ومن المعروف ان الرياح لاتستطيع ان تثير الاراضى الرطبة او المروية او المغطاه بالنباتات، فمثل هذه المناطق تعطيها الرياح مماتحمله ولاتأخذ منها شيئا.
ويسود فى بلادنا مايسمى بالرياح التجارية معظم ايام السنة وهى رياح ذات سرعات مقبولة او متوسطة لاتسبب اضرارا للنباتات. كما تتعرض البلادعادة فى اوائل مارس لرياح شديدة البرودة تسمى "برد العجوز" التى تستمر لعدة ايام فقط إلا انها تؤدى الى موت النموات الحديثة او الازهار.
وعكسها تماما "رياح الخماسين" التى تتعرض لها البلاد سنويا خلال شهرى ابريل ومايو وهى موجة من الرياح الحارة المحملة بالرمال تاتى من الجنوب ولاتحمل معها خيرا ابدا بل تسبب اضرارا بالغة لجميع النباتات النامية خاصة الاشجار ذات الاوراق العريضة مثل الموز والتين والمانجو او الاشجار المطعومة على اصول لاتتميز بنقطة التحام قوية مع الطعم .
وكلنا يعتقد ان الريح تتحرك فى اتجاه واحد لكن الحقيقة فان الريح تتحرك فى اربع اتجاهات فى وقت واحد..
فالرياح لها اتجاه واحد يحملها الى الامام ولكن الثلاث الاتجاهات الاخرى تحدث من خلال الحركة الامامية ايضا.
احد هذه الاتجاهات يدور فيها الريح بسرعة عند القمة مكونا مايشبه القمع وهو مانسميه "بالدوامة" والثانى يشبه ما نفعله عندما نطفىء شمعة ويسمى "بالعاصفة". والرياح التى تتحرك فى دوامات لاتتحرل للامام ولكنها تعترض طريق الحركة الامامية. اما الرياح التى تتحرك فى عاصفة فانها اما تتحرك الى الامام او تعترض طريق الحركة الامامية ايضا ، وسواء هذا او ذاك فانها تتحرك بسرعة عاصفة وعندما تتخترق هذه الرياح العاصفة طريق الدوامة تبدا الحركة الرابعة للريح وهى "الدوران فى حلقات" .
وهذه الاتجاهات الاربع لحركة الريح تساهم جميعا فى تحريك وحمل الغبار والرمال الناعمة بثلاث طرق هى
الزحف على السطح Suface creep او الوثب Saltation او فى معلق Suspension وتحدث كل هذه التحركات الثلاث فى وقت واحد.
ولاتخطىء العين المجردة فى تقديرالظواهر التى تحدثها الرياح فى الصحراء وهى عديدة ومن اهمها:
-تغطية سطح التربة بالرمال (على صورة تموجات).
- تكوين التلال الرملية فى بعض المناطق
-تجمع الرمال امام اى عائق مثل المبانى والاشجار
- ترسب الرمال فى باطن خطوط الزراعة والقنوات
- تجمعها حول النباتات المفترشة والتى تكاد تردمها او تغطيها
- بالاضافة الى قلة او انعدام الرؤية عند اشتداد العواصف الرملية
وبشكل عام فان من سمات الصحارى الجافة انتشار الرواسب الهوائية والتى تعرف باسم الرمال السافية وابرز اشكالها الكثبان الرملية والغرود
وتغطى الرواسب الرملية مساحة كبيرة من المساحة الكلية لمصر حيث تبلغ 16% من مساحة مصر .اى اكثر من خمس اضعاف المساحة الزراعية والآهلة بالسكان (مساحة الوادى والدلتا 3.5% من المساحة الكلية)
وناتى لكيفية التعامل مع الرياح والوقاية منها
لاشك ان الرياح تشكل اهم عنصر فى العوامل المناخية المعنية بتعرض الاراضى للانجراف نتيجة تحريك الحبيبات كما تؤدى الى انهاك التربة والغطاء النباتى خلال تنقل الحبيبات بحركة الوثب وايضا الى جلب قوى لرمال غير محلية او اعادة تحريك رمال محلية ثابتة
وبالتالى لابد من الوقاية من الرياح ومقاومة هذا الانجراف حتى يمكن تقليل الخسارة والحد من الاضرار الناتجة.
واختيار الطريقة المناسبة للوقاية من الرياح يتوقف دائما على ظروف الحقل ونظام استغلال التربة علاوة على نوع المناخ السائد فى المنطقة ويمكن استخدام اكثر من طريقة حتى يمكن الحصول على افضال النتائج.
