<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
هل ستنتهي الحرب في سوريا بتسوية أو بمنتصر ومهزوم؟
السبت 18 آذار 2017
عمر معربوني - بيروت برس - *ضابط سابق - خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية.
في سوريا كما في العراق كما في اليمن، تسير المواجهات بوتيرة متصاعدة لمصلحة الدولتين السورية والعراقية وبوتيرة ثابتة وإن كانت بطيئة لمصلحة الجيش اليمني واللجان الشعبية، وإن كانت الأمور في العراق محصورة بقتال تنظيم "داعش" الإرهابي فنهاية المعارك ستتوج بنصر مؤزر لصالح الدولة العراقية،حيث تنتقل الأمور إلى مستوى آخر لفترة من الوقت تندرج في مسار المواجهة الأمنية بفعل حالة الشتات والضياع التي سيعيشها أفراد التنظيم الإرهابي، وليتحول سلوكهم من سلوك المقاتلين في الميدان إلى منتقمين من البنى الاجتماعية سواء في البشر أو في الممتلكات بفعل الشعور بالهزيمة.
الكلام عن انتصار ناجز في اليمن لا زال مبكرًا، رغم أنّ الصمود الحالي والثبات غير المسبوق يؤشر بحدوث الانتصار لتوفر عوامله بأغلبها رغم الإمكانيات الهائلة الموضوعة بتصرف قوى الهجمة وعلى رأسها المملكة السعودية.
في سوريا كما في العراق واليمن، كان ولا يزال مطلوبًا أن تبدو المواجهة مذهبية لتأمين عنصر التحشيد للمعركة، وهو أمر ما كان يمكن أن يتم لولا هذا الكم من التحريض والتضليل حول طبيعة المواجهة ومسارها.
وإن كان عنوان المقالة مرتبطًا بسوريا، فإنّ الربط بين الجبهات الثلاث المشتعلة مع جبهات أخرى اقل اشتعالًا في ليبيا وسيناء بات من المسلمات حيث المشروع المعادي يستهدف المنطقة برمتها وليس بلدًا بعينه، وهو التعريف الذي سأنتقل منه لمقاربة خواتيم المواجهة في سوريا بشكل خاص.
إذن نحن أمام مشروع معادٍ أشبعناه نقاشًا وتعريفًا في العديد من المناسبات والمقالات، وبات أمرًا محسومًا لدينا ولدى جمهور المقاومة ولا أرى داعيًا لاستعادة ما ذكرناه من معلومات حول طبيعة المشروع المعادي إلا بعناوين تذكيرية.
- نشر الديمقراطية من خلال الفوضى كان احد الأهداف الأساسية للناهب الدولي وعلى رأسه أميركا، وهو ما اجمع المحافظون الجدد في أميركا على تعميمه عبر نظرية "الفوضى الخلاقة"، وهو الأمر الذي بدأ في تونس من خلال شرارة"البوعزيزي"وامتدّ إلى ليبيا ومصر واليمن ولاحقًا إلى سوريا تحت عنوان "الربيع العربي"، الذي كان بداية مرحلة الفوضى الشاملة المستمرة حتى اللحظة عبر جرّ الفئات الموهومة إلى حروب طاحنة ووضعها في الخندق الخطأ لتخدم مصالح الناهب الدولي وتشكل حطب هذه الحروب ونارها.
- إخضاع الكيانات السياسية القائمة عبر إزاحتها من دائرة المواجهة وابتزازها باستمرار وجودها من خلال إلزامها بتمويل الفوضى، والدفع نحو تثبيت العدو البديل من خلال المال والإعلام والتسليح وهو الأمر المستمر حتى اللحظة.
في سوريا كما في باقي بلدان "الربيع العربي"، كانت البداية تظاهرات تطالب بإسقاط النظام على غرار ما حصل في تونس وليبيا ومصر ولكنها في سوريا حملت بذور التقسيم والإلغاء منذ بدايتها عبر الشعارات التي تتماهى وتتناغم مع مطالب الناهب الدولي، وكان مؤملًا لها أن تنتهي نهايات مشابهة للبلدان الأخرى ولكنها سلكت مسارًا مختلفًا، حيث توفر للناهب الدولي الأدوات المحلية وتلك التي تم استقدامها من الخارج للدخول في حرب كان المطلوب منها أن تحقق تفتيت سوريا وتقسيمها لإمارات متناحرة إلى ما شاء الله.
