبو المطامير، وجناكليس وذلك بطريقة عشوائية. واختير من كل قرية 13 مبحوثاً من كل من: الزراع، والمرأة الريفية، وشباب الخريجين وذلك من واقع سجلات المشروع بطريقة عشوائية منتظمة. وبذلك يبلغ إجمالى عينة كل فئة من فئات الدراسة 52 مبحوثاً، ويصل جملة عدد المبحوثين بفئاتهم الثلاث 156 فرداً.
وتم عرض البيانات المستخلصة فى جداول بالتكرارات والنسب المئوية، واستخدم فى التحليل الإحصائى: المتوسط الحسابى، والمتوسط المرجح، والانحراف المعيارى، واختبار تحليل التباين (ف)، ومعامل الارتباط البسيط لبيرسون، واختبار فريدمان.
ونوجز فيما يلى أهم النتائج:
1 - أن غالبية المبحوثات من المرأة الريفية 88.46%، و80.7% من شباب الخريجين المبحوثين، و76.92% من الزراع المبحوثين يرون أن أداء المشروع للإعلام التنموى يتم بدرجة عالية.
2 - لا يوجد تباين بين آراء المبحوثين بفئاتهم الثلاث فى أداء الدور الإعلامى التنموى للمشروع.
3 - اتفق المبحوثين بفئاتهم الثلاث على أن المرشدين الزراعيين هم المصدر الأول الذين يستقون منهم معلوماتهم.
4 - يوجد تباين واضح بين فئات المبحوثين الثلاث فى تعرضهم لمصادر المعلومات حيث كانت قيمة (ف) معنوية عند مستوى 0.01، وكذلك كانت قيمة معامل فريدمان معنوية عند مستوى 0.05.
5 - أن درجة تعرض المبحوثين لمصادر المعلومات هو المتغير المستقل ذا الارتباط المعنوى عند مستوى 0.01 بآراء المبحوثين بفئاتهم الثلاث فى درجة أداء المشروع للدور الإعلامى التنموى.
6 - أن درجة الطموح للزراع المبحوثين، والمرأة الريفية المبحوثة هو المتغير المستقل ذا الارتباط المعنوى عند مستوى 0.05 بآرائهم فى درجة أداء المشروع للدور الإعلامى التنموى.
مقدمة ومشكلة البحث:
أصبح للإعلام فى عالمنا المعاصر أثر بالغ فى تكوين الرأى العام وتغييره، ولاسيما فى المجتمعات النامية التى تسعى للتخلص من إرث التخلف ومكوناته وعوامله، من خلال خلق جمهور واع يستطيع أن يفهم ذاته وحقيقة واقعه، ويسعى بالتطلع المشروع والإرادة الصلبة إلى البحث عن حل مشكلات مجتمعهم على اختلاف أنواعها، ومعالجة القضايا الهامة وتنمية القيم الأخلاقية والثقافية والقومية.
فالإعلام عامل أساسى فى نشر الأفكار العصرية وإشاعة المعلومات الحديثة المتصلة بنهضة المجتمع وخلق الشخصية الجديدة التى تتسم بروح التعاطف والتعاون والتقمص الوجدانى. وكل ذلك مبنى على تخطيط متوازن يتفاعل فيه الإعلام مع التنمية الاقتصادية، مع ضرورة قياس النتائج بالكيف لا بالكم لمعرفة مدى النجاح الإعلامى فى المساهمة فى حل المشكلات فى مجالات التنمية المختلفة، باعتبار أنه استثمار فى التغيير، واتصال بالجماهير يواكب عمليات التقدم الحضارى (15: ص29).
فمن خلال الاتصال الإعلامى يمكن إدماج الأفراد فى المجتمع وزيادة درجة الاهتمام لديهم بقضاياهم، وتقديم معلومات عن كيفية المشاركة، ووضع أجندة الأفراد تجاه مختلف القضايا وتكوين الفكر العام ووجهات النظر بشأنها (21: ص168).
كما أن وسائل الإعلام أدوات أساسية فى التنمية الثقافية باعتبارها وسيلة من وسائل التوصيل الثقافى، وانتقاء المحتوى وإبداعه وصياغة القالب الثقافى للمجتمع وتحقيق ذاتيته، وإحداث التنمية الثقافية المستهدفة وحمايتها ودعمها وتعزيزها وتحقيق التبادل الثقافى الحر مع الثقافات الأخرى (14: ص ص 23-25).
