جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
عَلى رِسْلِكَ يَا أَبي
أنْظِرْني وَ لا تَرْحَلْ
فَأَنا أَسْمَعُ مِعْوَلَ جَدِّي
يَعْلو خَريرَ الجَدَاول
وَ أنْفاسُهُ نَغَمٌ
يُداعبُ خُضْرَ السَّنابِل
وَ أَسْمَعُ هَمْسَ الطُّيورِ
شَدْواً على وَقْعِ خُطَاهُ
تَحْتَ زَخَّاتِ القَنَابِل
لازالتْ صورةُ جَدِّي
تَحْضُنُها الأَقْمارْ
تُوقِظُ مَعْ نورِ الشَّمْسِ
عَلى الأرْضِ الحُبْلى
بِالثُّوارِ
ألفَ نَهارٍ وَ نَهارْ
عَلى رِسْلِكَ يَا أَبي
لا تَسْمَحَ للتَّاريخِ بِأَنْ يَكْتُبَهُ
الأَحْبارْ
لا تَسْمَحَ للكُهَّانِ
وَ عُبَّادِ الدٍّرهَمِ و السُّلطانِ
بِأَنْ تَحْمِلَ أَيْدِيَهُمْ خِصْلةَ شَعْرٍ مِنْ أُمِّي
كَي تُلقى بَينَ أَيَادِ التُّجارْ
فَالإسْخَرْيوطِيُ قَدْ عَادَ لِيَنْبِشَ قبرَ يَسوعْ
لِنَعودَ نسيرُ على دربِ الآلامِ
بِمِعاً خاويةً يَقرضُها الجوعْ
فَعَلى رِسْلكَ يا أَبي
وَ انْظرْ في عَيْنَيَّ تَرى
حِمَمَ البُركانْ
فَالغضبُ الكامنُ في صَدْري
يَتَفَجَّرُ كَالإعْصارْ
لأنِّي كِرِهْتُ حياةَ الرَّحيلِ
وَ أَرضَ المنافي
وَ خَيمةَ عاري
وَ عَيشَ الهَوانْ
وَ أنا أشربُ دَمعةَ أمِّي
حَسراتٍ تَتْلوها حَسَراتْ
أكتمُ صَمتي بينَ ضُلوعي
وَ أنينِ الآهاتْ
أَسمعُ أُنْشودةَ جَدِّي في البيدرِ
تَعْلو صوتَ الآذانْ
لِتلعنَ فينا الصَّمتَ
وَ تلعنَ فينا الإنسانْ
عَلى رِسلكَ يا أبي
إنْ كنتَ سَأرْحلُ فَإلى خَلفِ الأسوارْ
حَيثُ الدَّمْعةُ تَسقطُ مِنْ عينِ الأحْبابِ
كَجَمْره
حَتَّى أحْملُ مِعْولَ جَدِّي
وَ أُعيدُ إلى رَحْمِ الأمِ
غِراسَ الخيرِ
بِأطيبِ بِذْرَه
الشاعر د . عبد الجواد مصطفى عكاشة