<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
هل الأردن مستهدف من السعودية على خلفية تفاهمات مع إسرائيل على صفقة القرن التي تتطلب حسم مسألة القدس أولا بالصدمة والترويع.. وهل تطرف الأردن بالاعتدال والحيادية وخفض الصوت منتج
-“رأي اليوم”- فؤاد البطانية - كاتب عربي
كجزء رئيسي في سياسته الخارجية اختط الأردن سياسة التحالف والأحلاف واتخاذ المواقف العلنية من الأحداث الاصطفافات في المنطقة والعالم، وسار على هذه السياسة منذ نشأته في بداية عشرينيات القرن الماضي ولغاية حكم الملك عبد الله الثاني. وكان ذلك لأسباب حمائية تتعلق باستهداف الأردن كنظام من جيرانه ودول الطوق لعدم تقبل سياساته إزاء القضية الفلسطينية وتحالفه مع المعسكر الغربي، وما رافق ذلك من صراع سياسي مع المنظمات الفلسطينية على خلفية تمثيل الأردن للفلسطينيين في المحافل الدولية، باعتبار الوحدة بين الضفتين كانت ضما لا خيارا فلسطينيا أردنيا.
بل كانت الدول العربية تطالب الملك بفتح الجبهة الأردنية الطويلة مع إسرائيل لعمليات مقاومه وهي تعرف وضعه السياسي والعسكري والتحالفي. بمعنى ان سياسة الأردن بوضعه الخاص كانت قد جَعلت منه شماعة للعجز العربي ولذاك الاستهداف في حينه. وجعلت من لجوء الأردن لسياسة الأحلاف ركيزة أساسية لحماية النظام.
مع سقوط النظام العربي وتعرية الأنظمة العربية وسياساتها المزيفة زال الاستهداف العربي للنظام الأردني وانضم الأردن لجوقتها. وجاء الملك عبد الله الثاني وترك سياسة الاصطفافات والتحالفات الإقليمية والدولية واعتمد سياسة الابتعاد عن اتخاذ موقف واضح وعدم قطع الحبل مع أي دولة عربية وغير عربية، وكأنه يريد ان يمشي بلا مظلة بين حبة المطر والأخرى دون ان يبتل . فأصبح الأردن بلا لون ولا وزن، فاقدا لدوره المركزي التقليدي على الأصعدة العربية والإقليمية، والأهم على صعيد القضية الفلسطينية. وأصبح يتراءى للبعض أن ما يهم الأردن من القضية ليس أكثر من الرعاية الهاشمية للأماكن المقدسة.
لقد ترافق انحسار الدور الأردني التقليدي مع تمسك قيادته الهاشمية الشديد بحل الدولتين تجنبا لاستهداف إسرائيل للأردن كوطن بديل في الوقت الذي رسخت فيه إسرائيل واقعا جغرافيا وديموغرافيا على الأرض الفلسطينية لمنع قيام الدولة الفلسطينية، مما جعل من الملك الأردني أو القيادة الهاشمية هدفا أساسيا لإسرائيل. وتزامن هذا مع ترسيخ السقوط العربي وعدم اعتبار إسرائيل عدوة لكثير من الدول العربية التي باتت تخطب ودها، فركزت إسرائيل على التخلص من الملك باستعدائه وإنهاء دوره وإبعاده عن دور الشريك أو الوسيط في المسار الفلسطيني الإسرائيلي، وبتجاهل معاهدة وادي عربه، واتبعت سياسة أخرى وهي الحط من شرعيه القيادة الهاشمية القومية والدينية والوطنية، وتسريب أخبار ومعلومات ووثائق لم نسمع ضحدا لها من شانها ان تثير الأردنيين والفلسطينيين عليه.
ولم تقف إسرائيل عند حد فتح الخطوط على مصراعيها مع دول الخليج على حساب الأردن، بل بدأت في تسخيرها لمحاصرة الملك عبد الله ودولته ماليا وسياسيا. وللعلم هنا أو التذكير فإن العلاقة السعودية الهاشمية لم تكن يوما ومنذ خروج الهاشميين من مكة سليمة النوايا من الجانب السعودي، الطامح للشرعية الدينية والعربية ولأردن ضعيفا ومادا يده دائما، رغم ان الهاشميين استسلموا للأمر الواقع الذي فصلته بريطانيا وأصبحت ترعاه أمريكا ولم يعد يريد من السعودية سوى الدعم المالي.