ويؤدى الإعلام التنموى دوراً مهماً فى استثارة الأفراد بأهمية قضايا التنمية، ولهذه الاستثارة نفسها دورها الهام فى الإقناع، حيث أنه يهيئ المناخ الملائم لإجراء عملية الإقناع بقبول الأفكار الجديدة والمستحدثة، لأن التنمية وتطور المجتمع رهن بدرجة مشاركة أهالى الريف فى كافة خطوات التنمية ابتداء من خلق الفكرة وحتى نهاية تنفيذ الخطة أو البرنامج الموضوع (14: ص 39).
ويؤكد أبو الخير (1: ص32) على الدور الإعلامى التنموى فى المشاركة، حيث أن المشاركة هى العملية التى يستطيع الريفيون أن ينظموا أنفسهم، ومن خلالها يستطيعون تحديد حاجاتهم والإسهام فى تخطيط وتنفيذ وتقديم الأعمال الهادفة والموجهة لتنمية مجتمعهم باعتبار أن التنمية تنبع منهم وتصب لديهم، وأن هؤلاء هم صانعوها علاوة على خلق علاقات متبادلة لتحقيق أهداف مشتركة.
ويرى الطنوبى (7: ص ص 294-295) أن الإعلام التنموى يسهم بفاعلية فى رفع مستوى الأمانى والتطلعات لدى الريفيين، فتحدث عملية التنمية عادة مع وجود زيادة فى الطموح، أى أنه لابد من حث الناس وإثارتهم للسعى من أجل حياة أفضل ومن أجل الإسراع بالتنمية القومية. ومن المعتقد أن وسائل الإعلام قادرة على زيادة الطموح الشخصى خاصة وأن الريفيون يتميزون بانخفاض مستوى طموحهم كنتيجة لنقص الموارد وانغلاق الفرص وتقليدية حياتهم.
ويمكن إيجاز الدور الإعلامى فى التنمية فى أن وسائل الإعلام قنوات ذات فاعلية فى نشر المعلومات، وتصل إلى غالبية الجماهير مباشرة. كما أن هناك علاقة بين التعرض لوسائل الإعلام والإدراك الاجتماعى، وأن التعرض لوسائل الإعلام التنموى يوسع آفاق الريفيين ويوجه اهتماماتهم إلى المسائل القومية والمحلية، فضلاً عن أن التعرض لهذه الوسائل متصل بطموح الفرد تجاه نفسه وأبنائه ويتصل بمعرفة قضايا محددة للتنمية والإسراع بخطاها (7: ص ص 396-397).
ولكى يؤدى الإعلام دوره المنوط به، فقد أورد التل (2: ص ص 99-100) عدداً من الشروط التى يلزم مراعاتها وهى: أن يهتم الإعلام بالوظائف التنموية، حيث يؤدى دوره فى تلبية الحاجات الحقيقية للمجتمع لا أن يكون وسيلة للترفيه والتسلية، وأن يساهم بالدعوة إلى المشاركة المجتمعية المحلية الواسعة فى الأنشطة التنموية بما يخدم تطلعات وقضايا الأمة. كما يجب أن يعمل على حماية وتماسك وترابط المجتمع. فضلاً عن حماية المجتمع من غزو القيم الغريبة التى تهدد البنية التحتية من تفكك الأسرة وتمرد الشباب ونشر البطالة والفراغ. هذا بالإضافة إلى إذكاء روح الفاعلية والنشاط فى المجتمع المحلى والنهوض بالمؤسسات المحلية.
وعلى الرغم من الأهمية الكبيرة للدور الإعلامى فى التنمية، فإن مفهوم الإعلام التنموى قد ظهر حديثاً خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين فى إطار تجارب ومحاولات الدول النامية تنفيذ السياسات التنموية التى أعطتها الأولوية، حيث اعتبروا أن الإعلام حيوياً وهاماً فى تعبئة الأفراد خلف هذه السياسات للإسراع بعملية التنمية. ومن هنا برز دور وسائل الاتصال الجماهيرية لدفع عملية التنمية، وبدأ الترويج لمفهوم الإعلام التنموى كطرح مقابل للنماذج الغربية، باعتبار أن ماهو صالح للتطبيق فى الدول المتقدمة ليس صالحاً بالضرورة للدول النامية، بسبب اختلاف مراحل التطور الاجتماعى من ناحية، واختلاف الواقع الاقتصادى والاجتماعى والسياسى والحضارى من ناحية ثانية، وهو ما يطرح واقعاً متميزاً للدول النامية (9: ص ص 446-456).