ومن اهم هذه الطرق
الاشجار والاسيجة النباتية والشباك البلاستيكية والغطاء النباتى ودعنا الان نناقشتها باختصارونبدا بالنقطة التالية
الوقاية من الرياح بالاعتماد على الاشجار
بداية لابد ان نعرف ان هبوب الرياح بسرعة اقل من 13-15 كم /ساعة وعلى ارتفاع حوالى 15سم فوق الارض لايؤثر على سطح التربة وبناءا على ذلك امكن الاستفادة من هذه المعلومة فى مقاومة تاثير الرياح وذلك بوضع العديد من الموانع فى طريق مجرى الرياح لتعطيل سرعتها بحيث لاتتجاوز 13-15 كم/ساعة. ويجب وضع العوائق بالقرب من بعضها بحيث لاتستطيع الرياح ان تهب بسرعة اكبر من 13-15كم/ساعة عند اى مكان مطلوب حمايته كما يجب ان تكون مرتفعة للدرجة التى تقلل سرعة الريح على ارتفاع 15سم او اكثر من سطح الارض
ومن سنن الطبيعة ان الاشجار والنباتات هى المكلفة بهذه المهمة !
فلماذا لانستخدمها خاصة اشجار الكازورينا وغيرها من النباتات .
كما ان زراعة الاشجار سهلة ورخيصة وتعتبر من اكثر الوسائل فاعلية فى خفض سرعة الرياح وتخفيف اضرارها وتعمل على تغيير اتجاه الرياح الى اعلى بعيدا عن سطح التربة
لذلك نوصى بزراعة ثلاث صفوف من الاشجار على ان يكون الصف الاوسط من الاشجار التى لها ميزة النمو المرتفع لتساعد على انحراف الرياح الى اعلى باستمرار
ويجب ان نعلم ان كل متر من ارتفاع الشجرة يحمى من 8-16متر من المساحة التى خلفه بمتوسط 12متر وبالتالى تعتبر حماية محدودة.
وتجدرالاشارة الى انه يجب العناية الجيدة باشجار المصدات على حدود المزرعة حيث انها تمثل خط الدفاع الاول للمزرعة. والمسافة بين الخطوط يجب الاتقل عن 2.5متر و 2متر بين الاشجار فى الصف الواحد.
كما اننا نحتاج الى خطوط دفاع من الدرجة الثانية تخترق المزرعة كل من 100 الى 200متر بطريقة متعامدة على خطوط اشجار المصدات الخارجية وتكون هذه المصدات الداخلية من خط واحد من الجازورينا او خطين على الاكثر بمسافة بين الخطوط اقل من الاولى فتكون فى حدود 1.5متر ولكن تظل المسافة بين الاشجار فى الخط كما هى 2متر.
ولتقريب الموضوع نضرب مثالا ، ولله المثل الاعلى
لديك مزرعة فى منطقة ما وتبلغ سرعة الرياح فى هذه المنطقة فى حدود من 20-25 كم/ساعة. ويتطلب الامر منك الى خفض سرعة هذه الرياح الى 15كم/ساعة لكى لايحدث انجراف للتربة .. وبالتالى مطلوب تصميم للحماية الكاملة لمزرعتك باستعمال مصدات للرياح متوسط ارتفاعها حوالى 10متر ؟
الحل
بداية يجب ان تعلم ان تقليل سرعة الرياح يتوقف على
-سرعة الرياح
-اتجاه العئق بالنسبة لها
-كثافة العائق وسمكه وارتفاعه
وبما ان الحماية الكاملة مسافتها لاتتعدى مسافة طولها يساوى 12 ضعف ارتفاع المصد الذى يبلغ حوالى 10متر
اذن مدى الحماية=10×12= 120متر خلف المصد
اذن يجب وضع صفوف من المصد عمودية على اتجاه الريح كل 120متر لكى تقلل سرعة الرياح وتبعثرها
وناتى الآن للاشجار التى يمكن استخدمها كمصدات للرياح
ونقول انه يجب ان تتوافر فيها بعض الشروط الاساسية ومنها
ان تكون اشجار سريعة النمو ومستديمة الخضرة وكثيرة التفريع وتنمو لارتفاعات كبيرة ايضا وغير قابلة للاصابة بالامراض والحشرات وتكون جذورها راسية غير منتشرة حتى لاتمتد افقيا تزاحم المحصول الاصلى بالاضافة ايضا انها تعطى عائدا اقتصاديا من الاخشاب الصلبة.
وتتوافر هذه الشروط فى الاشجار الاتيه
1- الكازورينا Casuarina Spp وهى تعتبر افضل مصد للرياح
2-السرو Cupressus Spp ويعاب عليه بطء النمو
3-الكافور Eucalyptus Spp ويعاب عليه امتداد الجذور افقيا وكثرة الظل الذى يعطيه بالاضافة الى اصابته بالحشرة القشرية.
4- العبل Tamarix articulata يتحمل الملوحة ولكن يعاب عليه بطء النمو.
ويتطرق بنا الحديث الى ....
