<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
تركيا وجماعاتها والرقص مع الشيطان..
الثلاثاء 04 نيسان2017
عمر معربوني* - بيروت برس - (*) ضابط سابق – خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية.
إشعال الجبهات المختلفة في سوريا هذه الأيام لم يكن صدفةً أبدًا، فكل شيء يندرج ضمن جدول مدروس، وفي هذه المقالة سنلقي الضوء على الجبهات الحامية ونتائج المعارك فيها، بالإضافة إلى الإضاءة على الخلفيات التي تحرك هذه الجبهات والقوى التي تشعلها. رغم الكثير من الكذب والمناورات، تبدو تركيا أكثر الأطراف تناغمًا مع استراتيجياتها بما يخص الحرب في سوريا، فهي حتى اللحظة ورغم الاستدارة المؤقتة إلى آستانة تجهد باتجاه إعادة تعديل ميزان القوى في الميدان، في محاولة واضحة لتحقيق مكاسب سياسية تمنحها دورًا يتناسب مع الحلم "الإخونجي"، وما الإندفاعة التي قامت بها الجماعات الإرهابية في جوبر وريف حماه الشمالي إلّا ترجمة للطلب التركي بعد تعطيل لقاء آستانة وقبل ذهاب الأطراف إلى جنيف.
في المرحلة الأولى من معركتي جوبر وريف حماه الشمالي، كانت الجماعات الإرهابية ومن خلفها تركيا والمملكة السعودية وقطر تأمل تحقيق خرق عسكري ميداني نوعي في أهم نقطتين، وهما اختراق العاصمة دمشق والوصول إلى مدينة حماه. هاتان المعركتان ترافقتا مع حملة إعلامية مسعورة وغير مسبوقة كنا نعلم مسبقًا أنهما لن تحققا شيئًا سوى مزيدٍ من القتل والدمار، لإدراكنا طبيعة موازين القوى في هاتين الجبهتين والخطط الموضوعة لمواجهة المفاجآت وحالات الطوارئ.
في الحملة الإعلامية كانت واضحةً المنهجية المرسومة مسبقًا لمواكبة سير العمليات العسكرية والتأرجح المدروس لمحاولة استثمار العمليات مهما كانت النتائج، حيث تمّ ترويج فكرة قدرة هذه الجماعات على تهديد العاصمة ومدينة حماه عندما يتم اتخاذ القرار والإيحاء بأنّ هذه الجماعات تمتلك قدرات كبيرة في إعادة خلط الأوراق وإرجاعها إلى المربع الأول. نتائج المعركتين كانت وبالًا على الجماعات الإرهابية، حيث تم وضعها في بُقَع القتل واستنزافها بالنار ما أدّى إلى وقوع آلاف القتلى والجرحى، وهو ما أسفر عن استعادة الجيش السوري لكامل البقعة التي تسللت إليها الجماعات الإرهابية في جوبر واغلب المناطق في ريف حماه الشمالي، بفارق أن هذه الجماعات أصيبت بمقتل سيؤدي إلى خلل كبير في قدرتها وأدائها لمهمات قتالية قادمة.
وفي مقاربة للسلوك التركي، يبدو واضحًا أن تركيا وجماعاتها كمَن براقص الشيطان على حافة الهاوية، حيث لم تستفد تركيا من تجربة حلب ولا من قدرة الجيش السوري على قطع الطريق عليها للتوجه باتجاه الرقة. ولأنّ تركيا باتت عاجزة عن فعل شيء في جبهات حلب امتدادًا من أعزاز غربًا وحتى جرابلس شرقًا، حيث باتت عبر "قوات درع الفرات" المدعومة منها على تماس مباشر مع الجيش السوري الذي ثبّت جبهة صد متينة بمواجهة أي تقدم محتمل لتركيا وجماعاتها، كون الأمر سيضع تركيا بمواجهة مباشرة مع الجيش السوري وتاليًا مع روسيا، وهو ما لا ترغب به تركيا لأنها تعرف عواقبه الوخيمة عليها. لهذا اختار الأتراك العبث الشيطاني في جبهات أخرى كجوبر وريف حماه الشمالي، وهو ما وصل إلى خواتيمه في البعد الميداني المباشر من خلال كسر الهجمات وتثبيت قدرة الجيش السوري على احتواء اكبر الهجمات وأخطرها وإمساكه بالمبادرة سريعًا وتغيير معالم العمليات لمصلحته.
على المستوى السياسي لم تستطع تركيا تحقيق مكاسب ولو بالحدود الدنيا، ولكنها يبدو أنها لا تزال تسير نحو العبث أكثر من خلال تزويد الجماعات الإرهابية بأسلحة كيميائية تم اكتشاف أمرها بعد الغارة التي نفذتها طائرات أميركيا في ريف إدلب على مواقع تحتوي هذه المواد.
وكالعادة عمدت الجماعات الإرهابية إلى اتهام الجيش السوري باستخدام الأسلحة الكيميائية، وهو ما نفاه الناطق باسم الجيش والقوات المسلحة كما صدر نفي مماثل عن وزارة الخارجية السورية. هذا العبث الشيطاني التركي هو امتداد لسلوك مشين وخرق فاضح لقوانين وقواعد الحرب، سببه بشكل أساسي انتصارات حلب التي أحدثت متغيرات جيوسياسية كبيرة يبدو أن تركيا لم تستوعب حقائقها وضرورة التكيف معها، والتخلي عن الغوص مجددًا بهذا العبث الذي سيرتد سلبًا على تركيا عاجلًا أو آجلًا.
إنّ ما يحصل هذه الأيام وما سيحصل يدلنا على صعوبة المرحلة القادمة، حيث تصر تركيا ومعها عشوائيات الخليج على المضي قدمًا في تفعيل الحقد وترجمته مزيدًا من القباحة، في وقت لم تحسم أميركا موقفها رغم تضمين الأقوال ما هو ايجابي إلّا أن الأفعال لا تزال على حالها، وهو ما يعني استمرار الصراع لأن الوقائع لا تشير أبدًا إلى قرب توصل الأميركيين والروس إلى تفاهمات الحد الأدنى واقتصار المواقف على إبقاء الوضع على ما هو عليه مع محاولات أميركية وتركية وخليجية لتغيير المشهد الميداني،وهو ما لن يحصل لأن ما بعد انتصار حلب غير ما قبله، ولأن سوريا وداعميها أكثر صلابة من أي وقت مضى وهو العامل المرتبط بإرادة المواجهة واستمرار الصمود والوصول إلى مرحلة تحقيق النصر.
ساحة النقاش