فبرامج التنمية للمجتمعات الريفية أصبحت تحتل بؤرة اهتمام المؤسسات الدولية وحكومات الدول خاصة فى البلدان النامية. وترجع هذه الأهمية إلى حقيقة هامة ألا وهى أن الغالبية العظمى من سكان الدول النامية لا تزال تعيش وتعمل فى هذه المجتمعات وغنى عن البيان أنها مجتمعات طال حرمانها وتخلفها. وينبثق هذا الاهتمام أيضاً من إيمان هذه الدول بأن الاتجاه نحو التطوير للمجتمعات الريفية المحلية يعتبر بمثابة اللبنة الأولى فى تطوير المجتمع بأكمله، وأن رخاء الأمة ورفاهيتها يتوقف إلى حد كبير على الأوضاع المعيشية التى يتمتع بها المواطنون فى هذه المجتمعات، وتنمية هذه المجتمعات يهدف إلى إحداث تغييرات اجتماعية، وقد يكون هذا التغيير مادياً يسعى إلى رفع المستوى الاقتصادى والتكنولوجى للمجتمع، وقد يكون معنوياً يستهدف تغيير اتجاهات الناس وتقاليدهم وميولهم. ويوصف التغيير الاجتماعى بأنه كل تحول يقع فى مجتمع من المجتمعات أو القيم أو المعايير السائدة أو أنماط السلوك ونوع العلاقات القائمة بين أفراده وجماعاته. والتغيير الاجتماعى ينبغى أن يكون عملية مقصودة لا تترك لعفوية الظروف (16: ص 17).
فالتنمية الريفية هى عملية تغيير ارتقائى مخطط للنهوض الشامل بمختلف نواحى الحياة اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وبيئياً، ويقوم بها أساساً أبناء المجتمع الريفى بنهج ديمقراطى وبتكاتف المساعدات الحكومية بما يحقق تكامل نواحى النهوض. وأيضاً تكامل المجتمع النامى مع مجتمعه القومى الكبير (16: ص 19).
والتنمية طبقاً لتعريف الأمم المتحدة هى النمو الذى يصاحب التغيير، والتغيير بدوره اجتماعى وثقافى بقدر ماهو اقتصادى، وهو يشمل الكم والكيف معاً،
ويورد كل من الديك والأسعد مفهوماً آخر للتنمية عن الأمم المتحدة حيث أشارا إلى أنها تدعيم المجهودات ذات الأهمية للمجتمع المحلى بالمجهودات الحكومية وذلك لتحسين الحالة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فى المجتمعات المحلية ولمساعدتها على الاندماج فى حياة الأمة والمساهمة فى تقدمها بأقصى قدر مستطاع (5: ص 22)
أما شاهيناز طلعت (11: ص 129) فإنها تشير إلى التنمية الريفية بأنها نوعاً خاصاً من التغيير الاجتماعى حيث يتم إدخال أفكار جديدة على المجتمع بهدف زيادة دخل الفرد والارتفاع بمستوى المعيشة عن طريق استخدام وسائل إنتاجية أكثر عصرية وتنظيم اجتماعى مطور.
ويؤيد العبد (8: ص 78) هذا المفهوم حيث ذكر أن المقصود بتنمية المجتمعات المحلية فى الدول النامية إتباع الأساليب الحديثة فى العمل الاجتماعى والاقتصادى فى مناطق معيشتهم، تقوم على إحداث تغيير حضارى فى طريقة التفكير والعمل والحياة عن طريق إثارة وعى البيئة المحلية به. إن لم يكن ذلك الوعى قائماً أو بتنظيمه إن كان قائماً ثم المشاركة فى الإعداد والتنفيذ من جانب أعضاء البيئة المحلية جميعاً فى المستويات الممكنة عملياً وإدارياً.