-استخدام الاسيجة النباتية بدلا من الاشجار
فى بعض الحالات نجد انه قد لاتحتاج بعض المزارع الصغيرة الى اقامة المصدات العالية خاصة فى حالة زراعات الخضر حيث ان هذه النباتات المستخدمة تعمل كسياج ومصدات رياح فى آن واحد ومن اهمها:
- التين الشوكى : وهو من افضل انواع الاسيجة علاوة على استعماله كعلف للحيوان وفاكهة مرغوبة للانسان ويتحمل الجفاف بدرجة كبيرة.
-ابريا كافرا Aberia Kaffra
-ورد الشبيط Rosa bractiata
كماانه توجد طريقة اخرى وهى استخدام الشباك البلاستيكية بدلا من الاسيجة حبث توجد فى الاسواق شباك بلاستيكية منفذة للهواء بنسبة 50% فقط ومعاملة بمواد تزيد من مقاومتها للاشعة فوق البنفسجية وتستخدم هذه الشباك كمصدات رياح فى المزارع الصغيرة تثبت فى صفوف متوازية تبعد عن بعضها البعض بمساحة تقارب عشرة اضعاف ارتفاعها
وهناك طريقة اخرى يطلق عليها بالحماية الخاصة وهى تبنى على اساس الاقوى يحمى الضعيف والاطول يحمى ماتحته طبقا لنظرية الادوار العليا تحمى ما تحتها وهو مايسمى بطريقة المخبأ
فتزرع اشجار المانجو وبينها اشجار اليوسفى والتى هى الاقوى والاسرع فى النمو لذا تقوم بدور الحماية لشجرة المانجو الصغيرة حتى تكتمل نموها.
كما يلجا البعض الى زراعة المانجو مثلا فى حماية النخيل على اساس ان اشجار النخيل تحمى ما تحتها وهذه الطريقة توفر الحماية الخاصة علاوة على زيادة المحصول من وحدة المساحة .
كما يمكن ايضا الوقاية من الرياح باستخدام الغطاء النباتى
حيث يبقى التفكير فى حماية التربة الزراعية خصوصا الطبقة السطحية والتى تتعامل معها الرياح وتعتبر هذه الطبقة السطحية من التربة اخصب المناطق فى قطاع التربة كلها والتى ساهمت فى بناءها كل من الطبيعة والانسان لعشرات السنين وعندما نخسر سطح التربة كله او جزء منه من خلال عاصفة او عواصف متتالية من الرياح فاننا نخسر من انتاجية المحاصيل التى هى ثمار مجهود الطبيعة والانسان
لذلك من افضل طرق حماية التربة هى زراعتها لتغطى باستمرار بالنبات النامى عندما يكون حيا او ببقاياه عندما تنتهى دورة حياته لانه كما ذكرنا من قبل ان النبات هو الابن الشرعى للتربة الذى ترعاه دائما ويحميها هو طوال حياته وحتى بعد انتهاء دورته الزمنية الى ان يكبر الجيل الجديد الذى يليه وهكذا تتوالى نوبات الحماية من النبات للارض كاحد سنن الحياه . ولن تجد لسنة الله تبديلا .
اما الاراضى المكشوفة (وهى التى لاتغطيها النباتات) فان الرياح تعمل على تعريتها اكثر وهذا ما يحدث فى اراضينا الرملية الناعمة والمفككة دائما . لذلك فان الغطاء النباتى كالزراعات الكثيفة او محاصيل الرعى يعمل على تقليل سرعة الريح ولاتستطيع الرياح فى هذه الحالة ان تاخذ ذرات جديدة من سطح التربة نتيجة وجود الغطاء النباتى .
كما يمكن استخدام بقايا المحاصيل لهذا الغرض ايضا
حيث يلجا بعض المزارعيين الى تنظيف الحقل من هذه البقايا عند الاستعداد لتجهيز الارض لمحصول جديد وعادة مايكون هذا التنظيف بالحرق او الرعى عدة مرات بالحيوانات الكانسة (الاغنام والماعز).
وتعتبر هاتان العاداتان من العادات السيئة واشد خطرا على التربة من الريح نفسها وقد يقول المزارع ان هذه البقايا تعطل حرث وتقليب التربة كما انها قد تقلل من خصوبة التربة عندما يحتفظ بها على السطح.
وهذان السببان فى نظره اكبر من ان يتكافئا مع حماية التربة وتحسينها عندما تترك كا البقايا النباتية بدون حرق.
وهذا الفهم غير صحيح بالمرة وضرره اكثر من نفعه فى حقيقة الامر ، فالزراعة العلمية الآن تتطلب الحراثة باقل اثارة للتربة او فى بعض الاحيان بدون حراثة Zero Tillage حتى تبقى التربة مقاومة لتعرية الرياح ومغطاه دائما ببطانية منسوجة من الاعشاب وبقايا المحاصيل السابقة بقدر الامكان ولاتجهز التربة للزراعة الا وهى رطبة وبدون سحقها بالآت الحرث الثقيلة.
واتمنى من الله جل وعلا ان اكون وفقت فى توصيل المعلومة او ماريده الى القارىء.
وفقنا الله جميعا...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
ساحة النقاش