وللأسف ، لم تبق دولة في العالم إلا وأصبحت تنظر إلى الأردن بأنه صبور ومتقبل ومفتاحه هو المال القليل أو الوعد به. وحتى الصندوق الدولي المسير أمريكيا لم يستفرد ويُسير بلدا في العالم كما يسير الأردن من اجل قرض يزيد الطين بله. أما هذه النظرة بالنسبة للسعودية فهي مزمنة واعتمدتها السعودية كسياسة لها مع الأردن منذ عقود طويلة وأملتها على غيرها أو علمتها لغيرها من دول الخليج. فقد اعتادت على ان تتخاطب مع الأردن في كل حركة له من خلال رسائل التلكؤ أو الحجب لمساعداتها التي توعد بها، في عملية ابتزاز واضحة دون وازع من ضمير عربي.
مخطئ من لا يعتقد اليوم بأن الأردن مستهدف من السعودية على خلفية جديدة لا تقوم هذه المرة على الابتزاز، بل في سياق التفاهمات الإسرائيلية السعودية وجزئيتها المتعلقة بصفقة القرن التي تتطلب حسم مسألة القدس بالصدمة والترويع كمقدمة أساسية لها ولتصفية القضية الفلسطينية في الأردن وسيناء. وهذا ليس كلاما لمقالات وتقارير صحفيه بل وثائق ومخططات طرحت على طاولات العواصم المعنية. وان الطرفين المستهدفين فلسطين والأردن محرجان ومترددان وعاجزان عن المواجهة وعن تفجير هكذا مخططات. فنراهما اعتذارين ودبلوماسيين للمحج والعراب السعودي حتى لا تحدث المواجهة التي تقلب الطاولة عليهما علانية، مع أنهما هما الشرق الأوسط وقوته السياسية لو توحدا.
لا أعتقد بأن سياسة الملك عبد الله القائمة على التطرف بالاعتدال والحيادية وخفض الصوت، إزاء الصراعات والأحداث السياسية القائمة والمتطورة بالمنطقة ستقوده أو تقود الأردن إلى ما يتمناه، ولا إلى ما يحمد عقباه. فالأردن كدوله هو مستقر الحدث والمؤامرة على القضية الفلسطينية، والأردن كنظام وطموحات يشكل عقبة أمامها ورهانا للمتفائلين. وإن رفضه لتفسير التصريحات والأحداث والتحركات السعودية على محملها لن يغير من واقعها شيئا. واستباق الأحداث أفضل من انتظارها.
الأردن أمام مشاكل قائمة وأخرى منتظر قيامها على حدوده الأربعة والتهديد المحتمل منها طبيعته عسكرية وأمنية لغايات إذا لم تكن سياسية فنتائجها ستكون سياسية. وليست له حوارات مباشرة بشأنها مع أصحاب الحدود ولا مع غيرهم تقوم على تفاهمات واضحة وإستراتيجية.
على الأردن أن يعلم بأنه أمام قيادة سعودية تبدو هوجاء جدا وانتقامية، انسلخت عن ماضي السعودية وتقاليدها العائلية وعن دبلوماسية التعامل مع التقاليد العربية أو الإسلامية، واتجهت للأسوأ ضد نفسها وغيرها معتمدة على نصائح وطلبات إسرائيل برعاية ترامب دون حسابات أو ضوابط. وأصبحت تطفو على شبر ماء وتفقد تماسكها على حساب تماسك الآخرين، بل أصبحت معزولة إسلاميا وفي طريقها لذلك عربيا. ولن تتردد في خوض معركة إسرائيل مع الأردن على المستويات الاقتصادية والأمنية وربما العسكرية. ومعالمها قد ابتدأت ولن تتوقف.
ساحة النقاش