وبلا شك فإن مشروعات النهوض بالمجتمع لن تنجح وتتأصل فى حياة هذا المجتمع وتؤدى دورها بفاعلية لاستثمار الفائدة المرجوة منها مالم يشارك أفراد المجتمع فى هذه المشروعات لأنهم أكثر إحساساً من غيرهم لما يصلح لمجتمعهم. ويتشكل المجتمع الريفى من الزراع والشباب الريفى والمرأة الريفية وهم جميعاً هدف التنمية ووسيلتها. وإن كان الزراع يمثلون عماد الحاضر والمرأة نصف المجتمع وشريك أساسى، فإن الشباب الريفى هم أمل المستقبل، وهم أكثر فئات المجتمع استعداداً لتقبل التغيير والتحمس له وهم فى مرحلة سنية مبكرة لم تثبت فيها بعد قيم المجتمع وتقاليده وأعرافه المتوارثة فى وجدانهم مثل من سبقوهم فى العمر، وبالتالى فإن القيم الجديدة لا تلقى فى نفوسهم ذات المقاومة التى يمكن أن تلقاها لدى الأكبر سناً (16: ص25).
والواقع أن الشباب فى أى مجتمع طاقة قومية يجب الاستفادة بها فى دفع عجلة التنمية، كما أن تعليم وتدريب الشباب استثمار فى كل من المدى القريب والبعيد، فيساهم الشباب فى أنشطة منتجة تحقق نتائج سريعة فى خطة التنمية، بينما فى المدى البعيد يتحمل الشباب مسئولية اقتصادية واجتماعية وثقافية وقومية مستقبلية (6: ص166).
وتمثل المرأة نصف المجتمع ومربية أجياله والمسئولة عن رعاية الأسرة وتنظيم معيشتها، وتلعب غالباً دوراً غير معلن فى القرارات الأسرية وبالتالى يمكن توظيفها فى حركة التنمية بما يتناسب مع مكانتها (16: ص 26).
ولذلك فإن الإعلام الموجه للمرأة لابد له من مراعاة دورها، إلا أن منى الحديدى (4: ص215) وجدت فى دراستها أن وسائل الإعلام تعالج قضايا المرأة بشكل نمطى تقليدى، وتهمل فى مناقشة الموضوعات التى تسهم فى تنميتها. كما أن هذه الوسائل تركز على اهتمامات الشرائح العليا للمرأة فى العاصمة والمدن فقط. وأشارت كل من كارولين وليم (20: ص ص 849-856) إلى ذلك المضمون أيضاً فى دراستهما.
أما عواطف عبد الرحمن فقد ذكرت (13: ص 218) أن وسائل الإعلام الجماهيرية لم تهتم بقضايا المرأة والتنمية بالقدر المناسب. وأن هناك غياب شبه كامل عن الاهتمام بقضايا المرأة الريفية.
وفيما يتعلق بالزراع فإن سويلم (10: ص 111) يرى أن الرسائل الإعلامية الموجهة بوسائل الإعلام يلزم أن يكون مضمونها مثيراً للانتباه والاهتمام ويعالج موضوعات تتصل بحياة الزراع ومشاكلهم بطريقة سهلة الفهم والدفع للمشاركة الواعية فى برامج التنمية.
وفى ضوء ما تم استعراضه من دور هام للإعلام وبخاصة الإعلام التنموى فى تنمية الريف بكل فئاته، فإن هذا الدور بحاجة إلى دراسته للتعرف على درجة أداء وظائفه فى الواقع العملى ومدى مؤازرته لخطى التنمية التى تمارسها أحد مشروعات التنمية بالريف المصرى ويمثلها مشروع التنمية الريفية بمحافظة البحيرة وذلك من وجهة نظر المستفيدين بخدماته.
وتتضح أبعاد المشكلة من خلال التساؤلات المطروحة وهى:
تساؤلات البحث:
- هل أدى مشروع التنمية الريفية دوره الإعلامى وفقاً لرؤية المستفيدين بخدماته؟
- هل هناك اتفاق بين آراء فئات المستفيدين بخدمات المشروع على درجة الأداء الإعلامى التنموى؟
- هل وفر المشروع مصادر متنوعة لمعلومات المستفيدين بخدماته، لتوسيع آفاقهم الفكرية، ومهاراتهم العقلية والأدائية؟
- ماهى العلاقة بين المتغيرات المستقلة لفئات المستفيدين بالمشروع ورؤيتهم فى أداء المشروع الإعلامى التنموى؟
- ماهى المعوقات أمام أداء المشروع لدوره الإعلامى التنموى؟
ساحة النقاش