زراعة الصحراء

إرتبطت مصر وحضارتها بالزراعة  التى ظلت منذ أقدم العصور مصدر لرخائها وتقدمها كما تعتبر الزراعة بالنسبة لمصر أهم منابع الحياة وإزدهارها. وعلى الرغم مما شهده العالم من تقدم فى الصناعة ، فإن الزراعة تزداد أهميتها باعتبارها المصدر الأساسى للغذاء فى عالم يتضاعف عدد سكانه فى مدة لا تجاوز ثلاثين عاماً .

ولقد حبا الله مصر بسبعة ملايين من الأفدنة ذات السطح المستوى من الأرض السمراء الرسوبية التى تعتمد فى إنتاجها على النيل وإبنه الفلاح المصرى ولكن دوام الحال من المحال ولابد من الخروج الى الصحراء بحثا عن مزيد من الاراضى المنتجة والتحول الى إستخدام موارد حدية أو تحت حدية فى هذه الأراضى الجديدة وتحت ظروف مياه محدودة الكمية وفقيرة فى النوعية  ويتطلب هذا التحول المستمر شطر الصحراء  إستثمارات ضخمة بالطبع.

وزراعة الصحراء بدات فى الانتشار منذ إقامة القناطر الخيرية فى سنة 1861 وشق الرياح البحيرى والذى أدى توصيل مياه النيل من خلاله الى زراعة مساحات كبيرة من الأراضى الصحراوية بغرب الدلتا المتاخمة لمحافظة البحيرة . وتكررت المحاولة فى شرق الدلتا بعد شق ترعة الاسماعلية حيث تم إستصلاح وإستزراع مساحات أخرى من الأراضى الصحراوية ضمن نطاق محافظة الشرقية.

ثم بدأت الدولة أولى تجارب زراعة الصحراء سنة 1954 بانشاء مديرية التحرير ثم تكفلت الدولة بتوصيل مياه النيل بالرفع الى ترعة النوبارية وترعة النصر لتخترق الصحراء غرب الدلتا وتنتشر الزراعة الصحراوية المدعومة بالمياه السطحية وواكب ذلك إستخدام تكنولوجيا الرى بالرش Sprinkler irrigation system ولكن كان على إستحياء بين قبول ورفض نظرا لحداثة النظام وعدم توافر الخبرة أو العمالة الفنية. وبحلول عام 1979 تم إنشاء مشروع الصالحية وأدخل به نظام الرى المحورى وتوالى بعد ذلك التوسع فى زراعة الصحراء ومازلنا فى الطريق لتغير مفهوم الزراعة والانسان المصرى والتحول الى الزراعة الصحراوية من خلال إطار شامل لتعظيم الاستفادة من هذه الأراضى مع المحافظة على المساحة المتبقية من أراضى الوادى والدلتا وخلق مجتمعات حضارية جديدة بداخل الصحراء حيث بدأ إنتشار وتوزيع السكان فى المناطق الصحراوية يلاقى القبول عند البعض بعد حدوث طفرة كبيرة فى السنوات الاخيرة فى التوسع الأفقى وهو يعتبر أمر ضرورى فالجميع يعرف جيدا أن الأرض والماء من الموارد الطبيعية التى تعتبر مصدر القوة لأى أمة بل للبشرية كلها ، لذلك لابد من إستخدام هذه الموارد الاستخدام الأمثل وتنميتها والمحافظة عليها بكل المقاييس جيلا بعد جيل... فلم تندثر الحضارات المزدهرة فى العصور السابقة إلا نتيجة إهمال إستخدام الأرض والماء.

جارى التحميل

د/إبراهيم عبد العاطى أبوعامر

Abou-Amer
دكتور باحث بمركز بحوث الصحراء بالقاهرة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

117,459
جارى التحميل