<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
الجيش السوري يرسم معالم النصر من مسكنة إلى التنف..
السبت 27 أيار 2017
عمر معربوني* - بيروت برس - (*) ضابط سابق - خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية.
بدايةً اطلب المعذرة للمقدمة الطويلة التي تخالف عادتي لكني وجدت أنها ضرورية لتبيان طبيعة النتائج التي نعايشها هذه الأيام، وهي في الحقيقة نتائج مرتبطة بالبعد الوجداني المتمثل بتمسكنا بحقوقنا وهويتنا، فقد نُلام إن تكلمنا في البعد الوجداني ويتهموننا بالتنظير وإطلاق الشعارات الجوفاء والخشبية والمغامرة وهو ما يحصل منذ عقود منذ حركة الضباط الأحرار في مصر التي قادها الرئيس جمال عبد الناصر حتى يومنا هذا.
أرادت أميركا وقبلها فرنسا وبريطانيا أن تحولنا إلى فرق متناحرة ومتنابذة وهو ما تحقق لهم جزئيًا من خلال الهيمنة على أغلب أنظمة الحكم العربية، بحثوا ودرسوا الكثير من تفاصيلنا التاريخية والاجتماعية واشتغلوا على مكامن الضعف فيها، خططوا ولا يزالون للاستمرار في نهب ثرواتنا وخيراتنا واستطاعوا تحييد مصر ومنظمة التحرير والأردن عبر اتفاقيات مذلّة واخرجوا العراق من المعادلة عبر توريطه بحرب عبثية ضد إيران لإضعاف الدولتين، وكانت كيانات الخليج منذ نشوئها خارج معادلة المواجهة بفارق أنها الآن كشفت عن وظيفتها حيث التطبيع في أوجِه مع الكيان الصهيوني، ولا عجب إن تم الإعلان عن حلف علني قريبًا يجمعهم بـ" إسرائيل".
ضمن هذا الجو القاتم والسوداوي، بقيت سوريا وحيدة منذ فترة طويلة متمسكة بالمبادئ المرتبطة بالحقوق والهوية ولم يكن معها منذ أوائل الثمانينيات إلا إيران الثورة الصاعدة والمحاصرة والغارقة في حرب فُرضت عليها، في حين كان الإتحاد السوفياتي وكتلة الدول الاشتراكية على شفير الانهيار وهو ما حصل لاحقًا بوقت قياسي وتبعته سلسلة من المحطات السيئة شكّلت بأغلبها مقدمات لتطويق سوريا وإخضاعها من اجتياح العام 82 في لبنان إلى اتفاقيتي أوسلو ووادي عربة، وتحريك الإخوان المسلمين في سوريا وغيرها الكثير من المحطات.
وحتى لا استغرق طويلًا في استعادة مراحل الحرب على سوريا، وهي مراحل واكبناها وتكلمنا عنها ورغم علميتها وارتباطها بوقائع الميدان إلا أن الوجدان لم يغب عنها أبدًا.
الآن وبعد انطلاق عمليات الفجر الكبرى، والتي هي في الحقيقة جزء من عملية "من البحر إلى النهر" التي أعلنت عنها القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية في شهر تشرين الأول سنة 2015، والهادفة إلى تحرير كامل التراب السوري، طوى الجيش السوري صفحات طويلة من الصمود وتراكم الانتصارات وفتح صفحة مختلفة في الشكل والمضمون سترسم معالم النصر وتحقيق الهزيمة في المشروع المعادي.
جوهر العمليات الحالية يتمثل في الرد على الآليات الجديدة التي أطلقتها أميركا مع تحالفها والهادفة إلى تحقيق هدفين:
1- منع ربط الحدود السورية–العراقية بما تشكله عملية الربط من مخاطر كبيرة على الكيان الصهيوني لجهة فتح خطوط الإمداد الإستراتيجية المغلقة، والتي في حال ربطها سيتحقق الربط عبر الطريق البري من طهران إلى بيروت وتحقيق التماس الإستراتيجي مع فلسطين المحتلة في الجبهتين اللبنانية والسورية.لهذا تشكل الإجراءات الأميركية الهادفة إلى منع تحقيق الربط هدفًا لا يمكن لأميركا التهاون فيه،علمًا بأن الإجراءات الأميركية أتت أيضًا بناء لتوصيات صهيونية عاجلة تعكس حالة الذعر الصهيونية وإدراك النتائج السلبية على وجودية الكيان الصهيوني على المدى المتوسط والبعيد.
