أثناء التحقيق معي من قبل أحد محققي الأمن الداخلي في غزة أجاب هو عن سؤال
كان المفروض كأن يسألني عنه عندما وجه حديثه لي ليدون في ملف التحقيق , أنت فتح طبعاً
فكان ردي صحيح أنا فتح فسألني السؤال الثاني منذ متى ؟؟
احترت كيف أجيبه و كيف أرد عليه , هل أجيبه بأني انتميت لحركة فتح مع بداية ادراكي لما يدور
حولي و مع رؤيتي لخروج الأهل و الجيران من المنازل بعد أنرفعوا الرايات البيضاء عليها بناءً
على أوامر جيش الإحتلال , هذه الصورة التي مازالت في مخيلتي حتى اللحظة و كنت يومها قد تجاوزت السنة
الرابعة بقليل . رأيت أبي و أمي و جميع من في البيت و جيراننا كلهم يسيرون باتجاه لم أكن أعرفه
رافعين أيديهم إلى الأعلى و الدموع تنهمر من الأعين , تلك الدموع التي لم أعرف كنهها حتى كبرت 
و بدأت أدرك الواقع لأدرك انها لم تكن دموع الألم بل كانت دموع القهر و المرارة المرة الناتجة عن نكسة
عام ألف تسعمئة و سبع و ستين , قد كانت دموع رجال فقدوا الأمل . و لم يمض عام على ذلك حتى رأيت البسمة
و الفرحة تشرق في هذه العيون من جديد و سمعت أبي و هو يقول قد فعلها و فعلوها و كطفل لم أحاول 
أن أسأل من الذي فعلها و من الذين فعلوها و لكن الاسم الذي كان يردده في هذه اللحظة هو ابو عمار
و كانت أول مرة بهذا الاسم أبو عمار و فتح . رسخ هذان الاسمان في ذاكرتي , ذاكرة الطفل الصغير و يعود 
يتردد اسم ابو عمار كثيرا على ألسنة النسوة في أهازيج الأفراح و التي أذكرها حتى اليوم و منها
اهدوا لأبو عمار طيارة حربية
تضرب مطار اللد , ترجع بحرية
أجل هو أبو عمار و هي فتح و من هنا أعتقد بدأ ارتباطي العاطفي كطفل بهذين الاسمين و بدأت أحب هذين
الاسمين حتى كان عام ألف تسعمئة و ثمان و سبعين , كان أبي يتابع الأخبار على الراديو , فدولة الاحتلال
تهاجم الجنوب اللبناني و سطرت المقاومة أيات من الصمود و التحدي و كنت اسمع المذيع و هو يذكر
الجنوب اللبناني باسم فتح لاند . من هذه اللحظة زاد تعلقي بحركة فتح و بأبو عمار و اخوته فبدأ أبحث في
الصحف اليومية عن أي أخبار عن فتح و عن قيادة فتح و تتبعت سيرهم جميعا . حاولت أن أتقمص شخضية أحدهم
لكني لم أفلح فأدركت وقتها انهم فوق التقمص و فوق الوصف . كبرت و كبرت فتح معي أتألم لألمها و أفرح 
لفرحها و عندما كنت أسأل أبي شيئا عن فتح رجالها كان ينهمر علي كما المطر بمعلوماته التي يسمعها
ثم كانت حرب الصمود , حرب بيروت عام ألف و تسعمئة و إثنان و ثمانين ( 1982 )فأمضيت وقتي جله
أتابع أخبار هذه الحرب و ذلك وفقا لما يذكره تلفزيون دولة الاحتلال فقط لعدم تمكني من رؤية قناة أخرى
فعشت ملحمة الصمود في لبنان وبيروت خاصة و كنت أستمع لبعض قادة الاحتلال و هم يتكلمون أطفال الآر بي جي
فأي روح تلك التي بعثت في هؤلاء ليقاتلوا بهذه الشراسة في ظل تخاذل العواصم العربية جمعاء عن نصرته بل في 
ظل تعاون بعض الأنظمة العربية مع الإحتلال في عدوانه الغاشم هذا . تمنيت في هذه اللحظة لو أني أستطيع الوصول
لكل رجل أو شبل في جيش فتح يقاتل و إن لم أستطع أن أكون بجانبه مقاتلا فأضعف الايمان أن أغبر وجهي بغبار حذائه
كانت تلك فتح التي قادت هذه المعركة , كانت تلك فتح التي شرفت الأمة المتخاذلة من هنا كان انتمائي الفعلي
لحركة فتح و بدأت مشواري معها عمليا في كل ما ينطق به اللسان فهي لم تكن مغلقة بل كانت أبوابها مفتوحة للجميع
فرأيت فيها المسلم و المسيحي و اليوم و رأيت انها كانت تجمع تحت جناحيها جميع أطراف الطيف الفلسطيني من أقصى اليمين
إلى أقصى اليسار لتستحق و بدارة لقب أم الجماهير .
هذه هي فتح التي عرفتها و فتح اللي عشقتها حتى الثمالة و لكن أبت أيدي العابثين و المتسلقين 
من العلقات و الطفيليات إلا أن تتغذى على دماء فتح و تنهش عرضها لتترك في القلب غصة قليلا ما شعر بها قبل ذلك
فرحت أسأل نفسي مراراً من سمح لهذه العلقات و هذه الطفيليات أن تعتاش على دماء الفتح و كيف ترك الآخرون من أبنائها
هذه الطفيليات تنمو و تترع بل تتشعب فوق الجسد الفتحاوي و الآن يتباكى الجميع على فتح بل ان الطفيليات و بكل أسف
هي أكثر المتباكين .
من هنا يا اخواني أقول , ارحموا فتح وسارعوا بعلاجها و دعونا نكون يدا واحدة تجتث هذه الطفيليات و هذه العلقات 
من جسد فتح قبل أن تصل لروحها و هنا أخاطب القاعدة الفتحاوية التي هي أصل الفتح لا النخبة
فأنت من أوصلتم هؤلاء و هؤلاء و أنتم تنظرون . أما آن الأوان لنفتح أعيننا و ندرك ما يحاق بحق فتح
فتح تستنهضكم لنصرتها فهل لها من ناصر منك ؟؟ و تذكروا هي ليست أم الجماهير فقط بل انها رأس حربة المشروع الفلسطيني
في طريق تحرير الأرض و الانسان و عدوكم يدرك جيداً هذه الحقيقة و يتعامل مع فتح بادراكه لهذه الحقيقة 
فهل أنتم مدركون .

عاشت فلسطين حرة عربية مستقلة
عاست فتح 

الشاعر د . عبد الجواد مصطفى عكاشة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 150 مشاهدة
نشرت فى 2 مارس 2014 بواسطة AJawad

عبد الجواد مصطفى عكاشة

AJawad
مدير عام الموقع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

124,264