<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
مناطق «خفض التصعيد» بين السلبيات والإيجابيات..
الخميس 04 أيار 2017
عمر معربوني* - بيروت برس - (*) ضابط سابق - خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية.
مناطق "خفض التصعيد" مصطلح جديد يدخل موسوعة المصطلحات المرتبطة بالحرب على سوريا، وهو من حيث الدقّة يرتبط بموضوع غاية في الأهمية ولا يمكن مقاربته بسطحية، فبرأيي إن استطاع الجانب الروسي تحقيق المطلوب من طرح مناطق "خفض التصعيد" فنكون قد حققنا نحن وروسيا كسب نصف المعركة ولهذا سأعتبر الطرح جزءًا من استمرار المواجهة بآليات وأدوات مختلفة، وهو ما سأقوم بمقاربته انطلاقًا من وقائع الميدان والسياسة والتدليل والإشارة إلى مدى حكمة الطرح، رغم قناعتي أنّ أطراف العدوان على سوريا وعلى رأسهم أميركا لن يسمحوا أن تستثمر القيادتان السورية والروسية ومعهم إيران أي وقائع يمكن أن تنتج عن تنفيذ حسي للمناطق المذكورة، وأول الطرح المعادي الإشارة في بيان لسبع جماعات مسلحة من بينها للمفارقة جيش الإسلام وفيلق الرحمن المتناحرين في الغوطة الشرقية لدمشق حول تجديد الموقف والتوصيف بما يرتبط بإيران، في محاولة لابتزاز روسيا بخصوص وجود إيران وحزب الله في سوريا.
ورغم قناعتي أيضًا أنّ الطرح الروسي سيبقى طرحًا افتراضيًا ولن يجد طريقه للتنفيذ فهذا لا يمنع من الإشارة إلى ما يمكن أن يحصل في حال وصل هذا الطرح إلى مرحلة التنفيذ، التي تحتاج برأيي لإرادة حاسمة وصادقة من أميركا والدول والجهات الداعمة للإرهاب لم تتوفر حتى اللحظة لأسباب مرتبطة بعدم قدرة الأميركي على تنفيذ أهدافه المرتبطة أساسًا بتفكيك الدولة السورية ورجوعه إلى المطالبة بالذي طالب به قبل إطلاق الحرب على سوريا، وهو قطع علاقة سوريا بإيران والمقاومة واللبنانية منها تحديدًا، وهو ما يتبدى من خلال مسار العمليات العسكرية الأميركية التي تتجه نحو السيطرة على خط الحدود السورية – العراقية لمنع حدوث الربط بين بغداد ودمشق، وتاليًا بين بيروت وطهران، إضافةً إلى محاولات جدية من الأميركي فرض نموذجي تقسيم في مناطق سيطرة الأكراد وفي الجنوب السوري لا اجزم أنهما سيتحققان ويتحولان إلى واقع بحكم وجود خطط مواجهة لدى سوريا وحلفائها، ولكنهما بالحد الأدنى يجعلان الأميركي يمسك بأوراق ضاغطة تمكنه من التفاوض بشروط أفضل من شروط المرحلة السابقة خلال السنوات الست من الحرب على سوريا، وما اعتبار إيران وحزب الله في بيان الجماعات السبع قوات احتلال وقوات راعية للإرهاب إلّا انعكاسًا للموقف والرغبة الأميركية.
بدايةً، لا بدّ لنا من تعريف طبيعة الصراع القائم ومستوياته انطلاقًا من مستوى وخصائص قواعد الاشتباك في أبعادها المختلفة، فما يحصل هو جزء من متغيّر وناتج لمرحلة سابقة أنتجت المرحلة الحالية وهي انتصارات حلب التي أرست متغيرات جيوبوليتيكية، وهو ما نتلمسه بعد حوالي الخمسة شهور من انتصارات حلب على المستوين الجغرافي والسياسي، والتي ستتم ترجمتها من خلال رسم خرائط مناطق "خفض التصعيد"، وهو طلب تقدمت به روسيا منذ سنة للجانب الأميركي بهدف تحقيق فصل "الجماعات المعتدلة" عن الجماعات الإرهابية ولم تتجاوب أميركا بشأنه حتى اللحظة.
انطلاقًا من الطرح الجديد، وإذا ما التزمت الجماعات المسلّحة الموافقة على الطرح الروسي والمشاركة في لقاءات آستانة، فالتسمية الصحيحة لهذه الجماعات يجب أن تكون الجماعات المتخلية عن القتال والمنخرطة في برنامج اندماج طوعي بمواجهة الجماعات الإرهابية، وهو ما سيؤهلها إذا ما سلكت هذا الطريق أن تكون شريكًا فاعلًا في تحديد مستقبل سوريا، وهو برأيي أمر لن يكون مختلفًا عن التسويات والمصالحات التي حصلت في سوريا حتى اللحظة، وهي في جوهرها كناية عن عملية فصل حقيقية بين الراغبين بالعودة إلى الدولة والمصرين على متابعة عدائهم لها.
إذن ما يتم الاتفاق عليه لا يتعارض مع سياسة الدولة السورية المبدئية انطلاقًا من المسار المنهجي الثابت والمرتبط بمبادئ ثابتة حول هوية سوريا ووحدتها ودورها.