فالمقاومتان اللبنانية والفلسطينية حققتا انجازات كبيرة خلال عقدين من الزمن وطرق الإمداد طويلة ومعقدة، فكيف إذا تحققت عملية الربط بما تعكسه من نتائج ايجابية على المقاومتين وعلى سوريا أيضًا لجهة تشكّل عمق بشري وجغرافي واقتصادي يمتد إلى طهران ويمر في العراق، لهذا ستكتسب المعركة المرتبطة بطريق الربط الكثير من التعقيدات والمفاجآت وستكون على شاكلة سباق إلى نقاط الحدود.
2- تقديم نموذجي تقسيم احدهما كردي انفصالي في المنطقة الشمالية الشرقية وآخر "سني" تحت مسمى إقليم حوران، على أن يشكل الكانتونان مناطق عزل بين سوريا والعراق وإيران في الشمال وبين سوريا وفلسطين المحتلة في الجنوب.
في فترة وجيزة حرّر الجيش السوري 13 ألف كلم مربع من البادية السورية، ما يشكل ربع مساحة البادية، بفارق أن المناطق التي سيطر عليها الجيش ستتحول إلى عمق واسع ونظيف لخط جبهة يمتد في المرحلة الأولى من حوض مسكنة جنوب شرق حلب إلى التنف جنوبًا سيكون بمثابة نقاط انطلاق باتجاه دير الزور والبوكمال والتنف وعمقًا دفاعيًا في البعدين العسكري والأمني لدمشق وأريافها وكامل المنطقة الوسطى وصولًا حتى حماه وحلب.
في حلب، إنّ استكمال العمليات غرب حوض مسكنة ستتزامن مع عمليات من أثرية باتجاه السخنة ومن تدمر إلى السخنة، وهو ما سيوسع نطاق السيطرة حيث سيقع إرهابيو "داعش" شمال تدمر وشرق حماه داخل طوق محكم سيجبرهم على الاندحار أو الاستسلام ويتحول الطريق باتجاه حلب بجوانب وعمق مستقر وآمن ويتم رسم خط الجبهة باتجاه دير الزور مع استكمال العمليات نحو التنف وشمال شرق السويداء.
على مستوى الجغرافيا، ستسرع هذه العمليات التسوية في القلمون الشرقي حيث باتت الجماعات التابعة لجيش الإسلام وفصائل أخرى مطوقة بالكامل، وهو ما سيعجل التسوية التي يمكن أن تتم في مدة وجيزة ربما لا تتجاوز نهاية شهر رمضان في حين أن التسوية المرتبطة بالغوطة الشرقية وشمال حمص في الرستن وتلبيسة قد تأخذ وقتًا إضافيًا كونها مناطق أكثر اتساعًا وتدخل ضمن اتفاقية "مناطق خفض التصعيد".
في النتائج، شكّل الموقف الروسي الحاسم لجهة توضيع قوات على محور شمال شرق السويداء وعلى محور تدمر ردًّا واضحًا، وكذلك تدخل الطائرات الروسية باعتراض طائرات التحالف الأميركي ثلاث مرات متتالية بالقرب من جبهة التنف وشمال شرق السويداء عاملا مساعدًا في تسريع وتيرة العمليات وسيدفع الأميركي إلى التعقل أكثر.
إذن، انطلقت عمليات الفجر الكبرى وينتظرنا الكثير من المفاجآت حيث بات الجيش السوري وحلفاؤه يمتلكون الاحتياط الإستراتيجي في العديد والعدّة وبات بمقدورهم تنفيذ مناورات متعددة وخداع العدو لجهة اختيار ممرات الاقتراب وتنفيذ عمليات الإطباق وغيرها من أنماط العمليات.
اليوم أو غدًا في الحد الأقصى سنكون أمام إعلان رسمي عن بدء عمليات مختلفة مرتبطة بعمليات الفجر الكبرى دون الدخول في توقيت محدد ومدة محددة لضمان عامل المفاجأة الميدانية.
ساحة النقاش