<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
صحيفة الديار اللبنانية = أخبار دولية = بولا مراد
أردوغان يتخبط في عفرين ويدفع الثمن في الداخل التركي
6 شباط 2018
تصلح المواقف التي يطلقها الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان بخصوص الحملة العسكرية التي يشنها على منطقة عفرين السورية الحدودية منذ الـ20 من كانون الثاني الماضي، للاستثمار في الداخل التركي وبالتحديد في حملته الرئاسية التي انطلق فيها مبكرا لاستيعاب اتساع قاعدة معارضيه الذين لم يتوان باعتقال المئات منهم بتهمة التعبير عن الرأي! أما البناء على هذه المواقف للاطلاع على الوضع الميداني الحالي في عفرين، فلا شك أنّه لن يكون مجديا للباحث عن الحقيقة. وتكشف الخرائط الموزعة حديثا من قبل فصائل في ما يسمى بـ"الجيش الحر" الذي يقاتل بقسم منه إلى جانب أنقرة في ما يُعرف بعملية "غصن الزيتون"، أن القوات المهاجمة لم تتمكن بعد أكثر من 18 يوما على انطلاق المعركة إلا من السيطرة على بقع صغيرة متفرقة في الريفين الغربي والشمالي كما في الريف الشمالي الشرقي. وتناقض هذه الخرائط تماما إعلان أردوغان مطلع الشهر الجاري أنّه "لم يبق إلا القليل للسيطرة على عفرين"، وتظهر انّه لا يزال أمامه الكثير الكثير في ظل مقاومة كردية غير مسبوقة واستمرار توجه المقاتلين من منطقة الحسكة شرق سوريا عبر منبج ومناطق سيطرة الجيش السوري لدعم وحدات الحماية الكردية و"قوات سوريا الديمقراطية" في حربها لصد "العدوان التركي".
وترفض قيادة القوات الكردية الإقرار بسيطرة أنقرة وحلفائها على مناطق وبقع محددة في أطراف عفرين، إذ تؤكد ان المعارك والمقاومة لم تتوقف في أي من القرى التي دخلتها القوات المهاجمة والتي لا يتعدى عمقها الـ3 كلم، وتتحدث عن تدمير 11 دبابة تركية ومقتل العشرات من الجنود الأتراك. وتقر مصادر قيادية كردية بـ"شبه تخلي أميركي عنها في عفرين"، لافتة إلى ان "المصالح الأميركية قد لا تتقاطع مع مصالحنا في هذه المنطقة، لكن ما نحن واثقون منه هو أن واشنطن تتعاطى مع منبج حيث يتمركز عدد من قواتها كخط أحمر لن تسمح لأنقرة بتجاوزه رغم كل صراخ أردوغان وتهديداته".
ويعوّل الأكراد، وان كانوا لا يعلنون ذلك صراحة، على دخول الجيش السوري في مرحلة من المراحل لدعمهم في المعركة بوجه أنقرة، خاصة وأنّه يقدم لهم، وبحسب قيادتهم، دعما إنسانيا ومساعدات طبية، أضف أنّه سمح بمرور المقاتلين من الحسكة إلى عفرين عبر مناطق سيطرته. وقد وجهت "قوات سوريا الديمقراطية" ذات الغالبية الكردية، منذ انطلاق "غضن الزيتون" نداءين للجيش السوري للتدخل لصد الهجوم التركي، وهي لم تفقد الأمل بعد بذلك.
وقد صعّدت أنقرة مؤخرا بوجه واشنطن بعيد مقتل 7 من جنودها يوم السبت الماضي في الاشتباكات المستمرة في عفرين. إذ أد نائب رئيس الحكومة التركية بكري بوزداغ أن قوات بلاده ستتجه إلى منبج وحتى مناطق شرق الفرات إذا لم تنسحب وحدات الحماية الكردية منها، لافتا إلى ان "الجنود الأميركيين يواجهون خطر أن يعلقوا في القتال إذا ارتدوا بزات وحدات الحماية". ولطالما شكّل الملف الكردي ملفا خلافيا كبيرا بين أنقرة وواشنطن فجّر أكثر من مرة أزمة بينهما. وتطالب تركيا الولايات المتحدة الأميركية بتفهم "هواجسها وحساسيتها" من هذا الملف، فيما تتعاطى الأخيرة مع الوحدات الكردية كـ"ذراعها الميداني" داخل سوريا خاصة وأنّها أعلنت وبشكل واضح المنطقة الواقعة شرق نهر الفرات والتي تضم بمعظمها مناطق كردية، منطقة نفوذ أميركية مقابل مناطق النفوذ الروسية الواقعة غربي النهر إضافة إلى تلك المعروفة بـ"سوريا المفيدة".
وإذا كانت علاقة أكراد سوريا بواشنطن يسودها حاليا نوع من "العتب" نتيجة عدم تدخلها لصد الهجوم التركي على عفرين، فان علاقتهم بموسكو تدهورت وبشكل كبير لاعتبارهم ان روسيا "تتواطأ" مع أنقرة لاستهدافهم، خاصة بالسماح لها باستخدام المجال الجوي لعفرين والذي يُعتبر خاضعا للروس. وبحسب مصادر قيادية كردية، فان الأكراد يدركون تماما ان الدعم الذي تلقوه بفترة من الفترات من موسكو وبشكل كبير من واشنطن لقتال "داعش"، "كان يندرج بإطار تلاقي مصالحهما مع مصلحتنا، أما اليوم فان مصالح القطبين لا تتلاقى على ما يبدو مع مصلحتنا في عفرين، لكننا واثقون من أن ذلك لا ينسحب على منبج ومناطق شرق الفرات".
وبمسعى لاستيعاب النقمة المتنامية في الداخل التركي على عملية "غصن الزيتون" والتي أدّت خلال 17 يوما إلى مقتل 22 جنديا تركيا إضافة إلى 123 من المسلحين المدعومين من أنقرة مقابل 117 من الأكراد و 68 مدنيا سوريا، أعلنت الحكومة التركية مطلع الأسبوع الحالي أنها اعتقلت 573 شخصا بسبب انتقادهم أو احتجاجهم على الهجوم العسكري في بلدة عفرين. وقالت وزارة الداخلية التركية إن من بين المعتقلين 449 شخصا "نشروا دعاية إرهابية على وسائل التواصل الاجتماعي و124 شخصا شاركوا في احتجاجات".
وتأتي حملة الاعتقالات هذه بعدما تم الأسبوع الماضي اعتقال 11 من قيادات نقابة الأطباء وبينهم رئيسها، وهو ما أجج الاحتجاجات في الداخل التركي والمرجح أن تستمر وتتعاظم مع استمرار العملية العسكرية التركية في عفرين. إذ تؤكد كل المعطيات ان هذه العملية ستكون طويلة ومعقدة ومكلفة، بعكس ما أعلن أردوغان قبل انطلاقها متحدثا عن أنّها لن تدوم إلا أياما معدودة.
ساحة النقاش