في التفاصيل، نحن أمام تحول مفصلي في قواعد الاشتباك تذهب بمعظمها لمصلحة الدولة السورية وحلفائها دون أن يعترينا شعور حالم باقتراب النهاية والتأكيد على أنّ ما يحصل هو تحسين لشروط التموضع وآلياته في البعدين السياسي والعسكري.
1- في البعد السياسي:
- ممّا لا شكّ فيه أن روسيا تبدو قابضة أكثر على مفاتيح الصراع وإدارته، وهذا ما كان يمكن أن يحصل لولا سلسلة الانتصارات التي تحققت في الميدان بجهد مشترك سوري – روسي – إيراني وبالطبع مع الشريك الفاعل المقاومة اللبنانية، وروسيا من خلال طرحها للمبادرة والوصول إلى مرحلة التوقيع عليها من قبل الأطراف الضامنة الثلاثة روسيا – إيران – تركيا، إنما تريد تثبيت وقائع جديدة أساسية ومفصلية سيكون أي طرف رافض لها بعد الآن مكشوفًا ولا يمتلك القدرة على المناورة في قضية أساسية تحدد بشكل نهائي أطراف الصراع انطلاقًا من عملية الفصل المؤملة، والتي ان حصلت ستؤسس لمرحلة ايجابية في البعدين السياسي والإنساني ضمن "مناطق خفض التصعيد"، وهو ما يتلاءم مع وجهة نظر الدولة السورية كجهة راعية لكل مواطنيها بمعزل عن مكان تواجدهم الجغرافي.
2- في البعد العسكري:
- إنّ الوصول إلى تحقيق طرح "مناطق تخفيض التصعيد" سيخفض منسوب الجهد العسكري بمواجهة الجماعات التي ستتواجد فيها وتتخلى عن فكرة القتال بمواجهة الجيش السوري، ويؤدي إلى إعادة تركيز الجهد بمواجهة تنظيمي "داعش" و"النصرة" ومن معهما، خصوصًا إذا ما نظرنا إلى أماكن تواجد هذه المناطق وأهميتها الميدانية. ففي محافظة إدلب فقط يوجد تعقيدات لجهة تحديد معالم وخطوط منطقة "خفض التصعيد"، حيث السيطرة لـ"جبهة النصرة" و"حركة أحرار الشام" بشكل أساسي، وهذا يطرح بجدية مدى قدرة تركيا على حسم الأمر في إدلب انطلاقًا من مصداقيتها في التأثير على المعابر بين سوريا وتركيا، وهذا يعني أنّ عدم إمكانية قيام "منطقة خفض تصعيد" في إدلب قائمة وبنسبة كبيرة، وهو ما يمكن أن يتجه بالأمور بعد فشل إمكانية قيام هذه المنطقة في محافظة إدلب إلى إعلانها منطقة عمليات شاملة تحتوي جماعات مصنفة إرهابية على المستوى العالمي، وهذا ما سيستدعي موقفًا من حركة أحرار الشام والتي لم يتبيّن موقفها النهائي من "مناطق خفض التصعيد".
- في حمص ستكون المنطقة بالتأكيد نطاق سيطرة الجماعات المسلحة في شمال مدينة حمص ضمن قطاع الرستن وتلبيسة وأجزاء من سهل الحولة، وأعتقد أنّ نجاح الطرح في هذه المنطقة سيكون عاليًا وممكنًا نظرًا لوجود جهود سابقة مرتبطة بالحوار حول تسوية أو مصالحة مع الدولة السورية.
- في الغوطة الشرقية، إنّ احتمال نجاح الطرح سيكون مرتبطًا بمدى قدرة "جيش الإسلام" على المنطقة، وهو ما سيعني استمرار الاشتباك مع "جبهة النصرة" و"فيلق الرحمن" أو الفصل بشكل كامل بين نطاق السيطرة ما يبقي منطقة سيطرة "النصرة" و"فيلق الرحمن" تحت ضغط ونار الجيش السوري وحلفائه، وهو ما يتماهى مع طبيعة طرح "مناطق خفض التصعيد" إضافة إلى ما يمكن أن تلعبه كل من السعودية وقطر إيجابًا أو سلبًا.
- في الجنوب، لا يختلف الأمر عن المناطق الثلاث الأخرى وسيكون للتأثير الأميركي والسعودي دور كبير في تحقق الأمر، وسيكون بمثابة تجميد للعمليات ستمكن الجيش السوري من توجيه وتركيز جهده العسكري باتجاه البادية أكثر، وهذا ما يتناقض مع الرغبة الأميركية التي شرحناها أعلاه وسيكون سببًا أساسيا في عدم تمكين الجيش السوري من تنظيم عمليات في البادية ستؤثر على مسار العمليات الأميركية.
وبناءً على ما تقدم، أؤكد وانطلاقًا من وقائع الميدان والسياسة أن الطرح الروسي يشكّل خطوة بمنتهى الذكاء والفطنة ستضع أميركا والجماعات الإرهابية في الزاوية، وستشكل إحراجا لكل أعداء سوريا، رغم قناعتي أن ما تمّ الاتفاق عليه لن يجد طريقه للتنفيذ لعدم تبلور إرادة جادّة لدى أميركا وأدواتها من دول وجماعات، فما يحصل من خلال الطرح الروسي هو جزء من مسار سيستمر في السياسة وسيكون مدخلًا لميدان اكثر سخونة واستمرارًا لمواجهة لن تنتهي مهما طالت إلّا بمنتصر ومهزوم.
ساحة النقاش