<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
الرقة في انتظار أردوغان
السبت 04 آذار 2017
إيهاب زكي - بيروت برس -
ليس أكثر أهمية من إعلان البحرين عن إلقاء القبض على "خلية إرهابية مستيقظة" مدعومة إيرانيًا، سوى خبر زيارة الملك السعودي إلى سلطنة بروناي، فالسلطات البحرينية أعلنت القبض على 54 شخصًا بتهم إرهابية، فيما العرش البحريني لا يستحق أكثر من هذا العدد ليغادر الجزيرة والتاريخ معًا، فيما لو كانوا فعلًا كما في لائحة الاتهام، وملكٌ أغرق بلاده في حروبٍ خارجية مباشرة وبالوكالة، كما تغرق بنزاعات داخلية وأزمات اقتصادية يحط رحاله في بروناي، ولا تفسير منطقي لهذه الزيارة سوى ثراء بروناي، وقد تكون الزيارة أول أعراض التسول الملكي. ولكن ما يجُبّ أهمية الحدثين هو تصريحات أردوغان وحكومته عن معركة الرقة، حيث قال "نرفض التحرك نحو الرقة فيما لو شارك الحزب والوحدات الكردية في العملية"، وما يُستَشفّ من هذا التصريح، أن جميع الأطراف طالبته رجاءً بفتح الرقة، لذلك فهو يقوم بوضع الشروط، فيما الحقيقة التي أقرَّ بها هو شخصيًا قبل يومٍ واحد فقط من تصريحه الشَرطي، "أنه لا يستطيع التقدم نحو الرقة دون اتفاق مع أمريكا وروسيا".
لا يمكن ملاحقة تصريحات أردوغان بحذافيرها، فهي متلاحقة كسيل العرم وغزيرة كغثاء السيل، كما لا يمكن البناء عليها وأخذها بجدية، فهي متغيرة ومتناقضة وأحيانًا هوائية وبلا معنى، والثابت الوحيد أنها بحاجة لمتابعات طبية لا تحليلات سياسية، فكان من الواضح مثلًا أن أردوغان ينصب لنفسه فخًا حين دخل سوريا، في الوقت الذي كان يظن أنه بهذا الاحتلال يزيد من أوراقه على طاولات المتفاوضين، وكنت قد كتبت بمجرد دخوله جرابلس، أن أفضل نهاية سعيدة قد يتمناها، هو القيام بتسليم من جندهم لاحتلال بلادهم للدولة السورية، وقد لا تسعفه الوقائع للتفاوض على مصيرهم. وقبل يومين وفي تصريح هو الأول من نوعه، نفى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، وجود أي اتفاق مع روسيا لتسليم الجيش السوري مناطق يسيطر عليها ما يسمى بـ"الجيش الحر"، وفي السياسة لا يوجد نفيٌ للعدم، فالنفي هو لأمرٍ قابلٍ للحديث، كما أن النفي في السياسة ليس مؤبدًا، لذلك فإن أردوغان وهو في حالة كمون ميداني، قد يجد نفسه مضطرًا للتفاوض على رؤوس ما يسمى بـ"قوات درع الفرات".
فهذا الكمون مرتبط بشكلٍ مباشرٍ بأمرين لا ثالث لهما، الأول هو اتفاق مع روسيا وإيران بموافقة سوريا للذهاب نحو الرقة عبر محور جرابلس/ الباب/ منبج، وأما الثاني فهو اتفاق مع أمريكا للذهاب إلى الرقة عبر محور تل أبيض/الرقة، والأهم مع غطاء أمريكي جوي ومشاركة برية، والملك سلمان كما أبلغ أردوغان وترامب من قبله لتغطية التكاليف المالية، وقد تكون التغطية من جيب سلطان بروناي هذه المرة. ولكن في حال تعذر حصول تركيا على اتفاقات تمكنها من الوصول إلى الرقة عبر أحد المحورين، ستبقى في حال كمون تتحول تدريجيًا إلى حصار، خصوصًا مع التغير الدائم لخرائط السيطرة، ففي ميدانٍ متحرك، الخاسر هو الثابت، وبما أنه حتى الآن لا يوجد أي إشارة أمريكية تنم عن التخلي عن القوات الكردية لصالح أردوغان، فيبدو أن تصريح أوغلو يشبه الغزل لروسيا وسوريا على قاعدة "تبادل الأراضي". وبمعزلٍ عما يمكن أن يحدث مستقبلًا، فإن هناك استحالة مطلقة أن تمنح سوريا الشرعية للاحتلال التركي تحت أي بندٍ أو ظرف، إلا في حال التفاوض على رؤوس ما يسمى بـ"درع الفرات" مقابل الخروج التركي الآمن.
إن تسليم قرى في منبج من "قوات سوريا الديمقراطية" للجيش السوري، هو في المفهوم الكردي خطوة تكتيكية، وقد فاجأت أردوغان وشددت عليه الحصار وصعبت عليه الخيارات، ولكن اللافت في بيان التسليم عبارة "التسليم لحرس الحدود" وليس للجيش العربي السوري، وهذا ينم عن سوء نية، حيث يبدو أن بعض الأكراد يحاولون رسم حدود فدراليتهم،وقد قيل الكثير عن جنوح الأكراد اعتمادًا على التناقضات الدولية،ولكن عليهم النظر إلى أردوغان بعين التمعن والتدبر، فتركيا بكل ما أوتيت من قوة وأهمية، أصبحت مجرد مهرج سياسي ولاعب سيرك لا يعرف في أي قفزة ستكون النهاية وعلى أي حبل، فلا ملاذ آمن للسوريين مهما كانت عرقياتهم أو مذاهبهم أو حساباتهم الشخصية إلَّا الدولة، لذلك على الأكراد استكمال هذه الخطوة التكتيكية وتتويجها باستراتيجة تسليم المناطق للجيش السوري تدريجيًا، فمهما كان المشهد الآن معقدًا ومتداخلًا، فإن نهايته مهما بعدت هي وحدة الجغرافيا ووحدة القرار السوري، وعلى هذا الأساس فليختَر كلٌّ موقعه.
وأخيرًا، فمن الطريف أن أردوغان نفسه لا ينتظر أن يرى قواته في الرقة بالقوة والقدرة الذاتية، بل من خلال اتفاقات يدفع ثمنها غاليًا إن استطاع إليها سبيلًا، بينما من يظنونه سلطانًا يعتقدون أنه للرقة أقرب من حبل الوريد لو شاء، وهؤلاء شر الدواب.
ساحة النقاش