<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
ترامب بالتدريج حتى التهريج
الثلاثاء 18 نيسان2017
إيهاب زكي - بيروت برس -
أثناء حملته الانتخابية كان دونالد ترامب يبدو شخصًا شعبويًا ومُسفًّا، ثم تطور الأمر فيما بعد التنصيب فبدا شخصًا عشوائيًا وغير متوقَع، وكما رأي الكثير من المراقبين بعد أسابيعه الأولى أنه شخصٌ استعراضيٌ أجوف، ولكن الآن وهو يقترب من يومه المائة، يبدو كمهرجٍ لا أكثر، وهذه النظرة يُستثنى منها سياسيو النفط وكُتّابه، فهم يرون في ترامب "عاصفة أمل" جديدة، بعد "نسمات"باراك أوباما التي كانت تحط بردًا وسلامًا على سوريا وإيران وروسيا والصين وكوريا الشمالية، ولا يوجد قواسم عدائية بين هذه الدول ومضارب النفط سوى المصالح الأمريكية من جانب و"الإسرائيلية" من جانبٍ آخر. ويحضرني هنا -ونحن نتحدث عن استراتيجيات النفط في تحديد الأعداء والأصدقاء- ما رُويَ عن الملك خالد بن عبدالعزيز، حين كان أخوه الأصغر فهد وليًا للعهد، حيث كان الملك يحدث زائريه عن عالم الإبل، وإن فاتحه أحدهم بموضوع سياسي، يغادر المجلس قائلًا "في السياسة تحدثوا مع فهد"، فبالنسبة لخالد المتخصص في عالم الإبل فإنّ فهد متضلّع سياسيًا، فهو يعرف اسم رئيس الولايات المتحدة، وقد يكون متبحرًا في الاستراتيجيات السياسية ويعرف اسم الرئيس الروسي.
يقول لواء التطبيع السعودي أنور عشقي "إنّ أمريكا حين أطاحت بصدام حسين، كانت تريد للعراق أن يكون مثلًا للعالم العربي، كما فعلت في ألمانيا الغربية بعد إسقاط النازية"، ويتابع "واليوم جاء ترامب لتصحيح المسار من خلال القضاء على داعش وإخراج إيران، ليقوم العالم العربي ببناء العراق"، كما يقول الكاتب السعودي عبد الرحمن الراشد "طبيعي أن يترحم وزير خارجية كوريا الشمالية على أيام أوباما، كانت 8 سنوات استمتعت فيها أنظمة شريرة مثل كوريا الشمالية وإيران بفترة رخاء". ويقول الكاتب السعودي تركي الدخيل "تعرف روسيا أنّ قوة أمريكا ليست مجالًا للمزاح، وبخاصة في عهد غير عهد أوباما".
ويقول الكاتب الصهيوني أبراهام بن تسيفي "إنّ تراجع أوباما أغرى بوتين وأعطى الضوء الأخضر للأسد، بينما تصرفات ترامب أبرزت التصميم للقوة العظمى التي لا ترتدع عن استخدام القوة المفرطة، وهذا خلافًا للرئيس 44"، ولا غرو أن يتفق هؤلاء في المنطلقات والأهداف، فالنفط و"إسرائيل" يتمتعان بمظلة الحماية الأمريكية، ويهدفان للبقاء تحتها، وبالتالي فهما في حلفٍ مصيري، وهم يصدقون دراسة عميد كلية جون كينيدي العسكرية السابق جوزيف ناي حين خلص في دراسة له إلى أنه "من غير المحتمل ظهور عالم ما بعد أمريكا في العقود المقبلة، وأن أي سرد عن الاضمحلال الأمريكي هو سردٌ مضلل".
ينطلق هؤلاء ومن لف لفهم من التهريج الذي مارسه ترامب منذ تنصيبه رئيسًا للولايات المتحدة، وهذا التهريج رأوه قوةً وردعًا، وهم أكثر تهريجًا حين رأوه تعبيرًا عن عودة الولايات المتحدة إلى الملف السوري، فمتى لم يكن العدوان على سوريا ملفًا غير أمريكي، فضلًا عن السؤال أنها متى خرجت منه لتعود إليه. قام ترامب بالعدوان على سوريا عبر صواريخ "التوماهوك"، وكان عملًا خائبًا خاويًا إلّا من تكبيرات صغار سفهاء القوم وتهنئات كبارهم، فالردع ليس تهريجًا، وكثيرة هي القرائن التي تثبت أن هذه الصواريخ لم تكن أكثر من تهريج، ليس أولها عودة المطار للعمل في ذات اليوم، وليس آخرها ضياع بقية الصواريخ في عالم الغيب، وما بينهما من نتائج منعدمة الأثر باستثناء الأثر العكسي. ثم جاء الاستخدام الأمريكي لما سمته "أم القنابل" في أفغانستان، وهو أيضًا لا يخرج عن كونه تهريجًا لا طائل منه، حيث أن الأسئلة تزداد تعقيدًا لا حلولًا، فلماذا لم تستخدم الولايات المتحدة "أم القنابل" في سوريا بدلًا للصواريخ التائهة، لتكون رسالة ردعية حقيقية وعاتية، وليس مجرد تهريجٍ لا يرقى لمرحلة الاستعراض، وما وجه الشبه بين جبال تورا بورا القاحلة إلّا من أتباع "السي آي إيه"، وبين الساحة السورية أو إيران أو كوريا الشمالية أو روسيا أو الصين، فهذا بالضبط يشبه أن تقوم "إسرائيل" بنسف شجرة زيتون في الضفة الغربية بقنبلة فراغية، ثم يخرج محلّلوها ليعتبروا الأمر رسالةً ردعيةً لحزب الله مثلًا.
ثم قامت الولايات المتحدة بتحريك الأساطيل تجاه كوريا الشمالية، مترافقًا مع تراشق بالتصريحات بين ترامب وكوريا الشمالية، قبل أن يأمل ترامب حل سلمي لتلك المشكلات. لا شك أن الولايات المتحدة قوة عظمى، وتملك أكبر ترسانة عسكرية على مرّ التاريخ، ولكن الحروب ليست سلاحًا فقط، وإلّا لحسمت حروبها في أفغانستان والعراق وفيتنام من قبل، وما سلوكيات ترامب التي يمكن وصفها بخطوة للأمام واثنتين للخلف، إلّا مؤشر حقيقي على تحويل هذه الأمبراطورية إلى نمرٍ من ورق، وشتان مثلًا بين تواضع الواثق في كلام الرئيس الأسد وسلوكه، حيث نقل موقع "والا" العبري عن خبراء غربيين ذهول محافل الاستخبارات في الغرب من نجاحاته المتتالية في الحفاظ على وحدة الجيش والحفاظ على حلفه وإنشاء حزام أمني حول دمشق وغيرها من المدن الكبرى، فالرئيس الأسد رغم ما ينقل عن امتلاك سوريا لصواريخ "ياخونت"، قال لا نستطيع استهداف أمريكا في البحر، فنحن دولة صغيرة، فيما ترامب المهرج، ومن خلال تصريحاته يوحي بأنه قادر على شن حربٍ على الكرة الأرضية والسماوات السبع، ليس في سبيل تدمير نفسه أولًا بل في سبيل عودة أمريكا العظيمة، ولكن المبشر أنه ليس من عودة، خصوصًا في عصر التهريج.
ساحة النقاش