في العنوان الرئيسي، نستطيع الإدعاء أن مشروع تقسيم المنطقة يتعرض لهزات كبيرة وانتكاسة اكبر ولكنه يستمر عبر تغيير جلده وآلياته وخططه لمحاكاة تطورات المرحلة الحالية والقادمة كما يحصل في شرقي سوريا وفي العراق، حيث بات الهدف الحالي لأميركا وأتباعها حاليًا هو منع عملية الربط بين العراق وسوريا لإعاقة النصر وتأخير أو منع حدوث هذا الربط بما يشكل من حاجة لحفظ النصر والانتقال إلى المواجهة الأم مع الكيان الصهيوني.
في سوريا، ليس هناك عاقل ويحمل الحد الأدنى من الموضوعية يمكنه الإدعاء أنّ "داعش" و"النصرة" يمكنهما تحقيق الهزيمة في الجيش السوري بعد، حيث المشهد الميداني هو لصالح الجيش السوري وبات من الصعب تغييره بعد توحيد حلب وتوسيع نطاق الأمان في الريف الشرقي الشمالي والجنوبي لحلب وكذلك في تدمر وما بعدها.
الثقل الإستراتيجي للدولة السورية بات بغالبيته تحت سيطرة الدولة السورية وتحديدًا في بعده الديموغرافي، حيث الغالبية من السكان المقيمين في المدن الكبرى ومحيطها يقطنون الجغرافيا الآمنة، وحيث اغلب البنى الضرورية لاستمرار الدولة كالمطارات والموانئ والمنشآت، وإن كانت برأيي معركة الرقة ودير الزور واستكمال العمليات في محيط تدمر الشمالي والجنوبي والشرقي ستكون بامتياز معركة استعادة أراضي الزراعة والنفط التي ستعيد الوهد إلى آليات الإنتاج والاقتصاد بشكل مقبول اقله في المراحل الأولى.
التسويات في سوريا تحصل كل يوم من خلال عمليات التسوية والمصالحة المعتمدة والتي قطعت شوطًا كبيرًا في محيط العاصمة دمشق، وكذلك في حمص التي تشهد تسوية كبيرة ترتبط بحي الوعر الذي وبانتهاء مفاعيل التسوية سيجعل من مدينة حمص مدينة خالية من المسلحين وأكثر أمانًا.
التسويات والمصالحات هي النموذج الذي سيكون النمط الأكثر فعالية، وهي بالمناسبة تسويات تسير لمصلحة الدولة حيث الأكثرية من المسلحين تختار البقاء والعودة إلى الحياة المدنية مع وجود فئة منهم تنخرط في الجيش وقواته الرديفة لاستكمال المواجهة ضد الإرهاب.
مع "داعش" و"النصرة" لا تسويات ولا مصالحات وإنما مواجهة مستمرة حتى تحقيق الهزيمة بهما، وهو ما سيحصل حتى النهاية في مقابل جماعات أخرى باتت لا تمثل إلا نسبة قليلة في الميدان سواء بعديدها أو بقوتها أو تأثيرها، وهي في كل الأحوال دخلت صدامًا مفتوحًا مع النصرة في إدلب وأريافها وفي أرياف حلب وبعض مناطق الجنوب السوري، وهي معارك ستنتهي بسيطرة النصرة وزوال التنظيمات الأخرى.
مع انتهاء المواجهة في سوريا سنكون أمام مشهد جديد وسوريا جديدة لا يمكن إدارتها بنفس أنماط وقواعد الإدارة ما قبل الحرب، وهو ما سيجعل القوى المختلفة المؤمنة بوحدة سوريا تجتمع وتتفاعل لتنتج لسوريا ما هو الأفضل، سواء بما يرتبط بالدستور او بنظم الحكم والإدارة وما إلى ذلك مما يتطلبه أمر بقاء واستمرار سوريا كدولة.
وعلى ما تقدم، ولأنّ الحرب التي أُطلقت على سوريا هي حرب بأدوات مختلفة داخلية وخارجية وبإدارة أميركية بشكل أساسي لا يمكننا أن نطلق عليها اسم الحرب الأهلية، ما ينفي الحاجة إلى وجود تسوية بالشكل المتعارف عليه بعد أي حرب أهلية، ما يعني أنّ هزيمة المشروع الأميركي سيكون مطلوبًا ومؤكدًا وهو أمر سيكون شاملًا يرتبط بالمنطقة كلها، وعدم تحقيق الهزيمة في المشروع الأميركي يعني أنّ الصراع سيستمر وهو ما يحاول الأميركي تلافيه والمناورة بشأنه، عبر تدخله في المنطقة الشرقية من خلال دعم الأكراد الذين يحمل بعضهم مشروعًا انفصاليًا يصب في خدمة المشروع الأميركي ويتناغم معه.
ساحة النقاش